مناقشة قضايا التعليم بلغة الشخت والشحم

مناقشة قضايا التعليم بلغة الشخت والشحم
كنت أظن أن بعض الأغاني الهابطة وحدها هي المجال الذي ظهرت فيه هذه المفردات بصورة منفرة..بيد أن ما نقل عن سبدرات من تحت قبة البرلمان ..أشعري بأنني كنت حسن الظن بمآلتنا..ولو أنني بوصفي معلماً حضر توزير سبدرات..لم استغرب ذلك ..فلن أنسى حين تولى الوزارة على حين غفلة ما أتى به من حديث في وصف المعلم..حيث قال أن صديقاً مازحه بأنك قد أتي بك إلى قوم لو حولت النيل إلى زيت سمسم وغطستهم فيه لن يزول نشافهم ..ثم تحدث عن زي المعلم وحذاء المعلم ما شاء دون أن يدري مدى استياء المعلمين بذلك ..وختم كل ذلك بحج المعلم ولو شال القرعة وحام بها !!فهل في ما أتى به جديد ؟
من سمات الانقاذ إتيانه بمخالفين يكونون أكثر كاثوليكية من البابا..مثل سبدرات ..وحالياً أحمد بلال..لكن الجملة المفيدة الوحيدة قوله بأنه إنما كان ينفذ مقررات مؤتمرات التعليم..لأن واقع التعليم حينها سيكون صورة أخرى من تطبيق مقررات مؤتمرات الاقتصاد وحالنا فيه ..وقضايا الحكم والنظام السياسي وخيبتنا ..وقضايا العمل النقابي ووهدتنا ..وقضايا السلام وحروباتنا وانشطار دولتنا ..ليبصم بالعشرة كيف ساهم في تدهورالحياة مع استوزاره..وهو اعتراف شبيه بالاعتراف بتصويت الموتى لدى أحمد بلال ..ووضعهم في قائمة المطلوبين لدى الأجهزة الأمنية.
كان سبدرات غريباً على حقل التعليم ..وأتعب كبار السن من الإداريين الذين يلازمونه في الاحتفالات بالسهر وهم كانوا قد ودعوا أيامه ..وما دام قد ربط ما تم بشخصه..فسأورد هنا شيئاً واحداً ظنه انجازاً ..وهو الكادر المفتوح..فرغم أنه كان مطلباً لفك اختناقات الترقي..إلا أن تطبيقه كان أسوأ من السوء نفسه..وجر مع عوامل أخرى إلى كارثة التعليم..فقد طبق برؤية تمكينية..تهتم برفع من هم في الدرجات الدنيا من الموالين إلى مراكز الإدارة..على أكتاف من هم أقدم منهم ..مع التغاضي عن الضوابط للترقي للدرجة الأعلى ..ببساطة ..لأن من يعاني من نقص الكوادر بفعل السياسات وضعف العائد وعدم الاستجابة لزيت السمسم..لن يتمكن من فرض شروطه..فصعد مع الزمن ..إلى الدرجات القيادية أناس ما كان لهم أن يتجاوزوا الرسوب الوظيفي..فاهنأ بشختك يا سبدرات.
نعم ..لست ممن يحملون على الأجيال الجديدة ومستوياتهم..ففيهم الكثير من النوابغ..في مجالهم ومجال الثقافة العامة ..لكنهم ليسوا بالضرورة أبناء السلم التعليمي ..بل من مفارقي فكره وفكر النظام..ولئن كان تطبيق محي الدين صابر لسلم 6-3-3 تطبيقاً لمقررات عربية في ظل توجه عروبي وقتها ..فإن تطبيق النظام للسلم الجديد كان قفزة في الظلام رمتنا من حالق.
لقد كتبت عقب إعلان مخرجات حوار الوثبة متعجباً من إدراج السلم التعليمي والمدارس النموذجية في وثيقة حوار وطني..لأنها من اختصاصات مؤتمرات التعليم..وفي إحداها تم ذبح التعليم ..بوضع هدف عام ملتبس ..بخلق (جبل رسالي) ليبدو سامياً بربطه مع الرسالة الإسلامية..وساقطاً بقول الترابي في رده على سؤال الصحفية تلك في جريدة السودان الحديث وقتها عن ضعف التعليم..بأننا قصدنا نشره بأي صورة لأن الطائفية ما تلبث أن تفوز من مناطق الجهل عقب كل نظام شمولي ..متناسياً فوزها عليه في المدن..وفوزه عليها بالتلاعب في دوائر الخريجين..
بعد مفاجأة تعيين سبدرات وزيراً للتربية ..وما أتى به ..كان المعلمون يتندرون بينهم بأنه نفسه قد فوجئ بتعيينه إذ سمع به في الإذاعة ..ووضع يومها أوراق الكوتشينة متحسراً على عدم إكماله العشرة مع رواة حديث زيت السمسم من اًصدقائه من التجار..فليته أكملها يومها إن صح ما تندروا به..إذاً لأغنانا الله عن كل هذا.
معمر حسن محمد نور
[email][email protected][/email]