أم بالسلفادور تعثر على ابنتها بعد ثلاثين عاما من اختطافها

سان سلفادور – دينيس دويتمان وخوان خوسيه دالتون – -منذ ثلاثة عقود انتزعت الحرب الأهلية الدموية والوحشية التي جرت أحداثها في السلفادور بنتا صغيرة بعيدا عن أمها.

والآن استطاعت هذه الأم وتدعى خوسفينا أوسوريو هنريكيز أن تحتضن ابنتها زيومارا مرة أخرى.
وتقول الأم وهي فلاحة تبلغ من العمر 54 عاما بصوت مرتعش بعد أن التقت ابنتها التي يبلغ عمرها الآن 31 عاما وذلك للمرة الأولى منذ أن فقدتها ” إنني واصلت البحث عنها إلى أن وجدتها في النهاية “.
وكان جنود حكومة السلفادور قد دخلوا قرية بوريرا التابعة لمقاطعة سان خاسينتو أثناء العملية العسكرية التي شنتها القوات الحكومية عام 1984ضد رجال حرب العصابات اليساريين.

وقتها قام المواطن ليورينزو فلوريس أمايا بإخفاء زوجته خوسفينا وإبنته زيومارا التي كانت تبلغ وقتها من العمر عامين فقط داخل حفرة في الأرض ووعدهما بالعودة.
غير أن الزوج قتل في المعركة التي دارت بعد ذلك بين القوات الحكومية ورجال حرب العصابات التابعين لمنظمة فارابوندو مارتي التي كان عضوا فيها.
وعثر الجنود على زوجته وابنته، ثم قام ضباط الشرطة بناحية سان فيسينتي بفصل الابنة عن أمها.

وتوضح خوسفينا أن شرطيا انتزع ابنتها منها ولم ترها منذ ذلك الحين. وتم تسليم الابنة زيومارا في وقت لاحق لأسرة أخرى.
وتقول زيومارا إنها لم تكن تعي كثيرا في ذلك الوقت الذي فارقت فيه أمها. وتضيف ” لكنني أدركت وقتها أن ضابطا بالشرطة سرقني وسلمني لأمي بالتبني التي قامت بتعميدي تحت اسم كارولينا “.
وكبرت البنت الصغيرة مع أسرتها الجديدة في مدينة سانتا أنا التي تقع غربي السلفادور، وتتذكر زيومارا قائلة ” لقد عشت حياة طبيعية مع أمي بالتبني، وتوفت هذ الأم منذ أربعة أعوام “.
وتتابع ” إنني متزوجة الآن ولدي ثلاثة أطفال، وأنا أكرس حياتي لرعايتهم “.

ورتبت عملية اللقاء بين زيومارا وأمها الفعلية خوسفينا منظمة ” برو باسكويدا ” التي أسسها عام 1993 القس اليسوعي جون كورتينا بهدف البحث عن الأطفال الذين تم اختطافهم أثناء الحرب الأهلية التي استمرت خلال الفترة بين 1980 و 1992. وإلى جانب التشابه الواضح بينهما أكد اختبار للحامض النووي أن زيومارا هي ابنة خوسفينا. وجمعت منظمة ” برو باسكويدا ” معلومات حول نحو 800 طفل مختطف، ونجحت حتى الآن في تسليم 300 منهم إلى أهاليهم. وتقول مارجريتا زامورا المسؤولة عن البحث بالمنظمة ” إن القوات المسلحة لا تتعاون معنا “.
وتضيف ” إن السبب في ذلك يرجع إلى أن قانون العفو الصادر عام 1993 والذي يمنح الحصانة من المحاكمة للأشخاص المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ولهذا السبب لم نتمكن من حل مشكلة نحو 500 حالة “. ومن الواضح أن عمل المنظمة أثار أيضا غضب مجموعات قوية في السلفادور.

ففي تشرين ثان/ نوفمبر الماضي فجر مهاجمون مجهولون مكتب منظمة ” برو باسكويدا “، ودخل رجال مسلحون المبنى وأشعلوا النار في الأرشيف ودمروا وثائق مهمة.
وكان اختطاف الأطفال جزء من استراتيجية الأرض المحروقة التي انتهجتها قوات حكومة السلفادور أثناء الحرب الأهلية التي استمرت 12 عاما.
وتمثل الهدف من عملية الاختطاف في تحطيم الروح المعنوية لسكان القرى الذين كانت القوات الحكومية ترى أنهم يوفرون ” قاعدة اجتماعية ” لرجال حرب العصابات، ورغم ذلك كان ما نسبته عشرة في المائة من عمليات الاختطاف يتم تنفيذه من جانب المتمردين وذلك وفقا لما تقوله منظمة

وتعتزم خوسفينا وابنتها التي عادت إليها تعويض ما فاتهما من زمن. وتقول الابنة زيومارا ” والآن وقد توصلت إلى معرفة أمي الحقيقية وأشقائي وشقيقاتي، أريد أن أقتنص الزمن الذي افتقدته ”
وتضيف ” إنني أشكر الرب على أننا نستطيع أن نفعل ذلك الآن “.
هدهد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..