دخول الرئاسة ليس كالخروج منها

عبد الرحمن الراشد

لا يسير في شوارع بلده مطمئنا من الحكام العرب السابقين إلا ندرة، بل لا يوجد سابقون إلا ندرة.. الكل يشير بإعجاب إلى سوار الذهب، الذي حكم السودان لأقل من عام، وسلم السلطة طواعية وذهب إلى منزله. وهذا صحيح، وإضافة إلى كونها حالة غير مألوفة، فلا ننسى أنه جاء بانقلاب عسكري.

أزمة الرئيس في الحكم أنه يعرف أنه لا خروج من الباب سلميا إلا إلى المقبرة. تاريخيا يعلم الزعيم بعد انتخابه، أو انقلابه، أن الخروج من قصر الرئاسة لن يكون على سجادة حمراء مثل الدخول إليه. وما قصة بن علي، حاكم تونس المخلوع، إلا النموذج التقليدي لكل الذين خرجوا أحياء، وبالتأكيد هم مسؤولون عن نهايتهم المأساوية التي يقودون أنفسهم إليها، ويجرون شعوبهم إلى فوضاها؛ لأنهم ينشغلون بتثبيت حكمهم، بدلا من تأسيس نظام تتداول فيه السلطة سلميا.

عربيا، مهنة الحكم ذاتها أخطر المهن، حتى لو جرت في أجواء قانونية. رفيق الحريري، مثلا، حتى بعد استقالته من رئاسته الثانية للحكومة اللبنانية، لم يكتف رئيس الجمهورية حينها، إميل لحود، الذي اختلف معه، بإخراجه، بل ضيَّق عليه عيشته اليومية وقام باعتقال 3 من وزرائه، ومنع حتى سياراته من دخول المطار، وبالطبع مات قتيلا. يمكن أن نقول: إن لبنان بلد في حالة حرب مهما قيل عن اتفاقيات السلام الموقعة ومظاهر السلم المدني اليومية. لنأخذ مثلا آخر، الصادق المهدي، رئيس وزراء السودان، الذي انتخب بالأغلبية وحكم 3 سنوات، انقلب عليه منافسوه في الحكم، الذين خسروا الانتخابات، واستعانوا بالعسكر الذين قاموا بحبسه في سجن كوبر، على الرغم من أنه رجل مسالم. هذه طبيعة الأنظمة القاسية التي لا تسمح حتى بالهامش الصغير لخصومها ولا تحترمهم عند مغادرتهم.

العالم العربي منذ عام 1949، عندما دشن حسني الزعيم، في سورية، عهد الانقلابات العربية الناجحة، صارت الرئاسات سباق جياد برية متوحشة، ركوبها خطر، والبقاء على متنها صعب، والنزول منها مخاطرة عظيمة. بخلاف ذلك في الأنظمة المؤسساتية. في ظل نظام ويستمنستر البريطاني، وبتجربة ثلاثمائة عام، خرج توني بلير مهزوما وعاد إلى بيته وأولاده. جيمي كارتر، الذي خسر الرئاسة الأميركية منذ ثلاثين عاما، يمارس حياة مليئة بالحيوية، سياسيا واجتماعيا، ويؤدي التحية له كل الذين يقابلونه عن محبة لا عن بروتوكول أو إلزام.

هذه صور غير معروفة في منطقتنا.. أن يغادر الرئيس العربي من قصره إلى بيته سالما معافى ويعيش حياة كريمة مع أولاده وأصدقائه، حلم بعيد في ظل النظام العربي الذي لا يحترم شرعية في التسلم أو في التسليم، فتزور الشرعية بتزوير الانتخابات وتعزز المؤسسات الأمنية لحماية الشرعية المزورة. لهذا يكون انتقام الخصوم أعمى، بلا احترام للنظام نفسه الذي يطالبون به، ثم يأتي من بعدهم من ينتفض أو ينقلب ويبدأ في اضطهاد من سبقه، وهكذا. ولأن الزعيم نفسه لا يحترم النظام، فلا يحترم الناس النظام، ويتخلى عنه أقرب الناس إليه، الذين كانوا يمتدحونه، ويعتقله الضباط أنفسهم الذين كانوا يؤدون له التحية. هذا هو الثمن للنظم الفردية لا المؤسساتية التي تقوم على أسس شرعية يحترمها الجانبان.

[email protected]
الشرق الاوسط

تعليق واحد

  1. عزيزي عبد الرحمن الراشد أرجو تفضلاً مراعاة الألفاظ العربية ( مهنة الحكم ذاتها أخطر المهن ) أظن أن هناك عدم صحة !!!!!!!!!

