حكومة العذر الااقبح من الذنب

الظاهرة الإنقاذية ظاهرة محيرة في جوانب كثيرة منها علي سبيل المثال لا الحصر حجم الإفساد الذي سببته علي صعيد إفقار و إذلال الشعب السوداني المسكين,تدمير الاقتصاد ,تدمير المؤسسات الوطنية ,تدمير الخدمة المدنية,تدمير منظومة القيم الدينية و الإجتماعية ,تفكيك العلاقات الدولية المفيدة للدولة ,تفكيك أجزاء الوطن الواحد و النسيج الإجتماعي و غيرها.
أكثر ماهو محير هو الاعذار التي يخرج بها علينا بين الفينة و الأخري أحد أقطاب النظام ,هي أعذار اقل ما توصف بأنها هي نفسها أعذار غير منطقية و تثير السخرية و الإستغراب و تقضي تماما علي مسوغ بقاء هذا النظام في سدة الحكم.
تقفز إلى ذهني القصة المأثورة بين هارون الرشيد وأبو نواس حيث يحكى أن هارون الرشيد سئل أبو نواس في مجلسه عن مقولة ( عذر أقبح من ذنب ) ،فتحير أبو نواس وطلب مهلة من الوقت إلى ان صادف ان ركع هارون الرشيد متناولا غرضا من امام ابو نواس فقام ابو نواس بتلمس موضع العفة عند هارون الرشيد فغضب عندها وطلب من أبو نواس أن يقدم أعتذاره له فأجابه أبو نواس ( عذرا مولاي حسبتك مولاتي زبيدة – زوجة هارون )، فزاد غضب الرشيد فبادره ابو نواس هذا العذر الأقبح من ذنب.
قصة الإنقاذ قديمة كما علمنا من عراب الإنقاذ الترابي فمخطئ من يقول أن الإنقاذ لبثت 27 عاما لا بل هي 30 عاما منها ثلاث سنوات مع نميري,فعندما بدأ تطبيق الشريعة الشائهة كانت الجهات الأمنية تهاجم أوكار أصحاب الموبقات المستترين في منازلهم و عندما قيل لنميري أن الدين يمنع التجسسس قال نميري نحن نتجسس لحماية الدين!!!
المشكلة التي وقع فيها الإنقاذيون أنهم عندما تذرعوا بذريعة الدين فقد إرتقوا مرتقي صعبا له رموز لم يخطئها المفكرون حتي الملحدون منهم مثل الرسول الأعظم و الخلفاء الراشدون و من شايعهم مثل عمر بن العزيز و نور الدين زنكي و صحبهم و عندما يقارن الإنسان أفعال أولئك بافعال هؤلاء يجد الفرق بينا كما قال شاعرنا ود الرضي:-
أنـا فــي التمـنـي ديـمـه هديـلـي سـاجـع
مـا لقيـت لـي مغيـث ولا لقيـت لـي مـراجـع
أعاين فيهو وأضحـك .. وأجـري وأجيهـو راجـع
أقيـس بالليـل شعـرو .. ألقـى الفـرق شـاسـع
أقيـس الفـم بودعـة .. الـقـى الــودع واســع

نسب لعمر بن الخطاب أنه سأل والياً له فقال: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب ؟
قال الوالي : أقطع يده
قال عمر بن الخطاب: إذاً فإن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر لهم حرفتهم، فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها, إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية

و في رواية أخري
) ﻭﻟﻴﻨﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻟﻨﺴﺪ ﻟﻬﻢ ﺟﻮﻋﺘﻬﻢ ﻭﻧﻮﻓﺮ ﺣﺮﻓﺘﻬﻢ ﻓﺎﻥ ﻋﺠﺰﻧﺎ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻋﺘﺰﻟﻨﺎﻫﻢ )

عن علي رضي الله عنه أنه قال( وإنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن . ويستمتع فيها الكافر. ويبلغ الله فيها الاجل. ويجمع به الفئ، ويقاتل به العدو. وتؤمن به السبل. ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح به بر ويستراح من فاجر)

