أهم الأخبار والمقالات

بانوراما مخطط عودة النظام البائد عبر الشباك بعد لفظه من الباب

ياقوت الكلام – عمار عوض

شهدت الأيام الماضية ظهور ونشاط مكثف لعدد من عناصر ومؤيدي النظام القديم الذين كانوا تواروا عن الأنظار لفترة طويلة بعد أحداث احتجاجات أو “تمرد” هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن والمخابرات منتصف شهر يناير الماضي والتي روعت الخرطوم كثيراً وجعلت كثير من المشفقين على تجربة الانتقال السياسي في السودان يضعون أياديهم على قلبهم خاصة وأن هذه التحركات تزامنت وقتها مع مسيرات كان ينظمها أنصار النظام القديم باسم الزخف الأخضر، ولكن بعد الضربة الحاسمة التي تلقاها منسوبو هيئة العمليات وعملية الالتفاف الشعبي الواسعة ضد عودة أنصار النظام القديم قادت الى انحسار ما بات يعرف بالزواحف في إشارة لمسيرة الزحف الأخضر.

خاصة بعد الحديث القوي لنائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان حميدتي، الذي ظهر في مؤتمر صحفي خاطف من مدينة جوبا مؤكداً قدرة الدولة على حسم مسيرات الزحف الأخضر، ووجه رسالة قوية للمسيرة التي كان معلناً لها في وسط الخرطوم يوم 26 يناير والمسيرة الأخرى التي كان يدعو لها أتباع الزحف الأخضر في مدينة الفولة غرب كردفان التي حذر حميدتي سكانها من الانجرار وراء دعوات الفتنة التي يدعو لها (الزواحف) وهو الأمر الذي كان ،حيث اختفت الدعوات لمسيرة الخرطوم قبل أن تتلاشى تماماً.

لكن هذا الاختفاء يجب أن يقرأ مع تأكيد الفريق أول حميدتي في مؤتمره الصحفي نفسه بأن تمرد هيئة العمليات كان “جزء من مخطط كبير خلفه قيادات في جهاز الأمن بالمعاش وفي الخدمة”، وذلك بعد أن وجه أصابع الاتهام مباشرة الى مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق صلاح قوش، وحمله مسؤولية تمرد أفراد هيئة العمليات التابعين ،لتنفيذ مخطط لإحداث تخريب في البلاد، وظل يكرر بين الفينة والأخرى “أنتم لا تعملون شيئاً، ونحن لدينا معلومات” قبل أن يفجر قنبلته بقطع مراكب التواصل بينه وقوش عندما طالب بالقبض عليه عن طريق الإنتربول وزاد على ذلك بقوله: “إننا نعرف جماعة صلاح قوش في الأمن”، كما اتهم رئيس جهاز المخابرات السابق أبوبكر دمبلاب بالتقصير وأضاف قائلاً: ”إن دمبلاب مقصر في حسم تفلتات أفراده رغم تحذيرنا له بالأمس”، وقطع بعدم المجاملة في الأمن القومي، وكشف عن وجود ما أسماهم بالمرتزقة والمندسون، داخل جهاز المخابرات العامة، ويشار في هذا الخصوص الى أن مدير الأمن الفريق دمبلاب تقدم باستقالته من منصبه وانزوى عن الأنظار تماماً، ولا يعلم احد ماذا يفعل الان وضمن اي الفرق السياسية يقدم مقطوعاته الامنية حاليا وفي المستقبل ، فهو بالاضافة لانه ضابط جيش قديم هو عمل في الملفات الامنية في عة دول بجانب المامه باستثمارات جهاز الامن التي ادارها لسنوات والتي لا يعلم كثيرون عنها شئيا ، لكن على العموم وجوده هكذا ضمن اهل ” الاعراف” يمكن ان يشكل خطرا خاصة بعد خروجه مجبرا من القيادة الامنية والعسكرية.

وكان مدير جهاز الأمن الحالي الفريق جمال عبد الحميد تسلم قيادة الجهاز خلفا له وهو أحد رجال هيئة الاستخبارات العسكرية القدماء جداً، ويعمل الان على تنفيذ خطة عسكرة جهاز الامن بعد ان ضم له 32 من ضباط الجيش من رتب مختلفه في سعيه للامساك بمفاصل الجهاز لصالح حلفائه من قادة المكون العسكري ، الا اذا كانت هناك صورة غير مرئية.

