أخبار السودان

أسوأ سبعة أيام في تاريخ السودان: (22 إلى 29 يوليو1971م)

بكري الصائغ

١-
مقدمة:

(أ)-
وقعت محاولة انقلاب هاشم الرائد العطا في الساعة الثانية ظهرا يوم الاثنين الموافق ١٩ / يوليو عام ١٩٧١، وكان واضحاً منذ البداية أن النظام الجديد كان نظاماً شيوعياً خالصاً، وفي بيان الانقلاب قال الرائد هاشم العطا أن الانقلاب يمثل العودة إلى مبادئ ثورة مايو ١٩٦٩ التي أوصلت نميري إلى السلطة، وأن نميري قد تخلى عن تلك المبادئ وقام بتأسيس جمهوريةٍ رئاسيةٍ دكتاتوريةٍ. وذكر أن مجلس قيادة الثورة الجديد سيكون ممثلاً للإرادة الشعبية وأنه سيتم إعطاء الحكم الذاتي للجنوب. وحسبما ورد في الوثائق البريطانية فقد تم استخدام وصف ودي للإشارة إلى “الاتحاد السوفييتي العظيم”. وبعد البيان تم علي الفور تشكيل (مجلس قيادة الثورة )على النحو التالي:
المقدم بابكر النور رئيساً، والرائد هاشم العطا نائباً للرئيس، وعضوية المقدم محمد احمد الشيخ الريّح، والرائد فاروق عثمان حمدالله، والرائد محمد محجوب عثمان، والرائد محمد أحمد الزين، والنقيب معاوية عبدالحي.

(ب)-
وأصدر المجلس أوامر بإلغاء الآتي:
أولا: الأوامر العسكرية الجمهورية.
ثانيا: جهاز الامن القومي.
ثالثا: الاتحاد الاشتراكي السوداني.
رابعا: الحرس الوطني.

وأسس الآتي:
أولا: الجبهة الديمقراطية الوطنية (مكان الاتحاد الاشتراكي).
ثانيا: منظمات التحالف الديمقراطي (فيها نقابات العمال الموالية للشيوعيين).

(ج)-
***- بعد يومين من الانقلاب هبطت طائرة صغيرة علي ارض مطار الخرطوم باذن خاص من السلطات .. فقد كان المطار مغلقا رسميا كاجراء تحوطي لتأمين السلطة الانقلابية الجديدة بقيادة الرائد هاشم العطا ، خرج من الطائرة اربعة اشخاص مصريين قادمين من القاهرة : مدنيان في شخصيات (اليسار) المصري هما حمروش وحسن فؤاد .. وعسكريان هما طاقم الطائرة، وقد جاء اليساريان موفدين من الرئيس السادات لينقلا الي قيادة الحركة الانقلابية التهنئة والتأييد ، تقدم لاستقبال الضيفين الرائد خالد الكد ، احد الكوادر الانقلابية، وخرج الجميع من المطار صوب «الفندق الكبير» وقد حمل كل من الطيارين حقيبة سوداء كبيرة.

(د)-
***- الحقيبتان الكبيرتان كانتا تحويان «ابر» الدبابات «تي 55» السوفيتية الصنع التي استخدمت في حركة الانقلاب المضاد الذي اطاح في اليوم التالي بسلطة هاشم العطا قصيرة العمر واعاد جعفر نميري الي الحكم. هذه الرواية جاءت من الرائد خالد الكد نفسه في عام ١٩٨٣م ، وبناءً علي روايته فانه كان معترضا بشدة علي زيارة الوفد الوزاري المصري لارتيابه في الامر ، لكن الرائد هاشم العطا رفض هذا الاعتراض بحجة ان الظرف غير ملائم لاستفزاز الرئيس السادات.

(هـ)-
***- وجاء يوم الخميس ٢٢ يوليو والحياة تسير سيرها الطبيعي وقد انهمرت البرقيات من كل مكان تؤيد وتبارك وتدعم النظام الجديد, وكانت الاذاعة منذ الصباح الباكر تطلب من الجماهير الخروج في موكب العاشرة لمساندة الوضع الجديد.

(و)-
***- وفجأة.. تدافعت الاحداث بسرعة وتلاحقت بصورة لا يكاد يصدقها العقل.. ففي الوقت الذي كان يتهيأ فيه قادة الثورة لمقابلة المسيرة ومخاطبتها ومقابلة رئيس مجلس قيادة الثورة الجديد ورفيقه القادمين من لندن.. إذا بالانباء تحمل خبراً كان له وقع الصاعقة على اعضاء المجلس الجديد.. فقد قامت طائرات ليبية باعتراض الطائرة البريطانية (Vc10) في رحلتها رقم (45) المتجهة الى الخرطوم واجبرتها على الهبوط في مطار طرابلس واعتقال قائد الثورة الجديد ورفيقه….أمر الرئيس معمر القذافي اختطاف، طائرة الخطوط الجوية البريطانية التي كانت تقل كل من المقدم بابكر النور سوار الدهب، والرائد فاروق عثمان حمدالله ، عند سفرهما من لندن في طريقهما إلى الخرطوم، كقيادات جديدة، للنظام الذي أطاح بحكومة النميري، في إنقلاب ١٩ يوليو عام ١٩٧١، ذلك الاختطاف ، الذي أدى إلى تسليم القذافي، كل من بابكر وفاروق إلى النميري، العائد إلى السلطة كالمسعور، بعد إجهاض الانقلاب، ليبعث بهما إلى دروة الاعدام!!

(ز)-

***- في يوم ٢٠ يوليو من نفس وقع الحدث الاتي:
(ارسلت القيادة العراقية برقية تأييد أيدت فيها رغبتها في دعم الحركة الإنقلابية في الخرطوم، وبناءاً على ذلك أقلعت طائرتان تحملان اسلحة واطقم دبابات بالإضافة إلى ان احدى الطائرات كانت تحمل عضو القيادة القومية لحزب البعث محمد سليمان عبدالله التعايشي وطلبت السلطات العراقية السماح للطائرات بالهبوط في مطار الخرطوم الذي كان مغلقاً أمام الملاحة الجوية .. ووافقت الخرطوم على هبوط الطائرتين .. أقلعت الطائرات من بغداد في طريقها إلى الخرطوم، غير أن احدى الطائرات قد سقطت بالقرب من مدينة جدة .. بالمملكة العربية السعودية مما أرغم الطائرة الثاينة إلى العودة إلى بغداد .. وعزا التقرير الذي أصدرته لجنة
التحقيق العراقية سقوط الطائرة إلى سوء تقدير من كابتن الطائرة وليس
لأسباب فنية!)..

بداية الايام السوداء – الخميس ٢٢/يوليو/ ١٩٧١:
*******************************
نسبة لغموض الاحداث وقتها انطلقت الشائعات في كل مكان.. واصبح الموقف في الخرطوم غامضاً ويسوده خوف وقلق وارتباك.. وبدأت تتحرك بعض العناصر العسكرية الموالية لنميري المعتقل داخل الغرف الارضية للقصر الجمهوري.. وصلت بعض الدبابات ماركة (T55) من منطقة (الشجرة) حيث رئاسة سلاح المدرعات ، واحاطت بالقصر من ناحية الجنوب وناحية الغرب ، في هذا الاثناء حدثت مجزرة وهو ما عرف فيما بعد باسم (مجزرة بيت الضيافة) والتي راح ضحيتها عدد كبير من الضباط (اختلفت الروايات بين 25 و39) ضابطاً وضابط صف.. ذلك بان هناك بعض الاشخاص قتلوا في سلاح المدرعات وجئ بجثثهم للمشرحة فاختلطت بجثث بيت الضيافة.

