أهم الأخبار والمقالات

موازنات اللحظة الحرجة!

عبد الله الشيخ

طالما أنها حالة ثورية، فمعنى ذلك أن البلد يسير نحو التعافي وليس نحو الهاوية. السيناريو الأقرب للحدوث هو أن تدير الطبقة السياسية حساباتها بذكاء، ليبقى ميدان الصراع قابلاً لانتاج المستقبل.. قد يكون بيننا من ينتظر سقوط النظام من تلقاء نفسه، أن يسقط بفعل الازمة الاقتصادية، أو نحو ذلك .. النظام لن يسقط دفعة واحدة، لكن نفوذ الشارع – من حيث هو شارع – يتزايد بالضرورة ويحقق مكاسباً على حساب الاسلاميين، ولا أمل يلوح في الافق بلقاء السلطة وتجمع المهنيين، وإن كانت السلطة تعترف بكفاءة (الشباب) في تحريك الشارع، وإلا لما دعت للتحاور معهم.
إن تحريك الشارع، يعني في ما يعني، ان النظام يدفع الكثير من دم قلبه.. النظام يدفع ملايين الدولارات يومياً لحماية نفسه، وكذلك تفعل قوى التغيير التي تنزف دماءاً طازجة فوق تراب الشارع.
هل هناك احتمال بأن يقبل الطرفان بتقديم تنازلات مقابل ترطيب الأجواء، وهل يستطيع تجمع المهنيين تخويل وفد يمثل الشعب لمفاضلة السلطة على سقف الأحلام الكبيرة، أم أن اللحظة الراهنة لا تقبل موازنة كهذه؟.
منطق السياسة يقول بضرورة ايجاد معادلة تتم بموجبها مغادرة سلِسة للحركة الاسلامية، وحلول القوى الجديدة محلها دون اختلال الميزان، إذ أن (تسليم مفاتيح البلد)على حد عبارة محمد المكي ابراهيم، يعني للثوار انتصار لحظي، تعقبه رحلة مرهقة تُختبر خلالها قدراتهم في حماية الثورة، أولاً وقبل كل شيئ، بدلاً من تبديد طاقاتهم في التشفي.. انتصار الثوار يعقبه اختبار جدارتهم في تشغيل دولة (صاموتية) تختبئ داخل طبلوناتها الافاعي.. الوصول الى القصر الجمهوري، بأي شكل كان السقوط، هو بداية عمل جدي في تجسيد برنامج التغيير واعادة بناء السودان.
لا بأس من شهورٍ يتمرحل فيها التغيير، الذي يجب ان يكون جذرياً وشاملاً، لكن الانتظار مُنهِك للطرفين.. الانتظار لعام كامل – لا سمح الله – يعني ملامسة جدار انتخابات عشرين عشرين، والوقوف على مدرج عدمي ثارت ضده القاعدة الشعبية.
هذا الملف يبدو كالمسكوت عنه، لكون نقاشه المستفيض، ربما زعزع أركان التحالف، لكنه نداء السياسة.. نداء السياسة يتطلب عملاً دقيقاً لما بعد السقوط، لأن الجماهير في نهاية الأمر، لن تصبر على تلكؤ الثوار عن تحقيق طموحاتهم في نفَس الحياة الطليق.
إن قوى التغيير وهي تعكف على التحشيد وتحرص على تصاعد الحراك، مطلوب منها تجويد تفاصيل مرحلة الانتقال، بما يطمئن الجالسين على الرصيف، وبما يطمئن أصحاب المصالح في المحيط الإقليمي والمجتمع الدولى.
التفاوض الممكن والمفيد من وجهة نظر تجمع المهنيين، يتم بعد القبول بمبدأ الرحيل، وإلا فإن القول تحسمه الكتلة الحرجة، و لقد حرّك شعبنا في الماضي كتلته الحرجة وانخراطت الكيانات الحزبية والنقابية في الإضراب العام، ووقع انحياز المؤسسة ……… التي يخشى ثقلها ثوار اللحظة الراهنة، بينما تتحسب السلطة كذلك لفرضية خروج تلك المؤسسة عن طوعها.
لذا، فإن الانحياز نفسه (خشم بيوت) …… ما يحدث في الجزائر الآن، هو ان تلك المؤسسة – الجيش – أرسلت اشارات دعمت الحراك الجماهيري، ما جعل الاشياء تُرى هناااك بوضوح.. حالة كتلك يمكن أن تُعدي، بفعل الميديا على الأقل، بينما ضبابية المشهد الذي نعيشه، تجعل إختطاف النجاحات سهلاً لكل من به جرأة وإقدام!.

تعليق واحد

  1. احترم جدا تحليلك استاذ عبدالله. لكن ناموس ربنا في الآرض والتاريخ الإنساني يؤكد ان الأنظمة المجرمة مثل نظام الإنقاذ لن تذهب بشكل سلس. صحيح ان الواقع ينبيء عن حالة اقرب للجمود في المواقف ما بين شعب وشباب ثائر وعصابة متمسكة للسلطة لحد الهوس. لكن السلوك المرتبك لعصابة تجار الدين والذي لم يعد يخفى على احد يتسم بنزوع واضح نحو استفزاز الشعب وجره جرا نحو العنف. كما ان قطيع الكيزان يبدو في الظاهر متماسكا انما الحقيقة غير ذلك. تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى. انت تعلم بأنهم على استعداد لإبادة الشعب السوداني كله من اجل البقاء. وبالمقابل فإن احدا من شبابنا الجسور لن يقبل انتقال سلس للسلطة مقابل صفقة تضمن لهم المخارجة من الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوداني وما اكثرها. قناعتي الشخصية ان الصراع المكتوم بين القطيع سوف يتصاعد وقد يتخذ شكلا دمويا كما حدث في بورتسودان. كما ان ايماني الراسخ بالعلي الحكيم يجعلني على يقين من ان من اوغلوا في دماء الابرياء في الجنوب وفي دارفور وجبال النوبة والانقسنا وشرق السودان وكل ربوع الوطن – بإسم الله والدين – على مدى 30 عاما لن ينجوا بفعلتهم هكذا. انهم يتصرفون وكأنهم امنوا مكر الله. صدقني استاذ عبدالله في خضم هذا التنازع ستحدث المفاجأة وعندها “سيهزم الجمع ويولون الدبر والساعة موعدهم والساعة ادهى وأمر”. لا شك عندي ولا بنسبة واحد على مليار في المائة ان النظام بكل سفلته ساقط الى اوسخ مزابل التاريخ والايام بيننا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..