حتى لو رموهم بالهاون دعك من البمبان

حيدر المكاشفى

وسكان حارات منطقة الفتيحاب الشقلة الذين عانوا لأشهر من شح المياه الذي تطور إلى ندرة ثم أضحى عدما، لم يقطعوا ولا عنقاً واحدة، وكل الذي فعلوه هو أنهم تجمهروا وقطعوا الزلط تعبيراً عن حقهم في الحياة كما جاء في أخبار الأمس، ويا روح ما بعدك روح، ولهذا لم أكن أتصور أبداً أن يُفعل بهم الذي فُعل بهم.
قد أتصور اعتقال غازي صلاح الدين بسبب مواقفه وآرائه السياسية.
وقد أتصور اعتقال فلان وفلان وفلان وفلانة وفلانة وغيرهم وغيرهن من الصحافيين والصحافيات بسبب كتابات وأخبار صحفية.
وقد أتصور قمع مظاهرة ضد ارتفاع أسعار الخبز والسكر والمحروقات.
وقد أتصور حظر مريم الصادق ودكتور بخاري الجعلي والمحامي صالح محمود من السفر خارج البلاد للمشاركة في أحد المؤتمرات.
وقد أتصور اعتقالي شخصياً بعد نشر هذا العمود.
ولكن لم يخطر ببالي أبداً أن تُواجه تظاهرة قوامها الأكبر من نساء وأطفال منطقة الفتيحاب الشقلة، لم ترفع شعارات سياسية ولم تطالب بحريات صحافية ولم تحتج على خروقات لحقوق الإنسان ولم تقل إنها خرجت للتعبير عن خيبتها في مخرجات الانتخابات السابقة أو مقدمات الحوار المزمع، ولا هتفت بأن عوائلها قد فقدوا وظائفهم منذ مجزرة ما يسمى بالصالح العام، ولا نادت بتشغيل أبنائها العطالى، ولا احتجت على الوجع الذي تكابده ولا على المعالجة الغالية التي تكتوي بنارها ولا على ارتفاع كلفة التعليم الذي لم يعد يقدر عليه إلا الراسخون في المال، بقدر ما في جيبك يكون تعليم ابنك، ولا.. ولا.. ولا مما تعدون من كرب وضوائق ناء بحملها كاهل المواطن الغلبان.
فقط طالبت هذه التظاهرة الاحتجاجية بحقها في الحياة، مجرد جرعة ماء تبل العروق وتُذهب الظمأ، ولكن وبدلاً من أن تُسيّل السلطات لهم الماء من صنابيرهم التي جفت، إذا بها تمطرهم بسيل من القذائف المسيلة للدموع، فسالت الدموع من مآقيهم في الوقت الذي كانوا يتوقعون منها أن ترأف بحالهم فتسعفهم بجرعات ماء لا أن تقذفهم بقنابل الدخان الحارق.
لا ندري لماذا يتعذر الحصول على الماء في هذه العاصمة التي يشقها نيلان ونهر، ولا ندري لماذا تتعثر الحلول على كثرتها، ولماذا لا تأتي الوعود أكلها على تواليها من والٍ إلى والٍ، هل ذلك لأسباب موضوعية هيدرولوجية، أم لأخرى إدارية وتمويلية، إن كانت الأولى فتلك مشكلة لا تبرئ ذمة الولاية، وإن كانت الثانية فوزرها بالكامل على الولاية، فليس فوق الماء شيء يمكن أن تعيره الولاية اهتمامها الإداري وسخاءها المالي، فلتنظر الولاية ماذا هي فاعلة بهذه المشكلة الحقيقية غير المختلقة ولا المصنوعة، فلا هي من اختراعات الطابور الخامس ولا هي من تخرصات المغرضين والمرجفين في المدينة، مشكلة حساسة واحتياج حيوي، تحتاج إلى بذل الجهد ولن يحلها حتى الرمي بقنابل الهاون دعك من قنابل البمبان.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. عجبت لرجل لا يخرج على يجوع اهل بيته و لا يخرج على الناس بسيفه” القول منسوب لامير المؤمنين عمر.
    ويا شباب السودان لماذا لا تتعاملون مع الانقاذ بما تدعي كذبا منهجها.

