أهم الأخبار والمقالات

مولانا عبد القادر محمد أحمد: أزمة تعيين رئيس القضاء والنائب العام ترتبط بالوثيقة الدستورية

* لم يكن هنالك ما يمنع من تدارك الخطأ الذي وقع من رئيس المجلس العسكري بذات منطق إقالة رئيس القضاء السابق.
* هناك عدم ثقة بين المجلس العسكري وقوى التغيير وكل منهما يحاول تسجيل هدف في شباك الآخر.
* ق ح ت ترى أن تعيين رئيس قضاء في هذه المرحلة يمس استقلال القضاء.
* ما قامت به الإنقاذ في القضاء تخطى حماية الشمولية للتخريب من أجل التخريب.

ثار جدل كثيف خلال الأيام الماضية بشأن ترشيح مولانا عبد القادر محمد أحمد لمنصب رئيس القضاء، واستمر هذا الجدل حتى بعد أن دفعت قوى الحرية والتغيير بمرشح جديد للمنصب، وكلما مر صباح جديد تتجدد الأسئلة الشائكة وعلامات الاستفهام حول مدى امكانية تجاوز أزمة تعيين رئيس القضاء والنائب العام لجهة أن تعيين الأول لا يمكن أن يتم بحسب الوثيقة الدستورية إلا بعد تشكيل مجلس القضاء العالي الجريدة استنطقت المرشح الأول الذي أعلن انسحابه فإلى مضابط الحوار..

حوار: سعاد الخضر

ق ح ت رشحتكم لمنصب رئيس القضاء وفجأة تبخر خيارها في الهواء فهل كان ذلك بسبب مشكلة دستورية؟ وأين تكمن هذه المشكلة؟ أم كان ذلك بسبب رفض المجلس العسكري؟

كما بدأ يفهم جميع الناس فان الإزمة المسيطرة على مسرحنا العام اليوم والمتعلقة بتعيين رئيس القضاء والنائب العام هي أزمة مرتبطة بالوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية، ففيما يلي القضاء نصت الوثيقة على تشكيل جسم أطلقت عليه مجلس القضاء العالي وأوكلت إليه مهمة اختيار رئيس القضاء، هنا النص كنص مستقبلي لا اختلاف حوله، لكننا كنا نرى أن نقطة البداية التي يجب أن تسبق تشكيل مجلس القضاء والقيام بمهمة الاصلاح القضائي كواحدة من أهداف الثورة في المرحلة الانتقالية تكمن في تعيين رئيس قضاء مؤمن باستقلالية القضاء ولديه رؤية عملية لتحقيقه.

قبل الاتفاق على الوثيقة والتوقيع عليها سعينا سعياً حثيثاً لنوضح وجهة نظرنا من خلال علاقاتنا المهنية بالأخوة الممسكين بهذا الملف من جانب ق ح ت، وقد بذل الأخ مولانا نصر الدين حسن مجهوداً كبيراً في ملاحقة هؤلاء الإخوة وشرح وجهة النظر شفاهة وكتابة وكذلك فعل الأخ مولانا سيف الدولة عبر الاتصال هاتفياً من قطر وعبر مقالاته، كذلك فصلنا ذلك وبوضوح في الوثيقة الدستورية التي قدمتها مجموعة تضامن حيث شاركناهم في اعدادها وقاموا بتسليمها لقوى الحرية والتغيير، وللمعلومية فان مجموعة تضامن من أكبر الكتل داخل الحرية والتغيير، كما اجتمعنا بالمهندس فيصل بشير عدة مرات وشرحنا وجهة نظرنا وهو ممثل تضامن داخل ق ح ت والممسك بملف الترشيحات، كذلك دعينا أنا والأخ نصر الدين إلى لقاء نظمته مجموعة إدارة الأزمات وهي أيضاً واحدة من كيانات ق ح ت وفي حضور إثنين من داخل غرفة المفاوضات شرحنا وجهة نظرنا ونبهنا للأزمة التي يمكن أن تثور من جراء عدم وجود نص يتعلق بتعيين رئيس القضاء.

