مقالات سياسية

“الجنينة” تحتضر ولا بواكي لها !

علي أحمد (أب أحمد)

من تفتّح وعيهم على الحياة في بلادنا قبل العام (1989)، لابد انهم يعرفون ان النعرات الدينية والعرقية والقبلية لم تكن متفشية، بل كانت معدومة تماماً. ومما لاشك فيه ان العصبيات الدينية والعرقية والقبلية التي تفشت في البلاد في العقدين الأخيرين، هي من صناعة السلطة الإنقلابية الإسلامية، التي كان حاكمة آنذاك، وتريد العودة للسلطة عبر هذه الحرب. وهي كأقلية فاشية أستخدمت أقذر الوسائل. من أجل إستدامة حكمها. وقامت ووفقاً لنظرية “فرّق وأحكم”، بتقسيم المجتمع إلى “كونتانات” مناطقية قبلية، وعرقية، ودينية. ومن إستعصى عليهم مزقوه، وفصلوه، كجنوب السودان!
أكتب هذا المقال والبلاد تزدحم بالنذر السوداء، ومدينة “الجنينة” حاضرة ولاية غرب دارفور، تشهد أسوأ أنواع الحروب، وأكثرها فظاعة على الإطلاق. أستخدمت فيها كل أنواع الأسلحة، الرصاص، والمتفجرات والرشاشات والدبابات، والذبح والحرق والنهب. وذلك بعد ان أتخذت الحرب فيها طابعاً قبلياً وإثنياً، بخلاف الحرب الدائرة في العاصمة الخرطوم، ما أدى إلى (فزع) دولي أظهرته تقارير الأمم المتحدة، واصفة الأحداث هناك بـ”الكارثية”، والتي ربما ترقى إلى الإبادة الجماعية.

يحدث هذا في ظل حالة صمت داخلي مُحيًر. وصحيح انه لا توجد حكومة في البلاد، حتى قبل إندلاع هذه الحرب، ولكن تبقى قضية (حماية المدنيين) من مسؤولية الأطراف المتحاربة، قوات الجيش، وقوات الدعم السريع. خصوصاً وأن الأوضاع هناك فاقت حد السيطرة، حيث الجثث تملاً شوارع المدينة وضواحيها، فيما يتعذر حصر أعداد الضحايا نظراً لخروج جميع المستشفيات عن الخدمة، وحصار المدينة بالكامل، وانقطاع الاتصالات عنها!
قوات (الدعم السريع)، المتهمة دوماً من الفلول وأذرع النظام البائد، عن أي نزاع ينشأ بدارفور، حتى لو كانت مجرد مشكلة عائلية، في زواج أو ميراث. أو نزاع مجموعة ما حول زرع أو “ضرع”، أصبحت أكثر حذراً في حركة قواتها على الأرض هناك، والتزمت بمبدأ الحياد من الأزمة، بل أكدت في بيان لها، أن قيادتها وجهت القوات بصورة صارمة، بعدم التدخل بأي شكل من الأشكال في الاشتباكات، والبقاء في أماكن سيطرتها بغرب دارفور، وهو ما تم بالفعل، ولم تستبعد – ونقول معها نحن بما يشبه اليقين- ان أذرع النظام البائد داخل قوات الجيش، والتي لها يد طويلة في اندلاع الحرب بالجنينة، تقوم بتوزيع زي الدعم السريع على عناصرهم التخريبية.

اما الجيش، والذي يعاني في حربه ضد قوات الدعم السريع، بعد الهزائم المتتالية التي لحقت به. يبدو ان قوات الدعم السريع قد شلت حركته وقدرته، حتى صار عاجزاً، ليس فقط عن حماية المدنيين في الأصقاع البعيدة، بل حتى عن حماية مقراته ومصانعه العسكرية، وثكناته بعاصمة البلاد. وقد ضاقت به البلاد وهي رحيبة، ولم يجد قادته سوى “القبو” ملجأ لهم، وصار تفاعله مع المجازر والمأساة الانسانية التي خلفتها حرب “الجنينة”، لا يختلف عن تفاعل “لجان أحياء” المدينة مع الكوارث، إذ اكتفى ببيانات الشجب والإدانة، فيما لا يزال أنصاره يجرمون من يرفعون شعار (لا للحرب)، ويتهمونهم بعدم الوطنية. وكأن الوطنية تتمثل في رؤية هزائم جيش البلاد وإنكساره!

