تنكر لهما المجتمع أم أطاحت بهما الحداثة؟! الجرتق والرحط

الخرطوم – سارة المنا
الجرتق عادة من العادات الاجتماعية التي لا تزال قيد التداول الطقسي في السودان الراهن، فالسوداني لا يزال يتمسك بها كعادة بكل إجراءاتها وطقوسها وأدبها وكنوع من الحرز.
وذلك بنية دفع الضرر أو جلب المنفعة، وللاحتراز من الجن والحساد ولجلب الحظ والثروة، وهي أكثر حصرية على مناسبات الزواج، وربما هذا ما يفسر تمسك السودانيين واعتزازهم به.
صينية الجرتق
وفي هذا السياق الخاص بالجرتق، تأتي صينية الجرتق في المقدمة، إذ تتكون من (2-3) حُقق، بجانب العديد من الأواني التي تعرف بالكوريات لحفظ الزيت الطيب الدلكة، البخور المسبع، لبان الشب، وبذور القرض للعين والسحر إلى جانب (كورية) خاصة بالحليب الذي (يبخه) العروسان على بعضهما إضافة إلى صحني الضريرة والحريرة الحمراء المزينة بخرزة كبيرة رزقاء أو خضراء أو سوميتة.
عنقريب الجرتق والسيرة
ومن أهم طقوس الجرتق العنقريب، وهو تراث سوداني عتيق، وفي هذا الإطار استنطقت (اليوم التالي) الدكتورة زينب عبدالله محمد صالح من مجموعة سودان فلكلور، التي ابتدرت إفادتها بقولها: إن السيرة هي من أهم طقوس الزواج المفضية إلى الجرتق، حيث يسير العريس برجليه إلى مكان الحنة، إلى أن يجلس على العنقريب وأمامه صينية الجرتق التي تتكون من صحن (الباشري) (صحن الحناء) و(كورية الموية)، والمحلبية والبخور، وثم تبتدر الفتيات أغنيات السيرة بـ (الدلوكة)، فيمتدحن العريس ويحتفين بخصاله الحميدة، و(يشكرن) العروس وأسرتها.
رحط بالتمر
وفي السياق، اعتبر الباحث في التراث والفلكور الأستاذ عبد الرحيم حسن فضل الجرتق الطقس الوحيد ضمن سلسلة طقوس كثيرة، كانت تمارس في الزواج السوداني الذي صمد أمام تسونامي التغييرات الذي أطاح بالكثير من العادات والتقاليد، ومن أهم تلك الطقوس التي اندثرت الرحط، وهو (اسكيرت) قصير مكون من سيور من الجلد أو خيوط موشاة باكسسوارات من التمر والحلوى. وأضاف: أثناء رقصة العروس يقطع العريس الرحط فتتناثر الحلوى والبلح ويسرع العريس فيغطي عُريها بالقرمصيص.
حذف والغاء
إلى ذلك، أحال عبد الرحيم فضل (اليوم التالي) إلى ما أشار إليه الراحل البروفيسور عبد الله الطيب في أحد كتبه من أن (قطع الرحط) كان ينعقد ظهرا بعد الدخلة، ويكون عادة في بيت العروس ولا يسمح بحضوره إلا للقريبات من كبيرات السن، وأن العريس هو الرجل الوحيد الذي يكون حاضراً، لأنه لا قيمة للطقس في غيابه. واستطرد (فضل): للأسف اندثرت معظم تلك العادات، وما يمارس الآن من هذه السلسلة الطقسية، يضع (فقرات) أهمها (الجرتق)، وفي نطاق ضيق ومحدود، مع حذف أجزاء كثيرة منه، على حد تعبيره.
تنكر أم تطور
تقول السيدة أسماء نور الهدى ناهزت السبعين من عمرها أنها حظيت بقطع الرحط والجرتق على أصوله في حفل زواجها في خمسينيات القرن الماضي وأن العروسات حينها لم يكن يشعرن بحرج في ذلك لأنه كان أمراً عادياً. وأضافت أنها لا تنسى (يوم قطعو رحطها)، وكيف كانت تقف بثقة أمام الحضور القليل كاشفة عن مفاتنها وزينتها.
من جهته، كشف السيد الحاج إبراهيم عتيق أن العروسين (في زمنهم الجميل) – كما وصفه – كانوا ينثرون الحليب وحبيبات الذرة على بعضهما في دلالة رمزية على الخير والبركة، وأضاف: كانت هذه الطقوس تمارس وسط أغان شعبية خفيفة وجميلة. وأبدى أسفه الشديد لما أسماه تنكراً لعاداتنا وتقاليدنا والإطاحة بها باعتبارها (سوء أدب)، بحسب تعبيره.
اليوم التالي
.الجرتق واصلها(جيرتى )والعنقريب واصلها (انقرى)بل مراسم الزواج بكاملها بما فيها الحنة وقطع الرهط والسيرة والبطان والسبوع وزيارة النيل جميعهاعادات نوبية خالصة بمسمياتها وطقوسها ويوم ان يندثر هذا التراث يزول معه كل جميل فى الحياة السودانية .وعندها نعرف ان الدولة السودانية ايضا فى طريقها الى الزوال.