الممثلة السعودية تكسب حرب العادات وتنطلق عربيا

خاضت الممثلة السعودية معركة شرسة ضد تجاوز قيود المجتمع الصارمة والرفض حتى نجحت في نهاية المطاف في إثبات نفسها بين مثيلاتها الخليجيات لتؤكد أنها لا تقل موهبة عنهن.

وتعج الساحة الفنية حاليا بالممثلات السعوديات بعد أن كن يعدن على أصابع اليد الواحدة. وحاليا يصعب حصر الممثلات السعوديات اللاتي بتن شاركن في المسلسلات الخليجية والعربية وتقود ريم عبدالله لواء الممثلات السعوديات بجدارة ومعها مريم الغامدي ومروى محمد وأمل حسين واغادير وشروق عبدالله وريماس منصور وهند محمد ونادية حلواني وجنات رهبيني وأمل عبدالله وغيرهن كثيرات، حتى بات منهن مخرجات على مستوى عالي من القدرة.

ولفتت هيفاء المنصور التي درست الأدب الإنجليزي المقارن في الجامعة الأمريكية في القاهرة وتخرجت منها عام 1997 الأنظار إليها بعد إصرارها على العمل كمخرجة سينمائية، وتلقت تشجيعا من أهلها وقدمت عددا من الأفلام منها "من؟ "و "الرحيل المر" و "أنا والآخر" و"نساء بلا ظل" كما قامت بالإشراف على الفيلم السعودي الروائي الطويل الأول "كيف الحال".

تطور الدراما ساعد على اتساع دور الممثلة السعودية

ولم تعد الممثلة السعودية تؤدي أدوارا ثانوية.. بل وصلت إلى تقديم أدوار البطولة كما هو الحال مع ريم عبدالله التي تشارك حاليا الممثل محمد العيسى بطولة مسلسل (مزحة برزحة).. فيما باتت بقية الممثلات حجر زاوية في كل المسلسلات السعوديات مما قلل بالاستعانة بالممثلات الخليجيات في أداء دور المرأة السعودية.. وهو ما تؤكد عليه الممثلة البحرينية أميرة محمد التي ترى أن الممثلة السعودية نجحت في إثبات وجودها لأنها موهوبة.. لهذا ظهرت على الساحة بشكل لافت للنظر.

وتقول للعربية.نت: "كان وجود الفنانات الخليجيات في الأعمال السعودية في السابق نتاج نقص في الممثلات السعوديات. ولكن في العامين الماضيين بدأ ظهور الفنانة السعودية بشكل أبرز. وفي نهاية المطاف نحن ممثلات خليجيات ونشكل فنا واحد".

وتتابع: لا أتفق مع تسميات مسلسلات سعودية أو بحرينيه.. أنا موجودة في الدراما وأؤكد ذلك فهناك خليط من الجنسيات الخليجية في كل مسلسل وهذا أمر طبيعي".
وتشيد أميره بحضور واقع المرأة في الأعمال الجديدة التي باتت تكتب خصيصا لها. وتقول :" لم تعد المرأة مهمشة في الدراما كما كانت في السابق .. لم يكن الكتاب قبل عدة سنوات يناقشون قضايا المرأة والظلم الذي يقع عليها.. ولكن في الفترة الأخيرة بدأ ظهور المرأة بشكل قوي حتى في النشاط السياسي وصرنا نشاهد أعمالا تقوم ببطولتها فنانات وهناك ظهور أفضل للمرأة وحتى نوعية المواضيع التي تتم مناقشتها تغيرت ولم تعد كلها تركز على ضعف المرأة وظلمها".

طريق صعب

لم يكن طريق الممثلة السعودية مفروشا بالورود.. كان أشبة بحرب شرسة ضد المجتمع الذي كان يرفض ظهورها كاشفة الوجه في الأسواق فما بالك بالظهور عبر التلفزيون. عانت الممثلة شروق عبد الله، التي كانت بدايتها مع الدراما التليفزيونية من خلال مسلسل "أخوات موسى" وجسدت فيه شخصية الصديقة للفنانة ميساء مغربي ، واجهت الكثير من الصعوبات لإقناع أهلها بدخول مجال التمثيل .. وتقول :"وجدت في البداية معارضة من جانب أهلي والمقربين مني للعمل بالفن".

وتضيف:" لإيماني بسمو الرسالة التي أحملها قررت خوض التجربة ونجحت في إقناع الجميع بأن الإنسان الملتزم في قرارة نفسه بدينه ومبادئه قادر على الوصول إلى هدفه وإن طال الطريق أو صعب.. لهذا تحديت الجميع كي أثبت نفسي.. لأن التمثيل رسالة نبيلة قبل كل شيء".. وتتابع:" لا تعكس شخصية الممثل في مسلسل شخصيته الحقيقية.. في اعتقادي إنها تضحية من الفنانين من أجل المجتمع؛ لأن الفنان يتقمص الألم في دور يجب أن يؤديه بإتقان، وسر الإبداع في التمثيل أن تكون شخصا آخر في أي وقت".

