دفن الليل أب كراعاً بره

دفن الليل أب كراعاً بره

مختار العوض موسى
[email][email protected][/email]

في ليلة ظلماء داكنة السواد دفن مسؤولو السودان وجنوبه منطقة أبيي بإهمالها دون إنهائها في اتفاقية أديس، لتظل لغماً يفجر الأوضاع من جديد بينهما في أية لحظة مع اطلاق أية عبارات عنترية من هنا أو هناك.. مع إهمال قضايا مصيرية في وقت لا زالت أذهان شعوب الوطن الأم ـــ حلوة دي ــ تتذكر هجوم الجنوبيين.. إنه ” دفن الليل أب كراعاً بره” .. ما دفعني للتساؤل : هل السبع جلسات في خمس أيام كافية للتوصل لاتفاقية تعاون بن السودان وجنوبه ؟، هل ثمة ضغوط مُورست على حكومتي البلدين بالإسراع في التوصل إلى الاتفاق ؟، لمصلحة من تعود هذه الاتفاقية ؟ السودان ؟ أم جنوبه ؟ أم دول أخرى لها مصالح ؟، الاسراع في توقيع الاتفاقية ألا يؤدي لتفويت الفرص على أمور مصيرية كان يجب التركيز عليها أكثر من غيرها ؟ أم أن هناك مجالات بعينها حرصت دول الغرب على تضمينها الاتفاق وتجاهلت مجالات هامة أخرى ليستمر الشقاق بين السودان الوطن الواحد الذي كان حتى وقت قريب كذلك، ولكنه تنفيذاً لأطماع غربية بحتة انشطر إلى شمالي وجنوبي ؟، هل كان الاتفاق ملبياً لطموح أبناء البلدين الشمالي والجنوبي ؟ أم كان لفائدة دولة دون الأخرى ؟، إلى أي مدى يمكن أن يؤدي هذا الاتفاق لتأمين مناخ لتعزيز التعاون بينهما بعيداً عن أية مشاحنات تعيد الكرة للمربع الأول؟.
وللتأريخ نقول إنها كأي اتفاقية من أي نوع تسعد أي سوداني في بلد يتعطش للسلم والتخلص من مشكلاته .. حتى لو كانت بخبرات وحنكات سياسية خارجية تحمل في ظاهرها أجندة مطبوخة بدسم غربي ..
في قراءة سحطية لهذه الاتفاقية يُلاحظ ظاهرياً أن هناك تنازلات من الطرفين لضمان حاجة كل منهما للآخر في مختلف المجالات الأمنية، الاقتصادية، السياسية، المعيشية، التجارية وغير ذلك، ولكن في قراءة لما بين السطور تتضح أبعادها جلية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.
تضمنت الاتفاقية ثماني قضايا لفك الارتباط بين البلدين، فيما اكتفى الجانبان بإحالة قضية أبيي والمناطق المتنازع عليها إلى مجلس الأمن والسلم الافريقي ليتخذ قراراً بشأنها بعد أن قبلت الحكومة بخارطة الاتحاد الافريقي، في تجاهل لقضية هامة كان يُفترض أن تحظى بأولوية الاهتمام والعناية .
ومن المهم هنا الإشارة إلى أن بطل الاتفاقية هو أميركا ومجلس الأمن الذي كان قد أمهل دولتي السودان وجنوبه ثلاثة أشهر للوصول لتسوية القضايا العالقة بينهما، وإلا سيعرضهما لعقوبات الفصل السابع، في وقت هددت فيه الدول الممولة مالياً للعملية التفاوضية، فريق الوساطة الأفريقية بوقف دعمها إذا شعرت بعدم جديتهما في الأمر،
فما كان منهما إلا الانصياع للرغبة الغربية في توقيع اتفاقية سارع الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الأمريكي ووزيرة خارجيته كلنتون والاتحاد الأوروبي بتأييدها رغم أنها تجاهلت ما هو أهم، ما يؤكد أن الوطن الأم قدم تنازلات تمس سيادة الوطن، منها القبول بخارطة الاتحاد الافريقي، حيث جاء نص الجزئية الخاصة بذلك (توافق الأطراف على قبول تفعيل بعثة المراقبة المشتركة وفقاً للخريطة الإدارية والأمنية التي عرضتها الوساطة في نوفمبر من العام السابق دون إضافة إجراءات خاصة بمنطقة (14) ميل).
قد تكون الاتفاقية بداية لسلام ننشده جميعاً .. ولكنه سلام لا يسر أحداً في وقت سيظل الجنوب وكراً للتآمر علينا وعلى الأمة الإسلامية والعربية .. إذ سيكون هذا الجنوب ـــ رضينا أم أبينا ـــ قاعدة تنطلق منها القوى الاستعمارية لضرب الأمة.
عن أي سلام نتحدث في وقت لا زالت قضية منطقة أبيي
لغماً ينتظر الانفجار في أية لحظة .. خصوصاً إذا بدأت ألسن الطرفين في اطلاق الكلمات العنترية التي قد تثير حفيظة أحدهما .. ما يؤدي لتعكير مزاجه .. وبعدها تسوء الأوضاع وتعود إلى المربع الأول، رغم أنهما أبديا اهتماماً كبيراً بالأمن المتبادل ونبذ أي عمل من أعمال الحرب والعنف ووقف أي عمل من شأنه أن يسهم في انعدام الأمن بالدولة الأخرى ووقف العداء بينهما ومنع إيواء ودعم المجموعات المتطرفة.
لم تمض أيام قليلة على هذا الاتفاق الهش إلا وأطلقت مجموعة من المتمردين المنتمين للجيش الشعبي ثماني قذائف أودت بحياة خمس مواطنين في كادلقي حاضرة ولاية جنوب كردفان .. ما يؤكد عدم فعالية الاتفاقية في ضبط العملية الأمنية بين البلدين رغم تأكيدها على ذلك.
هذا الاتفاق الموقع بين دولتي السودان وجنوب السودان،
هدفه دعم دويلة الجنوب بخيرات الوطن الأم إذا كانت بترول أو غيره .. وتأتي الاتفاقية محققة لنوايا أمريكية في صنع كيان دولة وتقويتها على حساب جارتها الأم الشمال لتحقيق مصالحها الذاتية .. وهذا الرئيس الأمريكي أوباما يعلن تأييده المطلق للاتفاقية بقوله ” إن الاتفاق يمثل انطلاقة قوية لقاعدة جديدة لدعم الرؤية العالمية لدولتين قابلتين للحياة، تعيش كل واحدة منهما في سلام مع الأخرى، كما يمثل تطوراً جوهرياً لحل القضايا الاقتصادية والأمنية البارزة بينهما”.
والله من وراء القصد