عموما كانت التصريحات القوية للفريق أول حميدتي بجهة جهاز الأمن رسالة مغلفة لأنصار الحزب البائد ، باعتباره مركز العقل الوحيد الذي ينبض بالحياة ، ما قاد لاخنفاء نشاطات عناصر الدولة القديمة بشكل كامل وتام من الساحة السياسية واختفت معهم مظاهر الدعوة للتظاهرات والمواكب التي كانت نشطة جداً في وسائل التواصل الاجتماعي وفي جدران المباني بشكل أخص.

ولكن في يوم 10 فبراير استضافت وكالة السودان للأنباء مؤتمراً صحفياً تقدمه القيادي الشاب معمر موسى المنتمي لحزب المؤتمر الوطني في السابق ووسط دهشة كل من تابع مخرجات هذا المؤتمر عند نشره في الوكالة الرسمية أعلن من خلاله معمر عن تحالف الحراك الشعبي الموحد لـ”تصحيح مسار ثورة ديسمبر المجيدة” وطالب التحالف بتحقيق شعار ثورة ديسمبر (حرية، سلام وعدالة) وإصلاح السودان وتحقيق مكاسب الثورة وما جاءت من أجله في قوة عين حسدها عليه الجميع ،وسط روح تسامح مدهشة من السلطة الانتقالية في السودان، يرقى لدرجة التفريط المقلق.

وكان التحالف أشار إلى ضرورة أن تستمر القوات النظامية في نهجها القومي وحفظ لحمة البلاد من التشرذم والشتات وأن يكون السودان في الريادة والمقدمة وأن يعيش الشعب حياة كريمة، حيث ظهر هنا جليا نية تحييد الجيش ولم يرقى لدرجة الاغواء بعد.

وقال التحالف يومها في مكر ودهاء : “ليس لدينا أجندة سياسية سوى أن يجد السودان حظه من السلام والتنمية والحرية المطلوبة، داعياً كل الكيانات والتحالفات للانخراط في هذا التحالف دفاعاً عن الوطن”.
كان يمكن أن يمر هذا الأمر مرور الكرام باعتبار أن السلطة الجديدة تفتح مؤسساتها الرسمية لتدشين تحالف يريد تصحيح مسار الثورة وهو الاسم المغلف ل(الانقلاب) طبعاً، لكن سرعان ما انزوى الحراك الوطني (حشد) بعد أن سارت الركبان كاشفة طبيعة مكونات هذا التحالف الجديد الذي ضم قيادات إسلامية بعضها ينتمي للمؤتمر الوطني وبعضها ينتمي للمؤتمر الشعبي وكافة أعضاء التنظيمات الإسلامية السلفية المتطرفة بقيادة عبد الحي يوسف والشيخ محمد عبدالكريم والشيخ محمد علي الجزولي وتيقن الجميع أن هذا التحالف ما هو إلا الوجه الجديد لمنسوبي النظام البائد (الزواحف).

لكن مع هذا ظل هذا المكون او الوجه الجديد غائبا طوال شهر فبراير الذي لم يشهد له نشاطاً، الى أن حل يوم 10 مارس الذي شهد محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك عندما كان في طريقه للوصول الى مكتبه، ورمى كثير من المحللين اللائمة يومها على المجموعات المتصلة بحزب المؤتمر الوطني عبر نافذة التنظيمات الجهادية التي كان يرعاها التنظيم في السابق، باعتبار انهم يريدون ارسال رسالة لاخوانهم ” كان بامكاننا قتل حمدوك لكن بامكانكم التحرك لقتله سياسيا فهو اقل كلفة” ويرى كثير من المراقبين ان محاولة اغتيال حمدوك كانت صافرة البداية لتدشين عمل منظم لاجهاض الفترة الانتقالية، بقصد او بدون قصد ، وهو ما يظهر توالي الاحداث القادمة ، ومع ان الرؤية لم تكن واضحة وقتها مثل ما هو عليه الان ، الا ان كثير من المراقبين توقعوا يومها أن السلطة الانتقالية (حكومة الثورة) سترد بعنف على جماعات الإسلام السياسي والجهادي على السواء للقضاء على اي تهديد مستقبلي، لكن لم يحدث ذلك، بل حدث العكس تماماً، إذ شاهد السودانيون بدهشة كبيرة يوم 15 مارس، اي بعد خمسة ايام فقط، ظهور اللواء بجهاز الأمن أنس عمر والي شرق دارفور السابق يقود تظاهرة في مدينة الضعين عاصمة الولاية وهم يرددون شعارات تطالب بتوفير الوقود والخبز، وعدم رفع الدعم عن السلع الأساسية، كما أحرق المحتجون إطارات السيارات في الشوارع الرئيسية.