هل قمتم بتوضيح ذلك كتابة؟

نعم طلب منا كتابة توضيح وقد فعلنا ولا زالت المشاورات جارية حول بنود الوثيقة. لكن يبدو أن الإخوة في ق ح ت كانت لديهم وجهة نظر مختلفة لم نسمعها منهم مباشرة لكنها راجت مؤخراً وهي أن تعيين رئيس قضاء في هذه المرحلة يمس استقلال القضاء وكنا نرد بأن السيد رئيس القضاء الحالي مولانا عباس علي كقاضي رجل كفؤ ومحل احترام وتقدير لكن واقع حال القضائية منذ توليه للمنصب يكشف عن عدم اهتمام بإحداث أي إصلاح.

هناك اتهامات للقضاء في عهد النظام البائد بتجاوزات تمس استقلالية القضاء؟

في عهد رئيس القضاء الحالي حدث تكريس من بعض القضاة لذات الأوضاع التي تمس مساساً مباشراً باستقلال القضاء، لذلك تعيين رئيس قضاء جديد كان يجب أن يتم بذات الآلية التي سمحت بتعيين مجلس سيادة ورئيس مجلس وزراء ووزراء وجمعية تشريعية وهي الآلية الطبيعية التي تضعها الثورة القائمة على الإرادة الغالبة للأمة (الشرعية الثورية).

هل يعني ذلك أن رئيس القضاء الحالي لو أبدى أي إستعداد للاصلاح القضائي لن تعترضوا عليه؟

نعم لو أبدى مولانا عباس أي استعداد للسير في خطى الإصلاح القضائي الذي يؤدي لاستقلال القضاء لما اعترضنا عليه لكنه كان يعلن عن زهده الاستمرار في المنصب.

عوداً على بدء ماذا عن ترشيحكم من قبل ق ح ت؟

بالنسبة لموضوع ترشيحي من قبل ق ح ت فقد تم قبل التوقيع على الوثيقة الدستورية فقط تم فيه الاتفاق المبدئي عليها، لكن لم يكن هناك ما يمنع من تدارك الخطأ أو حتى بصدور قرار من رئيس المجلس العسكري بذات المنطق الذي جعله يقيل مولانا عبد المجيد ويعيّن مولانا عباس.

إذاً ماذا حدث؟

ماحدث هو أن الأنباء راجت باعتراض المجلس العسكري على شخصي، ثم بعد التوقيع على الوثيقة تحول الحديث إلى عدم وجود نص في الوثيقة يعطيهم الحق في التعيين.

هل يعني هذا أن الاعتراض على ترشيحك للمنصب من قبل المجلس العسكري قبل التوقيع على الوثيقة؟

لا أعتقد المشكلة في تقديري أكبر من ذلك فالملاحظ ان ترشيح مولانا محمد الحافظ لمنصب النائب العام لم يقابل بأي اعتراض على شخصه، لكن تعيينه أيضاً لم يتم وتم قتل الموضوع بالصمت عليه، وللأسف هو الآن خارج دائرة المرشحين.

كيف تقرأ أزمة تعيين رئيس القضاء والنائب العام على ضوء ما ذكرت آنفاً؟

الأزمة في تقديري هي أزمة عدم الثقة القائمة بين ق ح ت والمجلس العسكري بالتالي ينظر كل طرف للآخر بنوع من التوخي والحذر ويحاول تسجيل الهدف في شباك الآخر، ق ح ت لم توفق في تحقيق التواصل النفسي بينها والمجلس العسكري، قد تكون لديها مبرراتها، لكن هذا التواصل كان أمراً ضرورياً للسير في طريق تحقيق أهداف الثورة، وذلك باعتبار المجلس العسكري شريك أصيل فيها ومهما كانت المبررات التي دعته للانحياز للثورة ولو حدث ذلك لسارت الأمور بشكل مختلف تماماً.