تعليق واحد

  1. يا لبؤس هذا التحليل
    تقتلون وتحرقون وتنبهون وتديرون حرب طاحنة لأكثر من نصف قرن ثم تلقون باللوم وبكل بساطة على الخارج؟!
    اقتباس: (سيظل الجنوب وكراً للتآمر علينا وعلى الأمة الإسلامية والعربية .. إذ سيكون هذا الجنوب ـــ رضينا أم أبينا ـــ قاعدة تنطلق منها القوى الاستعمارية لضرب الأمة)
    انظر لهذا الاكليشيه البائس في المقتبس أعلاه والذي يكثر من ترديده من فقدوا القدرة على رؤية أبسط الحقائق حولهم، القوى الاستعمارية هذه تسيطر على أغلى ثروات العرب منذ عقود وستستمر الى عقود أخرى قادمة وتتمركز سيطرتها في قلب الأراضي التي تشمل أقدس أراضي الأمة الاسلامية والعربية ثم تأتي أنت لتخيف الناس من تآمر قادم من جنوب السودان؟!
    ثم تقول ان الاتفاقية جاءت محققة للنوايا الأمريكية في صنع كيان دولة فهل كان الذين يحرضون على فصل الجنوب وذبحوا الثيران ابتهاجاً بذلك ولازالوا يدقون طبول الحرب هل كانوا يتقاضون مرتبات من أمريكا لفعل ذلك؟ أم انك لا تبصر أخطاء شعبك وحكومتك ولكنك فقط تبصر النوايا الأمريكية ولا يغيب عن عينيك شبح المؤامرات الأجنبية وهي تتحرك في فضاء ليس به عاقل أو قادر على فعل واعي؟!
    يا ويل أمة ترشدها مثل هذه المقالات

  2. اذا كنت من المسيرية هذا جذاءمن يشاكل ويضحي باهل من اجل المال والدنيا الفانية و من غير هدف ولا عقل وحدهم هم ابناكم من ارتضوا الارتزاق من اكزب من مشي علي الارض البشير وال بيتة وكيزانة ! اما حديثك عن الامة والعروبة وديار الاسلام ياراجل اختشئ علي دمك ليس في السودان الكلام دة فقط موجود في مخيلة العنصريين امثال الرزيقي والطيب مصطفي السودان للسودانيين فقط

  3. جنوب أيه العاوز يضرب الأمة الإسلامية والعربية .. أيه الكلام الكبير ده .. أمة مين يا عم .. ما هم أصلهم مضروبين ما محتاجين لجنوب عشان يضربهم … ولعلمك مصالح أمريكا عند العرب وليست عند الجنوب يعني بالحساب كده أمريكا لا يمكن لها أن تضرب الخليج العربي من الجنوب لأن مصالها مرتبطة مع هذه الدول وهي مصالح لاتخفى على أحد .. وكذلك بالنسبة لمصر … يعني الكلام البتقول فيه ده عبارة عن تحليل زول عايش في الزمن المافيه نت ولا فيه فضائيات … ركز يا عم …وما تخمنا ساكت …؟؟؟؟

  4. الأخ الأستاذ مختار هذا التوصيف (دفن الليل أبو كراعاً بره) ينطبق على اصل إتفاقية نيفاشا التي كانت اول المسامير في نعش السودان الوطن الأم وهي إتفاقية إنبطاح عرجاء لم تأتي بالوحدة ولا بالسلام وقد مهدت لنقل المعركة لشمال السودان بدل جنوبه وتمهد لإنفصالات قادمة في ربوع السودان مادام نفس العقلية التي تحكم السودان منذ 23 عاماً هي هي لم تتغير وهي العنترية وعدم الإعتراف بوجود مناطق مهمشة بداءً من الجزيرة مروراً وإنتهاءاً باطراف السودان فهناك سيطرة جهوية على مفاصل الدولة السودانية يجب تفكيكها حتى نحفظ ماتبقى من السودان

  5. فصل الجنوب كان احد اجندة الحركة الاسلامية السودانية منذ ستينيات القرن الماضي – اول ظهور لحق تقرير المصير كان في وثيقة فرانكورد يناير 1992 – مقابل تطبيق الشريعة في الشمال – يعني بالواضح الاسلاميين اكبر متامرين علي وحدة السودان و علي انتشار الاسلام في القارة الافريقية — وكان ممكن فتح الطرق وتسهيل وسائل الانتقال من و الي الجنوب في ظل دولة علمانية كان سيمهد علي انتشار الاسلام بصورة سلسة كما انتشر في شمال السودان بمرور الحقب الزمنية بالقدوة و معاملة الحسنة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..