مؤتمر الحركة الإسلامية…. من وراء الأكمة؟

مؤتمر الحركة الإسلامية…. من وراء الأكمة؟
محمد التجاني عمر قش
[email][email protected][/email]
ولما قضينا من منى كل حاجة ومسَّح بالأركان من هو ماسحُ
وشُدّت على حُدب المهاري رحالنا ولم ينظر الغادي الذي هو رائح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا وسالت بأعناق المطي الأباطح
نقول هذا وقد انفض سامر الحركة الإسلامية بعد انتهاء مؤتمرها الثامن، الذي أنعقد بعد أن مرت الحركة بمفترقات طرق كادت أن تودي بوجودها، خاصة بعد حلها في مطلع التسعينات من القرن الماضي. وأعقب ذلك انشقاق الحركة،الأمر الذي أدخل السودان في نفق مظلم لم يخرج منه بعد.ولكن البعض يقول إن أكبر تحدي للحركة كان وصولها للسلطة عشية الثلاثين من يونيو1989. وكما قال الطيب مصطفى: “إن أبناء الحركة بعد وصولهم إلى السلطة أدخلوا أمهم في غرفة وقالوا لها: إياك أن تتحدثي أو تخرجي من هذه الغرفة “.ويقول حسن رزق “إن الحركة اختطفت منذ فجر الإنقاذ”. كل هذه العوامل أضعفت الحركة الإسلامية في السودان، حتى تململ بعض المنتسبين إليها، خاصة من فئة الشباب، الذين لم يكونوا راضين عما يتناول الناس من حديث عن الفساد، في أجهزة الدولة المختلفة.ولعل منسوبي الحركة قد أرادوا إخراج أمهم من ذلك المعتقل التحفظي بعقد هذا المؤتمر الذي أولي اهتماماً وزخماً غير مسبوق من الإعلام، وحضور كبير لقادة الحركة الذين تواروا عن ساحة العمل العام لفترة ليست بالقصيرة حتى صار البعض يقول: “إن وراء الأكمة من وراءها” . وها نحن الآن نأخذ بأطراف الحديث لكي نسلط الضوء على مسيرة هذه الحركة قبل وبعد هذا المؤتمر.
معلوم أن الحركة الإسلامية قد كانت،حتى وقت قريب،حركة صفوية، تعمل بسرية تامة، وضبط صارم لعضويتها ومنهج تربوي يتخذ من الأسرة وحدة تنظيمية لها ضوابط ملزمة، يأتي على رأسها مبدأ الطاعة، وكانت تتمتع بتماسك ضمن لها النجاح في مراحل عديدة حتى استطاعت تدريب كثير من كوادرها عبر العمل في إتحادات الطلاب، وقدمت نماذج طيبة للمجتمع؛ ولذلك حازت مساندة كثير من الأشخاص.ولكن مع مرور الأيام فتحت الحركة أبواب عضويتها عبر سلسلة من التحولات وصارت أشبه ما تكون بحزب سياسي،أكثر من كونها تنظيم ذي مشروع حضاري، ينتقي الكوادر بكل دقة وعناية.وجراء ذلك، فقدت الحركة بعض قدامى محاربيها، وركب قطارها أشخاص من أصحاب الهوى والغرض، تدفعهم حظوظ النفس،ولا يعنيهم المشروع الحضاري، بقدر ما تعنيهم مصالحهم وأطماعهم الشخصية، التي يريدون تحقيقها والوصول إليها عبر هياكل الحركة، وربما وليدها، الذي صار يكبرها نفوذاً، المؤتمر الوطني.من ناحية أخرى فقدت الحركة خيار شبابها في حرب الجنوب، وقد أفضى هؤلاء لربهم، ونحسبهم شهداء ضحوا بأنفسهم في سبيل ما كانوا يتطلعون إليه من نظام إسلامي يملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً، ويُحكم فيه بشرع الله وسنة رسوله!
إلا أن الحركة، وربما بحسن نية،أو في حين غفلة، أنشأت بعض الأجهزة التي قوي عودها، وشبت عن الطوق،و صارت تستقوي حتى على من أنشأوها، ونخشى أن يأتي اليوم الذي تكون فيه هذه الأجهزة ممسكة بزمام الأمر في الحركة وغيرها. ذلك لما نراه من تهافت واضح من قبل رموز هذه الجهة، وتكالب لا يتفق مع سلوك وأخلاقيات ومبادئ الحركة، وسعيهم للسيطرة على مفاصل العمل والأنشطة والواجهات أياً كانت، حتى كأنهم يريدون شل الحركة تماماً، وتنفيذ مخطط لا يعلم كنهه ومقاصده إلا هذه الفئة، التي تُعرف بلحن القول، والتآمر، ومحاولات التشويش على كل ما هو نظامي، إما مباشرة أو عن طريق التعامل مع ذوي الهوى والغرض الذين يلبسون لكل حال لبوسها، ويقومون بتحركات، أقل ما يقال عنها أنها لا أخلاقية ولا تمت لإرث الأخوة الإسلامية بصلة، يقودهم في مسلكهم هذا تحقيق الغرض العاجل دون الآجل، وإن كان الأبقى والأصلح.
