مقالات متنوعة

حتى وإن اتفقوا.. لم تسقط بعد

زمن طويل وغالي اهدرته أجنحة الحرية والتغيير في التفاوض فيما بينها وفيما بين المجلس العسكري، فقوى التغيير بأجنحته المتعددة وحواراته المتكاولة في اديس تشي بأنّ ثمة نار تحت الهشيم، اما ما بين قوى التغيير وقادة المجلس العسكري فبينهم عطرٌ منشم.

إنّ ازمة الثقة بين الطرفين الرئيسيين واسعة جداً وليس ثمة ضمانات على استمرارية الاتفاق في الفترة الطويلة المقبلة خلال الفترة الانتقالية المتفق عليه فالهوة المتسعة والشكوك المتراكمة تزعزع الاستقرار المأمول وتجعل الامور فوق صفيح ساخن قابل للانفجار في أية لحظة.

قوى التغيير نفسها بدأت اجنحتها تتململ وليس ادل على ذلك من موقف الحزب الشيوعي من الاعلان السياسي ومن التحفظات التي أبداها التجمعيون انفسهم حول ترشيح الدقير لرئاسة الوزراء، ثم المفاوضات العسيرة في أديس ابابا وغيرها المعلنة كذلك في جوبا لمفاوضة الحركة الشعبية، وقبل ذلك عين الريبة التي تنظر بها مكونات التغيير للمجلس العسكري وما برز من ذلك في رفض تقرير النيابة العامة بخصوص نتائج لجنة فض الاعتصام التي ترى قوى التغيير انها تذهب إلى تبرئة ساحة قوات الدعم السريع من المسئولية الجنائية ، وهذه نماذج فقط لازمة الثقة المعدومة بين طرفي الحكم المرتقب فإذا كان الحال هكذا وهما خارج قفص الزوجية فكيف يكون الحال بعد دخولهما قفص الحكم الذهبي الذي نحشي عليهما فيه من الخُلع ومحاكم الاحوال والطلاق البائن بينونة كبرى وهو ما لا نتمناه في المستقبل القريب.

على كلّ سواء اتفق الطرفان او تماحكوا في التطويل المزمن هذا لتوقيع اعلانهما الدستوري فإنّ كل مفاصل الحكم تدين بالولاء للنظام البائد سراً ونعلانية بل الغالبية من العاملين في مختلف المواقع المؤثرة هم (ربائب) النظام السابق وكل الهياكل الآن هي صنيعة المتأسلمين لم تتغير ولم تتبدل والقائمين عليها هم هم دون تغيير لأحد.

بل ما تسرب عن الغعلان الدستوري يسمي بذات مسميات النظام السابق في الولايات ونظامه الفيدرالي الاعرج ولم يتجرأ الاعلان الدستوري المرتقب على نسف مسميات وتركة النظام البائد والعودة للأقاليم بضربة لازب بل أشار الاعلان الدستوري لجهاز الامن والمخابرات بذات اسمه ورسمه في إقرار تام بل خنوع لمقررات النظام البائد وكنا نظن أنّ من أولى قرارات وبيانات المجلس العسكري يوم الغنقلاب هو إلغاء الولايات ومستويات الحكم الولائي الذي استنزف البلاد واورثها المحاصصات والفرقة وإعلان العودة للأقاليم ثم إعلان إلغاء وحل جهاز الامن وبنائه بأساس جديد، ولكن بقى كل شئ كما هو ، بل إنّ بعض القيادات المتأسلمة في الجيش والشرطة والخدمة المدنية ظلت في مقاعدها دون تغيير رغم أنهم رضعوا من ثدي النظام البائد سنين طويلة.

بالله عليكم فكونا من سيرة التغيير فهي لم تتغير بعد ولم تسقط.

د. الرفاعي عمر البطحاني
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..