جيش الاحتلال يستكمل محاصرة غزة برا وبحرا وجوا

أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية أمس عن إحراز تقدم في بناء الحاجز البحري الذي تقيمه شمال قطاع غزة، وتعتزم بناء حواجز برية أخرى على غرار ما فعلته السلطات المصرية أيضا، وهذا بالتزامن مع تسريبات تقلل كثيرا من احتمالات الهدنة مع غزة. جاء هذا الإعلان في ضوء المحادثات حول التهدئة في غزة ومناقشتها من قبل مجلس الوزراء السياسي والأمني المصغر «الكابنيت» لهذا الموضوع. وأعرب جيش الاحتلال الإسرائيلي عن رضاه عن وتيرة التقدم في البناء الذي بدأ في مايو/ أيار الماضي.
وقررت إسرائيل إقامة هذا الحاجز بعد أن تسلل رجال حماس إلى شاطئ مستوطنة زيكيم خلال حرب صيف عام 2014 ، وفي تلك الحادثة، دخل عدد من مقاتلي حماس إلى أراضي 48 وهاجموا دبابة واستشهدوا في العملية.

واعتبرت جهات إسرائيلية أيضا العملية أولى من نوعها، وإحدى أهم مفاجآت كتائب القسام، خلال معركة «العصف المأكول/ الجرف الصامد» ضد الاحتلال الإسرائيلي. وتعتقد السلطات الأمنية الإسرائيلية أنه من شأن بناء الحاجز البري على طول قطاع غزة وتطوير أنظمة الدفاع الجوي أن يجعل من الصعب على حماس مهاجمة إسرائيل، ولذلك يسود التقدير بأن المنظمة ستحاول الهجوم بواسطة الكوماندوس البحري. ويجري بناء الحاجز شمال قطاع غزة على طول 200 متر في البحر وعرض 50 مترا، وسيتم فوقه بناء سور على ارتفاع ستة أمتار، يشمل وسائل مختلفة لتغطية المنطقة من فوق وتحت سطح البحر. وسوف يتكون الحاجز البحري من ثلاث طبقات، إحداها تحت مستوى سطح البحر، وفوقها طبقة من الحجر ومن ثم الطبقة الثالثة التي ستبنى من الأسلاك الشائكة وسيحيط سياج آخر بالحاجز.
ووصفت وزارة الأمن الحاجز بأنه «كاسر أمواج غير قابل للاختراق».

وسينضم الحاجز البحري إلى الحاجز الأرضي الذي بدأ بناؤه في العام الماضي. وكجزء من العمل، يقوم جيش الاحتلال بنقل كامل المنطقة الحدودية القائمة، إلى مسافة بضع مئات من الأمتار شرقا، داخل الأراضي المحتلة عام 48 وسيتم تحسين السياج القائم وتعزيزه، بينما سيقام على الجانب الشرقي منه سياج ضخم بارتفاع ستة أمتار، على غرار الجدار على الحدود المصرية.
وسيتم بناء تلال ترابية بين السياج القديم والسياج الجديد، والتي ستسمح للجيش الإسرائيلي بوضع دبابات عليها، كما سيتم شق عدة طرق ستمكن الجيش من القيام بجولات إلى الغرب من السياج الجديد. كما سيتم بناء الطرق على الجانب الشرقي من السياج الجديد، لتحريك القوات وصيانة السياج. ويزعم الاحتلال الإسرائيلي أنه خلال الأشهر الماضية «أحبط» عدة محاولات لتهريب أسلحة بحرية ومعدات للغوص لصالح حركة «حماس». يذكر أن تقارير إعلامية أجنبية أشارت إلى أن عملية الاغتيال التي تعرض لها عضو الجناح العسكري لحركة «حماس»، التونسي محمد الزواري، جاءت بهدف إحباط مشروع تطوير طائرات بدون طيار، ومشروع «غواصات مسيّرة عن بعد»، عمل الزواري على تطويرها.

يشار الى أن اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر لبحث مقترح التهدئة في قطاع غزة وفقًا للتصور الذي طرحه مبعوث الأمم المتحدة الخاص للشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف قد انتهى دون التوصل إلى قرار نهائي وتصور واضح يعكس الموقف الإسرائيلي بهذا الخصوص.
وعكست وقائع الاجتماع موقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وقادة الأجهزة الأمنية، من احتمال التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد في غزة، بأنه «لا توجد فرصة للتوصل إلى اتفاق دائم مع حركة حماس على اعتبارها حركة دينية لن تتخلى عن تعزيز قوتها العسكرية».
وخلص الاجتماع إلى وجود فجوات كبيرة بين ما تطلبه حركة حماس وما ينوي الاحتلال الإسرائيلي تقديمه في سبيل إتمام صفقة تبادل للأسرى.

