مقالات وآراء سياسية

رحلة دون كيشوت الى كيغالي..!

مرتضى الغالي

 

مهزلة المهازل تجسّدت في شخص رجل اسمه عبد الفتاح البرهان صفته قائد جيش و”رئيس مجلس سيادة” يخلع بذته العسكرية خلال حرب طاحنة ويرتدي (بدلة وكرافتة) ويذهب إلى كيغالي عاصمة رواندا ليشارك في مراسم تنصيب رئيسها “بول كاغامي” في وقت تحتل فيه المليشيات التي يحاربها ثلثي بلاده .. وفي قمة أتون حرب ضروس تأكل الناس في بلاد يترأس قيادة جيشها ..

في ذات الوقت الذي يموت فيه العشرات وتتساقط القذائف على الرءوس .. ذهب البرهان ليهنئ رئيس دولة صغيرة فاز في انتخابات الرئاسة..! وهي على كل حال (تهنئة مجروحة) من رجل وصل إلى السلطة بانقلاب…! .

إذا كان هناك عبث أكثر من هذا أو مهزلة أشد وقعاً من هذه المهزلة فليحدثنا المثقفاتية من مناصري الفلول الذين (يلبسون الساعة في اليد اليمنى) لمخالفة السائد..! إذاً لتستعد الإلهة لتمطر الأرض بكل ما لديها من صواعق .. كما قال شكسبير على لسان بروتس..! .

هل كان يكفي البرهان من وقت حتى لو بقى داخل غرفة عمليات لإدارة الحرب على دائر 24 ساعة في اليوم..؟! .

من أين يجد البرهان كل هذا (البراح) وكل هذه (الروقة) ليذهب إلى تهنئة الرؤساء المُنتخبين .. وكثير من الرؤساء الأفارقة اكتفوا بإرسال برقيات التهنئة أو قاموا بها من خلال الهاتف .. وهم ودولهم في حال أفضل من حال السودان .. وفي ظروف مالية لا تقارن بالإفلاس المالي في بلادنا .. أو بالإفلاس الفكري والمهني الذي يعاني منه البرهان..! .

هل كان البرهان يخشى أن (يلومه) الرئيس الرواندي كوامبي إذا غاب عن يوم تنصيبه..؟! أليس من العذر البيّن أن يقول البرهان لكاغامي : والله أنا بلادي في حالة حرب تم فيها قتل وإصابة أكثر من مائة ألف مواطن وتشرد بسببها أكثر من 12 مليون وما زالت قوافل اللجوء والنزوح تطرق أبواب القفار والصحاري والمجاهل .. و26 مليون من أبناء شعبي يتعرّضون لمجاعة طاحنة ومستفحلة..! كما أن قيادة جيشي محتلة ولا استطيع دخولها أو دخول عاصمة بلادي .. وأنا أكلمك الآن من موقع لجوئي في بورتسودان..؟! .

المهزلة الأكبر خطاب البرهان في عيد الجيش..! فماذا قال هذا الانقلابي الذي باع كرامة الجيش قرباناً لأحلام وكوابيس غريبة ، أو مذلة وخضوعاً للذين اختطفوا الجيش..؟! وشاهدنا على ذلك واقعة تناقلتها الأسافير بالصورة والصوت لشخص مدني من الحركة التي يسمونها إسلامية .. ليس له صفة رسمية وليس له في العير ولا النفير .. ذهب ومعه معممون ملتحون إلى مكتب ضابط عسكري صاحب رتبة عليا في الجيش وقال له : (أنا سمعت انك طابور خامس .. وأنا الآن سوف أقوم باستجوابك وإذا ثبت ذلك .. فأما إنت وأما أنا في البلد دي)..! وظل الضابط الذي يرتدي بزته العسكرية بكاملها وبنياشينها وأنواطها يجلس صامتاً وفي (إذعان غريب) .. ولم يقل كلمة واحده تحفظ كرامته الشخصية أو كرامة الزي الذي يرتديه ولم يفتح الله عليه بكلمة في وجه هؤلاء الأشخاص الذين تهجّموا عليه في مكتبه لاستجوابه ومحاكمته بل بلغ بهم الأمر حد التهديد الصريح بقتله…!.