أما والي غرب دارفور (خميس أبكر) فلا يشارك الأمم المتحدة (فزعها)، ولا المواطنين مأساتهم، بعد أن استولى على مقر (اليونسيف) بالمدينة، وجعله مقراً له، يتفرج من منصاته على الكارثة الإنسانية. رغم ان أعداد القتلى قد تجاوزت الألف ومائة، دون أن يحرك ساكناً. وهو يواجه اتهامات (جدية) بوقوفه خلف حالات السلب والنهب التي تمت لكل بنوك المدينة، إضافة لمعلومات شبه مؤكدة عن قيامه بتسليح مُكون قبلي مُعين بدارفور، من مخازن الشرطة، حيث تم توزيع أكثر من سبعة الف قطعة سلاح على عناصر أحد طرفي النزاع، لتصبح الحرب إثنية خالصة!

تركت القوتان الرئيسيتان، واللتان تتقاتلا في الخرطوم – الجيش والدعم السريع- المواطنين يتقاتلون، وهم مشغولون بحربهم هناك. فأصبحت (الجنينة) مرتعاً لمجموعات لصوص الحرب، الذين تخصصوا في شم رائحة الموت من على البعد، والنهب على صوت البنادق، وهي مجموعات من مُختلف مكونات دارفور الاجتماعية، واللصوصية لا دين لها، ولا قبيلة.

قد يسأل سائل أين “مني أركو مناوي” الذي يجلس على كرسي حاكم إقليم دارفور؟ أليس من أولى واجبات وظيفته حفظ الأمن والأمان للمواطنين في الاقليم؟ شخصياً ليست لدي إجابة على هذا السؤال، لأن الحكم مهمة الاصحاء، وهو – شفاه الله- مريض “شيزوفرنيا”، سيدخل كل الإقليم في الحرب والدمار في حال استمراره في منصبه. وليس هناك ثمة حل للإقليم سوى بعزله، أو ان يطلق على نفسه رصاصة من مسدسه الذي كان يضعه على جنبه، في مظهره الهزلي الطفولي الأخير. ثم يدفنه أهل الاقليم بعيداً بعد ان يُهيلوا عليه التراب كما تفعل القطط مع خراءها!

ان الجنينة تحتضر، ولا بواكي لها!

‫2 تعليقات

  1. عجيب امرك اب احمد رسالتك وصلت لمليشياتك تم قتل الوالي بنجاح افرح

    ادعاء أن هناك قوات تلبس زي المشردين وتورطهم ممجوج الشعب شايف وعارف ديل منو
    بلهجاتهم واشكالهم يعلمهم بسلوكهم العنيف العنصري الذي لايشبه أهل دارفور ووداعتهم
    انتم صنف آخر محتاج الي مراجعة اعدادته واظنها لن تصلح البرمجه معكم

    راينا وكل العالم الوالي معتقل ويضرب ثم قتله بايدي عصاباتكم
    وتشريد سكان الجنينه وخراب دار السلطان علي ايدي رمم غرب افريقيا الذين لايعرفون تاريخ وعظمة سلطنة دار مساليت وسلطانها بحر
    كيف لتائهي صحاري غرب أفريقيا وصعاليكها أن يعرفو ولن تمر جرائمكم بسلام

    افرحو وانتم تنثرون الشوك وتشعلون الحرب
    لكن سترد اليكم ولن تحققو احلامكم بدولة الجنجويد اوتغيير سكانها وإحلال الملاقيط علي أنقاض السودان سيظل السودان عصي عليكم
    كل يوم يمر يذداد كره الشعب لكم ولمليشياتكم
    وستحاسبون كلكم من قام بدور المشاطه ومن نفذ

  2. عندما كتبت الدعم السريع حثالة الحثالة الكيزان اعلم تماما ان الدعم السريع سوف يكون مثال صارخ إلي البربرية و همجية و و الانحطاط لم تري البشرية مثله لذلك كلما استمرت الحرب راي ألشعب السوداني و العالم صور كل مجرمين من بوكاس و صدام و القذافي و عيدي امين في صورة حميدتي العميل.
    السودان ١٨ ولاية مبروك علي الخرطوم و ضرب بالطيران فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..