إنسان الكنابي!! أيعقل هذا !؟

بسم الله الرحمن الرحيم
في حوار الأستاذ الفاضل حسن وراق مع السيد جعفر عابدين أمين عام مؤتمر الكنابي..استفزني جداً تعبير ( إنسان الكنابي)..وتمنيت لو استخدموا بدلاً منه أي تعبير آخر للدلالة عليهم وعلى قضيتهم العادلة..فلفظة إنسان ما..إرتبطت في الدراسات بالإنسان في مرحلة ما من تطور الجنس البشري..كإنسان النياندرتال وإنسان سنجة..وهي نسخ في مراحل أولية من التطور البشري ..ويكون استخدام مثل هذا التعبير في الدلالة عليه في شأن تبني قضيته..نوعاً من التحقير من حيث لا يقصد مطلقه..فليتهم تناولوه ووصفوهم بسكان الكنابي ومواطنيه..ليدخلوا في سجال الجغرافيا البشرية والسياسية والاقتصادية. حيث تطلب الحقوق.. وتؤخذ المظالم وتسترد.
مداخل شتى جعلتني في تداخل متواصل مع هذه الشريحة. المهمة في حياتنا.أحدها عملي في حقل التعليم..وكم كان يعتصرني الألم وأنا في مدارس مصنع سكر حلفا من منظر الواقفين في صف الصراف بالقسم الزراعي يوم الخميس..وهم عمال مقاولات في سن التعليم..بل وكانت طالبات يذهبن من المدرسة للالتحاق بالصف كونهن (شيخات )يذهبن من المدرسة مباشرة إلى حقل القصب ..ثم مكدودات إلى مضاجعهن فلا استذكار للدروس..والنتيجة معروفة..
المدخل الثاني هو الزراعة في الحواشات ..فعلاوة على أنهم شركاء..فغيرهم من جيرتهم معارف بالضرورة..ما أزال عني الصورة الشوهاء التي تربينا عليها من التوجس منهم جميعاً والمرتبطة بالخمور والجريمة وغيرها..فعرفنا كيف تسحب مهن وصفات قلة على أكثرية..فصرت أسير فنجان الجبنة في ديوانهم.. وغيري من ملاك الحواشات كذلك.
والمدخل الثالث هو السوق حيث ابيع منتجات الزراعة..فمنهم معظم التجار المشترين خاصة الذرة والفول السوداني والذرة والعدسية والويكة والشطة. وغيرها..لذلك أشعر بنفسي مدركاً لأبعاد قضاياهم…بل والمآسي الممكنة..قياساً إلى وسئل معالجتها .
لذلك فإنني أرى ضرورة ابعاد التناول من لغو السجال الإثني في الأمر إلى حقائق الاقتصاد والجغرافيا والسياسة ..
واتخذ مما جاء على لسان السيد جعفر من أن 70% من العاملين في التعدين الأهلى من هذه الشريحة مدخلاً آخر..فهم يتندرون بقولهم أنهم قرروا تجربة شغل الفيران كناية على الحفر..فهذه النسبة تشير بجلاء إلى عمق أزمة الواقع والمستقبل.. فمشكلتهم في المشاريع في الواقع تفاقمت بالانفجار السكاني لا من الزيادة الطبيعية فقط ..لكن بالهجرات عقب موجات الجفاف والحروب..وسكنهم العشوائي في المشاريع يختلف من عشوائيات المدن..كونه يجاور أراض زراعية لا سبيل لامتلاكها إلا بالشراء الذي يحارب هو كذلك..وتجميعهم كما تم في بعض القرى مثل طيبة والهداية في حلفا مثلاً …إنما يفاقم الأمر لأنهم يبتعدون عن الأراضي التي يشاركون زراعتها..علاوة على ذلك فإن أي تطور في أساليب الزراعة..من ميكنة واستخدام مبيدات للحشائش ..ستعيد ملاك الحواشات إلى الاستغناء عن الشراكة..كما في زراعة القمح..لذلك ينبغي النظر للمشكلة وكل هذه الحقائق في البال..ونفس هذه المشكلة ..زاحفة بهدوء دون الالتفات إليها..من ملاك قطعان الأبقار داخل المشاريع الزراعية..ففي كل نصف كيلو تقريباً ..قطيع تتنامى أعداده بالسنين..سيحتاج إلى حلول علمية.
[email][email protected][/email]