***- بعد حصار المدرعات التابعة لنميري ومن بعدها مجزرة (بيت الضيافة) حدثت اشياء اقرب الى الخيال.. فقد استطاع نميري بمساعدة احد الضباط الموالين له ان يخرج من معتقله ويقفز حائط القصر ويخرج الى الشارع ويتحول الموقف ٣٦٠ درجة في الاتجاه المعاكس.. وخلال ساعات قليلة استطاع نميري ان يستعيد السلطة مرة اخرى وبصورة اقوى واشرس واعنف.

***- وفي اليوم التالي الجمعة ٢٣ يوليو تم دفن شهداء (بيت الضيافة).

***- وفي ذات اليوم بدأت (محاكمات الشجرة)… وقد كان يشرف على المحاكمات العقيد احمد محمد الحسن بحضور نميري وابو القاسم وخالد حسن عباس (الذي كان شقيقه ضمن شهداء بيت الضيافة).. كانت المحاكمات ايجازية وسريعة وتتسم بالانفعال الزائد.. وبسرعة شديدة تقرر اعدام القادة العسكريين الثلاثة (بابكر النور وهاشم العطا وفاروق حمد الله).

***- يقول العميد (م) عبد الرحمن حسن عبد الحفيظ في احدى افاداته:
(ان المحاكمات التي تمت في يوليو 1971م كانت تتصف بالتسرع الذي ما كان له ان يحدث.. فكثير من الاتهامات لم تكن ترتقي للاعدام كالمغفور له المقدم بابكر النور والرائد فاروق حمد الله.. فقد ارتبطت اسماؤهما بقيادة الانقلاب وهما خارج الوطن.. ولا يمكن ان تحاكمهما مثل من دبّر الانقلاب ونفذه).

اولآ:
اعدام الرائد/ هاشم العطا:
*****************
في غرفة قرقول سلاح المدرعات قضى هاشم العطا الساعات الاولى من اعتقاله موثوق اليدين ، مستلقيا على ظهره ، كان رغم الارهاق هادئآ في كل تصرفاته، ثابت الاعصاب، باسم كعادته، وعندما حنت منه التفاته الى بعض الضباط المعتقلين ، بعد لحظات دخل الي الغرفة الملازم كمال سعيد صبرة، الذي بدأ يستفز هاشم العطا بصورة وقحة غير لائقة، نظر اليه هاشم في سخرية واستخفا، اغتاظ الملازم كمال من تجاهل هاشم له فبادر بسحق نظارة هاشم التي كانت ملقاة على الارض الي جانبه وحطمها بحذاءه.

***- حاول النميري في مكتبه بمعسكر “الشجرة” ان يبدأ التحقيق مع هاشم العطا وجهآ لوجه، رفض هاشم رفضآ باتآ اجراء اي لقاء مع النميري، واعلن في اصرار شديد انه لن يدلي باي اقوال الا في محاكمة علنية، قال هاشم العطا بكل وضوح انه يرفض مقابلة مع اي مسؤول في المعسكر (لانكم ستشوهون اقوالي وتحرفوها) . واضاف:( انا اتحمل كل المسؤولية وليست لديكم حجة في محاكمة الضباط والجنود والصف).

***- اقتيد هاشم قسرآ وهو مقيد الي مكتب النميري الذي كان في حالة هياج أثناء اللقاء بينهما وكان يتكلم بصوت عالي اشبه بالصراخ، قال احد كبار الضباط الذي حضر اللقاء، أن النميري ما ترك كلمة بذيئة في قاموس الشتائم الا وجهها الي هاشم العطا، كانت مفاجأة شديدة لم يتوقعها النميري عندما قاطعه هاشم العطا بحدة وقال له: (لست نادما على ما قمت به، وان كان لي ان اندم فلانني اعتقلتك ثلاثة ايام وعاملتك معاملة كريمة).. هنا بلغت حالة الهياج حدآ جعلت النميري يقفز من مقعده في محاولة للاعتداء بالضرب، لكن في عجالة سريعة تم سحب هاشم العطا من المكتب الي غرفة اخري.

***- كان هاشم خلال الساعات الطويلة التي قضاها قبل اعدمه يردد مقطعا من نشيد صلاح بشرى ويضيف الى المقطع: (جاءكم هاشم فاعدوا المقصلة)، الضباط والجنود المعتقليين معه رددوا المقطع من خلفه، زجر هاشم بصوت عالي كل الضباط والجنود الذين حاولوا الاعتداء عليه، وكان مهاباً شجاعاً وهو في قبضتهم.

***- بدرت من هاشم العطا ضحكة تلقائية وهو في طريقه الى ساحة الاعدام، اغتاظ احد الجنود من الضحكة وعلق: (وتضحك كمان؟!!)، فضحك هاشم ضحكة عالية وقال له :(يا ابني الميت مايبكي)، اتجهوا بهاشم نحو (دروة المورس) لتنفيذ حكم الاعدام رميآ بالرصاص، كانوا الجنود في حالة من الفزع والاضطراب، لم ينتظروا وصوله للدروة ، بل عاجلوه من الخلف باطلاق 800 طلقة على ظهره حتى انفصل نصفه الاعلى قبل ان يسقط على الارض، وظلوا يطلقون الرصاص علي جثمانه حتى بعد استشهاده ، واصلوا اطلاق الرصاص على جثته حتى افرغوا الاربعة صناديق من (الجبخانة).

ثانياً:
إعدام الرائد/ بابكر النور:
***************
في البداية تمت محاكمة بابكر النور برئاسة العميد تاج السر المقبول، اصدرت المحكمة العسكرية قرارها بالسجن اثني عشر عاما، ورفض النميري قرار المحكمة العسكرية، ارجع الاوراق الي المحكمة العسكرية ، اعيدت مرة اخري المحاكمة وصدر قرار الحكم بالسجن 30 عاما، رفض النميري قبول قرار المحكمة للمرة الثانية، وعندما وجه النميري اعادة المحاكمة للمرة الثالثة،رفض العميد تاج السر ان يتراس المحكمة، – وكنوع من الاحتجاج ايضآ- رفضوا كل الضباط الكبار الذين كلفوا برئاسة المحكمة العسكريةالاستمرار في عملهم كقضاة على اعتبار ان نميري يريد قسرآ فرض حكم الاعدام، علق احد الضباط بغضب عن حالة بابكر النور:(دا كان عضو في مجلس “الضباط الاحرار” تحاكموه كدة؟!!)، اتصل النميري بالمقدم صلاح عبد العال تلفونيا وكلفه برئاسة المحكمة العسكرية، حضر صلاح وتسلم اوراق المحكمة، وفي نفس اليوم صدر قرار حكم الاعدام بابكر النور رميآ بالرصاص.

***- عندما اقتيد بابكر النور لتنفيذ حكم الاعدام ، كادت كلمات خطبته القوية في الجنود ان تعطل حكم الاعدام، حتى تدخل النميري وتوجه شخصيآ ومعه مجموعة من الضباط الي ساحة الاعدام كنوع من الارهاب الي الجنود المكلفين تنفيذ الحكم ، تراجع بابكر النور بخطواته قليلة الي الوراء كي لا يتم اطلاق الرصاص على ظهره، كان الشهيد قد ارسل قبل يوم واحد من اعدامه خطاب صغير في ورقة علبة سجائر الي اسرته يؤكد فيه ان نميري سيعدمه. كانت اخر كلماته انه هتف عاليآ باسم السودان.