ما هي الأسباب التي دفعتك للانسحاب من الترشح لمنصب رئيس القضاء؟

ما رشح في البداية هو اعتراض المجلس العسكري على شخصي بسبب مقالات كتبتها وكنت ولا زلت أعتقد ان الحفاظ على كرامة وحساسية المنصب وما ينبغي له من احترام في نفوس الناس، لا تحتمل أن أتمسك بترشيحي وهناك طرف يطعن في عدالتي وكانت البلاد مقبلة على الاحتفال بالتوقيع على الوثيقة الدستورية، ولذلك اتصلت بالأستاذ وجدي صالح وأخطرته بتراجعي عن الموافقة على ترشيحي وطلبت منه أن يتقدموا بمرشح بديل.

وفي مساء يوم 20 أغسطس كانت أنباء ترشيح ق ح ت لمولانا نعمات عبد الله رئيساً للقضاء فقمت بإشهار انسحابي للرأي العام حتى أتمكن من ترشيح مولانا نعمات لثقتي بأنها أهل لتولي المنصب.

ولكن هل الوثيقة الدستورية تسمح بترشيح رئيس قضاء جديد قبل تشكيل مجلس القضاء العالي؟

الأسافير مليئة بالآراء القانونية المتضاربة حول هذا الموضوع ويبدو أن ذلك ناتج عن تعدد الوثائق الدستورية المتداولة في الوسائط الاجتماعية والإختلاف بين نصوصها، وأين هي الوثيقة التي تم التوقيع عليها بصورة نهائية.

وهل بالفعل تم تعديل الوثيقة بواسطة المجلس السيادي وما قانونية ذلك، لهذا لا أريد الخوض في هذا الموضوع فقط أتمنى أن لا يتعجل السادة أعضاء مجلس السيادة البت في هذا الملف الحساس وأن يخضعوه لدراسة قانونية متأنية على ضوئها يتم اختيار الشخص المناسب وأن يكون ذلك بناء على أسس موضوعية بعيدا عن أي صراع بين مكونات مجلس السيادة.

ما هي معايير الشخص المناسب لمنصب رئيس القضاء من وجهة نظركم؟

آخر من تم ترشيحه هو مولانا نعمات عبد الله وسبق أن قمت بدعم ترشيحها لسبب أنها رشحت من قبل نادي القضاة وهذا النادي ظهر مؤخراً ككيان قوي ضد كل ما يجري داخل القضائية ويمس استقلال القضاء، وكان هذا النادي داعماً لترشيحي ولما اضطريت للإعتذار قام بترشيح مولانا نعمات وهي عضو في ذلك النادي ومهتمة باستقلال القضاء ولها رأي واضح ومعلن في هذا الخصوص.

هل المجلس العسكري متورط في جريمة فض الاعتصام ولذلك يخاف من استقلال القضاء؟

لست من يجيب على مسألة التورط أو الخوف لكن ما يجهله كثير من الناس أن استقلال القضاء يحقق مصلحة الجميع المدعي والمدعى عليه، الشاكي والمتهم، ففي مناخ السيولة العدلية ينجح المتهم في الوقوف أمام القاضي الذي يختاره ويحصل على البراءة، وفي المقابل سيسعى الشاكي بأن ينظر الاستئناف أمام القاضي الذي يختاره، فهذا السلوك في مجمله يضر بالعدالة وبفقد الثقة في القضاء يشيع عدم الإحساس بالأمن والسلام الإجتماعي فالناس تقع بينهم الخلافات ويفشلون في حلها وديا لذلك لا بد أن يتفقوا ويطمئنوا الى جهة واحدة متجردة ومستقلة وذات كفاءة لكي تفصل بينهم بالعدل ولكي يتحقق الرضا النفسي مهما كانت نتيجة الحكم ومن هنا تأتي أهمية استقلال القضاء.

كيف يمكن إصلاح القضاء السوداني؟

هنالك مسألة مهمة هي أنه في ظل مناخ حرية الرأي وتعدد وسائل التعبير من الصعب أن تقوم جهة ما بتسيير القضاء وفقا لهواها، مهما أوتيت من كوادر داخل القضائية لذلك من مصلحتنا جميعاً أن نسعى لإصلاح القضاء بإزالة ما شابه من تشوهات تمس هيبة واستقلالية القضاء.