وقد حاول كثير من المحللين فهم الأسباب التي جعلت الحركة تعقد مؤتمرها الثامن في هذا الوقت بالذات، ومن ذلك ما جاء في مقال البروفسور الطيب زين العابدين حيث يقول:( السبب ببساطة أن السلطة القابضة على مقاليد الأمور قد أحست بالململة الواسعة والاحتجاجات المتصاعدة في أوساط عضويتها الإسلامية ضد سياساتها الفاشلة).أما الدكتور غازي صلاح الدين فيقول:( ينعقد مؤتمر الحركة الإسلامية هذه المرة ليعيد تأسيسها. بلفظ آخر ليجدِّد أمرها.إن الحركة، كي ما تبقى فاعلة ومناصِرة للحكومة، وللدولة في الإطار الأشمل، ينبغي أن تكون مستقلة، لأنها في الحقيقة محتاجة لأن تكون مستقلة بأجندتها وأولوياتها وطرائقها في العمل). ومع صحة وجهات نظر الرجلين،إلا أننا نعتقد أن الأسباب الفعلية لعقد هذا المؤتمر في هذا الوقت وبهذه الكيفية، قد لا تكون كما أشارا إليه! ولدينا شك يرقى إلى درجة اليقين بأن بعض الجهات، تريد أن تضع يدها على الحركة حتى لا يكون لها صوت مسموع على الإطلاق.
والدليل على هذا ما شهدنا هنا في المهجر، من بعض التحركات التي قام بها أناس يريدون أن يجعلوا من الحركة وذراعها السياسي سلماً يوصلهم إلى تحقيق مآرب شخصية، يعتقدون أنها لن تتحقق إلا عبر هذه الوسيلة والأسلوب الملتوي، ومن أجل ذلك لا مانع لديهم من التعامل حتى مع الشيطان، ولذلك يحيكون الدسائس والمؤامرات، ويلفقون التهم لقادة العمل العام الذين يشهد لهم الكثيرون بالاستقامة والإخلاص، محاولين إبعادهم عن مراكز التأثير على الرأي العام، و يحشدون العوام، ليوهموا المسئولين، بأنهم يستطيعون حشد أغلبية أعضاء الحركة، ولكن خاب فألهم وفشل سعيهم. فمع اقتراب موعد إنعقاد مؤتمر الحركة الإسلامية، سال لعاب كثير من الانتهازيين وأصحاب الأغراض الشخصية، واشرأبت أعناقهم للمشاركة في هذا المؤتمر عبر محاولات بائسة حاولوا خلالها تزيين الباطل، واستعدوا للإنقلاب على الأنظمة والتحايل عليها، مستخدمين أذرع الجهاز المشار إليه. فلبس بعضهم العباءات والبدل، استعداداً للمناصب الوزارية أو الدستورية، محاولاً أن يوهم الناس بأنه القائد الملهم لهذه الجماعة، والحريص على تنفيذ أهدافها،ولكنهم فشلوا نظراً لأنهم لا يمتلكون من الرصيد الأخلاقي والمعرفي ما يؤهلهم للقيام بهذه المهمة.
عموماً، يرى البعض أن المؤتمر قد حقق ما تريده هذه الفئة؛بإقرار اختيار الأمين العام من قبل مجلس الشورى الذي يمكن التحكم في عضويته والتأثير عليها. وكان الأمل أن يكون المؤتمر بالفعل مناسبة فاصلة في مسيرة الحركة وتأريخها بالالتفات للمندسين الذين لا يرغبون في المشروع الحضاري إلا ولا ذمة، وأعادة هيكلة الحركة على أسس قوية تضمن لها البقاء، عبر الالتزام بمبدأ الشورى، والتربية، والمحاسبة، وضبط العضوية، وأتباع النظم والمؤسسية،وإعطاء الحركة قدراً من الاستقلالية لكي تستعيد عافيتها وتستأنف دورها الأخلاقي والدعوي.هل عرفتم من وراء الأكمة؟
ياعزيزي قش نهارك سعيد
لاأظن أن الحركة ستستعيد عافيتها إلا بزوال هذا النظام
هذه نظرية واقعية توصل إليها أغلب شباب الحركة الإسلامية الحقيقية الماسكين علي جمرتها بحق وحقيقة كحركة سلوك وأدب ودين وتربية وفكر إسلامي متجدد في كل نواحي الحياة
إن محالة الحركة الإستيلاء علي الحكم في السودان كانت محاولة لها أهدافها ولكنها فشلت من أعوامها الأولي وبالتالي يظل المخرج الوحيد للحركة لإستعادة عافيتها أن يزول هذا النظام لأنه جر عليها كل أصحاب النفووووووس الضعيفة والله أعلم
محمود لا يريد ان يعرف
قشششششششششششششششششش