المؤامر التحضيري والحوار بعد الأنتخابات

فشل انعقاد المؤتمر التحضيري المزمع عقده بأديس أبابا بين الحكومة والمعارضة والحركات المسلحة وذلك بسبب مقاطعة المؤتمر الوطني للمؤتمر بحجج أولها أن الآلية الرفيعة لم توجه الدعوة لآلية (7+7) وثانيها ان الدعوة وصلت للمؤتمر الوطني في وقت غير كاف وثالثها ان المؤتمر الوطني لا يريد الذهاب الى أي حوار مع المعارضة قبل انتهاء الانتخابات…. كل هذه الحجج واهية ولا تقوى على الوقوف علي ساقين سليمتين كان يمكن تدراك توجيه الدعوات لكل الجهات بما فيها آلية (7+7) مع ان هذه الآلية لا أظن انها أصبحت طرفاً ولاعباً جديداً في الساحة السياسية بجانب القوي السياسية والحركات المسلحة، هذه الآلية معنية بصورة أساسية بإجراءات الحوار الداخلي , هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان الآلية نفسها تتكون من عناصر تمثل الحكومة وأخرى تمثل المعارضة الداخلية في الحوار وبهذا فانها مدعوة للمؤتمر التحضيري! اما وصول الدعوة في وقت غير كاف فهذا مبرر ضعيف جداً…
الحديث عن المؤتمر التحضيري ظهر على السطح منذ توقيع مذكرة المعارضة في المانيا والمؤتمر الوطني يعلم بذلك , وان المؤتمر التحضيري نفسه إجرائي ? تحضيري فلا حاجة الى وقت طويل للاعداد له , اما الحجة الأخيرة الانتخابات فمن المؤسف ان تكون الانتخابات سببا في تعطيل الحوار الوطني، هذه الانتخابات الفاقدة للزخم والمعنى لغياب التنافس الحقيقي لا يمكن ان يكون سبباً وعائقاً لإدارة الحوار الوطني من أي نافذة دخل منها الحوار.
وللذين لا يفهمون تكتيكات المؤتمر الوطني نقول ان تهرب وانسحاب المؤتمر الوطني من المؤتمر مرده الخوف من الزج بالانتخابات في أجندة هذا المؤتمر التحضيري بحسبان ان المعارضة الممانعة والداخلة في الحوار علي حد سواء ضد قيام الانتخابات بصورتها الحالية وبما ان المؤتمر الوطني يعوزه المنطق والموضوعية في مقارعة الحجة بالحجة فيما يتعلق بالانتخابات سوى الكلمة التي ترددها بأستمرار ان الانتخابات استحقاق دستوري لا يجوز تجاوزه وهي كلمة حق اريد بها الباطل ولو ان المؤتمر الوطني يدير الشأن العام للبلاد بعقلية رجل الدولة لأدرك ان تأجيل هذه الانتخابات افضل للبلاد و للمؤتمر الوطني نفسه من قيامها بهذه الطريقة … ولكن الواقع يشير الي سوء ادارة المؤتمر الوطني للشأن العام، فالحوار الوطني الذي انطلقت فعالياته منذ أكثر من عام لا يزال يراوح مكانه ان لم يكن قد مات موتاً سريرياً وذلك بسبب تكتيكات ومراوغات المؤتمر الوطني… تصرفات المؤتمر الوطني أشبه بتصرفات مغامرين يريدون كسب مزيد من الوقت وليست تصرفات حزب يقع على عاتقه حلحلة مشاكل البلاد المستعصية التي تكاد ان تعصف بها والأعجب من ذلك ان المؤتمر الوطني يسعى لنيل تفويض جديد من الشعب لاستكمال النهضة !! أي نهضة هذه التي لم نعثر على أثرها طيلة ربع قرن من حكم المؤتمر الوطني, لعل الكلمة مقلوبة والصحيح استكمال الانهيار للبلاد… ولله في خلقه شئون.
طالب كثير من القوى السياسية بضرورة تأجيل الانتخابات لان اجراءها تتعارض مع مخرجات الحوار الوطني… ولكن المؤتمر الوطني وعلى لسان الرئيس وبقية القادة ذهب الى القول والتأكيد ان لا علاقة بين الحوار واجراء الانتخابات… والان نسمع ان المؤتمر الوطني أجل الحوار الوطني الى ما بعد الانتخابات!
لا يظنن أحد ان المؤتمر الوطني فعل ذلك لاحتمال عدم فوزه في الانتخابات فقد ياتي رئيس آخر غير مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة البلاد أوان يفقد المؤتمر الوطني اغلبيته في البرلمان هذا من المحال , فالنتيجة معروفة سلفاً تأتي حسب ما خطط لها المؤتمر الوطني وما دام الامر كذلك فلماذا يؤجل الحوار الى ما بعد الانتخابات هل لانشغال قيادات المؤتمر الوطني بالدعاية الانتخابية… فأين هي هذه الدعاية , لا يكاد المرء يحس وهو في عاصمة البلاد ان هنالك انتخابات …
الامر كله تحصيل حاصل فمن غير المعقول ان ينشغل قادة المؤتمر الوطني بانتخابات… هذا شأنها وحالها ويتركون الحوار الوطني الذي يمثل اولوية للبلاد والعباد هؤلاء تطبعوا علي استبدال الذي هو أدنى بالذي هو أعلى وخير … مما سبب مشاكل ومعضلات للبلاد وأصبحت صورنا مقلوبة …
ان حجج المؤتمر الوطني لا تنقطع وكل ذلك خصماً على استقرار البلاد ولملمة اطرافها وكفكفة مشاكلها… فكل الحوارات مؤجلة الى ما بعد الانتخابات !! ثم يؤجل الى ما بعد تشكيل الحكومة وهكذا دواليك …
ان التراكمات المتزايدة ان لم تجد تنفيساً موضوعياً سوف تنفجر وتقضي على الاخضر واليابس لا نريد لبلادنا مصبر البلاد التي ابتليت بالاقتتال الداخلي والتدخلات الأجنبية (سوريا ، العراق ، ليبيا ؟، اليمن …).
ان قضايا البلاد المصيرية لا يمكن ان تكون محلاً للمناورات والتكتيكات وشراء الزمن… فالحوار الوطني المتعثر قد القى بظلال من الشك حول مقدرتنا على حلحلة مشاكلنا مما يفتح الباب على مصراعيه للتدخلات الاجنبية السالبة.
ان فشل الحوار الداخلي يعني اختطاف قضايانا ومصائرنا من قبل الخارج ولا نملك الاّ ان نرضخ للاملاءات والضغوط وحكومة المؤتمر الوطني فقدت القدرة والمناعة على مواجهة ما يحاك ضد البلاد والتصدي له…. فالي متى نظل على هذا الحال البائس .. اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.
بارود صندل رجب– المحامي
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..