ما هو المقصود من عبارة استقلال القضاء؟

الدولة الديمقراطية تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية ويعني ذلك أن تعمل السلطة القضائية دون تدخل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وأن يكون القاضي بعيداً عن أي سلطات سوى سلطان الضمير حتى يتمكن من القيام بدوره في فض النزاعات بين الأفراد بعضهم البعض أو بينهم والحكومة بأمانة وتجرد وكفاءة بحيث يثق الجميع بأنهم بإلتجائهم للقضاء يضعون أنفسهم في رحاب القانون ليكون هو الفيصل بينهم وبالمثل يجب على السلطة القضائية عدم التدخل في عمل السلطتيين
التنفيذية والتشريعيية.

من واقع تجربتكم هل هناك معيار عملي لهذا المفهوم؟

وجود سلطة قضائية يتطلب توافر عدة شروط في القضاء كمؤسسة وفي القاضي كفرد وفي إدارة القضاء كجسم إداري قائم بذاته، لكن لتبسيط الموضوع أورد بعض الشروط مجملة وهي ألا يكون للحكومة دور في تعيين القضاء أو ترقياتهم أو نقلهم إلخ، وأن يكون هناك استقلال مالي للسلطة القضائية وألا تسن تشريعات تمس استقلال القضاء وألا يكون هناك قضاء موازي أو استثنائي وأن توكل إدارة القضاء لجسم مستقل ومحايد وحكيم وقادر ليتمكن من حماية وحراسة القضاء من التدخلات، وفي المقابل يجب على القاضي عدم الانتماء العضوي للأحزاب وألا يتنقل بين الوظائف بأن يترك القضاء ليعمل وزيراً ثم يعود ليكون قاضياً وألا يحتفظ بعضوية جهاز الأمن والسلطة القضائية وأن يبتعد عن كل الشبهات وعن ممارسة العمل التجاري والإستثماري بكل أشكاله لأن دخول القضائية كمؤسسة أو القاضي كفرد في هذا المجال يعني الدخول في علاقات متشابكة مع الآخرين وما ينتج عن ذلك من نزاعات تذهب بهيئة ومكانة القضاء وثقة الناس فيه كما أن الدخول في علاقات متشابكة مع الآخرين وما ينتج عن ذلك من نزاعات تذهب بهيئة ومكانة القضاء وثقة الناس فيه كما أن دخول القاضي في مجال التجارة والإستثمار يكون خصماً على مهمته الأساسية في تحقيق العدل فيضعف مهنياً وأخلاقياً.

ما هو موقف السلطة القضائية اليوم من هذه الشروط؟

كمبدأ عام نستطيع القول بأن القضاء المستقل والكفؤ والنزيه هو من أهم دعائم الحكم في الدولة الديمقراطية باعتباره المسؤول عن إرساء دعائم الديمقراطية والسلام الاجتماعي والإستقرار والاصلاح السياسي والاقتصادي والتداول السلمي للسلطة وباعتباره حامي الحقوق والحريات وسيادة حكم القانون لهذا نجد أنظمة الحكم الديمقراطي لا تحرس نفسها بالدبابات وتكميم الأفواه لكنها تحمي نفسها بخلفية وجودها القائم على التفويض الشعبي ومؤسسات الحكم الديمقراطي التي تقوم على مبدأ استقلال القضاء في المقابل نجد الأنظمة الشمولية تحمي نفسها بتقويض مؤسسات الحكم الديمقراطي ومصادرة الحقوق والحريات وتكبيل سيادة حكم القانون بما يستلزم العصف باستقلال القضاء باضعافه ومهنيا وإفساده وتسييسه من هنا نجد أن الحكم الشمولي الذي امتد لثلاثين عاماً يعكس واقع حال القضائية في بلادنا اليوم بل تخطى الأمر كل متطلبات حماية النظام الشمولي ليدخل في عداد التخريب لأجل التخريب في هذه المؤسسة العريقة والحساسة.

الجريدة

‫2 تعليقات

  1. كلام زي الفل بهذا يمكننا تحقيق دوله دمغراطيه بحته يسوود فيها حكم القانون

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..