.عادل عبدالعزيز: ارتفاع سعر الصرف أصبح مهدداً اقتصادياً وأمنياً

الخرطوم : رجاء كامل
دعت صعوبة الوضع الاقتصادي وما صاحبها من ارتفاع في النقد الاجنبي»الدولار» مؤخراً، الذي تجاوز 28 جنيهاً قبل ان يستقر خلال هذه الايام في حدود 23 جنيهاً، بعد تدخل حاسم من رئاسة الجمهورية لوضع سياسات اقتصادية تعمل على تخفيف اعباء المعيشة واغلاق الطريق امام ضعاف النفوس واللاعبين بسعر الصرف بالبلاد، فبعد اجتماع اول بين رئيس الجمهورية والجهات ذات الصلة، وصف بالتاريخي والحازم لكونه خرج بقرارات شديدة اللهجة في مواجهة ارتفاع أسعار الدولار والعملات الأجنبية، ما نتج عنه انخفاض في سعر الصرف واستقرار السوق.
اجتماع ثان ناجح:
وعقدت رئاسة الجمهورية الاجتماع الاول على ارض الواقع والآثار الايجابية التي شهدها السوق من استقرار للأسعار وغيرها عزمت على عقد اجتماع ثان حول السياسات الاقتصادية برئاسة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير للوقوف على مدى تنفيذ وتأثير الإجراءات التي تم اتخادها في الاجتماع الأول الأسبوع الماضي، على الواقع الاقتصادي.
وقال محافظ بنك السودان حازم عبد القادر ? فى تصريحات صحفية ? إن الاجتماع أصدر بعض الإجراءات لتصحيح بعض الجوانب لقفل بعض الثغراث الظاهرة خلال تنفيذ الإجراءات السابقة، مشيرا الى أن الاجتماع استعرض كل القرارات السابقة، مؤكدا الاستمرار فى متابعة كل الإجراءات اللازمة للحد من التضارب فى النقد الأجنبي.
و قال:» بنك السودان مستمر بصورة أشمل في ضخ مزيد من النقد لمقابلة احتياجات المسافرين والعلاج بالخارج، والفترات القادمة بما يتوفر سنضخ مزيدا من العملات.
وشدد عدد من الخبراء الاقتصاديين على تصحيح جوانب القرارات الاقتصادية الاخيرة وسد ثغرات لضبط سعر صرف العملة والتى كانت هى ابرز محاور الاجتماع الرئاسى الثانى حول السياسات الاقتصادية ووقف الاجتماع على مدى تنفيذ الاجراءات التى تم اتخاذها فى الاجتماع الاول الاسبوع الماضى الا ان التوقعات لازالت تنظر هنا وهنالك فى ان تحدث القرارات وهذه الاجتماعات الرئاسية اختراقا لصالح الحد من تدهور الجنيه امام الدولار بالعودة الى السياسات الصارمة الداعمة لولاية البنك المركزى على اسعار صرف العملات الاجنبية.
واكد الخبراء ان اثر هذه القرارات على سعر الصرف هو ما ينتظره المواطن وتساءلوا هل تظهر الايام القادمة مفاجآت جديدة ام تضع الدولة يدها على مسببات تدهور العملة الوطنية.
ثلاثة محاور :
ويرى الخبير الاقتصادى د. عادل عبدالعزيز ان متابعة الاهتمام بهذه الامر ارتفع الى مستوى رئاسة الجمهورية معتبرا مسألة انفلات سعر الصرف انتقلت من مسألة اقتصادية عادية الى مهدد من مهددات امن اقتصاد الدولة لذلك جاء الاهتمام الكبير لهذا الموضوع على اعلى مستوى
واشار د. عادل الى ان الاجتماع الاول الذى ترأسه رئيس الجمهورية ركز على ثلاثة محاور رئيسة لمعالجة هذه القضية مشيرا الى ان المحور الاول معنى بالضبط الادارى للمتعاملين غير الشرعيين للسوق النقد الاجنبى وهو مسؤول عنه النيابة العامة كاجراءات جنائية واجهزة الضبط كجهاز الامن والمخابرات الوطنى لافتا ان التوجيهات صدرت بان يتم رفع مستوى المحاسبة للمتفلتين والذين يتاجرون بطرق غير مشروعة فى النقد الاجنبى الى مستوى انهم يرتكبون جرائم ضد الدولة وجرائم غسيل الاموال ورعاية الارهاب وصدرت التوجيهات فى هذا الصدد الى النيابات حيث صدر تعديل فى قانون التعامل فى النقد الاجنبي.
فيما شمل المحور الثانى توجيهات خاصة بالسياسات المالية التى تتولاها وزارة المالية والاتجاه الثالث متعلق بالسياسات النقدية التى يتولاها البنك المركزى عبر النظام المصرفى والتى اتخذها البنك المركزى من خلال ثلاثة منشورات مهمة، المنشور الاول والخاص بشراء وتصدير الذهب وهو يمثل قيمة حقيقية كبيرة ومصدرا من مصادر العملات الاجنبية كاحتياطى لبنك وحدد المنشور ان بنك السودان هو المشترى والبائع الوحيد للذهب مع استثناء للشركات المنتجة من حقها تصدير الذهب على ان تستخدم جزءا من الذهب وتستعيد عوائد الصادرات للداخل .