ثالثاً:
اعدام الرائد/ فاروق حمد نا الله:
*******************
هناك رواية اخري موثقة في كثير من المواقع عن اعدام فاروق حمدنا الله:
( عندما نزل فاروق حمدنا الله من الطائرة وهو معتقل في مطار الخرطوم قادمآ من ليبيا بحراسة مدججة من الحرس الليبي،قال للضباط والجنود السودانيين الذين حضروا لاستلامه:(ازيكم يا شباب ، الغريبة انو الليبيين حاقدين علينا اكثر منكم)!!.. ثم ضحك، نقلوه الى معسكر “الشجرة” هناك خلال حديث نميري معه قال للنميري : (يا نميري انت في ٢٥ مايو دورك كان صفر ، ما كان عندك دور نحن النظمنا 25 مايو وجبناك عشان رتبتك وكان ممكن نجيب غيرك ، كنا حنجيب محمد الشريف الحبيب او مزمل غندور، لكن وزير دفاعك خالد حسن عباس الجالس جنبك دة قال يا جماعة مزمل غندور طموح وحيسيطر علينا افضل نجيب نميري لانه بليد ونقدر نمشيه زي ما عايزين)..

***- وحاول النميري ان يساومه ليتبرأ من صلته بجماعة ١٩ يوليو فرفض ، وطلب منه النميري ان يدلي بما لديه من معلومات فرفض، وعندما اقتادوه الى منطقة الحزام الاخضر لاعدامه استفزه النقيب محمد ابراهيم وقال له ” يا(…) ،فرد عليه فاروق: (انت كمان تقول لي يا “…” ؟!!شوف الرجال يموتوا كيف الليلة ، لما يجيبوك محل الموت اثبت زيهم) ، ثم التفت الى الجنود وقال لهم : (الراجل ما بضربوه في ضهره وانا ما بديكم ضهري)..ظل يتراجع في خطوات ثابتة للخلف فاتحا ازرار القميص كاشفا صدره للرصاص وهو يهتف بحياة الشعب السوداني وسلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية.

***- تنفيذ حكم الإعدام في فاروق حمد الله وبابكر النور رمياً بالرصاص كان في الساعة السادسة والنصف من مساء الاثنين ٢٦ يوليو لعام 1971م.

***- تحقيق صحفي نشر في جريدة “الوطن” مع
الضابط (شاهد العصر) على إعدمات النميري
لقيادات انقلاب هاشم العطا يروي الحكاية..!!
-10 – 03 – 2013-
******************
سؤال:
—–
حدثنا عن اللحظات الأخيرة لفاروق حمد الله
وهو في طريقه لدروة الإعدام ؟!!
الاجابة:
——-
دخلت على الرائد فاروق وقلت له سيد فاروق لو سمحت البس ملابسك، وقفلت الباب وانتظرته بالخارج، كنت الاحظ أن الملازم الشايقي يستعجلني باستمرار وبالتالي افتح الباب واستعجل فاروق، بدوري في المرة الأخيرة دخلت عليه ووجدته قد «ارتدى بدلته التي قدم بها من لندن، وقد كان يربط ربطة العنق «الكرفتة»، وقلت له سيادتك الكارفتة» ما ضروري خليها قال لي وهو يبتسم: «يا بني أنت مستعجل كده ليه؟ القصة إعدام ولا شنو؟!!، فقلت له: نعم، فسأل مرة أخرى إعدام؟!…وأضاف.. طيب الواحد لو ماشي يقابل ربه احسن يقابلو منتظم.

***- كتبها قبل ساعات من إعدامه..
بابكر النور .. وصية بمداد الشجاعة
**********************
الساعة التاسعة مساء الاحد?ولكني واثق من أن حكمهم الإعدام ?
ولم يعلنوني بالحكم?سينفذ غدا فالمحاكمة صورية فقط.
عزيزتي خنـساء..
(لـك حـبي للأبـد، وحـبي لأبنـائي خـالد وهـدى وهـند وهـالة وكمـالة.لا أعـرف مصيري ولكني إن مـت فسأموت شـجاعا وإن عـشت شـجاعا. أرجـو أن تكرسي حيـاتـك لفلذات أكبادنا وربيـهـم كمـا شــئت وشـئنا واحكي لـهم قصـتنا. أرجـو أن تصفـحي لي لـو آلمــتك يومــا. وكما تعاهدنا فسأكون كعهدي للحظة الأخيرة…أمـي، بلـغيها حــبي وتحـياتي ولجـميع أخـواني والأهــل. مكتبتي تبقى لأبنائي ولخالد، تصرفي كما شئت وأن يعيشوا في عزة و وكرامة…الشنط تركتها بالطائرة ابحثوا عنها قولوا للجميع إني عشت أحبهم وسأموت على حبهم…أشيائي الخاصة لخالد وسلامي له. هدى وهند وهالة وكماله تحياتي وحبي لكم)…
-أبوكم بابكر -السبت 24/7 الساعة 10 و45-

رابعاً:
اعدام عبدالخالق محجوب:
*****************
انتهت حياة عبد الخالق محجوب على حبل مشنقة سجن كوبر في الساعات الأولى من صباح الأربعاء ٢٨ يوليو ١٩٧١ م، رثاه عدد كبير من الشعراء العرب والسودانيين كما شكل اعدامه صدمة كبيرة للحركة الماركسية العربية والسودانية لم يعد الحزب الشيوعي السوداني لسابق نفوذه أبدا بعد إعدامه مع أغلب قيادات الحزب. وبموتة انتهي فصل من الفكر في الحياة السياسية والاجتماعية السودانية، ورثاه الشاعر المنفي، مظفر النواب، في قصيدة، يقول في مقطع منها: «ولله جنود من عسل.. وعلى رأسك يا محجوب.. رأينا سلة خبز تأكل منه الطير.. وفي ساعات الصبح سيمثل اسمك فيك.. وضج الكون دما وعصافير خرساء.. مفقأة الأعين.. وارتفعت أدخنة الكيف الدولي».

***- تم تنفيذ حكم الإعدام فجر الأربعاء ٢٨ يوليو بسجن كوبر اي بعد يوم واحد من اعتقاله، ذهب عبد الخالق إلى المشنقة مرفوع الرأس شامخا يهتف بحياة السودان وحياة الحزب الشيوعي ، أهدى ساعة يده إلى أحد العساكر كهدية منه وطلب من مدير السجن الذي اشرف علي عملية تنفيذ الحكم تسليم دبلته الفضية إلى أسرته ومعها وصية مكتوبة بخط يده ، ولكن لم يتم توصل (الدبلة) أو الوصية المكتوبة !! ، فقد صادرها احد ضباط جهاز الأمن -حسب شهادة إدارة سجن كوبر بعد ذلك- وقد أفاد مأمور السجن وقتها عثمان عوض الله بأن عبد الخالق ذهب إلى المشنقة بخطى ثابتة وكان أنيق الثياب، لامع الحذاء ، متعطرا ، باسما كعريس ? هكذا علق الضابط عثمان عوض الله مأمور سجن كوبر حينها-. حيا عبدالخالق محجوب الشناق الخير مرسال وهو يعتلي سلم المشنقة باسما.

***- نتهت حياة عبد الخالق محجوب على حبل مشنقة سجن كوبر في الساعات الأولى من صباح الأربعاء (٢٨ يوليو ١٩٧١) ، وقالت نعمات: لم يسلمونا جثمان عبدالخالق، ولم يبلغونا حتى، ولو أن نميري يتحدث عن الدين فهذا ليس بدين، ولو أنه يتحدث عن الأخلاق فهذه بعيدة جداً عن الأخلاق ، ولو أنه يتحدث عن السياسة ، فإن ما حدث لا يمت للسياسة بصلة ، الموضوع برمته خطأ فليس هناك مدني يحاكم محكمة عسكرية ، فضلاً عن أن الشخص المحاكم يعطى فرصة للدفاع عن نفسه ويحق له مقابلة أسرته، لكننا لم نعلم وسمعنا الحكم من خلال الراديو، وما حدث تم بين يوم وليلة.

