مقالات سياسية

فى عيد ميلادها ال73 هل شاخت سودانير قبل الأوان؟ (1)

أمير شاهين

العيد السنوى للخطوط الجوية السودانية يوليو 2020 يوليو 1947 – يوليو2010
فى عيد ميلادها ال73 هل شاخت سودانير قبل الأوان    الحلقة الاولى
يقول الحكيم  الصينى كونفشيوس” « دراسة الماضي مهم لمن بريد التخطيط للمستقبل «
فى شهر يوليو هذا العام  2020 يصادف الذكرى ال73 لبدء انطلاقة الخطوط الجوية السودانية   او سودانير اسم ( الدلع)  كما يحلو للناس  اطلاقه على هذا الناقل الجوى السودانى العتيد والذى ارتبط فى وجدان السودانيين و التصق فى ذاكرتهم ولاتجد مواطن سودانى الا وهو يشعر باحاسيس متباينة  فيها  الكثير من الايجلبية و كذلك السلبية , الا انه وبعد   انتصار ثورة ديسمبر المجيدة التى القت بحكم الكيزان الذى استمر ثلاثين عاما عجافا الى مزبلة التاريخ قد وجدت سودانير تعاطفا غير مسبوق من الجميع بوصفها انها كانت واحدة من ابرز ضحايا العهد البائد هى و شقيقاتها الخطوط البحرية و النقل النهرى و السكك الحديدية   كما ان النظام السابق قد افلح فى تدميرها تماما بالاهمال  التام  متمثلا فى تهميش دورها كناقل وطنى يعمل من اجل تقديم خدماته الى المواطنين باسعار معقولة , والملاحظ بان الكيزان ما كانوا يابهون بفكرة ” ناقل وطنى” اذ انهم فى ادبياتهم و افكارهم لا يؤمنون  وفى مرة من المرات سمعت الوزير الذى كان مكلف بموضوع سودانير يقول  بان الرئيس  البشير يعتقد انه من الافضل الخلاص من سودانير و الاستعانة بشركات الخطوط الجوية الاجنبية لنقل السودانيين من و الى الوطن!!  وكانت قمة الماسى التى تعرضت لها سودانير من الحكم البائد  وادت الى اقعادها و شللها حتى الان  هى  انها وبدون ذنب جنته قد دفعت غاليا ثمن حماقة  المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصرى حسنى مبارك فى اديس ابابا  والتى كان من افرازاته الوبيلة على السودان هو احتلال مثلث حلايب ووضع السودان فى قائمة الدول الراعية للارهاب وعزله تماما من بقية دول العالم   وبالنسبة لسودانير  فانها وحتى الان مدرجة  بالاسم فى قائمة  المحظورين مما كان له  اكبر الاثر فى تدهورها وسوء حالها.

ان  سودانير بدون شك تعتبر واحدة من اقدم شركات الخطوط الجوية فى افريقيا و الشرق الاوسط  وهذا مذكور فى كل الموسوعات المعتمدة  ,صحيح  ان العديد من شركات الخطوط الجوية فى المنطقة قد تم تاسيسها فى نفس تلك الفترة من الاربعينيات من القرن الماضى ولكن سودانير تتفوق عليهم بغزارة سفرياتها وخدمتها  الممتازة ويكفى بان سفرياتها الى اوروبا والتى كان يطلق عليها سفريات النيل الازرق كانت تنافس نظيراتها الاوربية !!    ويذكر التاريخ انه  فى فبراير 1946 وفى عهد الاستعمار الانجليزى الذى كان اكثر رحمة   بالسودانيين واوفر و حكمة  فى ادارته للسودان  من  الكثير من الانظمة الوطنية السودانية التى جاءت بعده قررت حكومة السودان انشاء قسم للطيران يتبع لمصلحة السكك الحديديه فكان الميلاد الاول لشركة سودان اير واوكلت ادارتها لشركة ايرويرك البريطانيه Air Work المتخصصه في النقل الجوي بنما تم اسناد الامور التجاريه لسكك حديد السودان, وفى يوايو 1947 بدات انطلاقة سفرياتها  ب 4 طائرات من نوع  DE Havilland Doves   وتخيل عزيزى القارئ انه فى بداية انطلاق سفريات سودانير  فى ذلك الزمن 4 طائرات والان نحن بعد 73 عاما فان لدى سودانير طائرة واحدة فقط هى التى تعمل بيمنا هنالك عدد اخر قليل من الطائرات متعطلة و لا امل فى صيانتهم وعودتهم للعمل مرة اخرى  !!  وتقول السجلات التاريخية  ان  الخطوط الجوية السودانية قد نجحت فى عامها الاول ذاك  في نقل 736 راكبا وحمل 1546 كيلو جراما من البضائع والأمتعة  , الغريب فى السودان بان الماضى دائما افضل من الحاضر.

