حميمية التنحي وقساوة الاطاحة

حميمية التنحي وقساوة الاطاحة

جمال علي حسن
[email protected]

هنيئاً لكل ثوار الدنيا وأحرارها بانتصار ثورة الشعب المصري امس وإجبار فرعون النظام المصري البائد حسني مبارك على التنحي عن السلطة قهرًا في (قاهرة) الجبابرة ونصرا بنوايا ابناء (المنصورة)..والاسكندرية وكل مدن وأرياف مصر الحبيبة ..
ورغم ان خطاب التنحي المقتضب الذي تلاه اللواء عمر سليمان كان قد ترك عشرات الأسئلة بلا اجابة إلا ان ارادة وذكاء الشعب المصري تقيه من شرور التآمر عليه وتجعلنا نقول ان المصريين لا خوف عليهم ابداً ..
نقول ذلك لأن الجيش الذي يثق فيه الشعب المصري ويحترمه ليس هو البديل العصري الدائم للحكم بل هو البديل الانتقالي الطبيعي جدا والمتوقع ولم تكن ثورة ميدان التحرير تطالب بذهاب قيصر ومجئ قيصر جديد لكنها ظلت صامدة في خط النضال كي تحقق الديمقراطية الحقيقية في مصر وتأتي بدولة العدالة والقانون أي الدولة المدنية الحديثة التي تكفل للمصريين حقوقهم كاملة غير ممنوحة ولا منقوصة ..
والحقيقة ان الشعب المصري ظل ومنذ اندلاع ثورة 1952 ثورة الضباط الاحرار يعيش تحت سيطرة الانظمة العسكرية فمحمد نجيب وجمال عبد الناصر رغم احترام الشعب لشخصه ثم انور السادات، جميع هؤلاء الرؤساء السابقين كانوا اعضاء في مجلس ثورة الضباط الاحرار ثم جاء حسني مبارك امتدادًا لهذا التاريخ العسكري والقمعي الذي لم يكن يكفل اي قدر من الحريات السياسية..
لذلك كان يجب ان تحدث هذه الثورة وينفجر هذا البركان الهادر بعد احتقان طويل كأول ثورة حقيقية على انظمة حركة الضباط الاحرار التي كانت مصر قد تحولت بعدها من النظام الملكي الى النظام الجمهوري ولكن وللاسف ظلت عبارة عن جمهورية يتبادل حكمها جنرالات الجيش في زمان انتهت فيه ثقافة الانظمة العسكرية في الدول الحديثة ولم يكن يعيب الاوضاع في هذا البلد العربي الناهض والمتطور مصر سوى نظامها الحاكم فمصر هي منبع الفنون ومسرح الثقافة ومتحف التاريخ ومهد الحضارات وكل الكلام الجميل الا كلمة شاذة واحدة هي نظامها السياسي السيئ الذي صار مضرب المثل في الفساد والقمع اللئيم ..
ولكن الشعب المصري ورغم هذا ليس شعباً قاسياً او متجبراً او جاحداً فقد ظلت ثورة يناير تطالب حسني مبارك بالرحيل حتى رحل وبالتنحي حتى تنحى وهو مطلب حميم جدًا مقارنة بما اقترفه نظامه من مظالم ومن مفاسد كبيرة .. لكنهم يقولون له (ارحل) فقط ..اي انهم يطالبون بسقف اكثر حميمية حتى من ذلك السقف الذي طالبنا به نحن النميري عام 85 حين كانت الانتفاضة تهتف بشعار (راس نميري مطلب شعبي) ..
ولكن مبارك ورغم هذا ظل متشبثاً بالسلطة حتى آخر لحظة بل ومن فرط نرجسيته كان نائبه عمر سليمان قد تلا بيان التنحي بلغة (مبارك يعلن التنحي وتكليف المجلس الاعلى للجيش بإداراة شؤون البلاد) ولا افهم كيف (يتنحى) ثم (يكلف) أليست هذه الصياغة خاطئة وملبسة ..إذ ان الطبيعي ان (يكلف) ثم (يتنحى) اوالطبيعي ايضا ان يتلو قائد المجلس الاعلى هذا البيان وليس نائب مبارك وأحد أهم معاونيه ..
نسال الله ان لا تكون تلك العبارات مدبرة ومقصودة بغرض الابقاء على كهنة النظام في مواقع السلطة وبالتالي محاولة الالتفاف على ثورة الجماهير .. وهيهات..

تعليق واحد

  1. الشعب المصري يثق في جيشه لأن جيشه حارب من أجل مصر هُزم وإنتصر , لكن في السودان هذه الثقة منعدمة تماما فجيشنا يقتل الشعب كما حدث في دارفور ولم يخض حربا خارجياً منذ إنشائه ….. حتي تشاد كانت ترسل طائراتها وتخترق الحدود وتضرب وجيشنا لا يفعل شيئا ثم يضرب الشرق وتحتل حلايب وغيرها وجيشنا لا يفعل شيئاً.
    وكذلك لا نثق في الشرطة السودانية فرجل الشرطة صار بعبعباً مخيفاً إذا ما رأه المواطن وهي في خدمة السلطة والسلطان وليس في خدمة الشعب. فهي أيضا قبضت وسجنت وعذبت وقتلت المواطن حتي في داخل سجونها.
    لكنه من الطبيعي ألا نثق في مخابرات وأمن وميليشيا النظام.
    لكل هذه الأسباب لا أستبعد – إذا ما قامت ثورة السودان- أن تكون كل هذه الأجهزة الأمنية هدفاً لأنها تعتبر عدوة للشعب الذي ذاق منها ما ذاق.

  2. ما ذهبت اليه كان يدور في ذهني واضيف لك ان التنحي جاء من رئاسة الجمهوريه فقط هل مازال القائد العام للقولت المسلحه التي ابقت على كل قراراته من نائب رئيس ورئيس وزراء ووزراء سيعود مبارك رئيسا بعد الاجازه التي يقضيها في شرم الشيخ وتهدأ العاصفه لاستكمال متطلبات الدستور وإكمال فترته الرئاسيه .
    أما عن حكم العسكر لمصر ذات الطابع الاستراتيجي المواجه لاسرائيل ومطامع اخرى فلا اظن ان مصر يكون لها رئيسا سوى عسكري قوي لكنه ليس حسنى مبارك الذي إغتصب منا حلايب وضرب الانصار ومنع الحريات الاربعه لك الاحترام

  3. لقد انتهي عهد الخوف من رجال الامن والبوليس الذي يحمي النطام بلا رجعة ويجب ان نجبر رجال الامن ان يكونا في خدمة الشعب لا السلطان والا يكون مصيرهم مثل رجال حسني مبارك الضرب حتي الموت ويجب ان يكون هنالك فهم واسع لمعني الامن و واجبه

  4. عودة مبارك هذا كلام غير مسؤل ولا يسنده منطق ولن يقبله أحد أذ كيف يعود بعد كل هذا الغضب الشعبي ودم كل هؤلاء الشرفاء من ابناء مصر وهل الشعب الذي عرف قوته وسطوته علي الحكام سيسمح بذلك لا اعتقد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..