أخبار السودان

مهنة المخاطر

يطلق على الصحافة في العالم إسم مهنة المتاعب،ولكنها في السودان مهنة المخاطر.يبدأ يوم الصحفي السوداني الملتزم بقضايا شعبه،بالنيابة وينتهي بالحراسة إن لم يكن لديه قيد صحفي،لأنه كتب خبراً أو مقالاً صحيحاً 100%،ولكن فحواه يزعج السلطات وخاصة الأمنية..وبالتالي فهنالك سيناريو مضاد للصحافة والصحفيين تعتمده الإنقاذ بكافة أجهزتها.
من ضمن فصول هذا السيناريو استدعاء الصحفيين للمكاتب الأمنية والتحقيق المطول معهم وتفتيش أمتعتهم الشخصية وهواتفهم المحمولة والكمبيوترات،ومن ثم حكاية أمشي وتعال بكرة..من أجل التعطيل والإجهاد والترهيب..وقد تنتهي الحكاية بمصادرة جواز السفر أو المنع من الكتابة أو الاعتقال لفترة طويلة .
وفصل آخر يسمى النيابة والمحكمة،والشاكي غالباً جهاز الأمن،ومن جلسة إلي تأجيل إلي جلسة أخري تستغرق القضية سنوات،تضيع زمن الصحفي ومحاميه،وهي خصم على أدائه الصحفي،وربما خرج بالبراءة بعد نهاية المطاف أو طالته عقوبة من أي نوع آخر.
ولجنة الشكاوى بمجلس الصحافة تستدعي الصحفيين ورؤساء التحرير،وغالباً هي التي تحرر الشكوى التي توقع أحياناً باسم(المحتسب)،والعقوبة مضمونة الإيقاف لعدد من الأيام أو الإعتذار.
وهنالك نيابات خارج الخرطوم تستدعي الصحفيين،ومجال عملهم بالطبع في الخرطوم،فيركب الصحفي ومحاميه البصات،إلي مدني والنهود وغيرها للمثول أمام المحكمة،والتأجيل وارد،والتلتلة واردة،والنتيجة استنزاف الصحفي وجريدته مالياً،وتضييع الزمن،وربما انتهي الأمر بحادث حركة في طرق تشتهر بالحوادث المميتة وينتهي العزاء بانتهاء مراسم الدفن.
ولو لم تنجح كل هذه المؤامرات في تأديب الصحفي فإن العقوبة الاخرى جاهزة وهي مصادرة الصحيفة بعد الطبع وإلحاق الخسائر بالناشر الذي يضطر في النهاية لفصل الصحفي من العمل،أو تطفيشه بصورة أو بأخرى.
ولاحظ عزيزي القارئ أن الإعلان الحكومي وحتى الخاص مخصص للصحف الموالية للحكومة،وأن المؤتمرات الصحفية في القصر الجمهوري توجه الدعوة فيها لرؤساء التحرير(السدنة)،وأن السفر بصحبة الوفود الحكومية للخارج محصور في صحافيي النظام،وأن الصحف التي تسبح بحمد النظام تكافأ بالإشتراك الحكومي،حيث توزع على الوحدات الحكومية والقوات النظامية.
ولاحظ عزيزي القارئ أن النشرات الإخبارية في القنوات الفضائية السودانية(فيما عدا واحدة)تستعرض أقوال الصحف الموالية للنظام ولا تتعرض لأخبار المعارضة خشية أن تلحق بها العقوبات والمكاره.
لأن الصحافة تؤثر على الرأي العام بشكل مباشر فإن النظام في حرب معها،ولكنها حرب خاسرة،والذي يتم حجبه في الصحافة الورقية،تنشره الوسائط الإلكترونية،ويلقى رواجاً وسط القراء،والشعب السوداني ذكي يفرق ما بين الصالح والطالح.
ولكن معركة الصحفيين ليست مع الأمن والقوانين المقيدة للحريات فقط،بل لا زال مطلوباً انتزاع النقابة،والمكتسبات والحقوق،وعلى رأسها الحماية من الملاحقة،وعدم الكشف عن المصادر،وحرية الحصول على المعلومات،وعدم تقييد النشر ..وهي معارك صعبة لكنها ليست مستحيلة.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة(3 مايو)التحية للصحافة الشجاعة في السودان والعالم،والصحفيين الشرفاء الذين لا يخافون السدنة والحرامية..ولا يبيعون الكلمة بالعشاء الفاخر وكيلو الباسطة الشامية.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..