أخبار السودان

رسام كاريكاتير سوداني ينقل ما عجز عنه إعلام بلاده

الفنان السوداني خالد البيه يحاول الوصول برسوماته إلى الحكومات الغربية لنقل معاناة المتظاهرين

يحاول رسام الكاريكاتير السوداني خالد البيه تسليط الضوء على مشاكل بلاده والمظاهرات ضد نظام الرئيس عمر البشير، والتي لا تحظى بتغطية كافية في الإعلام المحلي أو العالمي، لذلك يتبع نهجه الخاص في منفاه عبر رسوماته على مواقع التواصل الاجتماعي لنقل ما عجز عنه إعلام بلاده إلى العالم.

كوبنهاغن: يطمح رسام الكاريكاتير السوداني خالد البيه أن يصنع من ريشته في منفاه بالدنمارك، لغة خاصة تخاطب العالم بلسان المتظاهرين في شوارع بلاده، ويكون “سفيرا” لهم برسوماته التي تمثل مطالبهم وأحلامهم المشروعة. ويؤكد البيه صاحب النظارتين الصغيرتين واللحية المشذبة والبالغ من الطول 1.96 متر، “أنا أعتبر نفسي سفيرا وأحاول أن أقول للعالم ما يحصل في السودان”.

وتفرض الحكومة السودانية رقابة مشددة على الصحف المطبوعة ووسائل الإعلام وتمنعها من نقل أنباء المظاهرات الشعبية، إضافة إلى تهديد الصحافيين واعتقالهم في حال تغطيتهم لهذه المظاهرات.

كما تصل يد الرقابة إلى الرسوم الكاريكاتيرية التي تتناول موضوعات سياسية واجتماعية في وسائل الإعلام السودانية كما هو الحال في الصحافة العربية عموما. غير أن فناني الكاريكاتير يحاولون الالتفاف على ذلك بالتلميح.

وحط هذا الرجل البالغ من العمر 38 عاما رحاله مع زوجته وأطفاله في كوبنهاغن في أكتوبر 2017 بعدما عاش طويلا في الدوحة مع محطة قصيرة في الولايات المتحدة كذلك.

وكان غير مرغوب فيه بالسودان بسبب انتقاداته لنظام الرئيس عمر البشير الحاكم منذ 30 عاما. حيث كان يناضل على طريقته في خدمة السودان، بعدما اضطرت عائلته إلى مغادرة البلاد لدى انطلاقة حكم ثورة الإنقاذ، مع موجة الهجرة القسرية لمعظم مثقفي السودان وسياسييه.

وحاول نظام عمر البشير عبر إحالته رموز النظام السابق إلى التقاعد المبكر “مسح ذاكرة السودان الثقافية، وطرح هوية جديدة له” وفق ما ذكر البيه. وقد أتى إلى العاصمة الدنماركية بفضل شبكة مدن “الملاذ” للفنانين المهددين في بلادهم (إيكورن).

وينشر البيه رسومه البسيطة الخطوط بلونين عادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويملك 23 ألف متابع عبر “تويتر” و”إنستغرام” وحوالي 85 ألفا آخرين عبر “فيسبوك” مع صفحته “خرطون” وهي لعب على الكلام بين اسم العاصمة السودانية الخرطوم والرسم الكاريكاتيري في الإنكليزية “كارتون”.

ويقول البيه إن الرهان “يبقى في الوصول إلى الآخرين أي إلى الحكومات (الغربية) والاتحاد الأوروبي والأميركيين ولنروي لهم ما يحصل فعلا”.

ومن أجل جذب انتباه رواد الإنترنت في العالم بأسره لا يتردد في تنويع المواضيع؛ فهو يرسم تارة عن حدث عالمي راهن وطورا عن حدث إقليمي ويحرص على إرفاق رسمه بتعليق قصير بالإنكليزية.

ويتبع الرسام السوداني استراتيجية خاصة للفت الانتباه إلى قضيته، ويوضح “قد أرسم شيئا عن الولايات المتحدة وأستقطب انتباه الجميع مع الكثير من تعليقات الإعجاب ومن ثم أختار موضوعا لم يسمعوا عنه من قبل مثل التظاهرات في السودان”.

ومنذ ديسمبر يشهد السودان تظاهرات احتجاجية على غلاء المعيشة ونظام عمر البشير وهي تجمعات غير مسبوقة أدت إلى تشكيل حكومة جديدة تولت مهامها في منتصف مارس. وتتواصل هذه التظاهرات رغم حالة الطوارئ المفروضة منذ 22 فبراير.

واشتهر خالد البيه في الولايات المتحدة، برسم كاريكاتيري يمثل لاعب كرة القدم الأميركية كولن كابرنيك الذي أطلق حركة احتجاجية ضد عنف الشرطة حيال السود وهو راكع، فيما شعره مسرّح على شكل قبضة يد مرفوعة.

وساهم المخرج الأميركي سبايك لي بشكل كبير في نجاحه بارتدائه قميصا قطنيا يحمل هذا الرسم. وينتمي خالد البيه إلى عائلة سودانية مسيسة فوالده دبلوماسي وعمه كان مسؤولا في الجيش سابقا.

وينتقد من خلال رسومه نظام الرئيس السوداني عمر البشير بشكل خاص لكنه جنّب حتى الآن الدنمارك المقيم فيها انتقاداته رغم سياسة الحكومة حيال الأجانب.

وكانت الدنمارك المدافعة الكبرى عن حرية التعبير قد تعرضت لانتقادات هائلة اعتبارا من العام 2005 بعد نشر 12 رسما كاريكاتيريا تمثل النبي محمد في صحيفة “ييلاندس-بوستن”.

وقد أحرقت أعلام دنماركية خلال تظاهرات احتجاج في دول مسلمة. ويقول خالد إن هذه الرسوم كانت استفزازا غير مجد خصوصا وأن الإسلام لا يسمح بتمثيل النبي.

وسأل الرسام “هل حاول (رسامو الكاريكاتير الدنماركيون) قطع الحوار مع مليار مسلم بالقول لهم: نعم نعرف أنكم لا توافقون على هذا الأمر لكننا سنقوم به على أي حال… فقط لأنه بإمكاننا القيام بذلك؟”.

وختم قائلا “خارج الغرب، رسام الكاريكاتير يرسم لأسباب مختلفة. بطبيعة الحال نستفز ونحاول فتح نقاش لكننا نفعل ذلك لبناء جسور”.

أقام خالد البيه معارض في العديد من الدول العالمية، ونشرت رسوماته الكثير من الصحف وصفحات الإنترنت العربية والعالمية، كما شارك في تأسيس مركز الخرطوم للفن المعاصر.

وكان أحد المشاركين في مهرجان الكاريكاتير العربي المستقل، والمدعوم من مؤسسات بلجيكية عدة، تحت شعار “قلم عوضا عن السلاح”، إضافة إلى عدد كبير من رسامي الكاريكاتير العرب، الذين يقفون بشجاعة في مواجهة التطرف والدكتاتورية، لتشكل رسوماتهم حاجز صدّ جديدا ضد تكميم الأفواه، والظلم الواقع على الكثير من مناطق الصراع في العالم العربي.

العرب اللندنية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..