***- ومضت في حديثها قائلة: صمدت ولم أنزل دمعة من عيني لدى سماعي الخبر خرجت الشارع أهتف، ثم بعد ذلك تفرغت لتربية أبنائي، فهذه هي المسؤولية التي تركها عبدالخالق وقبلتها، اجتهدت في تربيتهم في ظل الاعتقالات المنزلية التي تعرضت لها ورفدي من عملي، رغم ذلك اجتهدت في أن أنشئ أبناءً خالين من العقد ولا يتذوقون طعم المرارة بعد رحيل أبيهم، يختاروا طريقهم بأنفسهم وأن يتحملوا نتيجة اختياراتهم مهما كانت، والحمد لله أظن أنني نجحت في ذلك. وفعلاً هكذا كان رحمه الله.

***- في تحقيق صحفي قيم اجراه الصحفي عادل سيداحمد بجريدة (الوطن) مع السيدة نعمات مالك زوجة الراحل عبدالخالق مجوب، دار الحوار بينهما حول: (من قتل عبدالخالق محجوب, وكيف اعتقل ?) … قالت السيدة نعمات بالحرف الواحد:(نحتفظ بإسم الشخص الذي بلغ عليه للتاريخ !)..

خامساً:
اعدام الشفيع احمد الشيخ:
****************
مساء الاحد ٢٥ يوليو ، خرج الشفيع احمد الشيخ من المكتبة في معسكر “الشجرة” حيث كانت تجري محاكمته ، فوجد جوزيف قرنق ودكتور مصطفى خوجلي جالسين على التربيزة المخصصة للتحقيق في البرندة، وقف بضع دقائق مع دكتور مصطفى وقال له: (تصور ان شاهد الاتهام ضدي هو معاوية ابراهيم سورج ، وسمعت انه سيحضر شاهد اتهام ضدك)!!!…كانت شهادة معاوية كما ارادها نميري وزمرته تنصب على اثبات ان الشفيع عضو سكرتارية الحزب الشيوعي وبالتالي فانه يعرف التنظيم العسكري للحزب ومكان اخفاء اسلحة الحزب .

***- بعد قليل تم استدعاء الشفيع مرة اخرى للمحكمة داخل المكتبة وحوالي الساعة العاشرة الا ربعا خرج من المحكمة وجلس على كرسي امام البرندة ، حضر ابو القاسم محمد ابراهيم وهو في حالة هياج وقف امام دكتور مصطفى وساله (اين مكان عبد الخالق، لاننا علمنا انه شوهد معك مساء الثلاثاء الماضي؟!!)… نفى الدكتور مصطفى علمه بمكان عبد الخالق، هدده ابوالقاسم بقوله: (امامك عشرة دقائق لتخبرنا بمكانه)… ثم اتجه نحو جوزيف قرنق وكرر عليه نفس السؤال ، نفى جوزيف علمه بمكان عبد الخالق ، هدده ابو القاسم بقوله امامك خمسة دقايق لتخبرنا بمكانه . ” تفاصيل ما حدث بعد ذلك بمقال الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم ” طيلة احاديثه مع الضباط كان يكرر ، نحن لم نرتكب أي خيانة ضد الوطن وشعبه ، ووقفنا مع التقدم ومصالح الناس ، واذا رحنا فالمهم ان يحافظ الناس من بعدنا على التنظيمات الجماهيرية التي اشتركنا في بنائها مع الاف الناس.

***- انتهت محاكمة الشهيد يوم الاثنين ٢٦ يوليو وساقوه الى سجن كوبر مساء ذلك اليوم وهناك اعدم شنقا.

***- تلقت المناضلة فاطمة إبراهيم، رفيقة الشفيع أحمد الشيخ وزوجته، خبر إعدامه بشجاعة ورباطة جأش، وهي في الإقامة القسرية.

سادساً:
جـوزيف قرنق المحامي:
*****************
كـان الـمحامي الشـيوعي جوزيف قـرنق معروف وقـتها بانـه الـمحامي الذي لا يـتقاضي اي مبالغ مالية جـزاء الاسـتشـارات القانونيـة او دفـاعـه امام المحاكم عـن الـمظلـومين . كان مـعروف عـنه انه لا يـخـفي انتماءه للـحـزب الشـيوعي وانه عـضـو عامل فعال فيـه . ولا يـخفـي ايضـآ عـداءه الشـديد لكـل صـور الـقهـر والظلـم اللتين كانتا طـابع حـكم الاحـزاب الـدينيـة،

***- عـنـد اعتقاله بعـد فشـل انقلاب هاشـم العـطا كـان كل النـاس عـلي يـقيـن تام ان جوزيف سـيخـرج من زنـزانات معـسكر ” الـشجرة ” بـريئـآ معـافـي لانـه لـم يكـن وقـت الانـقلاب مشـارك كما صورتها عنــه وسائل اعــلام النـميري، وان جـوزيـف-حـسـب تصريحات النـميري عنــه – سـفاح اسـتغل امـوال الـحـزب الشـيوعـي تـجنيـد مجموعة من الجنـوبييـن بهدف اثارة الاضـطرابات والقلاقل فـي الخرطوم حـال فـشـل انقـلاب هـاشـم الـعطا.

***- عـندما تـم اعـتقـاله قـال لافراد أســرته واصـدقاءه انه لن يـبقي طـويـلآ فـي الحـبس. هناك في المـعتقل الذي كان به هــاله ما شاهده من صـنوف الـتعذيـب والضـرب الـمبـرح عـلي الـمعتقلـيـن الـذيـن شاركوا في الانقلاب،ابــدي قـرنق وجـهة نظـره القـانونيـة فـي الـممارسـات الخـاليـة من آبسـط انـواع الـمعاملات الانســانية، وتجـاوزات الضـباط علانية فـي خـرق القوانيـن، فنال هو الاخر صنوف من الضرب المبرح ب(قاشات) الجنود.

***- مـاهـي الا ايـآم قليـلة من إعـتقـالــه الـتي وجد فيـها العذاب المؤلم،حـتي وجـد نفســـه فجأة في قاعة محكـمة عـسـكرية، اعـتقد جـوزيـف فـي بداية الامــر انهـا حـجرة لـراحة الضـباط ، فـلم يـكن فيـها ما يـوحـي علي الاطـلاق وانـها محـكمة ، فقـد خلـت الـقاعة من الـمقاعـد الا اربــعة فقط لاعـضـاء رئاسة الـمحكـمة العسكرية، ما كانت في القاعة حتي مقــعد صـغـيـر يجلس عليها المتهـم !!…اكـثـر ماضـايـق القـضـاة العـسكرييـن، ان قــرنق راح يـقـارعهـم الـحجـــه بالحجـج القـانونيـة.. يفـند بالأدلـة القاطعة عـدم قـانونيـة الـمحكمـة وبـطلان الادعـاءات ضـده.

***- اسـتمـرت محاكـمة جـوزيـف نحو (٤٥) دقـيقـة صـدر بعـدها الـحكـم بالاعــدام شـنقآ في سـجن كــوبر، تم ارسال قرار المحكمة الي النميري فصادق عليها سريعآ بالموافقة ، وعندما علم جوزيف بالخبر، علا صوته متسائلآ في استغراب:( نميري ده جن ولا شنو؟!!)…

***- تـم ارسـال جــوزيـف قـرنق بعـدهاالـي سجن كـوبـر، فـي فـجـر يـوم الاربـعـاء ٢٨ يـوليـو، تـم إيـقـاظـه بـواسـطة ضـابط كـبيـر واخبره ان تنفيذ الحكم سيكون بعد لحظات، بـكل بـراءه قـال جوزيف لـزمـلاءه في الـزنـزانة انه سـيعـود الـيهم قـريـبآ فقد كان واثقآ ان الحكم سيلغي ، لـكنه عـلـم انـها الـنهايـة عـندما اقـتادوه الـي غـرفة الـمشنقة. كـتب لاسـرتـه رســالة صـغـيـرة قـال فـيها: (ارجــو ان تعــتـبروني احـد الـركاب فـي طـائـرة تـحطمت) ، تــم دفــنـه في مكـان مجـهـول وقتـها، واكتشـف فيـما بعـد بـمقابـر بالخــرطوم بحـري.

