«كلو من ناس الكورة ديل»

ود الشول شخص مشهور في حارتنا، وأرجو أولاً أن أطمئن أي شخص من خارج حارتنا يصدف أنه يحمل نفس الاسم أنه غير معني بما سنورده من خبر «ود الشول بتاعنا»، أما من أراد أن «يتلعبث» ويتلقى الحجج ويزعم أنه المقصود ويلبس هذه الطاقية و«يشنقها كمان»، فهو حر في زعمه، وأنا لست مسؤولاً عن دعواه أو إدعائه، لا قانونياً ولا عرفياً ولا أخلاقياً، والحقيقة أن هناك العشرات بل ربما الألوف الذين يُكنّون بـ«ود الشول» فقد درج السودانيون على اطلاق هذه الكنية على كل شخص ينحدر من أم اسمها الشول، وشخصياً أعرف كثيرين غير «ود الشول بتاعنا» يحملون هذه الكنية، بعضهم يشغلون مواقع مرموقة في المركز والولايات، ويقال ان اطلاق بعض الأسماء التي تبدو غريبة على الوسط الذي ينتمي إليه المولود الذي يُطلق عليه اسم غريب وغير مألوف عند قومه، يعود سببها بحسب الاعتقاد السائد لـ«كف العين» كي يعيش المولود الذي غالباً ما تأتي ولادته في أعقاب وفيات متتالية لمواليد سبقوه ماتوا في المهد… المهم أن «ود الشول بتاعنا» كما قلنا شخص مشهور ولكنها شهرة سالبة، فللشهرة وجهان كما تعلمون، موجب وسالب، وما أُشتهر به «ود شولنا» أنه شخص زُهجي وحُمقى من النوع «البشاكل ضلو» و«أخلاقو في نخرتو»، ولعل ذلك كان سبباً في عدم زواجه حتى شارف الخمسين، فليس هناك من ترضى به زوجاً فكل بنات حارتنا والحارات المجاورة ونسائها من فتيات بكر وثيبات ومتزوجات ومطلقات يلقبنه سراً طبعاً بـ«غضبان ديمة»، وشهرته في سرعة الغضب والحدة والحمق أصبحت تضاهي شهرة جحا وود نفاش لجهة أن الناس أضحوا ينسبون له أي قول أو فعل أو موقف فيه مبالغة في الغضب والحماقة، قيل أنه كان مرة على خلاف مع أحد أعضاء لجنة فريق الحارة «درجة ثالثة» لكرة القدم، وتصادف في أحد الأيام أن تجاورا في الجلوس على مقعد يسع ثلاثة في حافلة المواصلات، وكان يومها الجو حارا جداً بلغ درجة تقول عنها الحبوبات «تقلي الحبة»، هذا الجو الملتهب ضاعف من حدة ود الشول ورفع مستوى حمقه وغضبه إلى درجة الاشتعال، هذا الحال جعله يتصيد أي فرصة ليكيد لجاره الاداري الكروي، إلى أن جاءه الفرج من جارهم الثالث الذي بعد أن تأفف وأطلق زفرة حرى، من شدة حرارتها لو قورنت بزفرات الأستاذ الطيب مصطفى صاحب الزفرات الحرى الساخنة جداً، تكون هذه الأخيرة إلى جانبها مجرد «قالب تلج»، قال الرجل وقد حشد حروفه بكل أبعاد الضجر ومعانيه «دي سخانة شنو دي»، سريعاً التقط القفاز ود الشول كالذي يلتقط هدية سقطت عليه من السماء وصرخ بأعلى صوته وهو ينظر شذراً إلى جاره «بتاع الكورة» «كلو من ناس الكورة ديل» قال الرجل الضجر مستعجباً وكيف ذلك، قال ود الشول «ناس الكورة ديل جننونا ياخ كل شوية يهتفوا فوق فوق سودانا فوق لحدي ما وصلونا الشمس»… هذا ما قاله ود الشول أو ربما ما تُقوّل به عليه….
بالأمس انتهت انتخابات الاتحاد العام لكرة القدم السوداني وظهرت نتيجتها، وقد أحزنني سقوط البروف شداد، ولكن لم يغضبني فوز المجموعة التي يقودها الدكتور معتصم، فللبروف شداد فيما أزعم في نفوس كل السودانيين على اختلاف ميولهم رياضية أو غيرها معزة وتقدير خاص غض النظر عن فوزه أو خسارته فله العتبى والتهنئة في كل الأحوال فائزاً أو خاسراً، المهم أن هذه الانتخابات قبل أن تجرى وقائعها العملية، سبقتها حمى صحفية، وكنت كلما أقرأ خبراً أو تعليقاً من صحفي أو كاتب رياضي يصفها بأنها انتخابات حامية ومنافسة حارة جداً، أتذكر حكاية ود الشول مع غريمه بتاع الكورة، فغاية ما نرجوه وقد انتهت الانتخابات إلى ما انتهت إليه، أن نشهد جديداً وتطويراً ينقلنا من مربع الاحباط والهزائم والخيبات الذي لا تغادره كرتنا «سنتي» واحد إلا لتتقهقر إليه مرة أخرى، ومبروك للفائزين وهاردلك للخاسرين، وعلى هؤلاء وأولئك التعامل بروح رياضية بلا بطر ولا انكسار…

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..