فوضى الأجهزة الأمنية بليبيا

أثار تعدد الأجهزة الأمنية، التي تعمل على الساحة الليبية بعد الثورة، مخاوف من اختلاط ما هو شرعي منها بغير الشرعي خاصة في ظل ما تشهده البلاد من فوضى السلاح.

وتعمل في ليبيا أربعة أجهزة أمنية، وهي الأمن الوطني والوقائي والإسناد الأمني واللجان الأمنية، ورغم جهودها في تأمين ليبيا طيلة فترة الفراغ الأمني، فإن هذه الأجهزة تورطت في أعمال الحبس والاعتقال خارج إطار القانون، وصولا إلى ارتكابها انتهاكات حقوقية، حسب تقارير منظمات حقوق الإنسان.

وسحبت هذه الأجهزة البساط من تحت الشرطة المعنية بالقبض والإحضار وتنفيذ إجراءات المحاكم والنيابات، وأصبحت حملا ثقيلا على خطط الأمن الجديد.

انتهاكات الأمن
ويعترف مسؤول ملف الداخلية بالمؤتمر الوطني عبد الجليل سيف النصر في مقابلة مع الجزيرة نت بتورط بعض الأجهزة في انتهاكات حقوقية.

ويقول إن نفي هذه الحوادث الفردية يدخل في إطار سياسات التعتيم، مؤكدا أن بعض الأجهزة تضم بين عناصرها مقاتلين من النظام السابق وخارجين عن القانون، لكنه رفض التعميم على جميع الأجهزة التي تضم أيضا ثوارا ساهموا في تأمين وتحرير البلاد.

وكشف سيف النصر عن وجود 80 ألف منتسب للجنة الأمنية العليا، و132 ألف عنصر أمني تابع لوزارة الداخلية، لكنه أشار إلى أن ظروف الثورة والحرب خلقت هذه الأجهزة، قائلا إن على الحكومة والمؤتمر الوطني الإسراع في إصدار تشريعات لدمج الثوار في 25 وزارة، من بينها وزارتا الداخلية والدفاع.

من جانبها دعت وزارة الداخلية أمس الخميس أعضاء الأجهزة الأمنية إلى الالتحاق بمؤسساتها بشكل فردي، قائلة إنها قادرة على استيعاب ستة آلاف ثائر في أجهزتها الحديثة.

وحدد رئيس اللجنة الأمنية العليا ببنغازي فوزي ونيس في حديث للجزيرة نت الأجهزة الرسمية التابعة للدولة، وهي اللجنة الأمنية والجيش والشرطة والقوة المتحركة مؤخرا. وقال إن بقية التسميات لم تعترف بها الدولة حتى الآن، مؤكدا أن مستقبل لجنتهم الأمنية هو الانضمام للداخلية كأفراد.

وتوقع ونيس اهتماما كبيرا من الدولة الجديدة بملف دمج الثوار، وحذّر من إهمال هذا الملف، كما حذر من “صراع مصالح” بين الأجهزة إذا استمر عملها بنفس النهج والأسلوب، وقال إن على الحكومة التفكير جديا في تفكيكها بأسرع وقت.

وعن مزاعم ولاء اللجنة الأمنية لجماعة الإخوان المسلمين، نفى ونيس هذه الروايات، وقال إن لجنتهم خليط من مختلف أطياف الشعب الليبي، لكن فيها “الصالح والطالح”، على حد تعبيره.

مشكلة كبرى
بدوره وصف أحد ثوار الشرطة، وهو العقيد جمعة المشري، تعدد الأجهزة بأنها أكبر مشكلة تواجههم حاليا.

وقال للجزيرة نت إن من المعيب على رئيس الوزراء علي زيدان عدم عقد أي لقاءات مع كفاءات الشرطة إلى هذا الوقت والاستماع إلى خططهم لإرجاع الأجهزة الضبطية الحقيقية، مؤكدا قدرتهم على تفعيل الشرطة في أسرع وقت.

ودعا المشري الدولة للإعلان بشكل عاجل عن الأجهزة التابعة لها، والأخرى غير الشرعية حتى يتمكن المواطن العادي من الذهاب إلى تقديم شكواه لمراكز الشرطة “بدلا من ذهابه إلى اللجان الأمنية المدججة بالسلاح”.

وكشف المشري في حديثه عن اختراق أجهزة الثوار، وقال إن عددا من أزلام القذافي تمكنوا من توفير حراسة لهم بأموالهم، رافضا الإدلاء بمزيد من المعلومات.

وفي مقابل رأي المشري، يقول زميله الضابط في إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية حكيم الساحلي إن أجهزة الأمن المتعددة لم تسبب ارتباكا أثناء مراحل تأمين ليبيا عقب نجاح الثورة، لكنه أكد أنه مع تشكيل الحكومة عليها أن تختفي تدريجيا من المشهد.

صراع كبير
وأكد الخبير في الأمن عبد الله مسعود خلال حديثه للجزيرة نت أن أجهزة الثوار الأمنية أصبحت موازية للأجهزة الرسمية، وفاقمت أزمة الأمن بليبيا في الوقت الحالي.

وقال إنها قد تعرقل قيام الأجهزة الحقيقية، لكنه أشار إلى دورها الإيجابي في السابق بحمايتها للمنشآت الحيوية والمؤسسات، مؤكدا أن قيادات هذه الأجهزة عاقلة ولن تعرقل مسيرة الدولة بعد قيامها.

لكن مسعود توقع صراعا كبيرا على تسمية قيادات الأجهزة وكيفية دمجها بعد إنشاء أجهزة أمنية وطنية موحدة مع تولي وزير الداخلية الجديد مهامه الأسبوع المقبل.
المصدر:الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..