ما هذا بالله عليك..؟!! كيف يحدث هذا..؟! لماذا يحدث لك هذا (سيادتو الأخ مدثر)..؟! ومن هو الرئيس المباشر لهذا القائد العسكري وما موقفه مما حدث..؟! وما رأي البرهان في هذا الذي جرى..؟! .

الأمر الأغرب لماذا تم تصوير هذا المشهد..؟! لماذ تم تصوير هذا الاستجواب الذي كان ينبغي أن يتم في غاية السرية .. ثم لا يمكن أن يتم تصوير كهذا بغير علم الحاضرين ..! لا بد إن الأمر مقصود (لأغراض أخرى)..!!؟! .

أما خطاب البرهان في عيد الجيش فهو المهزلة الكبرى إلى درجة الطامة..!! رجل استولى على السلطة بالانقلاب يقول عن مدنيين من مواطني السودان أنهم (فئة مأجورة اختارت أن تقف في مواجهة الشعب وتتبوأ مقعدها في أشد فصول تاريخ السودان قتامة لأنها تزيّن الباطل وتنحاز لمن يقتلون الشعب ويشردونه بلا مسوغ ولا ضمير من أجل حيازة سلطة غاشمة بلا تفويض أو مرجعية دستورية) .. ثم يتعهد البرهان بحفظ عزة الشعب والجيش والكرامة الوطنية (لاحظ البرهان يتحدث عن التفويض وعن الكرامة وعن المرجعية الدستورية)..! .

ثم يقول البرهان إن قوات الدعم السريع (وهو من أشهر مادحيها إلى درجة الغثيان) تحتل بيوتنا وقرانا .. ولا يقول إنها تحتل أيضاً حامياتنا العسكرية وقيادة جيشنا..! .

ثم يعطي البرهان نفسه (مهلة سنة) ويقول : سنحتفل العام القادم في عيد قواتنا المسلحة بتطهير السودان من دنس المليشيا.. !! ولكنه لا يتحدث عن المليشيات الأخرى التي جعلته هو نفسه رهن إشارتها؟؟ .

ثم يرسل البرهان أمنياته بأن يعود الأسرى والمفقودين والنازحين واللاجئين آمنين إلى ديارهم .. وكأنه احد المقيمين الأجانب وليس قائد الجيش الذي يقع عليه واجب إعادة اللاجئين والنازحين وتأمينهم..! .

هذا امتحان كبير (لا بد من الصبر عليه) أن تملك مثل هذه النماذج من البشر قراراً بشأن مصائر وطن وشعب بكامله .. وهم على هذه الدرجة البائسة من غياب (ألف باء) العقل والوعي والضمير..! .

لا حول ولا قوة إلا بالله .. الله لا كسّبكم..! .

 

[email protected]

‫10 تعليقات

  1. تعجبني دكتور مرتضى .. ياخي بتقول كلام متقون بغنه .. بتعرف تكيل ليهم مظبوط بس المثل بقول: البشيل قربة مخرومة بتشر عليه. عب فتاح برهان ده من كوكب آخر .. معقول كليتنا الحربية بتخرج مثل هذا النموذج ؟ يحلنا الحلا بله …….

    1. ياجماعة ما تستغربو من ضباط الجيش فهم سودانيون مقاطيع الواحد فيهم سروالو مقدود حق الفطور ماعندو كان قالو ليه فنقس يفنقس لأجل القرش والقرشين ، هل لامثال هؤلاء ان يدافعوا عن بلد وشعبه لا اعتقد ذلك

  2. فعلا يا استاذ مرتضي فيديو الكوز المتقطرس الناجي مع عقيد الجيش شي مخزي ومستفز جدا وراينا قبل ذلك الصبي المصباح بتاع البراء يتحدث وضابط برتبة لواء ينصت لحديثه في خشوع ويردد مع الموجودين التهليل والتكبير أثناء حديث هذا الشافع.
    ما فعله ويفعله الكيزان بالجيش وإهانة كبار ضباطه امر محزن ومحبط لاي مواطن سوداني شريف. نسأل الله ان يريح بلادنا من هذه العصابة الذي اذاقتنا المر والمهانة