و ياله من فرق شاسع و نسال الله أن يجعل لنا مغيثا و يجعل لنا مراجع !!!!
من أعذار الإنقاذيين
(قال الترابي إن السلطة وقوتها كانت بيد الإسلاميين، لكنهم تسامحوا مع من كانوا يمسكون ظاهريا بأمور الدولة، لكنهم كانوا يجهلون أن السلطة يمكن أن تفتن من تربى وتزكى في حركة دينية عشرات السنين)
كيف يجهلون و لماذا لم يفعلوا مؤسسات الرقابة و العقوبة و الدين حض علي ذلك؟
(الحصار من دول الإستكبار هو السبب لاننا رفعنا راية لا اله الا الله)
أين هي راية لا اله الا الله و ماهي و هل رفعتموها بحقها و لماذا لم تحاصر السعودية وفيها مكة و لماذا لم تقضوا علي أسباب الحصار؟
(وزير المالية يصرح بأن سبب أنهيار الاقتصاد هو أن واردنا أكثر من صادرنا و أننا نستهلك أكثر مما ننتج)
خطأ من هذا ,من السبب في افلاس المشاريع الزراعية و الصناعية و الخدمية,هل وفرتم مقومات الانتاج و الوظائف و الشعب رفض؟
(نائبة رئيس البرلمان تصرح بأن التعليم صار مهنة لا مهنة له و أن المعلمين يتفشي وسطهم الفساد الاخلاقي)
هل وفرتم للمعلمين شروط خدمة مغرية و أخترتم خيرة المعلمين؟
(وزير الصحة يصرح بأنه لو اطلع علي قائمة اسعار الادوية الاخيرة لقدم استقالته)
و لماذا لم تطلع عليها و تعلم فقر الشعب و تعلم مآلات تحرير الصرف و تعلم الحيتان القاتلة التي تجوب محيط السوق؟
(وزير الدفاع عند الهجوم الاسرائيلي :الطيارة كانت طافية الانوار و الناس في صلاة العشا,وعند دخول حركة خليل لامدرمان: و الله كنا منتظرينهم في مكان معين لكنهم (لسوء الحظ غيروا مسارهم استدرجناهم لداخل المدينة لداخل المدينة لنقضي عليهم)
هل صلاة العشا عذر ؟ ياخي صلوا صلاة الخوف!!! ثم هل في التكتيكات العسكرية شئ اسمه لسوء الحظ ؟ و لماذا تستدرج عدوك لداخل مدينة أنت مسؤول عن أرواح ساكنيها و أنت مسؤول عن هيبة نظام؟
(رئيس الجمهورية يصرح بان تحرير سعر صرف الجنية السوداني أتي لانقاذ الدولة من الانهيار)
هل كانت ثورة الانقاذ لانقاذ الشعب أم انقاذ الدولة,الشعب هو الذي يعطي الدولة معني فاذا انهار الشعب انهارت الدولة,هل شبح الانهيار كان فجائيا؟ أم كان بارزا للعيان علي مدي 27 عاما؟
و هكذا دواليك أعذار مضحكة مبكية لا منطق لها و لا مسوغ باي منطق ديني أو علماني أو فكري تدل علي التخبط الاعمي و فقه الذرائع و فقه الضرورة و الظلم الاسود البغيض الذي يدل علي استحقار اعلي القيم و الاخلاقيات و الاستهانة بالشعب, نظام لا يذكرنا الا بالنمرود بن كنعان و فرعون موسي و ملأه بل فرعون كان ارحم بشعبه حيث استضعف منهم طائفة صغيرة لكن فراعنتنا أستهانوا بالاغلبية, حكومة رفعت الدعم و حررت السوق و لم تدافع عن المواطن ضد أي ظالم و سمحت لمتنفذيها و تجار السوق بامتصاص دم الشعب السوداني و قضت علي القطاع الصحي و الان إتجهت المافيا لرفع سعر الدواء حيث أن الناس صاروا لا يذهبون للمستشقيات الا للضروروة القصوي, السودان الآن من الدول النادرة التي تذهب فيها للصيدلية و تشتري أدوية خطرة بدون روشتة طبيب و صراحة من الضرورة في السودان أن يدرس الصيادلة الطب ,أكثر المرضي يذهبون للصيدلية مباشرة ليشرحوا لهم مرضهم و يستأنسوا بمشورة الصيدلي ثم يشترون الدواء.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..