أكذوبة : أن القاهرة تكتب و بيروت تطبع…..و السودان يقرأ:

قرأت في صحيفة إيلاف الإلكترونية بتاريخ 5/4/2013 (أن باحثة ألمانية ترى أن السعودية تعيش حالة ثقافية كبرى، وبينما المعروف أن القاهرة تكتب وبيروت تنشر وبغداد تقرأ، إلا أن الرياض “تكتب وتنشر وتقرأ”). ذكّرني ذلك ما كنت أطالعه و أسمعه ، و يطالعه الكثيرون غيري ،في كثير من المناسبات الثقافية من تقريظ يتشدق به في فخر أجوف و فرح طفولي بعض الصحفيين و مقدمي الندوات الثقافية بشأن كثرة القراءة و الإطلاع لدى السودانيين( القاهرة تكتب و بيروت تطبع و الخرطوم تقرأ). هي الجملة التي ما فتئت يرددها كثير من هؤلاء و أولئك، في تلذذ و انبساط و (نفخة) يحسدون عليها..و لم يتوقف أحدهم ليسأل نفسه من يقرأ؟ و كم يقرأ؟ و متى يقرأ؟. كثيرا ما كنت أرى الدهشة في عيون المهتمين بالشأن الثقافي من العرب، عندما يسمعون هذه المقولة التي يكثر ترددها كما نردد الكثير من المقولات من شاكلة( السودان أكبر الدول مساحة)، و( السودان يتميز بوفرة الاراضي الزراعية) ( السودان يتميّز بوفرة المياه و الأنهار و الخيران). و كل ذلك حقيقة في واقع الأمر و لكن على المستوى النظري فقط. و لكن أين الفائدة من كل ذلك؟؟
نرجع لموضوعنا الأساسي. إذا كانت مقولة ( القاهرة تكتب و بيروت تطبع و الخرطوم أو السودان يقرأ) كانت واقعاً صحيحاً قبل ثلاثة، أو أربعة عقود، فلا ضير في ترداد هذه المقولة. ثم إذا كنا نحن أكثر الشعوب العربية قراءةً، فإلى متى نقرأ؟ وأين نتاج ما نقرأ ؟. ألم يأنىي لنا أن نتحرك من مربع القراءة إلى مربع الكتابة أو النشر؟ هل سنظل في المربع الأول إلى الأبد؟ هل سنظل مستهلكين فقط ؟.فالناظر للوضع الماثل اليوم لا يجد أي مقارنة بين ما نكتبه نحن و ما يكتبه غيرنا. ثم إذا كنا لا نزال نقرأ فأين المكتبات و دور عرض الكتب و دورالنشر؟ بل كم عدد المكتبات في العاصمة و بقية المدن الأخرى؟ لقد كانت العاصمة المثلثة كما كان يحلو تدليلها في الستينات و السبعينات)، لا تكاد تجد شارعا رئيسياً إلا و لمحت في ناصيته أو منتصفه مكتبةً، صغرت أو كبرت. حتى أكشاك الجرائد التي كانت مبثوثة في نواصي و أركان الشوارع كانت تحتشد بالكتب و المجلات العربية و الأجنبية. قل لي بربك كم من المكتبات أزيلت ليحل محلها مطعم، أو متجر، أو معرض لبيع الملابس ؟
من ناحية أخرى، حتى الكتب القديمة التي طبعت في مطابعنا يوماً ما( مثل ذكريات في البادية )، و ( ذكرياتي في دار العروبة) لحسن نجيلة و كتاب (الأمثال السودانية) لبابكر بدري و الدواوين الشعرية التي أبدعها شعراؤنا الأماجد أمثال صلاح أحمد إبراهيم، و محمد المكي إبراهيم، و محمد عبد الحي ،و النور عثمان أبكر..إلخ تحفى الأقدام بحثاً عنها في المكتبات القليلة القائمة اليوم ، و في المكتبات العشوائية التي يجازف أصحابها بعرضها على الأرصفة المغبّرة، و لا تجدها. و لي تجارب شخصية عديدة في ذلك.
لا نريد بهذا الحديث سخريةً، أو تقليل من حجم قيمتنا، أو جلد للذات.و لكن يجب أن ننظر للأمور بواقعية و أن لا نطلق أبواقنا الزاعقة و حناجرنا التي أدمنت ترديد عبارات الفخر الزائف، و الإدعاءات الجوفاء، على وجه الخصوص في السنوات الأخيرة. فبالله عليكم كم من الكتب كتبنا؟ و كم من المطبوعات طبعنا منذ أن بدأنا؟ و لنقارنها بما أنجزت القاهرة، أو بيروت، أو بغداد، أو الرباط.