  2. الراكوبة دي لو كانت عندها نسخة باللغة الإنجليزية اييييييييك كنا اتفضحنا فضيحة عالمية ما بعدها فضيحة
    انا ما بقدر أعلق في الخبر لانو بالجد التعبير مش حيطلع حلو ومناسب
    بقينا عايشين قصص مآسي خيالية

  3. الحل ان يولي الخرطوم اهلها فهم اعلم بمصلحتها اما النازحون من الشمالية ما جاءوا ليصلحو ابدا .ويدفعهم الحقد والحسد …والحل علي جميع الولايات ..شايقي وجعل دمروا البلاد .ان الاوان ان يبعدوا من قيادة البلاد . جربهم الشعب فكان الفشل ثم الفشل ثم الفشل ..

  4. انا من زمان اصبحت من رابطة مشجعى الاستاذ كشفة كما يناديه احد المتداخلين – صحفى شجاع و يشوت فى المليان وكمان يشوت ضفارى احيانا موش هتيفة السلطان – شكرا ياستاذ على هذا المقال القوى صدقنى ما حيعتقلوك حسدا من عند انفسهم حتى لا تصعد اسهمك فى البورصة الصحفية وقديما كان فى الناس الحسد على قول الشاعر الطاؤوس عمر بن ربيعة – ارمى لقدام يا كشفة مرة اخرى

  5. انا فى رايي لايحق لشعب فى الكرة الارضية ينادي بعودة الاستعمار فى مظاهرات مليونية الا الشعب السوداني .. هذه درجة من الياس دعت اليها حالة البؤس والضياع والفقر والتخلف التي يعيشها هذا الشعب المنكوب بحكامه الاوباش .. فنحن شعب لاينصلح حاله الا اذا رجع الانجليز واستلموا زمام الامور اذا كانت قوانين الامم المتحدة ومجلس الامن يسمحان فى هذا القرن الواحدوعشرين بالاستعمار من جديد.. فهل يعقل ياعالم ان تعاني مدينة مثل الخرطوم من نقص مياه الشرب وهي غرقى فى النيل !!!!!!!!! ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ياأهل السودان القاطنين داخل حواكير الكيزان والذين لم يخرجوا يوما ويشاهدوا العالم الخارجي .. هل تعلمون كمثال نحن نعيش فى عاصمة المملكة العربية السعودية هذه المدينة الرياض تستغرق الرحلة من شرقها الى غربها ساعة كاملة بسرعة 120 كلم فى الساعة دون توقف ومثل ذلك من الجنوب الى الشمال . هذه المدينة التي لاتوجد مدينة فى مساحتها فى الشرق الاوسط . يشرب سكانها ماءا صحيا نظيفا تنقله المواسير الضخمة من الخليج العربي من مسافة 400كلم والعجيب الماء محلا من مياه البحر (المرة) وليس المالحة .( ولا احد يقول الامكانيات بل الصحيح المسئولية والادارة والحكم الرشيد ……… فهل عجز حكام السودان ( العرر) على مدى 57 عاما من انشاء شبكة ناقلة للماء ليشرب المواطن الماء الذي جعل الله منه كل شيئ حي …..
    كل مداخيل البترول قبل انفصال الجنوب ( بسبب جهل البرلم بالسياسة) . وكل مداخيل الذهب المنهوبة . اذا صرف ربعها فقط لعمل شبكة مياه شرب وشبكة صرف صحي فى الخرطوم لوحدها لعددنا ذلك انجازا لايضاهى فى عهد ابناء الترابي . ولكن الترابه فى خشمهم والترابه فى خشم شعب لايعرف مواصات حكامه. واصبروا واشربوا الماء ياسكان الخرطوم كدرا وطينا ….وتستاهلوا البحصل ليكم لانكم انتم اس البلاء كلما قام فيكم حاكم فطن خذلتموه ووقفتم ضده بالتاييد للعساكر . ولاتوجد ولة فى الكرة الارضية باثرها حكمها عسكري تقدمت ابدا . بل يخرج منها وهي تترنح جوعى وعطشى منهوكة القوى تسحب اثمالها كالسكرى تائهة لاتعرف شرقا ولا غربا ..

  6. الكيزان يقتلون الناس عطشاً حتى يزيدوا فاتورة الماء ولن ينفقوا درهماً واحد من ا لمسروقات (أقصد) مما ينهبونه من المواطن بمسمى فاتورة الماء بل سينفقون كل المسروقات – أقصد الإيرادات – على أنفسهم وبعد فترة سيقومون بقتل الناس بالعطش مرة أخرى حتى يزيدوا فاتورة الماء ثانية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..