ولم يقف الأمر عند ذلك، بل سلم المحتجون مذكرة إلى حكومة شرق دارفور، تطالب برحيل حكومة حمدوك وتشكيل حكومة كفاءات وطنية غير حزبية مهمتها تصريف مهام الفترة الانتقالية وتهيئة المناخ لقيام انتخابات حرة ونزيهة وطبقاً للمعلومات التي وردت من هناك فإن المذكرة طالبت بوضع حلول جذرية للأزمة الاقتصادية المتعلقة بتوفير الخبز والغاز ومعالجة الاختلال في تدهور سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار.

هذا الفعل كان مريبا قبل ان يكون مدهشا ، اذ كيف يتثنى لقيادي في حزب محلول وضابط امني بخلفيه سياسية يبث صوره وهو يشهد تسليم مذكرة تطالب باقالة الحكومة القائمة عبر التظاهرات ، ثم يعود للخرطوم دون ان يحرك احد ساكن فعل او بيان.!!!

عند هذا الحد تجدر الإشارة الى أن هذه التحركات كانت تجري بالتزامن مع عمل منظم جداً في الأسواق الاقتصادية السودانية حيث ظل الدولار يواصل صعوده الجنوني والمستمر منذ منتصف مارس بدون اي مبرر و دون أن تنجح وزارة المالية وبنك السودان في لجمه، لتتوجه أصابع الاتهام مباشرة إلى منسوبي النظام القديم بأنهم يعملون على تهيئة الملعب برفع أسعار السلع الاستهلاكية في ظل أزمة خانقة في الوقود والدقيق وبالضرورة الخبز.

في ظل هذه التطورات كان شبح فيروس كورونا يحيط بالبلاد وبعد وفاة أول مريض بهذا المرض الخطير سارعت الجهات الرسمية يوم 16 مارس الى إعلان حالة الطوارئ الصحية في جميع أنحاء البلاد دون أن تعلن أي تقييد لحركة السودان وعلى وقع هذه الاضطرابات الاقتصادية والأمراض المعدية ظهر تحالف الحراك الشعبي من جديد وفي نفس اليوم معلناً عن الدعوة لتظاهرة ومسيرة كبرى في وسط الخرطوم يوم 21 مارس، وحمل بيان الدعوة لها “أن الدعوة للموكب تأكيد لعملنا على تغيير الوضع السياسي القائم الوضع الذي تمخض عن وثيقة كورنثيا” في تحدٍ غريب ومريب للوثيقة الدستورية التي لم يوردوا اسمها حتى وبالمقابل لم تقم أي جهة رسمية بمحاسبة من دعوا لتقويض النظام السياسي القائم، لتسارع الشرطة بإعلان بيان تحذيري من المشاركة في هذا الموكب في ليلة الجمعة التي تسبقه مباشرة نسبة للأوضاع الصحية الى جانب أن المسيرة تعتبر خرقاً لحالة الطوارئ الصحية التي فرضتها الحكومة مؤكدة على أنها لن تتهاون في إنفاذ القوانين الخاصة بهذه القرارات.

في غضون ذلك قام نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول محمد حمدان حميدتي بزيارة سريعة للقاهرة لم يكن معلناً عنها في السابق والتي التقى فيها مع القيادة المصرية ممثلة في رئيسها عبدالفتاح السيسي وزعيم الختمية محمد عثمان الميرغني ولم يصدر تصريح يوضح غرض الزيارة واكتفى بالحديث الدبلوماسي المعتاد عن تقوية العلاقات وبحث الهموم المشتركة.

ليسارع الحراك الشعبي واجهة النظام القديم الجديدة الى إعلانه إلغاء الموكب يوم 20 مارس وقال في بيانه إن ذلك يأتي “موقفاً أخلاقياً يتسق مع مبادئه، لكنه يؤكد على موقفه الثابت من التحالف الحاكم، كما يؤكد أن خياره هو التصعيد الشعبي الذي سيكون خطوة من خطوات إنهاء هذا المحاصصة الجائرة”. ولم يكتفوا بذلك، بل زادوا عليه أن “مطالب الموكب ستظل مرفوعة حتى وإن تم إلغاؤه، لتعبيد الطريق نحو الوطن المنشود، وأن هذا الطريق يمر عبر إسقاط الوثيقة الدستورية وتشكيل حكومة تسيير مهام وطنية” ومع هذه الدعوة للانقلاب الصريحة لم يحرك أحد ساكناً!.

