ثقافة الإقالة .. أو الإستقالة ..!

ما نود التطرق اليه ليس المقصود منه لفت إنتباه أهل الحكم عندنا .. فالأمر لا ولم ولن يعنيهم لا في ماضيهم ولا حاضرهم ولا مستقبلهم .. فهم فئة ليسوا عاديين مثل الناس الذين يخطئون ويعترفون بخطئهم ثم يتحملون نتائجه ..فكما قال أحد مسئؤليهم من قبل وقد حدثت كارثة في وزارته تستجوب إعدامه في ميدان عام وليس فقط إقالته أو إستقالته المستحيلة التي تتعارض مع مبادي الإسلام كما ذكر سيادته !
بينما الكفار الذين دنا عذابهم منذ أن وطئت الإنقاذ على رقاب أهل السودان .. هم من يعرفون على الأقل ثقافة تحمل المسئؤلية الأخلاقية تجاه أي حدث مهما كان حجمه نتيجة لخطأ ٍبشري أو كارثة طبيعية أو قصور فني أو خلل أمني .. فيتقدمون باستقالهم فوراً معتذرين لآمتهم التي يحترمون فيها إنسانيتها ولا ينظرون اليها كقطيع رعايا !
بارقة أمل أخرى تأتي من تونس خضراء الذراع التي أصبحت منارة لتعليم شعوب المنطقة معنى الديمقراطية و كيفية إدارة الحكم الرشيد التي تعقب الثورة .. وهاهي تنظف وتداوي جراحاتها بعد صدمة حادثة المتحف التي إرتكبها أهل الهوس الناجم عن الجهل والفقر والفاقة ..!
لم يقل وزير داخليتها أن الجماعة دخلوا الى العاصمة والأضواء كانت مطفأة فلم نستطع إصطيادهم بالعين المجردة بفعل العتمة ويكذب على الناس بهكذا حديث مستخف للعقول والحادثة حصلت نهاراً جهار!
لذا فقد قام رئيس الوزراء بإقالة عدد من الوزراء المعنيين و أتبعهم بعدد آخر من ضباط الأمن الكبار متهماً إياهم بالتقصير في الحماية الأمنية للبلاد متمثلة في عاصمتها قبلة السياحة التي إستهدفتها تلك العقليات الظلامية !
وحتى لا نتهم بأننا متحاملون على كل من ينتمي للتيارات السياسية الإسلامية وإحقاقاً للحق ففي عهد الرئيس المصري المعزول مرسي إستقال وزير النقل على إثر حادثة مقتل عدد من الركاب في قطار مع حافلة أوشي من هذا القبيل .. لم يقل أن سائق القطار هو من يتحمل المسئؤلية أو سائق الحافلة الذي أساء توقيت عبور الخط الحديدي بينما القطار كان قريباً ومسرعاً !
ثقافة الإستقالة أو الإقالة مبدأ يعني تطبيقه أن هنالك من يجب أن يتحمل درجة من المسئؤلية طالما أنه على رأس المرفق المعني .. فما بالك حينما يكون وزير للداخلية وقت أن إقتحمت قوات خليل عصرئذ العاصمة ووقفت قاب قوسين أو أدنى من القصر الرئاسي ثم تنهار بنايات نتيجة فساد شركته وتلاعبها في معايير مواد البناء فيموت عدد من البشر وكأنهم الخراف ويترقى وزيرا للدفاع جراء ذلك ويصبح المسئؤل عن حماية البلاد براً وبحراً وجواً ويظل في منصبه رغم عدد الطائرات التي تخترق شباك مرماه وهو كالحارس الفتة .. ولكنه ( ُيتنّح ) واقفا امام ذات المرمى المنكوب باصرار يدعمه المدرب نفسه !
بل ويمنحه فقط إجازة في دكة الإحتياط ليس من قبيل العقاب وإنما لإلتقاط أنفاسه استعدادا للمزيد من الكوارث الجديدة قبل أن ينسى أهل ضحاياه كوارثة القريبة.. وربنا يستر !
[email][email protected][/email]