عوض أحمودي: حكاية عازف تشبث بالعود فرافقه كظله.. حين يفوح بخور الأوتار

الخرطوم ? عثمان الأسباط
العود آلة موسيقية لا تستجيب لأي ريشة كي تداعبها فتفيض عليها بألحانها، ما لم تكن مدربة وبارعة وذات حساسية عالية، فعازف العود لابد له من (أصابع/ أنامل) سحرية تغازل تلك الأوتار بالغة الحساسية حتى تمنحه مقطوعات رائعة تأخذ المستمع بعيداً عن واقعه اليومي الرث.
(1)
وفي السياق، ظهر المبدع عوض أحمودي كأحد أبرز العوادين في السودان، ومنذ بداياته أطل كفنان مرهف قدم كل شيء للموسيقى وإن لم تقدم له شيئاً غير حب الناس، موهبته الفذة في مداعبة العود جعلته من أشهر من داعبوا تلك الآلة الوترية ولو أنها كانت تنطق لنطقت بفضل ريشته التي تداعبها بموهبة يحسد عليها، له حكمة يقولها كلما سئل عن الذي ربطه بالألحان والموسيقى، رغم أنه محروم من نعمة البصر، فكان يقول إن كل من حرم من البصر أصبحت أذنه سريعة الالتقاط، لذلك التقط الموسيقى فأظهر فيها موهبة نادرة.
(2)
من الجزيرة الخضراء، وبالتحديد مدينة الهلالية التي قدمت شاعر (أغداً ألقاك) لكوكب الشرق، كانت صرخة الميلاد الأولى للعازف البارع عوض أحمودي، ظهرت موهبته في الموسيقى من خلال مشاركاته في الدورات المدرسية، وتميز أكثر عندما جاء إلى الخرطوم بحري ليدرس في معهد النور، وبعده التحق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم ودرس اللغة العربية.
لم يكن أحمودي متحمساً لاحتراف العمل الموسيقي على الرغم من أن موهبته ظهرت في سن باكرة، لكن ابن عمه سيّد ظل يشجعه على أن يستفيد من هذه الموهبة الكبيرة وأن يحترف الموسيقى، وبفضل تشجيع سيّد رمى أحمودي بكلياته في ملعب الألحان.
(3)
وتختزن الذاكرة الأرشيفية للعوادين السودانيين نجوماً سوامق أجادوا وأبدعوا في العزف على هذه الآلة السحرية التي عطروا بها ألحان الغناء الجميل، أمثال حسن عطية، محمد الأمين، عوض أحمودي، عبد الكريم الكابلي، ومازن الباقر، والكثير من المطربين الذين تشبثوا بالعود فكان يرافقهم كظلالهم.
(4)
ويعتبر العود أهم آلة في التخت الموسيقي الشرقي في التاريخ الحديث، وهناك أكثر من دولة عربية تعتد بتفوقها في صناعة العود مثل العراق التي يوجد فيها الكثير من حرفيي صناعة العود، وبذلك غدا العود العراقي ذا سمعة عالمية جعلت كبار الملحنين والمطربين يفضلونه على غيره، ومن أشهر هؤلاء يوسف الطائي صانع العود الذي يتسابق الفنانون العرب على اقتناء مصنوعاته، كما اشتهرت صناعة العود في دول أخرى من العالم أهمها تركيا وإيران، والآن دخلت الصين هذه الصناعة بإنتاج كبير ربما يفوق إنتاج كل هذه الدول

اليوم التالي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..