سـابعاً:
****
الايام السوداء بدأت في يوم ٢٢ يوليو بمجزرة (بيت الضيافة) يوم الخميس ٢٢/يوليو ، وانتهت باعدام عبدالخالق محجوب وجــوزيـف قـرنق يوم الاربعاء ٢٨/يوليو عام ١٩٧١.

***- الشكر وكل الشكر لمواقع الكترونية سودانية كثيرة اقتبست منها كثير من المعلومات.

ونــواصل مع السرد والحكي عن احلك واسوأ ايام في تاريخ السودان.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بطولات لنتتكرر و لو بعد ١٠٠ عام وا سوداناه
    و لنجمل الماضي المر الجميل بطرفة عن السيد على الميرغني فقد قيل انه صلى الجمعة بخلفائه و بعد الصلاة امرهم بعدم ارسال برقيات تهنئة بعودة نميرى لأن الموقف ماذال غامضأ
    بعد يومين اذيعت برقية من الخليفة الكوارتي اضربو الخونة بيد من حديد قف نحن من خلفكم
    فى لقاء اخر وبخه السيد على الميرغنى على ارسال البرقية فرد عليه الكوارتي و لك يا مولانا الموقف دقيق
    و كانت تجارة الكوارتي هى الدقيق (من زمان الختمية مصالحهم مقدمة)

  2. سلامات ي ود الصائغ
    في معلومات زيادة عن الجندي احمد أبراهيم ؟؟؟
    كذلك عاوزين معلومات عن ود ابراهيم اللذي مات معفنا
    ولينظر الكيزان واشباههم كيف مات الرجال
    كذلك من قتل ناس بيت الضيافة
    رحم الله الأبطال
    والمجد للسودان المجيد
    كن بخير وعافيه عمنا ود الصائغ

  3. الاستاذ / بكري– لكم التقدير— لاخذ العبرة يعيدنا موضوعكم الي الهدف من بناء الجيوش فقد كانت قوة دفاع السودان لحماية البلاد والعباد من الغزو الخارجي وفي عهد النخبة تحول الجيش السوداني الي معسكرات وخلايا شيوعية واخوان وبعثيون وناصريون وقوميون عرب وتشرذمت الولاءات ولم تعد عقيدة الجيش القتالية علي قلب رجل واحد والخلايا المتعددة داخل الجيش سبحت باسم عبد الخالق والترابي وناصر وصدام ونشأت علاقة الفكي والحوار والاشارة هي المحرك للضباط الاحرار كما يزعمون ولكن كل فصيل عبد يأتمر بامر شيخه عبد الخالق او الترابي او بعض الجواسيسي المصريين وعلينا تبصير الاجيال بخطأ وخطل تحويل الجيش الي قوات متنافرة في معسكر واحد بعقائد مضلة ونسأل الله الرحمة للجميع الاموات والاحياء ولكم التحية

  4. ليست أسوأ سبعة أيام سيئة في تاريخ السودان .. فتاريخ السودان يحفل بملايين الأيام المهببة .. إنها أسوأ سبعة أيام في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني .. تواضعوا أيها الشيوعيين، فأنتم مجرد شلية صغيرة في الخرابة الكبيرة المسماة السودان

  5. نشامه الحزب الشيوعي الذين كان لهم القدح المعلي في تعليم ابناء شعبنا معني الوطنيه وحب السودان والاحتفاء بتاريخنا التليد وحضارتنا من ممالك كوش ومروي ونبته ولعل تجمع ابادماك خير دليل علي ذلك ,,

    تفاعل الشيوعيون مع الثورات الوطنيه في كل بقاع الارض من كوبا الي فيتنام وبفضلهم وقفت جماهير شعبنا مع تلك الثورات,

    لقد اثري الشيوعيون مكتبة السودان الادبيه والفنيه الهموا مشاعرنا بالقصائد الوطنيه شعرا ولحنا وادء وقائمة المبدعين الشيوعيين تطول وسيظلوا خالدين في ذاكرة ابناء شعبنا ما دمنا في هذه الفانيه,

    حاول الكيزان محو كل ذلك وادخلو في بلادنا التطرف والدمار والقتل والارهاب والليالي الجهاديه وقهر النساء وسرقة قوت الاطفال ,,لا يهمهم السودان في شئ امتلات بلادنا بفلول الارهاب وقادتهم من الغنوشي والزنداني والقرضاوي وعمر عبدالرحمن وخالد مشعل واحمد ياسين وبلحاج كل هولاء الجرزان الذين امتلأت قلوبهم حقدا علي الانسانيه والبشريه جمعاء تشبعوا وتلوثت عقولهم بما جادت به امخاخ الهالكين سيد قطب وحسن البنا,

    واجه نشامي الشيوعيين رصاص الغدر والخيانه كاشفي صدورهم تحدوا جلاديهم وابتسموا للموت دون خوف او مذله ,,
    وهل سيواجه قادة اخوان الشيطان الموت بنفس شجاعة الشيوعيين ؟؟ كلا ثم كلا,,ا

    لاخوان حفروا الانفاق تحت الارض في بيوتهم وقصورهم من الترابي الي البشير وعلي عثمان ونافع والجاز وكرتي وابراهيم احمد عمر وغيرهم من منتسبي التنظيم البغيض حفروا تلك الانفاق كما فعل قادة حماس وداعش لكي يهربوا مع زوجاتهم واطفالهم والكنوز المكنزه من الذهب والمال,,علي الرغم من تلكم الشعارات الجوفاء من نحن للدين فداء الي فلترق منا الدماء وجاهزية اكفانهم كما حدثونا فهم احرص علي الدنيا من لقمان كما في القصيده :عجبت للقمان وحرصه علي النسور الاخر وشكوي لبيد لطول الحياة ولو لم تطل لتشكي القصر,,

    شكرا لك استاذنا بكري علي التوثيق ونحن في انتظار المزيد,,

  6. أستاذنا الغالي/ بكري الصائغ …. لك حبي وتقديري…

    لا تعليق على ما ذكرته في المقال ….. سوى أنه أعظم سبعة ايام في حياة أبطال حقيقيين…… وليس لدي ما أقوله عنهم … فهم من العظماء …. وهم آخر الرجال في ما يسمى بالجيش السوداني…

    لك تحياتي

  7. ما حدث في قصر الضيافة على حسب تقديري فهو عمل استخباراتي بأمتياز …. من قام بهذا العمل قام به بكل إتقان حتى يتم اتهام الشيوعيين …. وتنفيذ المجازر فيهم ….

  8. وبعد كل هذا الذى قرأناه بتوثيق دقيق يموت النميرى على فراشه كما يموت البعير و يتجول من كانوا معه أحياءا الآن بحرية تامة وسيموت البشير وعصبته على فراشهم كما يموت البعير فهكذا الشعب السودانى يتسامح ويتنازل عن حقه دائما ولذلك يتمادى الحكام فى قهرهم واذلالهم و عفا الله عما سلف
    مع التحية للأستاذ بكرى الصائغ

  9. أخوي الحبوب،
    sasa – ساسا،

    صباحك نور وافراح ومسرات دائمة باذن الله تعالي،

    ١-
    ***- اليوم الخميس ٢٦/ يوليو الحالي ٢٠١٨ ، وفي هذه اللحظة التي اكتب فيها هذه الكلمات الان جاءت الذكري السابعة والاربعين علي اعدام القائد النقابي الشفيع أحمد الشيخ الذي صعد الي منصبة الاعدام وهو شبه ميت من كثرة ماوجده من تعذيب وضرب قاسي علي يد الرائد ابوالقاسم محمد ابراهيم وعدد من الجنود كانوا في حراسة ابوالقاسم بمعسكر “الشجرة”.