إلا أننا نقول بالرغم من كل ذلك، هناك ضوءٌ يلوح في آخر النفق. و هو انتشار المواقع الإسفيرية التي تتيح القراءة و الكتابة، و بطبيعة الحال النشر. نقول ذلك بالرغم من وجود معوّقات عديدة مثل الوضع الإقتصادي المزري الذي لا يتيح للشباب شراء أو توفّر أجهزة الحاسوب أو الوصول للشبكة الإسفيرية( أن أتيح لهم الوقت). فعندها فقط نستطيع أن نقول بكل فخر: أن السودان لا يقرأ فقط، بل يكتب و يطبع كذلك.
د.محمد عبدالله الحسين
الأخ دكتور محمد: أصل المسألة نتج عن أسلوب التلميع التى كانت تنتهجها المجلات البيروتية وخاصة مجلتا الحوادث والأسبوع العربى خلال أوج تألقهما فى الستينات إلى منتصف السبعينات وضمن ذلك كانتا ترددان هذه المقولة (القاهرة تكتب و بيروت تطبع وبغداد تقرأ) ولكن مع مماهاة العروبة سطا بعض السودانيين على العبارة وأبدلوا الخرطوم ببغداد وأوهموا أنفسهم بأن (القاهرة تكتب و بيروت تطبع والخرطوم تقرأ)،، وقد شاهدنا الكثير ممن نحسبهم مثقفين وأدباء يلوكون هذه العبارة خلال مهرجان الخرطوم عاصمة الثقافة العربية والتى إنعقدت قبل سنوات قليلة تحت إدارة (المهندس) السعيد عثمان محجوب وهذه قصة أخرى.
تحية ممزوجة بالورد:
يا ريت كل كتابنا مثلك يا دكتور مقال اكثر من رائع في تحليل الشخصية السودانية لمفردات ظلت ترددها جيل بعد جيل بدون تعب او كلل ومن المعروف ان اطلاق مثل هذه المقولات الحماسية له مردود حسى ومعنوى للتقدم والازدهار وبذل المزيد بالنسبة للشعوب،، اﻻ ان ما حصل في السودان لهو قمة الفشل والاحباط منذ استقلال السودان اي من ايام آباءنا ونحن نسمع ان السودان سلة غذاء العالم العربي ثم تطور الحال واصبح سلة غذاء العالم اجمع طبعا هذا الكلام ظل حبيس الكتب وفي ذاكرة المثقفين السودانيين اما على الواقع فلا شئ زيرو ،،، ذكرنى مقالك هذا يا سعادة الدكتور بمقال الاستاذة (شمايل النور) مازال المقال منشور في هذه الصحيفة الغراء حيث تقول (ان السودانيين هم من بنو واسسو الخليج وﻻ شك ان هذه مبالغة كبيرة اذا كان للسودانيين قدرة لتاسيس وبناء مثل دول الخليج لكان اولى ان يعمرو وياسسو السودان بافضل من حالها الان، انها المبالغة والمغالاة فى حياة السودانيين من جميع نواحى حياتهم ،،ﻻشك ان السودانيبن ساهمو مساهمة كبيرة جدا في التعليم والبلدية والقضاء خصوصا في الامارات فلا زال حتى الان يستعينون بقضاة من المذهب المالكى في المحاكم الاماراتية وفي البلدية وغيرها اﻻ ان بناية الاوطان تنسب دائما ﻻهلها وحتى السودان لوﻻ الله ثم البريطانيين لكان كوم من الزبالة ينتشر فيه التخلف والانحطاط ولكن هذه هى حياة السودانيين اينما وجدو ﻻ ادرى لو من الله سبحانه وتعالى على الامة السودانية بما من به على الخليجيين، ربما لطغو وافسدو في الارض ولكن حكمة الله سبقت كل شئ فابقاهم على حالهم هذا وهذا هو واقع السودانيين رغم ان الكثير منهم ﻻ يعترفون وﻻ يقرون عندما يذهب الشخص الى الامارات مثلا ويطلق عليهم مثل هذه الادعاءات فانهم ينظرون اليه نظرة المجنون او المهوس ﻻن كلامه يخالف الواقع لو كان كلامك صحيح ما الذى اجبرك للخروج من بلدك وانت في بحبوحة من العيش لتعمل في اشغال شاقة وما الذي جعل واجبر الفتيات السودانيات لممارسة البغى والانحلال في غير اوطانهم انه الفقر والحاجة،،، وتحية للجميع
شكرا قلت كلما يدور في ذهني اذكر ذات مرة كنت في نقاش مع صحفية بالدوحة فقالت ان الشعب السوداني اوعى شعب في العالم فقلت لها اذا ماذا جنينا من وعينا؟ اقتتال خمسون عاما, ازمة هوية ? فساد اقتصادى تدور في كل اوجه الحياة فغضبت مني ووصفتني بعدم الوطنية اي الخيانه المهم بارك اللة فيك نخن لا نقرا و اذا قرانا لا نفهم و اذا فهمنا لا نعمل به و شكرا
