أين المعارضة ..؟!

فى ختام المقال السابق أشرنا الى ان الظروف التى اختلفت او جعلت تختلف بفعل خطط الانقاذ فى تدمير مجالات الانتاج ومعها تنظيمات العاملين فى تلك المجالات، وبالتالى صعوبة ،ان لم يكن استحالة قيام مجالات العمل بما كان تقوم به فى السابق من اضرابات مطلبية وسياسية تصل الى حد الاضراب السياسى العام،الذى كان يشكل قاصمة الظهر للنظام الديكتاتورى .وتوصلنا من ذلك الى ان البديل التنظيمى والسياسى الموضوعى نتيجة لهذا الواقع ، هو العمل فى تنظيمات الاحياء ، اذ ان الجماهير المغلوبة توجد هناك ، اضافة الى ان قضايا المعيشة اصبحت هى قضية كل من يسكن حيا غير كافورى والرياض وماشابه . والسؤال المهم الان هو : هل تركز قيادة المعارضة على عمل الاحياء ؟ وهل تعى جماهير الاحياء ان دورها اصبح هو المعلى فى الاعداد للقاصمة ؟!
والاجابة ان جزء مقدر من المعارضة القابضة على جمر شعار ازالة النظام ولاشئ غيره ، تعمل بالفعل فى تنظيم وتوعية جماهير الاحياء، بل وفى احياء نقابات العمل الحقيقية . لكن وعى الجماهير بانها البديل الممكن لايزال فى بدايته ، فما زال الكثيرون يبحثون عن المعارضة كلما دعى داعى السؤال ! والبحث عن المعارضة هو فى الحقيقة بحث عن شبح يظن الكل انه موجود فى مكان آخر بينما هو فى الحقيقة بين يديك ، فأنت هى أو على الاقل جزء لايتجزأ منها!!
فى منزل احد الاقرباء كان الحديث عن غرائب مايحدث فى السودان ، وجاء التساؤل من أحدى الفتيات الصغيرات : كيف يحدث هذا ولايحتج أحد ؟ وكان الرد من اغلب الموجودين ان المعارضة لم تقم بمايجب ! فسالت الفتاة : هل يسمح والدك لك بالخروج فى مظاهرة للاحتجاج عل غرائب ما يحدث فى السودان ؟ وكانت الاجابة ابتسامة خجولة ! ثم شارك آخر فى الحديث بقوله : أنا فى الحقيقة أصدق عمر البشير فى ما يقول عن نيته محاربة الفساد ، ذلك لأن كثيرا مما قيل عن فساد رؤساء آخرين سابقين قد اتضح عدم صحته !! فتصور !

وهكذا ترى ان الغالبية من الناس لايزالون ينتظرون من ” المعارضة ” ان تقوم بدورها ويعتبرون انفسهم خارج دائرتها بالرغم من اتفاق اغلبهم ان النظام لايستحق الوجود وانه فعل بالسودان أسوا مما يفعله النجار بالعود . أيضا سالت عددا من المغتربين السودانيين ، من الذين يسمح لهم مستوى دخلهم ان يدفعوا عشرة دولارات “بقشيش ” فى مطعم أو مقهى : هل تقبل التبرع بنفس هذا المبلغ لانشاء قناة فضائية معارضة ؟وكان الجواب فى الغالب بالنفى ، وربما يتبعه البعض بالتبرير انه لايضمن ان تذهب فلوسه لهذا الغرض ؟! غير ان مثل هذا التبرير قد يعكس ايضا عدم الثقة فى الجهات المعارضة .
واخيرا : زوال النظام فى وحدة المعارضة ، ووحدة المعارضة ليست فى وحدة الصادق المهدى مع فاروق ابوعيسى وياسر عرمان وعبدالواحد ومناوي و.. وانما فى اقتناعى واقتناعك واقتناع اخيك وجارك وسائق التاكسى والبص والمزارع وبائعة الشاى وابنائهم وبناتهم بانهم هم الذين يشكلون المعارضة التى تطيح بالنظام مهما كانت قوته وجبروته ، والامثلة القريبة والبعيدة لا عدد لها .
لوان مظاهرات يناير وفبراير ازداد زخمها ليبلغ عشرات فمئات الالاف ، لكان النظام قد ذهب فى خبر كان . وقد اصبح الحال الآن أفضل لمثل هذا السيناريو :
الخلافات تضرب تكتل الاسلاميين بعنف
الاحوال المعيشية تتسارع نحو الندرة فالعدم
مايسمى بالمجتمع المدنى لايسمح على الاقل بالقتل نموذج 2013
المجتمع الاقليمى يفقد ثقته فى النظام والدليل رجوع ” القرعة ” فارقة فى عديد من المرات
الامن مشغول الى حد كبير بالتصفيات المتبادلة ولم يثبت حتى الآن على هدف محدد : يطلق سراح المعتقلين اليوم استعدادا لوصول مراقب حقوق الانسان ، ثم يقبض على استاذ جامعى من داخل قاعة المحاضرة والمراقب لايزال موجودا.
عندما تتوحد ارادة الناس فقد لايصبح الخروج للشارع ضروريا ، يكفى ان يلزم الناس بيوتهم ، وقد اقترب الحال من ان يصبح الموت استشهادا افضل منه جوعا ومغصا !!

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..