لايوجد فساد ( دي قروش اولادك )

الحديث عن الفساد في السودان اصبح من البدهيات بمعني ان الفساد امر بدهي وطبيعي واذا لم تكن فاسدا فبلا شك انت مفسد هذه هي القاعدة السائدة ونحن نسمع صباح ومساء احاديث الفساد هنا وهنالك ومثلما نسمع الكثيرعن الفساد وعن المفسدين نسمع (التبريرات ) و (التبريئات) ايضا فلا احد مسؤول ولا احد مدان وهذا يعني ان الفساد اصبح مسالة طبيعية مثله ومثل الامانة او هو افضل من الامانة في نظر الكثيرين من الذين مات عندهم الضمير
هذا مانلحظه في كل قضايا الفساد التي اثيرت مؤخرا وستثار في مقبل الايام لان الفساد والمفسدين لا ينتهوا الا بفناء البشرية ومادام ان هنالك مصالح واطماع ومكاسب لابد ان يكون هنالك فساد ومفسدين ومعاونين ومتنفذين ومتزوجين ولهم ابناء وبنات يريدون تامين المستقبل لهم من مال الشعب او ليس هم من الشعب !!
لقد صور لي صديقي هذه القصة كلها بقوله لي ان الفساد اصبح عاديا في السودان وان المسؤول يبرر الاختلاس او التجاوز للقانون بقوله يازول (دي قروش اولادك انت ماخلاص ماشي من الدنيا )
لقد ضحكت ملء شدقي حين سمعت هذا العرف والتعريف الذي يسود وسط كثيرين افسدوا ومضوا الى حال سبيلهم ولم يقعوا تحت طائلة الفساد
انا هنا لا اشير الى اي قضية من قضايا الفساد ولا اشير الى تقارير المراجع العام التي تتحدث في كل عام عن اعتداءات على المال العام انما اتحدث بصورة عامة عن ظاهرة الفساد كسلوك استشرى في جسد الكثيرين واصبح مثل السرطان علاجه يحتاج الى معجزة الهية
في السابق ارتبط الفساد بالحكام الجنوبيين قبل الانفصال ونسجت رويات كثيرة عنهم وكيف انهم يبيعون حصة ولاياتهم في اسواق الخرطوم
ومن القصص التي تروي ((كنكتة ) ) قصة المهندس الجنوبي الذي كلف ببناء كبري في احدى ولايات الجنوب فكان يضع اسمنت بمنزله واسمنت في مكان الكبري وسيخ بمنزله وسيخ في مكان الكبري والرجل لم يرد بالطبع نسيان امر الكبري والتركيز على بيته فقط ولكنه حينما سال عن الكبري الاخر في منطقة اخرى قال له المهندس المسؤول شفت العمارة الشامخة في تلك المنطقة قال له نعم قال له انها بدل الكبري عندها عرف بانه نزيه وامين فساله كيف ذلك فقال له كل السيخ وكل الاسمنت في منطقة واحدة افضل من منطقتين
والان القول بان هذه (الاموال لاولادك) (وانت خلاص كبرت ومفارق الدنيا ) هو فساد لا يختلف عن فساد مسؤولي جنوب السودان في السابق تلك القصص التي يشيب لهولها الولدان وهذه كذلك باختلاف المعاني والمباني بالطبع
فلا تتعبوا انفسكم ايها السادة لان الفساد اصبح شيئا معتادا ومن الاعراف فان لم تقم به يقوم به غيرك واهل القانون يقولون (المعروف عرفا كالمشروط شرطا )وهي قاعدة فقهية لها قوتها وحجتها في القوانين ويقولون ايضا (العادة محكمة) (وانما العادة إذا اضطردت أو غلبت )
(ولان الفساد استشرى وفاح واتناقلو الحروم ) استغل البعض هذه المسالة واصبحوا يصطادون في الماء العكر لالصاق تهم الفساد بالبعض لاجل تحقيق مآرب شخصية او (جمعية ) فاختلط الحابل بالنابل ولكن في النهاية الفساد بين والحرام بين وبينهما امور مشتبهات
نشر اليوم الخميس 29/10 بصحيفة المستقلة

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..