أخبار السودان

الشرطة و العيد

اسماء محمد جمعة

أي دولة في الدنيا عندما تهتم بالمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية تبني مجتمعاً متحضراً ومتتطوراً وقادراً على العيش في انضباط وهدوء، لوحده يحترم نفسه و القانون، وتصبح مهام الأجهزة الرسمية مثل الشرطة مراقبة كل ما يعكر صفو ذلك الهدوء ويخل بالانضباط، ولذلك مهام الشرطة في الدول المتحضرة دائماً متطورة في الاتجاه الاجتماعي أكثر من الاتجاه البوليسي، وبنفس القدر حينما تهمل الدولة المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية تصبح الدولة عاجزة عن بناء مجتمع متحضر؛ مما يجعل الشرطة مهمومة بالتدخل المستمر لفرض الهدوء والانضباط بالتخويف والقوة، لذلك نجد الأجهزة الشرطية في الدول المتخلفة مثل السودان تطور دائماً في الاتجاه البوليسي فقط.
الشرطة في السودان كل عام تبذل جهوداً جبارة في المناسبات الاجتماعية العامة والعطل الرسمية لتأمين العاصمة من الإجرام والفوضى؛ التي يثيرها بعض المواطنين الذين أجبرتهم ظروف الدولة غير المستقرة اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً على أن يصبحوا مجرمين، مع أنهم فئة محدودة؛ ورغم ذلك تكلف الحكومة نفسها جهوداً عظيمة إن استخدمتها في رعايتهم وإصلاحهم لأنقذتهم من الضياع وارتاحت هي .
في العام 2014 أعلنت شرطة ولاية الخرطوم عن نشر(16) ألف شرطي لتأمين الولاية خلال فترة عيد الأضحى المبارك، وفي نفس الوقت من العام الماضي أعلنت جاهزيتها لتأمين العاصمة بـ(20) ألف شرطي يمثلون وحدات الشرطة المختلفة، هذا العام استعدت بـ(15) ألف شرطي.
مدير الشرطة العام الماضي والحالي قال إنهم وضعوا خطة متكاملة لحماية العاصمة تشمل الأحياء والأسواق وأماكن العبادة والأماكن الحيوية وغيرها، ويساهم في تلك الخطة كل وحدات الشرطة المختلفة، ونفس هذا الكلام يقال كل عام وتظل العاصمة غير آمنة، جميل أن تكون الشرطة مهتمة بأمر الولاية وتقوم بواجبها ، ولكن قبل أن تفعل ذلك الواجب وهو واجب مرهق جداً ومكلف؛ يجب أن تقوم الدولة بواجباتها على أكمل وجه لتخفف على الشرطة هذه الأعباء غير المبررة، فما تبذله لتأمين العاصمة كل عام يمكن ان تستفيد منه الدولة في بناء النظام الاجتماعي وتقويته ليحمي نفسه بنفسه لتتفرغ الشرطة إلى مهام أكبر وأعظم وأسمى.
الشرطة في ولاية الخرطوم في مواسم الأعياد كل عام تستعين بالآلاف من أفراد الشرطة لتأمين العاصمة لجعل عطلة العيد سعيدة وهادئة كما تقول، مع أن السعادة والهدوء لن تصنعهما الشرطة مهما فعلت واجتهدت وساهرت، وستظل هناك أشياء تعكر صفو الحياة وتجبر المواطن على التمرد حتى على نفسه، والوضع الذي تعيشه العاصمة الخرطوم؛ سيظل غير آمن ولو خصصت لها الدولة مليون شرطي، إذ كيف لعاصمة تعاني من انقطاع المياه والكهرباء أبسط مقومات الحياة، وفي أحرج الأوقات، أن تعيش آمنة، فالأمن إحساس يفرضة الواقع المعاش. أما الشرطة فسترهق نفسها كل عام، وتصرف ما تصرف على تأمين العاصمة في مواسم الأعياد، وعندما تنقضي ستجد النتيجة كما هي.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..