  3. كما يقول مثل ليس بعد الكفر أو لا يتم بعد البلوغ ..البرهان نموذج للمتجبر الذى فقد عقله وزين له الشيطان عمله فقد بات ممثلا فى مسرح اللامعقول يمنى نفسه بالعودة ويرجو العود الحميد للمواطن السودانى التائه واللاجئ والنازح ولكنه لا يملك وسائل إعادتهم وكل يوم يمضى تميد الأرض من تحت قدميه وكان به يحدث نفسه مشاركا امانى العودة مع أولئك والاختلاف أنه ممسك بنلاليب عودتهم…تخيلوا دعى الرجل إلى جنيف ولكنه رفض وأصر على القتال وقد فقد كل مقوماته ولا يملك إلا لسانه ولسن ياسر العطا..أراد الله امتحان شعب السودان ثانية ابتلاهم بحكومة الكيزان ومن بعدهم صويحبهم برهة ربنا لا تحملنا لا طاقة لنا به

  4. شكرا استاذ مرتضى
    ما قلته عين الحقيقة
    مثل هؤلاء يرى القذى فى عيون الآخرين و لا يرون الشوكة فى عيونهم.
    كل ليل لابد أن يتبعه صباح.
    انا سعيد دايما بكتاباتك و اتابعها.
    ربنا يجمعنا فى ايام سعيدة.

  5. قلت رواندا دولة صغيرة وهى فعلا كذلك من حيث المساحة لكن هل تقدر تقول الإمارات دولة صغيرة وهى فعلا صغيرة من حيث المساحة؟
    ما بتقدر لانك شغال فى الإمارات.

  6. دكتور الغالي
    الناطق الرسمي للشعب السوداني ومؤدب الاخونجية الهالكين لا نريد سماع الكلية الحربية عرين الرجال ومصنع الأبطال فالدعم السريع وعياله اسقطوا هذه النظرية التي خدعونا بها حينا من الدهر كما خدعنا الاخونجية بالدين فانخدعنا لهم العسكر افسدوا علينا حياتنا ووصفونا بالمدنيين كانها سلة علينا وما ان ضرب البروجي ثم تلاه طبل العز حتى ووجدناهم فروا الي الجهات الاربعة واستقروا في تركيا العلمانية والقاهرة ودبي وقطر تبا لهم جنود الوطن وكمان عندهم نفس يحتفلوا بعيد الجيش والناجي وسناء وكرتي ومرطب وبتي يهينوا الضباط الذين تزين النجوم والمنصات أكتافهم التي هي من لحم الشعب المنكوب المشرد قبحهم الله ولعنهم واعد لهم سعيرا

  7. لا حولا. يا نادر انت حتعقل متين
    سيرة رواندا لانو البرهان زارها والسودان كلو مولع
    والكاتب لم يذكر صغر مساحة رواندا تقليلا من شأنها إنما المقصود انه رغم مساحتها الصغيره فهي استطاعت ان تتعافي وتنهض بعد كارثة الابادة الجماعية وساهم رئيسها الحكيم في تعافيها ونهوضها عكس البرهان الذي يريد دمار ما تبقي من السودان ليحكم فقط ليحكم. فهمت؟

  8. لافض فوك دكتور مرتضي,لو كان كتاب وصحفي ومثقفي بلادي امثالك لما طل علينا الكيزان ولا امثال البرهان,العلة في النجب السياسية وامثقفين بصفة عامة بكل مسمياتهم,كلما سمعوا بانقلاب عسكري لاذوا بالصمت,والاسواء من ذلك من يساند الانقلاب لدوافع شخصية,الفرخ ات,ولانامت اعين الجبناء,تكرم استاذ مرتضي حفظك الله ورعاك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..