مقالات سياسية

بين حمدوك وقوى التغيير

أفضل ما فعلته قوى الحرية والتغيير هو ترشيحها لرئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك لشغل هذا الموقع، لكن هذه القوى ـ أعني الحرية والتغيير ـ ستخسر كثيراً جداً إذا تقمصت شخصية المؤتمر الوطني وجلست على مقعده، وأبقت حمدوك في الموضع الذي كان يجلس عليه الرئيس المخلوع عمر البشير.. بمعنى إذا جعلت نفسها وصيةً على حمدوك وامتنت عليه بأنها حاضنته السياسية وصاحبة الفضل في اختياره على نحو يجعلها تُملي عليه ما تريد بمثل ما كان يفعل المؤتمر الوطني مع البشير، إذا فعلت ذلك ستخسر كثيراً وستكون قد ارتكبت خطأً فادحاً ستدفع ثمنه عاجلاً..

قوى الحرية والتغيير ليست حزباً حاكماً كما كان المؤتمر الوطني ، وحمدوك ليس البشير ، فهو ـ أي حمدوك ـ لم يستمد القبول والتأييد من قوى الحرية والتغيير فقط بل من كل الأطياف السياسية ، ومن كل قوى الحراك الثوري بشقيها المدني والمسلح، ومن القوى المجتمعية في كل بقاع السودان، ومن القوى الإقليمية والدولية ، وبناءً على هذه المعطيات لن تستطيع أن تفرض عليه شيئاً، ولن تستطيع أن تملي عليه أجندتها ورغباتها، كما كان الحال بين البشير والمؤتمر الوطني ، فإن سحبت تأييدها ودعمها له سيجد السند من بقية الأطياف الحزبية والشعبية.

المهم ستكون قوى الحرية والتغيير مخطئة جداً إذا اعتبرت نفسها الحزب الحاكم وأن الحكومة التي رشحت وزراءها هي حكومتها وحدها وبإمكانها أن تملي على رئيس وزراء الحكومة ما تريد. حتى الآن حمدوك على ما يبدو يقاوم بصلابة وهدوء رغبات قوى الحرية والتغيير، ويبدي اعتداداً بالنفس وقوة الشخصية التي تجعله يوازن بين رغبات قوى الحرية والتغيير وكسب جانب معارضيه في القوى الأخرى السياسية والمسلحة.
وتأسيساً على النقطة أعلاه أتوقع أن تتصاعد الخلافات رويداً رويداً بين حمدوك الذي يريد أن يكون شخصية مستقلة مسنودة إقليمياً ودولياً ومحلياً، وقوى الحرية والتغيير التي تريد أن تكون بمثابة الحزب الحاكم وعلى ذات طريقة المؤتمر الوطني في فرض الرؤى الأحادية.. أتوقع أن تحدث بعض التوترات بين حمدوك الذي يريد أن يقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية ، وقوى الحرية والتغيير التي ترى ضرورة “كنس” كل آثار الحكم البائد باعتبار أن التأسيس للحكم المدني وهياكل دولة القانون يبدأ بهذه الخطوة ، وهذا ما يخالف توجهات حمدوك التي عبر عنها أكثر من مرة، والتي ظهرت في تطمين كوادر النظام المخلوع الذين يتحكمون الآن في مؤسسات الدولة بمن فيهم وكلاء الوزارات.

لذلك تشير كثير من المعطيات والتوقعات أن تحاول قوى الحرية والتغيير ومن خلال ممثليها في المجلس السيادي أن تفرض سياسات وقرارات على حمدوك عليه أن يتخذها على وجه السرعة كضرورة لحماية حكومته، إلا أن مؤشرات عديدة تعكس عدم استجابة حمدوك لكثير من رغبات قوى الحرية والتغيير بسبب ميوله الاستقلالية وبدوافع التقليل من الأعداء والخصوم السياسيين والمحافظة على الصورة الذهنية والقبول العام الذي حُظي به حمدوك.. اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله وثق أنه يراك في كل حين.

الانتباهة

تعليق واحد

  1. هذه دعوة مبطنة لتحييد حمدوك جاءت من هذا الصحفي هو من الذين اتنحهم نظام الانقاذ واظنه بيكتب في الانتباه ولا الصيحة وكلها من الصحف المشبوهة النوايا. على كل حال الشعب كله يعرف ان رئيس الوزراء وقوى الحرية والتغيير والوزراء محكومون بأهداف وبرامج الفترة الانتقالية النتصرص عليها في الوثيقة الدستورية.يبقي محاولة الوقيعة بين حمدوك وقوي التغيير مافي زول ممكن يسعى ليها الا مثل هذا الصحفي الدعي باقي النظام البائد.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..