    ٢-
    شئ من ذكريات الاستاذ/ شوقي بدري:
    19 يوليو وجريمة اغتيال الشفيع
    ********************
    المصدر: – صحيفة “الراكوبة” –
    – 07-28-2011 –

    حكي لي مصطفي خوجلي بانهم كانت المحاكمات تتم بالشجرة في جملونات كل غرفة تلاصقها غرفة فكانت غرفة محاكمة مصطفي خوجلي لصيقة غرفة الشفيع ويواصل مصطفي خوجلي القصة (جاء ابوالقاسم محمد ابراهيم فسأل الشفيع بحده عبدالخالق وين؟! فرد عليه الشفيع بشرفي لا اعرف وهنا قال ابوالقاسم (انت عندك شرف واخذ يضربه وجاءت مجموعة من العساكر وجرو الشفيع لمكان بعيد واخذوا بضربه ضربا مبرحا.

    ***- وقال مصطفي خوجلي (للامانة نميري خرج من احدي الغرف وتساءل ايه البيحصل فقالوا ليه ده ابوالقاسم بيضرب في الشفيع فالتفت نحو زين العابدين وقال له( روح وقف الحكاية دي) وجري زين العابدين وكأنه في سباق واوقف عملية الضرب ثم اقتيد الى مكان اخر متسع وكان فيهم حامد الانصاري الذي قال لي (جاء الشفيع مليئا بالدماء ووجد المكان متسخا فاخذ في نظافته وقال ليهم يمكن مدتنا تطول.. وفي صبيحة الاحد استيقظ واخذ حماما ولبس جلبابا اخر الا انه امتلأ بالدماء من جديد.. في تمام الساعة الحادية عشرة نقل الى كوبر .. يوم الاحد.

    ***- ويروي لي حكمدار سجن كوبر ميرغني وهو من منطقة الدامر فدعوته بعد فترة من احداث يوليو وسجل كل ما حدث للشفيع منذ لحظة وصوله كوبر وحتي اعدامه.. محتفظ بهذا الشريط.. ويقول ميرغني لحظة دخول الشفيع كوبر توجه نحو الميزان فقلت له يا الشفيع لم نقرأ عليك بيان الحكم فرد علىه الشفيع ) ياعم ميرغني من وقفتوني في الميزان يعني الحكم حيكون شنو؟! ويواصل ميرغني والشفيع على الميزان قال (هذه اقدارنا لاننا طيلة الحياة كنا ننادي بالتطور السلمي وسلاحنا هو الكلمة والاقناع) فسأله ميرغني هل لديك أية وصية فقال الشفيع قولو لاخواتي واهلي ان كنت قد اسأت او اخطأت مع احدهم بان يصفحوا عني.. وبعد ذلك اخذ يهتف: عاش نضال الشعب السوداني.. وهنا قال له عم ميرغني يا الشفيع انت تحدثت في السياسة كتير حسع قول حاجة لربك.. فرد الشفيع ياعم ميرغني انا صليت ركعتين قبل ان اجئ هنا.. وبعد ذلك اخذنا في ترديده الشهادة ثلاث مرات ، فسأل الشفيع خلاص ياعم ميرغني خلصت فرد ميرغني ايوه.. فقال الشفيع (طيب مع السلامه.. وانتهي كل شئ في يوم السادس والعشرين من يوليو لعام 1971م.

    ***- قبور الشفيع.. عبدالخالق وجوزيف قرنق علمت من مدير سجن كوبر بان الشفيع قد دفن بمقابر بحري.

    ٣-
    شهادة فاطمة أحمد إبراهيم
    عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني :
    ********************************
    اخبرني شقيقي صلاح بان احمد سليمان اتصل من الشجرة وطلب مني ان احمل ابني احمد واحضر لمعسكر الشجرة حتى استرحم نميري بان لا يعدم الشفيع .. وقلت لشقيقي صلاح الشفيع لم يرتكب جرما ليقتل وقول لاحمد عشان يقول لنميري اذا قطعت الشفيع اربا اربا قدامي انا ما استجديه ولن اركع امامه وبعد ذلك توجهت الى منزل شقيقي ولحق بي ابي وشقيقي الرشيد وبعد دخولهم سمعت «رجة» وعندما فتحنا الباب وجدنا عربة بها عساكر جيش وضابط يجلس في الامام وفهمت بانهم جاءوا لاعتقالي فاخذت اهتف بسقوط وموت نميري وكان ده في يوم 26 يوليو فقام عسكري بتعمير سلاحه واراد قتلي وهنا قفز احد العساكر ونكس سلاحه وقال ليه الاوامر اعتقالها ما نرصصها ، وجاء ابي وشقيقي وحملاني الى الكومر وسألهم ابي مودينها وين؟ فاخبره الضابط باننا سوف نوديها قسم البوليس».

    ***- وفعلاً ذهبنا الى قسم البوليس ووجدت نائب مدير البوليس فطلب لي كباية موية واجلسني على كرسي ولم يتحدث معي على الاطلاق بعد شويه طلب مني ان اصطحب احد العساكر لاخذي الى الضابط الذي سوف يحقق معي، فلم يسألني الضابط اي سؤال وكان طوال الوقت منكفئاً على الطاولة يشخبط بقلمه عليها .. وقال لي مفروض ان احقق معك لكن حالتك لا تسمح بذلك لهذا سوف احولك المستشفى وخرج وبعد قليل جاء واخبرني بان الدكتور سوف يأتي بعد قليل الى هناك ، وفعلا جاء الدكتور ولم يفحصني وحتى لم يدخل المكتب ومن الخارج كتب تقريره الذي جاء فيه بان صحتي لا تسمح باستجوابي وامر بتحويلي الى المستشفى..

    ***- وهنا تدخل الضابط وقال ان ابو القاسم محمد ابراهيم مصرَّ على مقابلتي بوزارة الداخلية وفعلا اخذوني الى هناك عندما وصلت قابلت احد الضباط وقال لي «البقية في حياتك» وعندها اخذت اهتف يسقط السفاح نميري… يسقط السفاح الصعلوك فلم يعترضني احد.. وبعد ذلك دخلت في غيبوبة وحين فتحت وجدت نفسي طريحة الفراش وفي حالة اعياء شديد، المهم بصعوبة جلست وعندها دخل ضابط واخبرني بأن مدير البوليس يريد مقابلتي وفعلاً ذهبت لمقابلته واستدعى ثلاثة عساكر واخبرهم بانهم سوف يرحلون امرأة عظيمة من هنا الى منزلها .. واخبرني بان وزير الداخلية قبل اقتراحهم بحبسي بالمنزل بدلاً من السجن وقال لي سوف يستمر ذلك الحبس الى عامين ونصف وحين هم العساكر بالخروج اوقفهم وامرهم بان يحسنوا معاملتي وخطب فيهم قائلاً: «هذه المرأة وهبت حياتها لهذا الشعب وعانت ما عانت في سبيل ذلك» حين سمعت هذا الكلام بكيت وقلت للضابط لم أكن اتوقع ممن هو في منصبك ان يقول مثل هذا الكلام وشكرته واخبرته بأنني لست نادمة على فقد زوجي وأعاهدك أمام عساكرك بأنني سوف أواصل السير في نفس الطريق حتى لو كان مصيري مصير زوجي.

