مآسٍ في عرض البحر، المهاجرون .. إتساع دائرة الموت

تقرير: حنان كشة
الاسبوع الماضي نقلت سفينة إنقاذ «604» مهاجرين في البحر الأبيض المتوسط ينحدرون من خمس عشرة دولة إلى باليرمو في صقلية، «204» أطفال بعد أن كادوا يفقدون حياتهم غرقا في مياه المتوسط، ونفذت السفينة أكواريوس التابعة لمنظمة «إس. أو. إس المتوسط الخيرية» مع منظمة «أطباء بلا حدود» سلسلة عمليات إنقاذ يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وتم نقل المهاجرين الذين ينحدرون من سوريا ومصر ومالي والجزائر وبنين إلى صقلية. ووفقا لبيان صادر عن منظمة «إس. أو. إس المتوسط» فإن عمليات الإنقاذ شملت مناطق جغرافية واسعة مما يشير لتفاقم الأزمة الإنسانية وإستمرارها واشارت إلى أنه خلال ثماني عشرة ساعة من مباشرة مهامها تم إنقاذ نحو «25» شخصا في عرض البحر تم إستقبالهم على متن السفينة أكواريوس، أما وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي فأعلن الثلاثاء الماضي أن عدد الوافدين من المهاجرين عبر تركيا وتونس والجزائر إلى بلاده سجلوا إرتفاعا ملحوظا?
توجه بلا حسابات?
المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة كشفت في وقت سابق عن أن نحو 90% من المهاجرين القادمين من غرب قارة أفريقيا يمرون بالنيجر بغية الوصول إلى ليبيا ومن ثم إلى أوروبا، وذكرت المفوضية أن مأساة المهاجرين مشكلة قديمة لكنها أكدت أن تناميها وصل لمعدلات تصنيفها على أنها ظاهرة من شأنها أن تدفع صناع القرار السياسيين لوضع سياسات تحول دون حدوث تلك الكوارث.
وبينما أشارت المفوضية إلى أن قارة أوروبا صارت تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى لأنها تعتبر بمثابة «الملاذ» للمهاجرين مما دفع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التوجه إلى الدول المجاورة للحد من مرور المهاجرين عبر البحر المتوسط، سلطت مجلة «سليت أفريك» الفرنسية الضوء على الموقع الجغرافي للنيجر الذي جعل لها دورًا محوريًا في عملية الهجرة غير الشرعية بالإستفادة من موقعها الكائن غرب أفريقيا في المنطقة الإنتقالية بين شمال وجنوب القارة.
وبالعودة لخلفية العلاقات بين النيجر والاتحاد الأوروبي فهي قديمة وترجع إلى الاتفاق التعاوني لمعاهدة روما التي أبرمت في العام 1957م، إلا أنها تندرج اليوم في إطار اتفاق كوتونو الشامل لعام 2000م الذي وقعت عليه دول أفريقيا والاتحاد الأوروبي ، والذي ينص أيضًا على مساعدات عامة للتنمية تأتي من الصندوق الأوروبي للتنمية.
أسئلة وإجابات?
الاتحاد الأوروبي وفي إطار العلاقات الخاصة التي تربطه بالنيجر تمكن من إيجاد تفسير للأسباب التي جعلت من الدول الأعضاء فيه هدفا للمهاجرين؛ حيث توفر أوروبا الرخاء والرفاهية، لكن تساؤلا يفرض نفسه ، هل توجد إستراتيجية موحدة يتبناها الاتحاد الأوروبي لمواجهة الظاهرة؟ أم هل هناك إستراتيجية شاملة تتبعها عدة دول ؟ أو هناك إستراتيجية فردية تتبعها كل دولة على حده؟.
ووفقا لمجريات الواقع فإن الهجرة إلى أوروبا ما هي إلا ثمرة لعلاقاتها مع الدول الأفريقية، حيث أنه وخلال المفاوضات التي سبقت إتفاق كوتونو، طرحت اللجنة الأوروبية فكرة الحد من الهجرة غير الشرعية القادمة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في بداية المفاوضات مما أدى إلى فشل عملية التوصل إلى إتفاق فى هذا الصدد ، والملفت أن البرلمانين الأوروبي والأفريقي إنتقدا تلك الإتفاقية آخذين على اللجنة الإمتناع عن الضغط على الدول الأفريقية.