واكد عادل عبدالعزيز ان المتعاملين فى سوق النقد الاجنبى ومما حدث خلال الاسبوعين الماضيين توقفوا عن التعامل مشيرا الى ان الوضع الان مستقر بعد ان كان هنالك ارتفاعات بصورة يومية الآن الوضع اصبح مستقرا ويتجه الى ان يأخد الجنيه السودانى وضعه الطبيعى امام العملات الاجنبية وهذه معادلة اقتصادية
وفيما يتعلق بظاهرة المضاربين اكد د. عادل ان عددهم زاد بسبب الحصار الذى كان مفروصا على السودان خلال السنين الماضية بينما انخفض عدد المراسلين للبنوك السودانية بشكل كبير لهذا سمحت الدولة بان يتم التعامل من خلال اجسام اخرى غير رسمية لافتا ان التحويل بدون قيمة ادخل عددا كبيرا من التجار في مشكلات كبرى. وقال كان من المفترض ان يتم بصورة اقتصادية لكن استمرار هذه المسألة خلق مضاربين وهو على حسب تعريف د. عادل شخص غير مهتم بالعملية الاقتصادية
انشاء بورصة للذهب :
ويرى الخبير الاقتصادى د. هيثم فتحي ان تشرع الحكومة والبنك المركزي فى إنشاء بورصة للذهب والمعادن لانها تعالج كل القضايا الحالية وهي سياسة لن يكون فيها بنك السودان المشتري الوحيد وانما تكون هى التى تحدد السعر وفقا للاسعار العالمية وتستطيع أن تجذب الذهب الذي يهرب للخارج إلى داخل السودان عبر السياسات وتجذب الذهب المخزن لوجود الأسعار التشجيعية، بالإضافة إلى دخول استثمارات جديدة للعمل في البورصة.
واشار فتحي الى أن هناك بعض مستخرجي الذهب لم يقوموا بالتصدير للخارج وولجت هذه الكميات السوق المحلي بغرض المضاربة مما شكل زيادة في المعروض منه.
ودعا هيثم الى ضرورة ضمان أن يكون التصدير لكل الشركات ، وبكل وسائل الدفع المضمونة في عمليات التصدير ، بجانب تيسير الإجراءات المرتبطة بعملية الصادر، حتى تكون محفزة للقطاع الخاص للعمل عبر الجهاز المصرفي المنظم، ولضمان الحد من عمليات التهريب لخارج البلاد أو للداخل عبر المضاربة في الذهب. وقال ان إنتاج الذهب في العام الماضي بلغ «93» طناً صدرت منها عبر المنافذ الرسمية «30» طناً وتم تهريب النسبة المتبقية منه والفرق بين المنتج والصادر 60 % لكن تناقص معظم الشركات التي تعمل في تصدير الذهب وبالتالى ارتفاع سعر الصرف للعملات الاجنبية مقابل العملة الوطنية.
واكد هيثم ان إنتاج البلاد من الذهب، لم يدخل الدورة الاقتصادية بصورة رسمية وان
السياسات الاقتصادية تجاه الذهب كانت غير مكتملة في أدوارها ومساهمة انتاج الذهب فى الاقتصاد يمكن ان تظهر آثارها فى المدى الطويل مشيرا الى تأثير عجز موازنة الدولة في انخفاض قيمة الجنيه. حيث إن عجزها بلغ أكثر من 18 مليار جنيه بين الإيرادات والمنصرفات بينما بلغ عجزها 8 مليارات دولار في ميزان التجاري لافتا ان العملة أصبحت سلعة تخضع للمضاربات والتخزين والندرة أو افتعال الطلب لسلع.
واشار ان مصادر الخلل في القطاع الخارجي «الصادرات والواردات» لأن العجز في الميزان التجاري يفوق إجمالي قيمة الصادرات
البلد تصدر مواداً خاماً في صورة منتجات خام وهذا يسمى باقتصاد صادرات الموارد وهو الوصفة الكلاسيكية المضمونة لاستدامة الفقر والتخلف لعدم إدخالها في الصناعة التحويلية واضافة قيمة لها لابد من زيادة الانتاج والإنتاجية والإنتاج من أجل الصادر ودعم عمليات الصادر
وهو ما يدعم قدرة البنوك على تلبية طلبات الاستيراد للسلع الأساسية والاستراتيجية، وزيادة مواردها الذاتية وتلبية الطلب على العملة، ومن شأن استمرار طرح الشهادات مرتفعة العائد بـ16 و20% على الجنيه
دعم قيمة الجنيه :
واكد هيثم ان هذه الاجراءات جيدة على المدى القصير لدعم قيمة الجنيه، ولكن هذا لا يمنع أن لها تأثيراً سلبياً على الاستثمار، كما أنها غير كافية لتحقيق الاستقرار، فالتأثير الفعلي على سوق الصرف في نهاية الأمر يأتي من زيادة الصادرات عن الواردات، والحقيقة ان مواردنا من النقد الاجنبي انخفضت بعد خروج البترول من صادراتنا
وبالتالي نحتاج اجراءات قد لا تكون في يد البنك المركزي، مثل العمل على تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في مناطق التوتر الى حالتها الطبيعية وعلى المدى الطويل لابد من زيادة الانتاج
وابان هيثم لابد من التعاون الكامل من جانب البنوك اثناء تنفيذ تعليمات البنك المركزي بما يحقق المرجو منها في مواجهة السوق السوداء وسرعة العودة لانتظام سوق النقد الاجنبي ورفض أي تعاملات تتم في السوق المحلي بالنقد الأجنبي.
واوضح ان تجاهل العملة الوطنية والاصرار على التعامل بالنقد الأجنبي أسلوب ينفرد به المجتمع السوداني على أن يوجه جزءا من الاموال التي تم توفيرها من خلال الغاء الدعم عن بعض السلع البترولية الى الاستثمارت الحكومية فيتم التوسع في صناعات قائمة أو إنشاء صناعات جديدة تحل محل الواردات ولابد من بذل المزيد من الجهود لجذب الاستثمارات من عدد من الدول العربية وعدم التركيز على دول بعينه.
الصحافة.