    ٤-
    دكتور الهادي أحمد الشيخ
    شقيق الشفيع أحمد الشيخ – تكملة لشهادة فاطمة أحمد إبراهيم :
    *********************************
    اقتباس:
    فنادي على العساكر الذين اشرفوا على عملية الدفن واخذت كل يوم اصطحب واحدا ليريني القبر.. وكانوا ستة.. وعندما تأكدت من القبور.. وكانت قبور عبدالخالق والشفيع وجوزيف قرنق.. وقبل شهور جاءني ابن جوزيف قرنق وصحبته الى قبر والده وسورته بسور ابيض جميل. والثلاثة قبور متجاورة بمقابر بحري…!

  10. بطولات لنتتكرر و لو بعد ١٠٠ عام وا سوداناه
    و لنجمل الماضي المر الجميل بطرفة عن السيد على الميرغني فقد قيل انه صلى الجمعة بخلفائه و بعد الصلاة امرهم بعدم ارسال برقيات تهنئة بعودة نميرى لأن الموقف ماذال غامضأ
    بعد يومين اذيعت برقية من الخليفة الكوارتي اضربو الخونة بيد من حديد قف نحن من خلفكم
    فى لقاء اخر وبخه السيد على الميرغنى على ارسال البرقية فرد عليه الكوارتي و لك يا مولانا الموقف دقيق
    و كانت تجارة الكوارتي هى الدقيق (من زمان الختمية مصالحهم مقدمة)

  11. سلامات ي ود الصائغ
    في معلومات زيادة عن الجندي احمد أبراهيم ؟؟؟
    كذلك عاوزين معلومات عن ود ابراهيم اللذي مات معفنا
    ولينظر الكيزان واشباههم كيف مات الرجال
    كذلك من قتل ناس بيت الضيافة
    رحم الله الأبطال
    والمجد للسودان المجيد
    كن بخير وعافيه عمنا ود الصائغ

  12. الاستاذ / بكري– لكم التقدير— لاخذ العبرة يعيدنا موضوعكم الي الهدف من بناء الجيوش فقد كانت قوة دفاع السودان لحماية البلاد والعباد من الغزو الخارجي وفي عهد النخبة تحول الجيش السوداني الي معسكرات وخلايا شيوعية واخوان وبعثيون وناصريون وقوميون عرب وتشرذمت الولاءات ولم تعد عقيدة الجيش القتالية علي قلب رجل واحد والخلايا المتعددة داخل الجيش سبحت باسم عبد الخالق والترابي وناصر وصدام ونشأت علاقة الفكي والحوار والاشارة هي المحرك للضباط الاحرار كما يزعمون ولكن كل فصيل عبد يأتمر بامر شيخه عبد الخالق او الترابي او بعض الجواسيسي المصريين وعلينا تبصير الاجيال بخطأ وخطل تحويل الجيش الي قوات متنافرة في معسكر واحد بعقائد مضلة ونسأل الله الرحمة للجميع الاموات والاحياء ولكم التحية

  13. ليست أسوأ سبعة أيام سيئة في تاريخ السودان .. فتاريخ السودان يحفل بملايين الأيام المهببة .. إنها أسوأ سبعة أيام في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني .. تواضعوا أيها الشيوعيين، فأنتم مجرد شلية صغيرة في الخرابة الكبيرة المسماة السودان

  14. نشامه الحزب الشيوعي الذين كان لهم القدح المعلي في تعليم ابناء شعبنا معني الوطنيه وحب السودان والاحتفاء بتاريخنا التليد وحضارتنا من ممالك كوش ومروي ونبته ولعل تجمع ابادماك خير دليل علي ذلك ,,

    تفاعل الشيوعيون مع الثورات الوطنيه في كل بقاع الارض من كوبا الي فيتنام وبفضلهم وقفت جماهير شعبنا مع تلك الثورات,

    لقد اثري الشيوعيون مكتبة السودان الادبيه والفنيه الهموا مشاعرنا بالقصائد الوطنيه شعرا ولحنا وادء وقائمة المبدعين الشيوعيين تطول وسيظلوا خالدين في ذاكرة ابناء شعبنا ما دمنا في هذه الفانيه,

    حاول الكيزان محو كل ذلك وادخلو في بلادنا التطرف والدمار والقتل والارهاب والليالي الجهاديه وقهر النساء وسرقة قوت الاطفال ,,لا يهمهم السودان في شئ امتلات بلادنا بفلول الارهاب وقادتهم من الغنوشي والزنداني والقرضاوي وعمر عبدالرحمن وخالد مشعل واحمد ياسين وبلحاج كل هولاء الجرزان الذين امتلأت قلوبهم حقدا علي الانسانيه والبشريه جمعاء تشبعوا وتلوثت عقولهم بما جادت به امخاخ الهالكين سيد قطب وحسن البنا,

    واجه نشامي الشيوعيين رصاص الغدر والخيانه كاشفي صدورهم تحدوا جلاديهم وابتسموا للموت دون خوف او مذله ,,
    وهل سيواجه قادة اخوان الشيطان الموت بنفس شجاعة الشيوعيين ؟؟ كلا ثم كلا,,ا

    لاخوان حفروا الانفاق تحت الارض في بيوتهم وقصورهم من الترابي الي البشير وعلي عثمان ونافع والجاز وكرتي وابراهيم احمد عمر وغيرهم من منتسبي التنظيم البغيض حفروا تلك الانفاق كما فعل قادة حماس وداعش لكي يهربوا مع زوجاتهم واطفالهم والكنوز المكنزه من الذهب والمال,,علي الرغم من تلكم الشعارات الجوفاء من نحن للدين فداء الي فلترق منا الدماء وجاهزية اكفانهم كما حدثونا فهم احرص علي الدنيا من لقمان كما في القصيده :عجبت للقمان وحرصه علي النسور الاخر وشكوي لبيد لطول الحياة ولو لم تطل لتشكي القصر,,

    شكرا لك استاذنا بكري علي التوثيق ونحن في انتظار المزيد,,

  15. أستاذنا الغالي/ بكري الصائغ …. لك حبي وتقديري…

    لا تعليق على ما ذكرته في المقال ….. سوى أنه أعظم سبعة ايام في حياة أبطال حقيقيين…… وليس لدي ما أقوله عنهم … فهم من العظماء …. وهم آخر الرجال في ما يسمى بالجيش السوداني…

    لك تحياتي

  16. ما حدث في قصر الضيافة على حسب تقديري فهو عمل استخباراتي بأمتياز …. من قام بهذا العمل قام به بكل إتقان حتى يتم اتهام الشيوعيين …. وتنفيذ المجازر فيهم ….

  17. وبعد كل هذا الذى قرأناه بتوثيق دقيق يموت النميرى على فراشه كما يموت البعير و يتجول من كانوا معه أحياءا الآن بحرية تامة وسيموت البشير وعصبته على فراشهم كما يموت البعير فهكذا الشعب السودانى يتسامح ويتنازل عن حقه دائما ولذلك يتمادى الحكام فى قهرهم واذلالهم و عفا الله عما سلف
    مع التحية للأستاذ بكرى الصائغ

  18. أخوي الحبوب،
    sasa – ساسا،

    صباحك نور وافراح ومسرات دائمة باذن الله تعالي،

    ١-
    ***- اليوم الخميس ٢٦/ يوليو الحالي ٢٠١٨ ، وفي هذه اللحظة التي اكتب فيها هذه الكلمات الان جاءت الذكري السابعة والاربعين علي اعدام القائد النقابي الشفيع أحمد الشيخ الذي صعد الي منصبة الاعدام وهو شبه ميت من كثرة ماوجده من تعذيب وضرب قاسي علي يد الرائد ابوالقاسم محمد ابراهيم وعدد من الجنود كانوا في حراسة ابوالقاسم بمعسكر “الشجرة”.