ووفقا للتعاون بين النيجر والاتحاد الأوروبي تحت مظلة إتفاق كوتونو فهناك خطة طويلة الأمد يتم تطبيقها في الفترة الممتدة بين عامي 2010م و2020م وهي خطة تضم عدة مشروعات تنموية تدخل في إطار الوثيقة الإستراتيجية الخاصة بالفترة ما بين عامي 2008م و2013م، والتي لا تزال في طور التنفيذ، وإستراتيجية الأمن والتنمية الخاصة بدول الساحل التي تبناها الاتحاد الأوروبي عام 2011 وتم التصديق عليها في عام 2014.
وقد كللت تلك الاستراتيجية بالنجاح عن طريق البعثات المدنية لقوات الأمن الداخلية من أجل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، والتي تم إقرارها عام 2012 في إطار سياسة الأمن والدفاع المشترك بين الاتحاد الأوروبي بناء على طلب حكومة النيجر، وتم تمديد وزيادة قوام البعثة وتوسيع نطاق عملها في يوليو 2014 وحتى يوليو 2016 طبقًا لطلب السلطات النيجرية.
تفاصيل بين السطور..
ويسمح التعاون في إطار الإتفاقية بتعزيز قطاع الأمن الغذائي عن طريق تمويل البرنامج الحكومي الذي يطلق عليه «النيجريون يطعمون أنفسهم» وتم تصنيف النيجر على صعيد مؤشر التنمية البشرية وقطاع قدرات الدول على وضع سياسة اجتماعية وقطاع الأمن والحوكمة والحفاظ على السلام فضلا عن قطاع تحرير المناطق التي لا تنعم بالسلام أو تلك التي على شفا الانخراط في النزاعات؛ نظرًا لأن لديها حدودا مع دول ليبيا ومالي ونيجيريا التي تعاني من النزاعات المسلحة.
وبعد مأساة الهجرة التي شهدها عام 2015 ونظرا لنقص فاعلية عملية «ترتون» الخاصة بقوات «فرونتكس» وهي الوكالة الأوروبية لإدارة التعاون العملي خارج حدود الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، انطلقت مرحلة إستراتيجية جديدة في العلاقات بين الاتحاد والنيجر.
وقررت لجنة الشؤون الخارجية بالاتحاد في 13 مايو 2015 إجراء تعديل أحادي الجانب على مهمة البعثة إلى النيجر عن طريق إدراج بند مكافحة الهجرة غير الشرعية، فتحول الاتفاق من منطق التعاون التجاري والتنموي وتعزيز قدرات النيجر الأمنية والعسكرية إلى مناطق مكافحة الهجرة غير الشرعية التي تصب في مصلحة أوروبا.
ونظرا لعدم قدرة أوروبا على تمرير اتفاق مكافحة الهجرة خلال اتفاق كوتونو، أدرج الاتحاد الأوروبي هذه الاستراتيجية الجديدة على برنامج البعثة المدنية التي تدعم قوات الأمن الداخلية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
ويتعلق الأمر إذن بقرارات جديدة تتبناها أوروبا ضد الهجرة غير الشرعية في خطوة استباقية للسيطرة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي عن طريق دولة أخرى مثل النيجر.
وتعد النيجر بالنسبة للاتحاد في وضع جغرافي حرج؛ نظرا لتدفق المهاجرين منها نحو أوروبا، فحوالي 90% من المهاجرين القادمين من غرب أفريقيا يمرون عبر هذا البلد بغية الوصول إلى ليبيا ومن ثم إلى إيطاليا.
لابد من موازنة..
دكتور أحمد طه صغير المتخصص في الاقتصاد والعلوم السكانية يؤكد أنه وفي إطار عملية إستئصال رأسمال الفقراء الأقل حظوة بتركيز الثروة لدى آلاف الأشخاص الذين يمتلكون أكثر من ربع ثروة العالم وجدت دول العالم النامية أنها مجبرة على تقبل آثار ذلك الضارة وفي بلادنا هناك 70% من جملة العمالة بالسوق الهامشي وسياسات الدول النامية تحارب تلك العمالة.
ويرى د. أحمد طه فى حديثه لـ «الصحافة» أن السياسات بالدول النامية تحارب السوق الهامشي لمصلحة المزيد ممن يمتلكون الثروة أي القلة الرأسمالية ونتيجة لذلك وحسبما يضيف وجد الشباب أنفسهم مجبرين على تحمل التبعات دون أن تكون لهم يد.
الصحافة.