نحنُ لا نُصدِّرُ النيران

نحنُ لا نُصدِّرُ النيران
الصادق المهدي الشريف
[email protected]
?التعليق الأسلم والأكثر واقعية لتجديد وضع اسم السودان في اللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب هو (نعم.. في الحقيقة نحنُ ناسف لأن تنحو الولايات المتحدة هذا النحو بعد كلّ التفاهمات التي تمّت بيننا.. وبعد إلتزامنا الكامل بتنفيذ إتفاق السلام الشامل).
?هذا هو التعليق الأمثل.. الذي يمكن أن يصدر من ايِّ سياسي واقعي.. يرى بعيني رأسه.. ويُدرك بعقله ما بذلته الحكومة من غالٍ ونفيس لإرضاء الولايات المتحدة.. ومدى (الشغف) الذي ينتابها لرفع الأسم من تلك اللائحة اللعينة.
?لكنّ الدكتور نافع على نافع مساعد الرئيس ونائبه في المؤتمر الوطني.. لا يملك إزاء هذه الأحداث إلا المكابرة.. ففي اول تعليق حكومي على استمرار الاسم ضمن القائمة إياها قال د.نافع (لا نبالي بإبقائنا على لائحة أمريكا للدول الراعية للإرهاب.. وتجديد وصم بلادنا بالإرهاب أمر متوقع وغير مفاجئ).
?وأعتقد أنّ ما قاله نافع هو (حالة إنكار Denial State) ليس إلا.. وحالة الإنكار هي أول رد فعل رافض يصيب الإنسان بعد وقوع المصيبة.
?وليس صحيحاً أنّ القرار غير مفاجئ.. بل الصحيح أنّه مفاجئ للدرجة التي يمكن أن تُسبب حالة الإنكار.. ولدينا الدليل.
?ففي حوار مع صحيفة الرأي العام الغراء.. قال الاستاذ على كرتي أنّ هناك قراراً قريباً متوقعاً من الإدارة الأمريكية.. وأنّ من شأنّ ذلك القرار أن يُطبِّع العلاقة مع الأمريكان.
?ومن المؤكد أنّ كرتي ومن خلال ترأسه للدبلوماسية السودانية يعلم مدى الجهود التي بذلتها الخرطوم للتطبيع مع واشنطن.. بل وربّما تلقى وعوداً من بعض الجهات (المتعددة) التي تؤثر على صناعة القرار في واشنطن بقرب صدور قرار تطبيعي.. وأنّه بناءاً على ذلك بَشَّر إخوته في المؤتمر بقرب التطبيع.
?أمّا الحديث عن عدم تأثير القرار.. فأول النافين لذلك هو وزارة الإستثمار التي تعلم أنّ مثل هذه القرارات (تثقل) خطى المستثمرين المحتملين.. وترفع ضغط المستثمرين المتواجدين بارض السودان.
?ومهما كان ردّ فعل مساعد الرئيس إزاء القرار الأمريكي.. إلا أنّه من الواضح (حتى لراعي الضأن في الخلاء.. رحم الله استاذنا محمد طه محمد أحمد ببركة هذه العشر الأواخر).. من الواضح أنّ مثل هذه القرارات لا تعتمدُ على (الطيبة) الأمريكية.. أو حتى (المصالح) الأمريكية.. بقدرما تعتمد على الأوضاع الداخلية في السودان.
?وواقع الحال يقول بأنّ مشاكل السودان لم تهمد بعد.. فالجنوب مضى ولم تمضِ مشاكله معه.. ودارفور لم تفعل فيها الدوحة سوى هُدنة مؤقته.. وجنوب كردفان وما أدراك ما جنوب كردفان.. هذه المشكلة (وأن كان الأخير زمانها.. إلا أنّها سـتاتي بما لم تستطعه المشكلات الأوائل).
?لهذا ليس من الرشد ان نترك البيت (مشتعلاً).. ونجلس متفرجين.. موسعين أفق الأمنيات بأن تكافئنا واشنطن على (عدم تصديرنا النيران).
صحيفة التيار