الرئيس التشادي إدريس ديبي.. هل تمت تصفيته بمؤامرة دولية؟

نقرير: مريم أبشر
على غير المتوقع وخلافاً للسنياريوهات المتشائمة التى رسمت لمآلات الوضع في انجمينا العاصمة وعموم تشاد، على خلفية مقتل الرئيس التشادي إدريس دبي على خطوط الجبهة من قبل معارضيه كما أثير، فإن العاصمة انجمينا تعيش أوضاعاً هادئة ومستقرة وشبه عادية بعيد الإعلان عن مقتل الرئيس أدريس دبي، بل بدأت الترتيبات والإجراءات لتشييعه في جنازة رسمية بانجمينا اليوم الجمعة قبيل قبره بمسقط رأسه بأم جرس المتاخمة للحدود مع السودان. هدوء الأوضاع وسرعة الترتيب لدفن الرئيس دبي فتح المجال أمام المراقبين للتأويل بأن ما حدث لدبي وما تلاه من هدوء واستقرار للأوضاع لنظام كان يخوض معارك ضد معارضيه ربما يكون مرتبًا وبمباركة دولية، وأن ما تم محضر له تمامًا.
البرهان مشاركاً
معلوم أن علاقات فرضها الجوار الجغرافى مضافًا إليها التداخل القبلي الكبير بين السودان وتشاد والتاثير المزج لكليهما على الآخر جعل من العلاقات بين الخرطوم ونجمينا تأخذ طابعاً خاصًا وأولوية في علاقات الخرطوم مع دول الجوار وبعيد إعلان وفاة دبي سارعت الأجهزة الرسمية بإصدار بيانات تنعى فيها دبي وتعدد مساهماته في تحقيق السلام في السودان.
وفي هذا السياق يشارك رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قائداً وفد السودان المشارك في تشييع الجنازة الرسمية للرئيس التشادي الراحل المقرر لها اليومٍ الجمعة بالعاصمة التشادية إنجمينا.
وقالت مصادر مطلعة تحدّثت لـ(الصيحة)، إنّ جثمان الرئيس التشادي سيتم قبره بمسقط رأسه بأم جرس الواقعة بالقرب من الحدود السودانية، وإن مراسم دفنه بأم جرس سيقتصر فقط على أسرته وأقاربه وبعض أفراد القبيلة، وإن الرؤساء والمسؤولين المشاركين بمن فيهم الرئيس الفرنسي المتوقع مشاركته في المراسم الجنائزية لديبي في التشييع سيشاركون في الجنازة الرسمية بإنجمينا العاصمة.
وعلمت الصيحة أن عضو مجلس السيادة الطاهر حجر أبدى رغبته في المشاركة في تشييع جثمان ديبي، ويتوقع أن يرافق البرهان غداً الجمعة. وعلمت مصادر أخرى أن نائب رئيس المجلس ربما يشارك هو الآخر فى مراسم الدفن بأم جرس .
صمت دولي:
على إثر الهدوء والحياة الطبيعية التي تعيشها انجمينا وعموم تشاد يتوقع أن يشارك في تشييع جثمان دبي عدد كبير من الرؤساء والزعماء بمن فيهم الرئيس الفرنسي، ووفق المعلومات فإن كل التحليلات تشير الى صمت دولي وربما شبه إجماع دولى على حتمية مغادرة دبي المشهد السياسي لتشاد بترتيب ومباركة خارجية معلومة بل إن بعض الأصوات تقول بمباركة ابنه الجنرال محمد ذي الأصول التي ترجع للقرعان ويشير مراقبون إلى أن هناك ربما تململ وعدم رضا من بعض القبائل لرئاسة الجنرال محمد للمجلس العسكري وإحساسهم بعدم الأمان له وغير جدير بحمايتهم وحماية مصالحهم خاصة في ظل أطماع القبائل الأخرى التي تبحث عن ملكها المفقود وبجانب بعض المرارات .
وعلل مراقبون المباركة الدولية بأنه حتى الآن لم تصدر أي من الدول أو المنظمات الدولية بما فيها الاتحاد الافريقي أو الأوربي أو الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا ودول الاتحاد الاوربي أي إدانة للحادثة أو اعتبار ما جرى في تشاد بعد مقتل دبي انقلاباً عسكرياً وما يتبع ذلك من إجراءات وفق لوائح الاتحاد الأفريقي تصل مرحلة تجميد العضوية كما حدث في السودان بعيد الإطاحة بنظام الإنقاذ وقيام المجلس العسكري الانتقالي ونقلت مصادر للصيحة أنه حتى الآن لم تصدر أي ردود فعل دولية بخلاف البيان الفرنسي شبه المبارك للتغيير ولفتت المصادر للبيان الذي أصدرته واشنطن قبل أسبوع من مقتل دبي تصف فيه الوضع في انجمينا بأنه خطير ولم تستبعد المصادر أن يكون اختفاء دبي من المشهد تم وفق مؤامرة دولية للتخلص منه.
