سكة المدرسة في السودان .. قري نائية وفيافي طويلة يقطعها التلاميذ

الخرطوم : الراكوبة
رحلة يومية شاقة يقضيها التلاميذ في السودان بين القرى النائية والمدارس طلباً للعلم، فلم يكلوا أو يملوا في سبيل محو أميتهم، لكن أين؟.. سؤال مؤرق لهم قبل أولياء أمورهم الغاضبين من ضعف بنية تحتية، لم توأد أملهم في البحث عن منافذ وخارطة طريق تخرج فلذات أكبادهم من الجهل بمناطق تحتاج إلى جرعات اهتمام رسمي يبعد عنها شبح الإقصاء والتهميش.
الطريق من الفيافي إلى المدارس متعب للغاية في غياب أي مبادرة مما يلوكه المسؤولين من شعارات النهوض بالتعليم بالعالم القروي، البعيد التحقق لأطفال يعيشون آلام رحلة الشتاء والصيف، ببردها وحرها في انتظار أن ترأف قلوب الجهات الحكومية إلى حالهم الذي لا يحسدون عليه.
أزمات مستمرة
يقول المهدي عبد الله – معلم بالمرحلة الثانوية بمحلية القوز لـ (الراكوبة) : يقطع عدد كبير من التلاميذ في قري كردفان، يومياً حوالي (7) كيلو متر سيراً على الأقدام لأجل الوصول إلى مدارسهم بمحرلتي الأساس والثانوي.
وأضاف : ظل تلاميذ هذه المدارس يواجهون المشكلة منذ سنوات لانعدام المدارس التعليمية بالقرب من مساكنهم وغياب وسائل الترحيل إلا من بعض سيارات الأسواق التي تقلهم من حين لآخر.
وضع المعلمين
وعن وضع المعلمين، يرى “المهدي” أنهم في أسوأ حال خصوصاً أن هيكل رواتبهم مدمر، فالمعلم الذي قضى (30) عاماً في الخدمة لا يتجاوز راتبه (26) ألف جنيه ولا يكفيه لتأمين مستلزمات أسرته أسبوعاً واحداً، فيما يتقاضى معلمون في درجات أقل رواتب لا تتجاوز (16) ألف جنيه.
مضيعة للوقت
عبد الله حامد – أحد أولياء الأمور قرر سحب طفله من المدرسة بحجة أنها مضيعة للوقت، منتقداً الإهمال الحكومي لعدم تشييد مدارس بالقرى أو توفير ترحيل للتلاميذ.
وأشار إلى أنهم غير مضطرون إلى التعامل مع المدرسة لبعد المسافة في ظل تجفيف الحكومة لنظام الداخليات.
ولفت إلى أنه ليس بمقدور أولياء الأمور أو إدارة المدرسة توفير ما فشلت الحكومة في توفيره للتلاميذ.
وأبدى “حامد” أسفه لترك أعداد كبيرة من التلاميذ مقاعد الدراسة بسبب فشلهم في التعايش مع هذا الوضع.
تأثير على الاستيعاب
تؤكد صفية يونس، وهي مدرّسة : “إن هناك مجموعة كبيرة من التلاميذ يعانون من السير لمسافات طويلة ذهاباً وإياباً في عدد كبير من المدارس في السودان الأمر الذي يؤثر على استيعابهم.
ورأت أن الرحلة الشاقة بصورة يومية سبب اساسي خلف تسرب التلاميذ والطلاب من المدارس، ودخولهم سوق العمل بأكرا.
وأكدت أنه من الصعب أن يستوعب التلاميذ وهم مرهقين، وقالت : “أحيانا نحاول المساعدة، وكثيراً ما نفشل بسبب الظروف الاقتصادية.
تسرب كبير
وأقر نائب رئيس مرحلة تعليم الأساس في محلية القوز، فضل الله حامد، بعجز المحلية عن توفير ترحيل لتلاميذ المدارس بسبب قلة إمكاناتها.
وقال إن عدد من التلاميذ تسربوا بسبب عدم توفر الترحيل، لافتاً إلى أن الفئات الأكثر تضررا بالمناطق الطرفية حيث يتسرب التلاميذ ليعملوا في الأسواق.
واعتبر أن الظاهرة تتطلب تكاتف المجتمع السوداني والخيرين فيه لتأمين الترحيل أو تشييد مدارس في القرى النائية للتلاميذ للحد من تسربهم وزيادة استيعابهم.