الحركة الاسلامية— هل تحولت لحزب اشارة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحركة الاسلامية— هل تحولت لحزب اشارة
بقلم : الدكتور معاوية محمد البخيت
[email][email protected][/email]
شغل الوسط السياسي السوداني في الايام الفائتة بمؤتمر الحركة الاسلامية السودانية ولعله انشغال مبرر لما لهذا المؤتمر من تاثير علي مجريات الاحداث في السودان فالحركة الاسلامية منذ استيلائها علي الحكم في البلاد من خلال انقلاب عسكري في الثلاثين من يونيو 89 تحكم وتتحكم في مصير السودان بشكل مطلق مارست فيه شتي انواع التسلط والتجبر وابشع انواع الحكم المنفرد اضعفت خلاله الدولة السودانية ودمرت المقومات والاسس التي بني عليها هيكل الدولة السودانية فخلال ربع قرن من الزمان زاق فيها الشعب السوداني مر العذاب ضاع خلالها الثلث الغني من البلاد وضاعت السيادة الوطنية من خلال وجود اكثر من اربعين الف جندي اجنبي ودمار تام في البنية التحتية للبلد من المقومات الاقتصادية كالمشاريع الزراعية والسكة حديد و خطوط الطيران والخطوط البحرية والتعليم وكل شي والاسواء من ذلك اغرقواالبلاد في حروب اهلية وفتن عرقية يصعب التعافي منها .
رغم ان هذا المقال مخصص لمؤتمر الحركة الاسلامية الاخير الا ان ما يحسه المرء من مرارة والم لما ال اليه حال الوطن لا يمكن السكوت عليه ولعل اهم ملامح هذا المؤتمر ان هناك ثلاث مجموعات كانت تتصارع قبل انعقاده منها مجموعة الشيوخ من الرعيل الاول بقيادة البروفسير ابراهيم احمد عمر الذين يروا ضرورة تذويب الحركة في المؤتمر الوطني وهذه المجموعة يختبئ خلفها مجموعة الرئيس ودكتور نافع ومجموعة العسكر الذين يرتبط وجودهم في السلطة بوجود الرئيس وهذه المجموعة تسيطر علي الحزب من خلال مجموعه من النفعيين الذين يسهل التحكم فيهم من خلال المناصب وهنا يمكنهم بسهولة حسم معركة خلافة البشير او استمراره .
المجموعة الثانية هي مجموعة علي عثمان هذه المجموعة يتزعمها الاستاذ علي عثمان وهو خسر الكثير من نفوذه الذي اكتسبه خلال الفترة السابقة بسسب فشله في كافة الملفات التي اشرف عليها ولعل ابرزها نيفاشا التي ادت بدورها لفصل الجنوب وتنذر بفصل المزيد من اجزاء السودان الاخري مرورا بالملف الاجتماعي خلال توليه وزارة الشوؤن الاجتماعية مما حول السودان من بلد ابرز ما يميزة نسيجه الاجتماعي الي بلد يعيش في عصور غايرة من القبلية والعنصرية الي فشله في النهضة الزراعية والنفرة الخضراء وغيرها من الملفات التي تولاها خلال اكثر من عشرين عاما باختصار فشل علي عثمان في كل شئ وبعدان كان بقرة مقدسة اصبح انتفاده امرا عاديا حتي من صغار الصحفيين وهذه المجموعة تريد ان تاكل الكيكة وتتحتفظ بها في نفس الوقت وفالشيخ علي يريد ان يبقي الحركة كرصيد له وفي نفس الوقت لا يريد لها ان تخرج من سيطرته وهو بطبعه كنبات الظل لا يخوض معاركه بنفسه بل يختبئ تحت جنح احد كما اختباء تحت جنح الترابي في مواجهة من سبقوه في الحركة وكما اختباء في عباءه مذكرة العشرة في مفاصلة الاسلاميين الشهيرة
المجموعة الثالثة هي مجموعة الشباب هذه المجوعة بقيادة الدكتور غازي وهي مجموعة علي الرغم من انها تمثل تيارا عريضا وتطرح افكارا بناءة الا انها تفتقر للتنظيم وليس لها ما يغري من مال وسلطة وهما امران صارا فقط مايسيل له لعاب الاسلاميين ولا يسندها سوب نوستلجيا وحين الا ماضي غابر لن يعون .
ما جري في المؤتمر هو التقاء مصالح المجموعتين الاولي والثانية اللتين في السلطة وكان ان تركت مجموعة نافع لعلي عثمان تحقيق نصرا ظاهيرا متوهما عليها تفادينا لصعود الشباب ومن ثم يسهل السيطرة علي من اتي بهم علي عثمان وحتي قلبهم ضده فالامين العام الجديد الذي اتي بالاشارة لا يعدو في احسن احواله من ان يكون موظف بنك متفاعد مع كامل الاحترام لمتقاعدي البنوك وبصعوده يمكن تشبه الحركة السلامية بجمعية تعاونية في اي من احياء بحري القديمة وجدت في احد الموظفين المتقاعدين خير من يمسك دفاترها اما مهدي ابراهيم علي الرغم مما يتمتع به من امكانات كبيرة اذا ماقورن بالزبير احمد الحسن الا ان انتماءه العرقي لا ياهله لاكثر من ذلك وهي المعايير التي تسود للاسف الشديد الان في الحركة الاسلامية فعلي الرغم من انه ابعد بامر علي عثمان وعاد بامره بعد رموا له عظما يلعقه هازا ذيله شكرا لمن اتي به .
يبقي اكثر ما يثير الانتاباه في هذا المؤتمر ما حدث من تفويض من الموتمر العام لمجلس الشوري لانتخاب الامين العام باشارة من علي عثمان ولا ادري اي اساءه وجهها المؤتمر العام لنفسه بهذا الاجراء البائس وكيف رضي اعضاء المؤتمر لانفسهم ان يساقوا كقطيع من راعي فاشل لارض اشد جدبا من تلك التي امضوا فيها ثمان سنوات عجاف .
الغريبة أن الأحزاب التي تنجح في القفز على كراسي الحكم في السودان هي أحزاب إشارة فقط ولم نر حزباً من غيرها تقلدت السلطة في السودان .. وطبعاً هذا يعود إلى الجبن الكامن في أتباع هذه الأحزاب وميلهم للخديعة والرعونة لتولى حقائب الوزارة .. وبالطبع أمثال هؤلاء لا أهلية لهم إلا في سرقة المال العام والمداهنة والكذب على رؤسائهم والإستئساد على الشعب والفتك بالأحرار .. ولا أظن أن سبب تخلفنا يخفى على أحد مع قيادات كهذه .. قبح الله وجههم ..