الممثلة السعودية نجحت في إثبات وجودها

وتؤكد شروق على أن للممثلات السعوديات دورا بارزا في كثير من الأعمال الفنية حسب مواهبهن ودراساتهن، التي أتيحت لهن من خلال الأعمال الفنية المتميزة، والتي تحتل مساحات البث الرئيسية في أغلب الفضائيات العربية. ولا يختلف حال الممثلة أمل عبد الله التي برزت من خلال مشاركتها في الحلقات الكوميدية المتصلة المنفصلة (طاش) و أيضا في مسلسلي (بيني وبينك) و(عمشة بنت عماش) عن حال أمل وغيرها من الممثلات السعوديات في الغالب.. وتؤكد أنها:" وجدت صعوبة كبيرة في اختراق مجال الفن، خصوصا في إقناع أهلها علي اعتبار أن المجتمع السعودي لا يقبل بحرية الانفراد بالرأي، خصوصا بالنسبة للمرأة، ولكنها استطاعت الحصول على دعمهم فيما بعد".. وتضيف "كنت متوقعة منذ البداية أن يكون العمل بالفن صعبا، ولكن مع التجربة العملية الحقيقية وجدت أنه أصعب مما توقعت، فالممثل حين يقوم بتمثيل دوره فلابد أن يحس بالدور وكأنه يعيشه حقيقة لكي يستطيع إقناع المشاهد بما يقدمه، وكذلك ليكون أداؤه مرضيا للجميع بدون أي تصنع يتجاوز المطلوب".
بيد أن ليس كل الممثلات السعوديات عانين الصعوبات في مشوارهن الفني.

فالممثلة السعودية الأبرز حاليا ريم عبدالله حظيت بدعم ومساندة وقبول عائلتها لقرارها بدخول عالم التمثيل.. وهي أكدت خلال حديث سابق للعربية.نت أنه على عكس ما يعتقده البعض لاقت تشجيعاً كبيراً من أهلها عندما قررت دخول الوسط الفني، في حين قد تواجه الفنانات السعوديات صعوبة في تقبل أهاليهن لفكرة دخول هذا المجال، وقالت :"كنت منذ الصغر أحلم باقتحام الفن لإفراغ موهبة وطاقة إبداعية كامنة أتمتع بها"، وتضيف :" لم يكن طريق الفن معبداً ولكنها بدعم من شركات الإنتاج السعودية التي توفر جهداً في دعم ورفد الفنانين الخليجيين وخاصة المبتدئين استطعت التغلب على معظم المصاعب التي قد تواجه الفنان بشكل عام والفنانة السعودية بشكل خاص".. ولكن ليس كل الممثلات كن بهذا الحظ.

قيود المجتمع

بين قيود العادات وسلاسل التقاليد، نهضت المخرجة هيفاء المنصور لتحاكي عبر أفلامها قضية المرأة العربية ككل والمرأة السعودية بشكل خاص.. وهي كغيرها من الفنانات السعوديات واجهت الكثير من المعوقات والصعوبات خاصة وأنها ظهرت كأول مخرجة من المجتمع السعودي تنادي بحقوق المرأة وإرادتها, تطالبها بالموضوعية وترفض تبعيتها, لم تكن معوقات هيفاء داخليه، بل من طبيعة المجتمع.

تقول المخرجة السعودية الأولى:" لم تكن الصعوبة فقط لأني امرأة من المجتمع السعودي، بل الصعوبة في البنية التحتية للمجتمع، فأنا في بدايتي أثرت جدلاً كبيراً، وواجهت صعوبات في العمل والتواصل مع الناس".. وتؤكد هيفاء أن والدها كان المساند الأول لها.. وتضيف :" رافقني والدي [رحمة الله] في مسيرتي وكان من أكثر المساندين والمشجعين لي، كان طوال حياته يمنحني شعوراً رائعاً، فلم يجعلني أشعر أن أخي يمكنه فعل شيء ولا يمكنني أنا فعله، أو ما هو مسموح لأخي محرّم عليّ، بل العكس تماماً.. لقد منحني الحق بالسفر والدراسة والمشاركة في المهرجانات وكان أول من يؤرشف لي أعمالي.. يقصّ لي صوري والمقالات التي تكتب عني في المجلات أو الجرائد".

اكتفاء ذاتي

على الطرف الآخر يعتبر الممثل السعودي خالد سامي أن تطور الدراما الخليجية هو ما ساعد على اتساع دور الممثلة السعودية فيه، مشددا في حديثه للعربية.نت على أنه كان في السابق العديد من الممثلات السعوديات ولكن لحدود ظهورهن اقتصرن على الإذاعة فلم يعرفهن الكثير.

ويقول: "كانت الممثلة السعودية موجودة بكثرة في السابق ربما أكثر من الوقت الحالي. كان هناك دنيا بكر يونس وناجية الربيع وسلوى شاكر وكثيرات مازلن يعملن حتى الآن. ولكن لم يكن هناك نشاط تلفزيوني كبير فانحصر أدائهن في الغالب على الإذاعة وقدموا أيضا أعمالا تلفزيونية مميزة".

ويتابع: "التطور الدرامي السعودي هو ماساعد على بروز الممثلات السعوديات حاليا بشكل أكبر. الممثلة السعودية دائما ممثلة جيدة وهذا يشجعنا كممثلين أن تمارس دورها في المجتمع بشكل أكثر لأنها هي نصف المجتمع. نحن دائما نركز على آدم ونهمش حواء. وعلينا أن نعطي حواء دورها الذي تستحق بعيدا عن التبرج الزائد والتعري. نشاهد الآن الممثلات السعوديات يعملن وفق أدوار محتشمة".

ويتمنى سامي الذي شارك في العديد من الأعمال السعودية والعربية أن يشاهد مسلسلا سعوديا خالصا ويقول: "صار الاعتماد على الأخوات الممثلات الخليجيات أقل حاليا. وهذا أمر جيد ولكن في عالم الدراما لا يعني وجود ممثلة سعودية أنك لابد أن تستعين بها فقد لا يناسبها الدور". ويتابع: "أتمنى فعلا أن أرى يوما مسلسلا سعوديات خالصا بكل عناصره.. ولا أعتقد أنه سيكون أمرا بعيدا جدا".

العربية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..