وليم أندريا.. الأغنيات ضمادات الوجدان

الخرطوم: عبد الجليل سليمان
لو كان هنالك من ينبغي أن يتصدروا ذاكرة هذا اليوم المفصلي في تاريخ السودان فلا شك أن (وليم أندريا) سيكون أحدهم.
ولأن ذاكرة الإنسان دوماً ما تمد يدها لقيع سحيقة تأتي من لدنها بأخبار الأولين والآخرين، لذا فإن التاسع من يوليو من جهة أنه يوم عظيم أخبرنا أن نوجه عقرب بوصلتنا نحو أحد عمالقة كرة السلة وأمهر لاعبي الجيتار ومغني الجاز في تاريخ السودان (الإبداعي) الحديث.
وسيرة (أندريا) التي رمت إلى السودانيين بإنجازات ضخمة شبيهة في حيزها الزمني بسيرة أبو القاسم الشابي (التونسي) في الشعر، فـ( وليم أندريا) المولود من أب (قبطي/ جنوبي) وأم إثيوبية من سلالة (أمهرا) رحل بكل منجزاته وجيناته عنا وهو في الخامسة والعشرين من عمره.
(1)
قيل إن السيد بيتر جد (وليم) وهو سوداني قبطي تزوج من جنوبيه فأنجبت له طفلاً وسيماً تشع عيناه ذكاءً وتتفجران فراسةً فأسماه (أندريا)، وأندريا الذي ولد ونشأ وترعرع ودرس في وسط الخرطوم حيث منزلهم الكبير قرب مستشفى الراهبات شب فتى قوياً ومحبوباً وثرياً فتزوج من الآنسة (مريم) وهي سودانية تعود أصولها إلى قبيلة الأمهرا الإثيوبية الشهيرة فأنجبا سبعة، أربعة أولاد وثلاث بنات، جوزيف وفايز ولطيف ووليم، والبنات هن آمال وشادية وكاترينا، وقيل إن جميعهن كن متميزات وبارعات في كرة السله، حيث مثلن العمود الفقري للفريق القومي النسائي لهذا المنشط, وقد أبلين حسناً في كافة المباريات اللاتي خضنها باسم السودان.
ولكن كان لـ(وليم) المولود سنة 1951م ? والمتوفي سنة 1976م، شأن مختلف.
(2)
الغزال الأسمر (وليم اندريا) خلاسي يحمل جينات الجنوب وإثيوبيا والشمال، ربما هذا التلاقح هو ما جعله يتصدر مشهد (الفن) وهو بعد صبي يافع، خمسة وعشرون عاماً فقط وانتهت مسيرة جسده في هذه الحياة، لكن سيرته التي في (روحه وإنجازاته) ما زالت تمشي بين الناس، حيث بدأ مشواره مع الإبداع حارس مرمى، وما لبث أن اتجه إلى كرة السلة التي برع فيها حتى انتقل في فترة وجيزة بين فرق كمبوني، أشبال النادي الكاثوليكي، الفريق الأولمبي ثم الفريق القومي الذي انضم له كأصغر لاعب في السابعة عشرة من عمره، ثم سريعاً أصبح كابتنه قبل أن يتم اختياره ضمن منتخب أفريقيا لكرة السله فكان شرفاً كبيراً وإنجازاً ضخماً للسودان.
لكن لن تقف بك لسيرة الذاتية لـ(لأندريا) وأنت تقلبها بين إصبعيك إلى هذا الحد، فتقرأ في صفحاتها التاليه أنه قاد المنتخب القومي للسلة إلى الفوز بالبطولة العربية سنة 1975م التي نال فيها لقب أفضل نجم بالبطولة وأفضل لاعبيها، واختير في ذات العام بجانب كل من الإعيسر ومايكل ضمن منتخب أفريقيا لكرة السلة (ثلاثة لاعبين مرة واحدة) فاستحق بذلك وسام الرياضة من الدرجة الأولى سنة 1976م، قبيل رحيله بشهور.