يتفق جميع الحادبين بان حال الخطوط السودانية اليوم لا يسر لا صديق ولا عدو ! فهى تملك طائرة واحد فقط   . وتجد صعوبة فى امتلاك او تاجير طائرات بسبب سيف العقوبات الذى مازال مشهرا بالاضافة الى مديونيات ضخمة تسببت فى شل حركتها فى العمل فى بعض المحطات الخارجية  وجعلت سفرياتها محدودة الى بعض الوجهات القليلة العدد !

ولكى نفهم و بصورة علمية اسباب تدهور سودانير , علينا ان نستعين الاستاذ شمس الدين عبد الوهاب  يعد واحدا من ابرز خبراء الطيران بالسودان و المنطقة حيث عمل كنائب المدير العام السابق للخطوط الجوية السودانية والمستشار السابق لمنظمة الطيران الأفريقية (آفرا) بنيروبي قال هنالك عدة أسباب جعلت الخطوط الجوية السودانية التي تعاني من مصاعب لا حصر لها أطلق عليها عبارة Distressed Air Line Syndrome أي أمراض الشركات البائسة والتى تصيب شركات الطيران المملوكة للدولة كلية او قطاع عام مساهم   ويمكن تخليص هذه المصاعب في الآتي:

التدخلات السياسية
وهى من اشد الامراض فتكا فى مؤسسات القطاع العام الحكومى , وقد شهدت الخطوط الجوية السودانية طوال تاريخها انواع و درجات مختلفة من التدخلات السياسية ولكن تعتبر حكومة الانقاذ هى الاكثر تدخلا فى عمل الخطوط السودانية ومن اشكال هذا التدخل الضار.

•       التعينات السياسية للإدارة ومجالس الإدارة والتي لم تراع فيها (في كثير من الأحيان) الكفاءة والخبرة و تسير بمبدأ الولاء قبل الكفاءة  وهذا الامر ينطبق تقريباً على كل الحقب السياسية التي مرت على البلاد ولكن فى فترة الانقاذ كانت هذه الممارسة هى الاكبر  . والملاحظ بان غالبية المدراء العامين الذين يتم تعيينهم لادارة سودانير يكونون من ذوى الولاء للنظام ولا يملكون لا الخبرة و لا المعرفة بعمل و ادارة شركات الطيران و قبل استلامهم لاعباء الوظيفة يتم شحنهم بافكار مسبقة عن العاملين  مثل تراخيهم و عدم انضباطهم و جشعهم و حبهم للمخصصات و الاستحقاقات المالية و اللافت للنظر ان هؤلاء المدراء و بطول الزمن يكتسبون بعض الخبرات و ينمو لديهم الولاء للشركة وعندها يتم استبدالهم بمدراء اخرين.

•       على مستوى العاملين فان التعيينات السياسية تتم فقط لمنسوبى النظام  ( مجاهدين , دبابين , مؤتمر وطنى الخ) بدون اعتبار لحوجة العمل او كفاءة و اهلية المراد تعيينهم وفى هذا الصدد فقد امتلات الخطوط السودانية بكميات كبيرة من هؤلاء العاملين الذين اصبحوا قوة ضغط و شكلوا لوبيات داخل الشركة كان لها تاثير ضار على الشركة.

•       فى العام 2004  تولت ادارة جديدة ادارة الشركة و قامت بالاستغناء عن جميع العاملين وقتها و الذين كانوا يبلغون قرابة الالفين و من ثم بدات باعادة تعيين من تراه مناسبا للعمل بالشركة و للاسف كان هذا القرا خاطئ  اذ انه ادى الى  الاستغناء عن كوادر بشرية صرفت عليها الدولة والشركة أموالاً طائلة تأهيلاً اكاديمياً رفيعاً في جامعات بريطانية واميركية، وتحصلت على كورسات لا حصر لها في مجال الطيران، ولها مساهمات ومشاركات يمكن ان ترقى الى المستوى الاقليمي ان لم تكن على المستوى العالمي .. ان هذا الاجراء قد تسبب في هدر للموارد البشرية، خاصة أن تأهيل أى انسان في مجال صناعة الطيران امر شاق ولا يأتي مصادفة.  كما ان العاملون الذين تمت اعادتهم للخدمة او الذين تم استيعابهم من خارج الشركة   اغلبهم لم يكونوا بالمستوى المطلوب اذ ان عملية التعيينات  شابها الكثير من التجاوزات و النقائص.
ونواصل الجزء الثانى

امير شاهين
[email protected]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..