مقالات متنوعة

بوتفليقة سقط.. والبشير يحتضر

جورج ديوب

لا أدري كيف يمكن لحاكم عربي أن يكون غبيا لهذه الدرجة , ولا أدري كيف يمهل الشعب وقواه الوطنية حاكما غبيا يتسلط على مقدرات الشعب ويختطف آمالهم وأحلامهم على مدى عشرات السنين , يسهم في تفشي الفساد والمحسوبية وتعطيل طاقات الجماهير الخلاقة في العمل والإنتاج والإبداع.

لقد انتصر الشعب الجزائري في مناهضته لترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة , وقد كان هذا هو الهدف الوحيد للمتظاهرين , لكن عناد بوتفليقة حتى اللحظات الأخيرة اعتقادا منه بإمكانية ترويض الجماهير وثنيها عن الثبات على مطالبها , أدى إلى ارتفاع سقف مطالبها , وأخذت تطالب برحيل النظام كله ممثلا بالرئيس والمجلس الدستوري ومجلس الأمة , وازداد زخم التظاهرات يوما بعد آخر إلى أن يتم تحقيق مطالب الجماهير . وهذا بات قريبا ولن يطول تحقيقه ما دامت جموع المتظاهرين تملأ الشوارع والساحات وبات سقوط رموز النظام قريبا . وقد كان الداعم الأساسي لتلك المظاهرات هو سلميتها دون أن يراق فيها قطرة دم واحدة , ودون أن تتأذى الممتلكات العامة , رافق ذلك وقوف الجيش على الحياد , وهذا كان من أهم الأسباب التي أدت إلى انتصار إرادة الشعب

البشير هو نموذج آخر لهؤلاء الحكام ( الملهمين ) ههه , ونسخة مفردة طبق الأصل لهم , فالجميع متساوون في السوء وإن تفاوتت درجات السوء , فالسودان الذي يذخر بثروات هائلة كافية لسكان الوطن العربي من لحوم وحبوب وغيرها يئن شعبه تحت وطأة الفقر والبطالة والمرض وكافة ما يؤرقه في حياته , ولم يستطع البشير وحكوماته المتعاقبة من إيجاد حلول لمشكلة واحدة , ما إدى إلى ازدياد المشاكل وتراكمها إلى أن وصل البلد إلى ما وصل إليه الآن , وهذا ما يريده البشير من إجل إخضاع الشعب لمشيئته وكبح روح العزيمة والإباء التي يتمتع بها السودانيون . لكن اللعبة لم تمر فانتفضوا وثاروا ضد الرئيس البشير ونظامه المستبد مطالبين بإسقاطه وإسقاط النظام بكافة رموزه

لم يتعظ البشير من الأحداث المشابهة التي عصفت ببعض الأقطار العربية التي أدت إلى سقوط عشرات الألوف من الأبرياء وإغراق البلاد بحمام الدماء وتدمير البنى التحتية التي استغرق بناءها مئات السنين . بل عوضا عن ذلك تعاملت أجهزة الأمن مع المتظاهرين بمثل ما تعاملت به أجهزة الأمن في باقي الأقطار العربية مستخدمة العنف المفرط ضد المتظاهرين الذين مارسوا أعلى درجات الوعي والمسؤولية وحافظوا على سلمية الحراك رافضين مبادلة أجهزة الأمن بالمثل , ما حصنهم عن إلصاق صفة الإرهاب بهم وغيرها من التهم التي يستخدمها النظام عادة كذريعة لقمع المنتفضين , وهذا منح الجماهير مصداقية كبيرة لدى الشعب في توجهاتهم وأهدافهم , فتزايد التحام الشعب معهم بعموم شرائحه من رجال ونساء وشباب وشابات مصممون على عدم مغادرة الساحات قبل إسقاط البشير ونظامه

يعرف البشير أنه يحتضر وأن أيامه في الحكم باتت معدودة وأن نظامه سائر نحو السقوط , ولهذا فهو يتهيأ لتلك اللحظة , والطائرة التي ستقله جاهزة , وقد تكون وجهته المملكة العربية السعودية, لاحقا بزين العابدين بن عليالرئيس التونسي الأسبق, لأن الأحداث تشير فعليا إلى اقتراب موعد الرحيل ولم يبق إلا الإعلان الرسمي , وهذا الزخم الجماهيري الذي يحاصره خير تعبير عن صحة نبأ سقوطه

لقد حاول البشير خائبا الإختباء وراء ما حدث في بعض الأقطار العربية من أحداث دامية أطالت قليلا بعمر تلك الأنظمة , ليلوح بمثلها على أن السودان قد يحصل فيه مثل ما حدث في بلدان أخرى , محاولا بذلك إرهاب الناس من المستقبل الذي ينتظرونه في حال سقوط نظامه, وانزلاق الأوضاع نحو العنف والتاخلات الإقليمية والدولية ودخول البلاد في حرب أهلية نتائجها الدمار الكامل . لكن وعي الجماهير وتلاحمها فوت عليه فرصة التهويل وأفسد كل ما يروج له من أوهام
لقد آن لنا في السودان وفي باقي الأقطار العربية أن نشعر بالأمن والسلام , آن لنا أن نعيش كباقي شعوب الأرض المتقدمة , آن لنا أن ننعم بحرية الرأي والمعتقد والتجمع والنشر واختيار حكامنا بكامل إرادتنا

تحية لشعب السودان برجاله ونسائه , شبابه وشاباته للصمود الرائع في وجه السلطة والثبات على مواقفهم لتحقيق أمانيهم

ولينصركم الله ولا غالب لكم
للتواصل : 0434631501

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..