وفي ظل انشغال السودانيين بكورونا وارتفاع حالات الإصابة وترقبها تصدر المشهد يوم الأربعاء الماضي 8 أبريل موكب لأنصار واجهة الإسلاميين الجديدة (الحراك الشعبي الموحد) والذي لأول مرة كانت هتافاته معادية للمكون المدني دون العسكريين، والتي تركزت بشكل كامل في مواجهة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وأفراد حكومته وسط صمت مريب من قوات الشرطة التي قمعت المحتفلين بذكرى مرور عام على موكب 6 أبريل الذي كانت سبقته أنباء عن اتجاه داخل القوات المسلحة للانقلاب على السلطة الانتقالية الحالية وأن ساعة الصفر حدد لها يوم الذكرى السنوية تفسه، الذي استبقه تحالف الحرية والتغيير بتسليمه المجلس السيادي مجلس الوزراء العناصر الكاملة لخطة الإسلاميين للانقلاب على الوضع القائم، بينما اكتفى وزير الإعلام الأستاذ فيصل محمد صالح بالقول إن مجلس الوزراء وقف على معلومات عن تفلتات ونوايا مضرة للإسلاميين بالفترة الانتقالية.

وفي الأثناء أعلنت لجنة إزالة التمكين الجمعة أقوى قراراتها والقاضية بحل منظمة الدعوة الإسلامية ونزع (153) قطعة أرض من قيادات الحزب وفي مقدمتهم وزير الخارجية الأسبق علي كرتي قائد مليشيا الدفاع الشعبي السابق، وأعلن بعدها عضو المجلس السيادي أنهم باتوا في معركة مفتوحة مع حزب المؤتمر الوطني لمحلول وأن قادم الأيام سيجعلهم يصرخون بحسب قوله، أتى ذلك وسط معلومات بذلها عدد من الصحفيين القريبين من الحكومة الحالية والتي تشير إلى رفع عدد من أعضاء المكون العسكري الغطاء عن أخطر قيادات الحزب المحلول علي كرتي، بينما توقع الصحفي ماهر أبو الجوخ مدير الأخبار السياسية بالتلفزيون “مداهمة مقر اختباء علي كرتي قريباً” وفي صباح يوم السبت الماضي أعلنت قوى الحرية والتغيير ومجلسي السيادة والوزراء عن توصلهم إلى مصفوفة زمنية لوضع حل للقضايا العاجلة والتي تعكر صفو الشراكة وفي مقدمتها الضائقة الاقتصادية والسلام واستكمال هياكل الحكم وإصلاح القطاع الأمني، وسط إرهاصات بهجمة شرسة على عناصر الحزب البائد وتمكين لجنة للتمكين من عملها.

لكن أمس الأول كان مغايراً تماماً للتوقعات إذ ظهرت نساء حزب المؤتمر الوطني وعناصر نسائية كثيرة من المؤتمر الشعبي وتنظيمات السلفية الجهادية، في شوارع الخرطوم وهن يهتفن بأنهن لا يخشين وباء الكورونا وصوبن سهامهن على رئيس الوزراء حمدوك وأعضاء حكومته وخصصن المكون العسكري بالهتافات التي ما بين إغوائه وتحييده من على شاكلة جيش واحد شعب واحد وسط دعوات محمومة من كتاب الحزب المحلول في الصحف تدعو البرهان لتسلم مقاليد الأمور.

وبدا واضحاً من هتافات نساء الحراك الشعبي الموحد ورجاله القادمين من دوائر النظام القديم وتابعيه الذين شاركوهم السير في الموكب الذي لم تقم الشرطة تجاهه بأي تحرك، ظهر أن خط الإسلاميين التعبوي لخلط الأوراق هو استخدام تحدي الكورونا كعنصر لتحميس كادرهم وفي الوقت نفسه جر رجل الشارع لمشاركتهم تحت دعوى أن الأوضاع تردت وأشياء من هذا القبيل، وأن الكورونا ليست حقيقة يساعدهم في ذلك سنيدة يتم استخدامهم أو توظيفهم لغرض التشكيك في الكورونا في السودان وخلط ذلك بالسخرية من أداء الحكومة التنفيذية، ومظاهر ضيق العيش التي يلعب كادرهم الاقتصادي فيها رأس الرمح وعصبة عناصرهم في الوزارات المتصلة بحياة الناس لخنق منافذ الحلول أو فلنقل محاولات وقف النزيف.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هي خطة عناصر النظام البائد، في ظل هذا الحراك الذي ارتفعت وتيرته بجهة العسكر، والمدنيين الحاكمين الذين يبدو أنهم وضعوهم في تختة التنشين وهو ما ظهر في استهدافهم المستمر للوزراء ولرئيس الوزراء عبدالله حمدوك تحديداً وتحميله أو تحميلهم وزر الفشل، وإبقاء العسكر بعيدين عن الهتاف الناقد أو المكتوب المضاد لهم.