لله درك يا دكتور : وهل هي هذه الكذبة الوحيدة التي يعيش فيها هذا الشعب الموهوم المدمن على الزهو والخيلاء حد الهوس ؟، والذي قعدت به همته عن كل انجاز حقيقي حتى وجد نفسه في مؤخرة خلق الله قابعا” في قاع جب الجهل والفقر والمرض ، وبما ان الشعر مرآة الشعوب ،، فلنقرأ هذه الأمة من خلال شعرها، لتعرف جهلها وكذبها على نفسها ، وانظر الى شاعرها يقول : يا اخوانا الجمال موجود في كل مكان ..لكن الجمال الأصلي في السودان ، ( تشرفنا) أو الذي قال : سمعنا خبرا” في الهلالية .. أربعطاشر جواد ( سكن ) سبعمية ، وما منعه ان يجعلها تمنمية أو تسعمية الا لأنهما لا تقبلان القسمة على اربعطاشر !!! يعني كل فارس مننا ( سك ) خمسين من فرسان العدو ( مرة” أخرى تشرفنا) ، ان هذا الكذب الصراح يجعلنا نتفوق حتى على الصحابة وهم يجاهدون مع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، اذ ان ربنا سبحانه وتعالى ( ذاته ) قد بشرهم وهم في شدة بأسهم بقوله( ان يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين ) يعني كل واحد يغلب عشرة ، وعندما علم منهم ضعفا” قال ( ان منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين) ، يعني كل واحد يغلب اثنين ، وفيهم عمر وعلي وحمزة وطلحة وخالد والزبير وغيرهم ، أما نحن فلا : كل واحد يغلب خمسين ( واحر قلباه ) .
أما رواة تاريخنا فحدث ولا حرج : قال شاعرنا يصف مجزرة كرري : كرري تحدث عن رجال كالأسود الضارية ( ماشي ) ، خاضوا اللهيب ( أوكي ) وشتتوا كتل الغزاة الباغية (!!!!) ، والنهر يطفح بالضحايا بالدماء الغالية( أي نهر ذلك الذي في كرري ؟) ، ما لان فرسان لنا بل فر جمع الطاغية ( بالله عليكم أي كذب هذا واي تزوير للتاريخ ، والكل يعرف ما حدث في كرري ؟؟!! ).
ولنترك التأريخ بكل كذبه ، ولنلق نظرة اليوم على أي تجمع سياسي لحكامنا الأشاوس ، اذا اعتبرنا تلك التجمعات مرآة حديثة ندرس من خلالها سلوك الامة ،، ولنر أدبيات اللقاء من خطب نارية جوفاء وانفعال الشعب معها ، حيث يتقاطر القوم زرافات ووحدانا من كل فج عميق وما ان ( يعوي ) (الساوندسيستم) باتفه الأغاني على شاكلة ( النار ولعت بي كفي بطفيها) ، أو ( دخلوها وصقيرا حام ) حتى ترتفع العكاكيز عاليا” ويبلغ العجاج عنان السماء وتنتفخ الاوداج وتنطلق الحناجر مهللة مكبرة في هستيريا عحيبة تزداد كلما صدرت كلمة تافهة من خطيب الجمع ، على شاكلة ( الزارعنا غير الله ال يجي يقلعنا ) أو (أمريكا تحت جزمتي) أو (هي لله )، والتي ما ان يسمعها هذا الشعب الساذج حتى يتناسى جوعه ومرضه ورهقه وتتلبسه قوة هائلة ينفثها في بلادة موغلة ،هتافات يمجد فيها جلاديه ، فهنيئا” لك ايها الشعب الذي غير نواميس الكون( وعلم الجبل الثبات وصار يطفئ النار المولعة بكفه فقط ).
والله ان الانسان ليقتله الأسى عندما يسال نفسه ماذا قدمنا للبشرية في أي من ضروب الحياة من علم وثقافة وفن ورياضة وسياسة وغيرها، لكي نزهو بانفسنا الى هذه الدرجة من النرجسية التي نرى فيهاأنفسنا وكأننا شعب الله المختار ، ولنقارن أنفسنا فقط بمصر التي نقول أن مواردنا أكثر منها ناهيك عن شعبها الذي نقول عنه في ( حقد لازب ) انهم ( جبناء بخلاء جهلاء ابناء رقاصات ) وما الى ذلك من الصفات الجائرة المقيتة.
ومعذرة” ان كان هذا جلدا” للذات ، ولماذا الاعتذار ؟؟ فهي ( ذات ) تستحق الحلد واللكم والسحل ،، علها تفيق من أوهامها وتصنع شيئا” لأجيالها القادمة قمين بالفخر الحقيقي. آآآخ ،، ما أفدح ثمن الانتماء أحيانا”، وشكرا” يا دكتور على هذه الاضاءة في هذا الزمن الحالك .