الجامعات ..للحكومة إغلاقها ..وعلي الأسر فواتيرها

بسم الله الرحمن الرحيم
جل الطاقم الذي اجتمع بليل ، ودبر جريمة السطو علي الديمقراطية ، وأمر العسكر المؤدلجين بذلك .. كانوا ممن درسوا في جامعة الخرطوم ، علي حساب الشعب السوداني . ونالوا أحسن تعليم مجاني وإعاشة ، في انتظار ردهم الجميل لبلدهم بعد التخرج . وبذلت لهم الحرية في العمل السياسي داخل الجامعة ، وسعد بهم المجتمع إذ قاوموا بالوعي المكتسب ، والحرية المتاحة ، كل الأنظمة الديكتاتورية . وصارت الجامعة قبلة أنظار المجتمع ، ومحط رجائه عندما تدلهم الليالي وتزداد الخطوب، لتصبح شرارة البدء بالمقاومة ،منطلقة منها .ولم تكن الحكومات تتعجل بإغلاقها ، لأنها هي التي كانت تدفع فاتورة الإغلاق تسييراً ، وتأخيراً في تخرج الدفعات التي كانت منتظرة في سوق العمل للدفع بالبلاد إلي ما تصبو إليه .
لكن المفارقة المخزية ، أنهم حال تمكنهم من الأمر ، سحبوا كل هذه الامتيازات ، بحجة التوسع في التعليم الجامعي ، وألقوها بالكامل علي كاهل المواطن ، بداية من تكاليف الدراسة ، ونهاية بتكاليف التظاهر ضد ظلم النظام وديكتاتوريته .
وهكذا أصبحت ولاية الخرطوم لتركز الجامعات فيها في البداية ، مستقبلة لأسر الطلاب المقبولين ، لأن الفقر ما كان ليسمح بقسمة دخل الأسرة . فتضخم سكانها .
ولئن كانت مرارة تحمل المصروفات الدراسية والإعاشة ، واجباً تتحمله الأسر مكرهة ، فإن تحميل الأسر تكاليف تظاهر الطلاب وممارسة حرياتهم .في أهم مراحل تكوين وعيهم الذاتي ، جريمة لا تغتفر . في حق الأسر والوطن علي السواء .فعجز الحكومة عن تدبير وظائف للخريجين ، بعد أن تدفع الأسر كل تكاليف الدراسة ، كان يكفيها خزياً .إلا ان مخازيها تزايدت ، بفعل اللجوء الي إغلاق أبواب الجامعة بفعل تدخل ميليشياتها فيها ، واطلاق الرصاص علي المتظاهرين ، حتى أصبحت كل مظاهرة بشهيد يقتل بدم بارد . كما حدث عند اغتيال الشهيد علي ابكر مؤخراً . ثم يأتي دور إدارات الجامعات الموالية للنظام ، بالإغلاق بحجة الحفاظ علي سلامة الطلاب . وهو حق يراد به باطل . لأن الحفاظ علي سلامتهم ، اسهل بكثير ، بكف أيدي الميليشيات عنهم . وينتج عن كل هذا الجرم ، جرائم في حق من هم علي أبواب التخرج . فعندما سألت ابنتي بالجامعة ، عن الأوضاع فيها، أفادتني بأنها عرفت باغتيال الشهيد من رسالة متحسرة لطالب هندسة ، كان علي بعد أسبوعين من التخرج عندما ترحم علي الشهيد قائلاً: نسأل الله له الرحمة والقبول ، ولنا التخرج .
والسؤال الذي يجب طرحه هو : هل تدري إدارة الجامعة تكلفة قرار الإغلاق وإخلاء الداخليات إلى أجل غير مسمي علي ميزانيات الأسر خاصة في الولايات ؟ والإجابة عندي ، بالطبع تدرك ، ولكنها رضيت لنفسها أن تكون ترساً في ماكينة النظام الديكتاتوري الفاشل ، وعليها أن تذهب بذهابه القريب بحول الله وقوته.