(3)
لم يكتف وليم أندريا بنجومية كرة السلة فأسس إحدى أبرز وأهم فرق موسيقى الجاز في سبعينيات القرن الماضي وهي فرقة أندريا أو الـ(بلو استارز) في رواية أخرى، وقد سجل أولى أغنياته للتلفزيون في العام 1975م حيث أحدثت دوياً هائلاً وسط شباب ذاك الزمان، ونقلت وليم أندريا إلى نجومية أخرى، فلنستمع إذاً:
كفاية مزاح وخلي الليل يكون صباح
بدور ارتاح
واضمد في فؤادي جراح
وافرح بيك زي يوم داك
أعوض بيك شبابي الراح
وبالفعل عوضت سيرة وليم أندريا الثرة شبابه الذي أفنته طلقة انطلقت من فوهة بندقية (سمجة) لتصيبه في مقتل داخل منزله وسط الخرطوم إبان محاولة قلب سلطة النميري من قبل من أسماهم بالمرتزقة تحت قيادة العميد محمد نور سعد، ولا زال الجدل مستمراً حول من الذي أطلق النار على الفنان وليم أندريا قوات نميري أم (ناس) محمد نور سعد!! وانتهى الجدل إلى نتيجة أم لم ينته يظل (وليم اندريا) أحد رموز التمازج بين الجنوب والشمال التي انتجت عباقرة ومبدعين ? وفي مثل هذا اليوم ? دعونا نغني مع (أندريا) كلماته الأخيره :
بدور أنسى الدموع والهم
ومن نظراتك اتعلم
أجمل كلام وأحلى نغم
تعيش يا حبيبي لي تسلم
اليوم التالي
و جـعـلـنـاكـم شـعـوبـا و قـبـائـل .. لـتـعـارفــوا:
:
و لـيـم أنـدريـا .. بـاراك حـسـين أوبـامـا .. بـنـدر بـن سـلـطـان .. أنـور الـسـادات .
:
و مـلـهـمـة الـفـنـان المـطـرب .. الـنـور الـجـيـلانـي .. مـدلـيـنـا .. !!
:
و مـا أحـلـى ..خـاطـف اللـونـيـن ..
:
وبـرضـو .. حـاجـه كـدهـ .. زي دهـب الـسـبـايك .. !!
تـعـارفـوا تـحـابوا تـمـازجـوا .. تـصـحـوا .. ؟؟
.
اتذكر وليم اندريا ونحن طلاب في التجارة الثانوية واصدقاؤنا في الخرطوم القديمةالثانوية حيث كان يدرس اخي رحمه الله كنا نذهب الي ملاعب التنس في جامعة الخرطوم ونشاهد وليم اندريا وطالبات جامعة الخرطوم تجشيع بهستيريا ونحن الشباب في غيظ ينتابنا نوع من الغيرة لكنا كنا ايضا معجبين به ونعتبره قدوة لنا في مقتبل اعمارنا -ولا تصدق- اننا وقفنا مجموعة من الطلاب وايضا شابات كثيرات واخرون نبكي عندما سمعنا بمقتله وقد كان موته استشهادا حيث دافع عن شقيقاته الجميلات عندما تحرش بهن العسكر الهمج من جماعة نميري اومحمد نور- لقد كان فقده فقدا لكل السودان حيث كان محبوبا من الجميع ولا ننسي اخواته الجميلات المهذبات ذواتي الخلق والوجهه المشرق الجميل .
للتنويه جاء فى المقال ان فرقة وليم أندريا كان اسمها البلوستارز وهى معلومة خطا البلوستارز تم تكوينها فى تلك الفترة فى مدينة بحرى بواسطة الموسيقى بدرالدين والد الفنانة منال بدرالدين ومجموعة من الموسيقيين أمثال عمر قيلى و فتحى درمز والدرذيرى و ابو رزقة و اخرون ٍوكانت تصنف فى المركز الاول لدى محبي الموسيقى الغربية و كانت هنالك منافسة حادة بين البلوستارز و فرقة وليم اندريا. هذا مالزم توضيحه