تاني ..قنواتنا .. فرشت !

تاني ..قنواتنا .. فرشت !

محمد عبد الله برقاوي..
[email][email protected][/email]

طريقة قنوات دولة الانقاذ يذكرني حقيقة بطريقة حبوباتنا وأمهاتنا قديما في المأتم و الحداد الطويل والمراسم البالية التي تجاوزها الزمن ولم تعد منسجمة مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية وذهنية الانسان المعاصر ، فقديما كان النواح هو السمة التي تميز المرحوم أو الفقيدة من خلال ذكر مناقبهم العديدة ، فهذا يوم الشكر كما يقال ، ثم يستمر المأتم لأكثر من اسبوع للرجال ، بينما مجاملة النساء لبعضهن تصل الى يوم الأربعين ،لينتقلن الى حداد الحفة ولبس الدمور ربما لسنة كاملة ، حتى يأذن لهن أهل الفقد بفك الحد !
قنواتنا التي تعاني من فراغ الزمن وفقر المادة وضعف المعدين على قلتهم ، لا تصدق حينما تحل بالبلاد نكبة الا واستثمرتها في فتح مايكرفوناتها و تسليط كاميراتها لاستقبال المحللين من كل حدب وصوب في تكرار ممل لابد أنه يدفع الناس للبحث عن مخرج من ذلك في القنوات الأخرى لمن استطاع اليها جهازا !
طبعا هو توظيف للأزمات ممنهج والمقصود منه ، الهاء الأنظار عن الواقع السياسي والمعيشي المزري ليزيدهم هما فوق ماهم عليه من هموم !
صدعتنا قنواتنا وقد استضافت خلال أزمة هجليج الأخيرة على مدى شهرين كاملين الالافا من المتحدثين من شتي صنوف البشر من السياسين و اساتذة الجامعات و الخبراء العسكريين وعلماء الدين مرورا بالمجاهدين والشعراء والحكامات والمطربين وليس انتهاء بستات الشاي مع جزيل احترامنا لهن!
ولم نصدق قبل ذلك أننا قد خلصنا من فراش الجنائية الذي أستمر ستة أشهر عجاف ، استضافت فيها قنواتنا كل البشرية الا من كان أطرشا ، او المدعو أوكامبو نفسه !
الآن تحينت تلك القنوات قضية الفيلم الأخير الذي استنكره العالم كله ،وهاهي جماهير المشاهدين والمستمعين على مايبدو موعودة بشهر على الأقل من الردح واهالة التراب على الرؤوس ولطم الخدود وشق الجيوب، واطالة المسألة حتى تسنح لهم كارثة أخري ويدخلونا فيها دون أن يقولوا ..فاصل ونواصل!
مع ان الكثير من العلماء في بلاد شتى بعقلهم المتفتح ، نصحوا بان لا يقف الناس عند الأمر كثيرا بل وأدانوا بالمقابل ردة الفعل الغوغائية في الشارع الاسلامي التي صبت في مجرى أهداف من انتجوا ذلك الفلم ، بل وتجاوز الأمر الى فقدان أرواح بريئة كثيرة دون ذنب الا لأنها انساقت في ركب الهيجة ، ولعل نسبة تسعة وتسعين بالمائة من الذين خرجوا لم يشاهدوا لقطة واحدة من الشريط أو تحروا عن حقيقة الاساءة التي وردت فيه للنبي الكريم مع انها بالطبع مرفوضة كمبدأ قبل كل شيء !
وكان من الممكن أن ترفع الى تلك السفارات المعنية ومكاتب الأمم المتحدة وحقوق الانسان والملكية الفكرية مذكرات تقدمها مسيرات بصورة حضارية تنادي بصياغة قانون دولي للحد من الظاهرة وعدم تكرارها حماية لكل الأديان والمقدسات من رموز و كتب وأماكن.
وأن توقف عند حدودها ما يزعم المارقون انها محض حرية رأي أو تعبير وهم يدركون سلفا مقدار الضرر المعنوي الذي ينجم عنها في النفوس ومردودها في الخسائر البشرية والمادية !
نحن نعلم حقيقة حب السودانيين للمصطفى عليه الصلاة والسلام ، فهم أكثر من مدحوه من بني الاسلام .
ولكّن يا أجهزة أعلامنا وقنواتنا المحترمة ، لا تكثروا من أيام الفراش ، أكثر مما ينبغي تجييرا له لمصلحة النظام التي باتت مراميه في استغلال الأزمات والمناسبات المختلفة مكشوفة وظاهرة لتخدير الرأي العام ليكون خارج شبكة مسأته الطويلة .. وواشنطن ولندن ومن أنتجوا الفلم لن يفتحوا بالطبع القناة السودانية خوفا من تهديدها ووعيدها أو للتزود بمواعظ التوبة والندم التي يتكرم بها متحدثوكم المكررون !
أما مكانة النبي الكريم فقد ترسخت في عقول المسلمين وأصبحت محفورة فيها لأكثر من أربعة عشر قرنا وستبقى كذلك الى يوم شفاعته عنهم ، ومقامه السامي لن تزيده ساعات بثكم كلها فوق ما كرمته السماء ، كما لن تنقصه اساءات الأنجاس مجتمعين درجة !
فهو المصطفي من المولى الكريم ، بشيرا ونذيرا للعالمين وكفى !
عليه أفضل الصلوات والتسليم ..

تعليق واحد

  1. الله يا برقاوى…
    دايما بتقول الكلام السمح. الناس أحسن تشوف ليها قصة تانية و هذا ليس تصغيرا لمكانة سيد البشرية و الذى لن يزيده مدح المادحين و لن ينقصه ذم المسيئين. و لكن حتى لا يتم إستغلال القضية بواسطة المهووسين المؤتمرجية لإلهاء الناس عن الوضع البائس فى البلد.

  2. وكذلك فرحتهم عند سقوط الطايرات ✈🚙والسيارات تلودي ونقيب المحامين ما كان ناقصنا الا الهالكين من مقابرهم يتحدثون

  3. والله يا استاذ كيفتني شديد وخصوصا حكاية التشبيه بي حبوباتنا دي..بالله كتر لينا في المواضيع الزي دي.. وتسلم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..