    ٢-
    شئ من ذكريات الاستاذ/ شوقي بدري:
    19 يوليو وجريمة اغتيال الشفيع
    ********************
    المصدر: – صحيفة “الراكوبة” –
    – 07-28-2011 –

    حكي لي مصطفي خوجلي بانهم كانت المحاكمات تتم بالشجرة في جملونات كل غرفة تلاصقها غرفة فكانت غرفة محاكمة مصطفي خوجلي لصيقة غرفة الشفيع ويواصل مصطفي خوجلي القصة (جاء ابوالقاسم محمد ابراهيم فسأل الشفيع بحده عبدالخالق وين؟! فرد عليه الشفيع بشرفي لا اعرف وهنا قال ابوالقاسم (انت عندك شرف واخذ يضربه وجاءت مجموعة من العساكر وجرو الشفيع لمكان بعيد واخذوا بضربه ضربا مبرحا.

    ***- وقال مصطفي خوجلي (للامانة نميري خرج من احدي الغرف وتساءل ايه البيحصل فقالوا ليه ده ابوالقاسم بيضرب في الشفيع فالتفت نحو زين العابدين وقال له( روح وقف الحكاية دي) وجري زين العابدين وكأنه في سباق واوقف عملية الضرب ثم اقتيد الى مكان اخر متسع وكان فيهم حامد الانصاري الذي قال لي (جاء الشفيع مليئا بالدماء ووجد المكان متسخا فاخذ في نظافته وقال ليهم يمكن مدتنا تطول.. وفي صبيحة الاحد استيقظ واخذ حماما ولبس جلبابا اخر الا انه امتلأ بالدماء من جديد.. في تمام الساعة الحادية عشرة نقل الى كوبر .. يوم الاحد.

    ***- ويروي لي حكمدار سجن كوبر ميرغني وهو من منطقة الدامر فدعوته بعد فترة من احداث يوليو وسجل كل ما حدث للشفيع منذ لحظة وصوله كوبر وحتي اعدامه.. محتفظ بهذا الشريط.. ويقول ميرغني لحظة دخول الشفيع كوبر توجه نحو الميزان فقلت له يا الشفيع لم نقرأ عليك بيان الحكم فرد علىه الشفيع ) ياعم ميرغني من وقفتوني في الميزان يعني الحكم حيكون شنو؟! ويواصل ميرغني والشفيع على الميزان قال (هذه اقدارنا لاننا طيلة الحياة كنا ننادي بالتطور السلمي وسلاحنا هو الكلمة والاقناع) فسأله ميرغني هل لديك أية وصية فقال الشفيع قولو لاخواتي واهلي ان كنت قد اسأت او اخطأت مع احدهم بان يصفحوا عني.. وبعد ذلك اخذ يهتف: عاش نضال الشعب السوداني.. وهنا قال له عم ميرغني يا الشفيع انت تحدثت في السياسة كتير حسع قول حاجة لربك.. فرد الشفيع ياعم ميرغني انا صليت ركعتين قبل ان اجئ هنا.. وبعد ذلك اخذنا في ترديده الشهادة ثلاث مرات ، فسأل الشفيع خلاص ياعم ميرغني خلصت فرد ميرغني ايوه.. فقال الشفيع (طيب مع السلامه.. وانتهي كل شئ في يوم السادس والعشرين من يوليو لعام 1971م.

    ***- قبور الشفيع.. عبدالخالق وجوزيف قرنق علمت من مدير سجن كوبر بان الشفيع قد دفن بمقابر بحري.

    ٣-
    شهادة فاطمة أحمد إبراهيم
    عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني :
    ********************************
    اخبرني شقيقي صلاح بان احمد سليمان اتصل من الشجرة وطلب مني ان احمل ابني احمد واحضر لمعسكر الشجرة حتى استرحم نميري بان لا يعدم الشفيع .. وقلت لشقيقي صلاح الشفيع لم يرتكب جرما ليقتل وقول لاحمد عشان يقول لنميري اذا قطعت الشفيع اربا اربا قدامي انا ما استجديه ولن اركع امامه وبعد ذلك توجهت الى منزل شقيقي ولحق بي ابي وشقيقي الرشيد وبعد دخولهم سمعت «رجة» وعندما فتحنا الباب وجدنا عربة بها عساكر جيش وضابط يجلس في الامام وفهمت بانهم جاءوا لاعتقالي فاخذت اهتف بسقوط وموت نميري وكان ده في يوم 26 يوليو فقام عسكري بتعمير سلاحه واراد قتلي وهنا قفز احد العساكر ونكس سلاحه وقال ليه الاوامر اعتقالها ما نرصصها ، وجاء ابي وشقيقي وحملاني الى الكومر وسألهم ابي مودينها وين؟ فاخبره الضابط باننا سوف نوديها قسم البوليس».

    ***- وفعلاً ذهبنا الى قسم البوليس ووجدت نائب مدير البوليس فطلب لي كباية موية واجلسني على كرسي ولم يتحدث معي على الاطلاق بعد شويه طلب مني ان اصطحب احد العساكر لاخذي الى الضابط الذي سوف يحقق معي، فلم يسألني الضابط اي سؤال وكان طوال الوقت منكفئاً على الطاولة يشخبط بقلمه عليها .. وقال لي مفروض ان احقق معك لكن حالتك لا تسمح بذلك لهذا سوف احولك المستشفى وخرج وبعد قليل جاء واخبرني بان الدكتور سوف يأتي بعد قليل الى هناك ، وفعلا جاء الدكتور ولم يفحصني وحتى لم يدخل المكتب ومن الخارج كتب تقريره الذي جاء فيه بان صحتي لا تسمح باستجوابي وامر بتحويلي الى المستشفى..

    ***- وهنا تدخل الضابط وقال ان ابو القاسم محمد ابراهيم مصرَّ على مقابلتي بوزارة الداخلية وفعلا اخذوني الى هناك عندما وصلت قابلت احد الضباط وقال لي «البقية في حياتك» وعندها اخذت اهتف يسقط السفاح نميري… يسقط السفاح الصعلوك فلم يعترضني احد.. وبعد ذلك دخلت في غيبوبة وحين فتحت وجدت نفسي طريحة الفراش وفي حالة اعياء شديد، المهم بصعوبة جلست وعندها دخل ضابط واخبرني بأن مدير البوليس يريد مقابلتي وفعلاً ذهبت لمقابلته واستدعى ثلاثة عساكر واخبرهم بانهم سوف يرحلون امرأة عظيمة من هنا الى منزلها .. واخبرني بان وزير الداخلية قبل اقتراحهم بحبسي بالمنزل بدلاً من السجن وقال لي سوف يستمر ذلك الحبس الى عامين ونصف وحين هم العساكر بالخروج اوقفهم وامرهم بان يحسنوا معاملتي وخطب فيهم قائلاً: «هذه المرأة وهبت حياتها لهذا الشعب وعانت ما عانت في سبيل ذلك» حين سمعت هذا الكلام بكيت وقلت للضابط لم أكن اتوقع ممن هو في منصبك ان يقول مثل هذا الكلام وشكرته واخبرته بأنني لست نادمة على فقد زوجي وأعاهدك أمام عساكرك بأنني سوف أواصل السير في نفس الطريق حتى لو كان مصيري مصير زوجي.

    ٤-
    دكتور الهادي أحمد الشيخ
    شقيق الشفيع أحمد الشيخ – تكملة لشهادة فاطمة أحمد إبراهيم :
    *********************************
    اقتباس:
    فنادي على العساكر الذين اشرفوا على عملية الدفن واخذت كل يوم اصطحب واحدا ليريني القبر.. وكانوا ستة.. وعندما تأكدت من القبور.. وكانت قبور عبدالخالق والشفيع وجوزيف قرنق.. وقبل شهور جاءني ابن جوزيف قرنق وصحبته الى قبر والده وسورته بسور ابيض جميل. والثلاثة قبور متجاورة بمقابر بحري…!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..