  2. إن حالة سوار الدهب التى يعجب بها بعض الكتاب العرب ما هى إلا حالة الخيبة و عدم الجدارة التى إتصف بها هذا الرجل فهو أقتنع بصعوبة لتولى زمام السلطة بعد نميرى و قبل بعد لأى و صام ثلاثة أيام حسب قوله لحنثه بقسم حماية مايو. ولم يجروء على شطب قوانين سبتمبر لأنه أصلا شخص متردد. بل وطفق يعمل بنشاط فى سبيل تأييد حكم الإنقاذ. فماذا فى حالته ما يدعو للإعجاب به؟ إنه واحد من أسباب نكبات السودان.

  3. سوار الدهب يريد ان يدخلنا للمربع الاول الذى خرج منه الجنوبيين وهو ان نكون موا طنين درجة تانية فى حكومة شمال الوادى….اذا كان هذا رايه لماذا لم ينفذه عندما اتتهه الخلافة منقادة تجرجر اذيالها فتعفف عنها وقال انى اخاف الله رب العالمين…ام ان المصريين فى ذلك الوقت لم تكن لهم الحاجة ليتحدو ويتوحدو مع رجل افريقيا المريض لان القمح الامريكى وقتها كان يتدفق من مطاميرهم وياكلون البسبوسة بدل الخبز…كيف يرضى الرجل لوطنة ان يكون delevery تحت الطلب…والله عجيبه

  4. على وزن دخول الحمام ليس كالخروج منه والاتنين سواء فى العفانة والرداءة الرئاسة والحمام
    وزى ما قال الشاعر ليس هناك فرق بين السياسة والدعارة
    الشعب السودانى شعب جعان وخواف وبتاع كلام بس وعمرو ما حايعمل حاجة ، يقعد يقول نحن اجدادنا عملو وعملو وابهاتنا عملو وعملو سؤال نحن عملنا شنو غير التعليق والسخرية والتهكم والتوعيد والوعيد ، اااه يا شعب يا جبان اااااه يا شعب يا خواف ( ومن يتهيب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر ) خليكم فى حفركم دى والكيزان ما كدبو لمن قالو ليكم خلى واحد يجرب ويطلع الشارع

    وتقولو تونس ؟؟

    لله درك يا وطن

    ابـــــــــــوعــــــــمــــــــــر

  5. للاسف حتى الآن تصنف تجربة سوار الذهب بالظاهرة الصحية والايجابية ويوصف الرجل

    بالشجاعة لتسليمه السلطة !!!! أولا قبل سوارالذهب المهمة على مضض وبضغط من كبار

    ضباط القوات المسلحة لاقدميته ومنصبه ورتبته وليس لجدارته وشجاعته__ وأصغر

    ضابط فى ذلك الوقت يعرف ذلك ___ والدليل تعيينه وزيرا للدفاع لضمان طاعته

    وتنفيذ تعليمات الرئيس جعفر نميرى ____

    والدليل الاخر لجبن هذا الرجل التطبيل لهذا النظام وظهوره فى اجهزة الاعلام بمناسبة

    وبدون مناسبة وبأى صفة لاأدرى؟؟

    التاريخ سيعطى لكل شخص حقه __ وأول هؤلاء هذه الشخصية التى ستعرف الاجيال

    القادمة حجمها الحقيقى _____

  6. يقال ان بشبش علي طول الخط واقفين قدامه خمسه "شياطين" ليه……؟
    واحد يوسوسله واربعه يفهموه

  7. دعوة الراشد واضحة ولكن الذين يدعوهم أرشد ، لماذ ا لندن وويستمينستر و السودان أقرب، فقد خرج كثير من الحكام ودخلوا السوق مع "قفة الخضار" ولم يتعرض لهم أحد وهنالك من لا يزالون يمارسون السياسة بالرغم من تاريخهم غير المشرف وهم فى أمن وأمان وهم يعلمون أن لسان حال من ظلموا يقول : عفا الله عما سلف." ومثال لهؤلاء رجلك الذى ضربت به المثال مبدع تجربة المرتزقة ولا زال الرجل يأمن على نفسه وماله وعرضه.

  8. من زمان وين كلامكم ده عن سوار الذهب يا اوشيك وقرفان من الكيزان؟؟؟

    هسي سوار الذهب بقى جبان وفي حالة خيبة؟؟؟؟

    هسي خلي واحد تاني يجيبه ليكم زي ماعمل سوار الذهب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..