وأشارت في هذا الصدد إلى تحرك سابق للمعارضة التشادية نحو العاصمة انجمينا من الحدود الليبية بقوة كبيرة وعندما عبرت الحدود واقتربت من منطقة كانم التي تبعد 400 او 500 كلم من العاصمة انجمينا و نسبة لأن المنطقة صحراوية ومكشوفه تم رصدها بواسطة الطيران الفرنسي والقضاء على القوة قبل دخولها انجمينا، غير أن ما حدث هذه المرة كان مختلفًا حيث تحركت القوة المعارضة وفق المصادر من ليبيا ورغم رصدها تمكنت من دخول العاصمة انجمينا وخاضت معارك كبيرة داخل العاصمة غير أن ما حدث بعد إعلان مقتل دبي وخلافًا للمتوقع بزيادة المعارك توقفت المعارك.
قبيل مقتلة :
وكشفت معلومات تحصلت عليها الصيحة عن آخر اللحظات لدبي قبيل مغادرته لقيادة جبهة القتال وقال إن عددا من رفقاء الثورة نصحوه بأن يبقى داخل القصر لكنه ولعدة ساعات من محاولات إقناعه أصر على موقفه وغادر للجبهة عبر طائرة هليكوبتر وأضافت المعلومات أن أحد المعارضين أشار إلى أن قوات الجبهة رأت من على البعد الطائرة غير أن المساحة قد لا تمكنهم من إطلاق النار عليها ولم تستبعد المصادر أن تكون التصفية حدثت من مكان قريب.
تأمين فرنسي:
مصادر قريبة بدت أكثر ثقة من أن مراسم تشييع دبي ستتم بصورة آمنة وتوقعت مشاركة خارجية كبيرة ولم تستبعد تأمين القوات الفرنسية للمراسم عبر الطيران الفرنسي من انجمينا مرورًا بأم جرس، حيث يتم قبره.
هذا ما سيحدث
مصادر قريبة من الوضع في تشاد لم تستبعد تطبيق السيناريو السوداني على الوضع في تشاد ولم تستبعد أيضًا من أن توافقاً ربما يكون قد تم بين ابنه والمعارضة وتوقعت الدخول في مفاوضات تفضي في نهايتها لدخول المعارضة في حكم الفترة الانتقالية.
تخوفات:
عدد من المراقبين أبدوا تخوفهم حال لم تفض التسويات المرتقبة لدخول القبائل المشتركة على الحدود ضمن الترتيب الجديد وأشارت تحليلاتهم إلى أن انهيار حكم بعض القبائل في تشاد ستكون له آثار كارثية على السودان خاصة في ظل الوضع الهش الذي يعيشه السودان والأسلحة وإمكانات مادية هائلة وأشارت إلى أن حدوث أي توتر سيكون لا مجال لهم إلا دخول تلك القبائل السودان والتمترس به لترتيب أوراقها وربما تحدث احتكاكات مع القبائل الأخرى في دارفور وهذا يتتطلب الحيطة والحذر من قبل الأجهزة المعنية فى السودان على الشريط الحدودى مع العلم أن هنالك قوات مشتركة كانت تصنف بأنها الأفضل في حماية الحدود في المنطقة.
عمق وتداخل
مصادر دبلوماسية وصفت مشاركة رئيس المجلس السيادي في مراسيم دفن الرئيس التشادي دبي بأنها تأكيد على العلاقات التي تربط انجمينا بالخرطوم والدور الذي لعبه دبيي في تطورات السودان، وقالت للصيحة إن العلاقة بين البلدين ليس جواراً فحسب وإنما علاقة عضوية بحكم التداخل القبلي فضلًا عن أن البلدين كل منهما عمق استراتيجى للآخر ولفتت المصادر للإسهامات التي قدمها دبي للسودان في مجال السلام آخرها كضامن لسلام جوبا وأكدت أن مشاركة البرهان في التشييع والتي تأتي ضمن مشاركة أفريقية واسعة لرئيس شرعي له إسهاماته في القارة والإقليم بعيدًا عن الإقرار بالوضع الراهن في تشاد من عدمه وعلمت الصيحة أن السودان شكل غرفة عمليات لمتابعة تطورات الأوضاع بتشاد وذلك لاعتبارات التداخل والتأثير الذي يمكن أن يحدث في حال حدوث أي أعمال عنف تؤدي لتطورات سالبة على خلفية مقتل دبي.
الصيحة