وطبقا للقناة الإسرائيلية الثانية قال المسؤولون الإسرائيليون خلال الاجتماع إن إسرائيل ليست على استعداد للإفراج عن قيادات في الحركة الأسيرة لإتمام صفقة تبادل، وهذا ما ترفضه المقاومة الفلسطينية. وأكد مصدر للقناة الثانية أن الرؤية التي تبلورت لدى القيادات العسكرية الإسرائيلية، لا تتجاوز اتفاقًا للتهدئة مقابل «تخفيف» المعاناة الإنسانية عن أهالي القطاع بواسطة تسهيل إدخال المساعدات.
ووفقًا لتصور الجيش فإنه ينبغي وقف فصائل المقاومة في قطاع غزة جميع الأعمال القتالية العسكرية ضد الاحتلال، مقابل فتح المعابر وتسهيلات مدنية لأهالي غزة دون تحديد طبيعتها. وهذا ما يتقاطع في أكثر من نقطة مع مقترح التهدئة طويلة الأمد الذي اقترحه ملادينوف. إلا أن هذا يعني، وفقًا لرؤية المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل، أنه لا يوجد حل دائم وتهدئة طويلة الأمد في قطاع غزة، بل هي مجرد «تسوية مفروضة» مرهونة بهذه اللحظة الزمنية، في ظل الضغوط التي تتعرض لها حكومة بنيامين نتنياهو للحد من الأضرار الناجمة عن إطلاق الطائرات الورقية والبالونات الحارقة من غزة تجاه المستوطنات الإسرائيلية المحيطة.

ولم يتطرق البيان الختامي الصادر عن المجلس الوزاري المصغر إلى الاقتراح الأممي الإقليمي المصري لهدنة في غزة، وتطرق البيان المقتضب جدا، فقط للاستعدادات الإسرائيلية لمواجهة حماس، وجاء فيه «رئيس الأركان عرض أمام المجلس الوزاري المصغر صورة الوضع في غزة بشكل تفصيلي، وأكد أن الجيش مستعد لجميع السيناريوهات».
ونقلت «هآرتس» عن مصدر سياسي رسمي قوله إن الترتيبات في غزة لن تتم دون عودة المواطنين الإسرائيليين أبراهام مانغيستو وهشام السيد، الأسيرين في قطاع غزة، وجثتي الجنديين أورون شاؤول وهدار غولدين.
وتطرق المصدر إلى الاتصالات الجارية بوساطة مصر والأمم المتحدة، وقال إن «الهدنة الكاملة ستدفع إسرائيل لإعادة فتح معبر كرم أبو سالم وتجديد التصاريح المتبعة في منطقة الصيد»، مضيفا: «لا يوجد على جدول الأعمال ترتيب واسع دون حل مسألة إعادة مواطنينا وجثث جنودنا المحتجزين في قطاع غزة». وقال ناشط من إحدى الفصائل لصحيفة «هآرتس»، إن ممثلي حماس تحدثوا عن الاتصالات بشكل عام ولا يوجد اتفاق على كل التفاصيل. وتحذر حماس من اتخاذ خطوات تبدو من خلالها وكأنها تتعاون مع مخطط لإقامة كيان فلسطيني مستقل في قطاع غزة. وقال مسؤولون في السلطة الفلسطينية للصحيفة الاسرائيلية إنه تم أخيرا، وعلى خلفية تحفظات السلطة، بذل جهود للعثور على مسار يلتف عليها، من أجل دفع مشروع تحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع.

وأكد ذوو الجنديين اورون شاؤول وهدار غولدين، للإذاعة العامة أمس ما نشر سابقا بأن نتنياهو صرخ عليهم خلال محادثات جرت بينهم. وحسب زهافا شاؤول، فقد صرخ نتنياهو بها وبزوجها قبل عامين ووجه إليهما اتهامات ووصفهما بالكاذبين. لكن ديوان نتنياهو نفى أن يكون قد فعل ذلك، وقال إنه سيواصل العمل بكل جهد من أجل إعادة جثتي الجنديين» من غزة.
كما قالت والدة الجندي هدار غولدين، أمس، إن نتنياهو صرخ عليها. وسئلت غولدين عما إذا صرخ نتنياهو على زهافا شاؤول، فقالت: «لماذا عليها هي فقط؟ أتعتقد أننا لم نتلق وجبتنا؟ اعتقد أن هذا ليس محترما». وأضافت: انه «يطبخ وينسج كل ما يريد من أجل مصالحه الأنانية ويتخلى عن الجنود. لقد تعبت. صعب جدا عليّ. قبل عامين مات والد أورون بسبب انكسار قلبه، لأن صديقه من الليكود، نتنياهو، خانه».

وذكرت القناة العاشرة، أمس، أن زوجة رئيس الحكومة، سارة نتنياهو، اتصلت بوالدة الجندي هدار غولدين قبل عامين، ووبختها بسبب دعوة وزيرة القضاء اييلت شكيد للتحدث في مراسم ذكرى هدار. وحسب التقرير، بعد عودة عائلة غولدين من مراسم الذكرى، اتصلت سارة نتنياهو بالعائلة وتحدثت مع والدة الجندي ليئا، وقالت لها إنها لم تحب دعوة شكيد إلى المراسم، وأوضحت: «ارتباطكم بخصوم زوجي قد يضر بالجهد الذي يبذله في هذا الموضوع». ووصفت الوالدين بأنهما «جاحدان».

وفي سياق متصل عبّر وزراء في الحكومة الإسرائيلية عن استيائهم من أهالي الجنديين الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس و»سلوكهم غير المحتمل»، إذ اعتبروا أن تصريحاتهم تشكل ضغطًا كبيرًا على القيادة السياسية وقيادات الأجهزة الأمنية في إسرائيل، ما من شأنه أن يدفعها إلى الشروع في عدوان على القطاع تستهدف من خلاله البنية التحتية للجناح العسكري لحركة حماس، دون طائل.

القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..