ومن الواضح أن تكتيكات الدولة القديمة للعودة بشكل كامل على المدى البعيد، أو على أسوأ الفروض خلط الأوراق ليجدوا لأنفسهم مقعداً تقوم على إغواء العسكر بالسيطرة على مقاليد الأمور، وأنهم سيشكلون لهم الغطاء السياسي تحت (كونفلاش) تظاهرات ومسيرات بدعوى تردي الأوضاع الاقتصادية التي صنعوها طوال الأربعة أشهر الماضية، وأتوا من الباب الآخر كأنهم لم يفعلوا شيئاً يهتفون لدواعي الإغواء (شعب واحد جيش واحد) ويعتمدون في هذا الإغواء على حالة الجفوة غير المبررة بين الثوار الحقيقيين وقاعدة القوات النظامية.

ولكن مع ذلك كله من غير المعروف الى الآن ما هو طريقهم مع قيادة هذه القوات النظامية التي صار لها رأسان لم يؤمنا وضعهما خلال مخطط عودة الدولة القديمة أو خلطها للأوراق الجاري تنفيذه، بل من غير المعروف تماماً مصيرهم بعد تنفيذ هذا الملعوب على الشعب، خاصة وأن قادة المكون العسكري في المجلس السيادي بشقيه (جيش ودعم سريع) رأوا كيف قادت التطورات خلال الإطاحة بالبشير في أبريل اإى اخراج قيادات عسكرية رفيعة من تصدر المشهد، بل إن هناك جنرالين كبار (الفريق عوض ابنعوف والفريق كمال عبدالمعروف) أعلنا تسلمهما السلطة يوم 11 أبريل ومع ذلك سقط حكمهما في ٢٤ ساعة فقط، بل حتى بعد نجاح التغيير خرج أعضاء من المجلس العسكري مثل الفريق عمر زين العابدين والفريق مصطفى محمد مصطفى، هذه الوقائع التي عايشها العسكر الحاكمون بالشراكة الآن ولم تروَ لهم عن عهد سابق، أدعى لهم ليفكروا ويعتبروا في مصيرهم إذا فكروا في مجاراة الدولة القديمة في مخططها للعودة لأنها حتماً ويوماً ستركلهم إن فقدوا حاضنتهم السياسية الثورية الحالية في قوى الحرية والتغيير ولجان مقاومته.

وفي ظل ذلك كله هناك أسئلة ملحة لمن يسعى لخلط الأوراق مفادها ما الذي سيكسبه السودان من (فركشة الشراكة بين المدنيين والعسكريين)؟ ليس هناك سوى عقوبات يمكن أن تفرض مثل ما حدث عندما قام السيسي بالاستيلاء على الحكم في الشقيقة مصر، مع الأخذ في الاعتبار واقع السودان المختلف والمعبأ بروح الثورة وبالغباين الناتجة عن مظالم تاريخية لم يصل السودانيون فيها لحلول وما زال كل فصيل متمسكاً بسلاحه في دارفور وجبال النوبة.

دعك من ذلك كله ، ما هو الحل الازمة الاقتصادية التي تستخدم الان كرافعة من اجل خلط الاوراق ؟ لان الصفوف الخبز والوقود قد تنقشع لايام ربما شهور لكنها ستعود سريعا لان ازمة الاقتصاد هيكلية وليست ازمة اشخاص ، كما ان الذين يدفعن الناس للخروج الان هم نفسهم الذين كانوا على سدة الحكم عندما استفحلت الضائقة المعيشية وخرج الناس للشوارع في ثورة ديسمبر احتجاجا على فشلهم على وضع حل لهذه الازمات وان الشخوص هم الاسوا والاضل الذين كانوا يعدون الناس بمعالجات على شاكلة “عندنا مكن وحنطبع القروش رب رب رب” وهنا واضح انه ليس بمقدور الشارع الاتيان بمجموعة فشلت في ايجاد حلول او تقديم اشخاص ، ولماذا يجرب الشعب المجرب لتحيق به الندامة ، بل ماهو المقصد من ان يعود السودانيين للحروب الاهلية واستمرارها في اقاليم السودان او حرب في المدن لو تفجر الصراع بين العسكر مع البداية او في فترة لاحقة!!
المواكب

تعليق واحد

  1. ياريت العساكر القلبهم مع القديم يفهمو ويستوعبو-خصوصا الجزء الاخير من المقال -شكرا عمار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..