هل لحوم هيئة علماء السودان مسمومة ؟

ياسر عبد الكريم
الذي أتى بهذ العبارة ( لحوم العلماء مسمومة ) هو الحافظ بن عساكر الدمشقي عاش في القرن السادس الهجري وهو من مفسري الحديث وصاحب الكتاب المشهور ( تاريخ دمشق ) . ومن شدة ذيوع هذه العبارة والإستشهاد بها ظن البعض إنها حديثاً نبوياً
وهذه العبارة قيلت في عصر لفه كثير من التعصب المذهبي والإنحطاط الحضاري وساده ضيق مذموم بكل مخالف للرأي وقيلت في سياق جدل فرقي جعل كل فرقة ترى مشايخها هم فقط العلماء ونقادهم مجرد أهل باطل وما أشبه اليوم بالبارحة حين جاء في البيان الأخير لهيئة علماء السودان خلال هذا الأسبوع وفي أحد فقراته : ( المقصد من الإساءة لأهل العلم والدعوة هو التنفير الناس عنهم وتحجيم نشاطهم الدعوي والعلمي كما يفعل أهل الباطل وإتباع الهوى والشبهات ) ما يعني من هذا البيان إن المخالفين لهيئة علماء السودان هم على باطل مهما بلغ العلماء من سوء وسفه في فتواهم
والمراد من هذه العبارة ( لحوم العلماء مسمومة )عموماً هي أن تلجم الخصوم المخالفين لرأي العلماء والمشايخ بل وإلغاء مشروعية الخصم في نقد هذا الشيخ أو ذاك الذين ينحرفوا عن الدين والفتاوي لصالح السلطان فلا يريدون من يزعجهم بالنقد مهما فعلوا أو قالوا ..
ومن هذه العبارة فُهم منها الفهم الخاطئ بأن العلماء معصومون من الخطأ ولا يستدرك عليهم ولا يحق نقدهم وهذا ما لم يفهمه عاقل يعي أن العلماء بشر كغيرهم وإن فضلوا بحمل ميراث الأنبياء عليهم السلام ولكي يكون الإستدراك والنقد عليهم بعلم وأدب ( وتكون لحومهم مسمومة ) عليهم بالآتي :
أولا : أن لا يكونوا علماء الدولة والسلطان ينظروا ماذا تريد الدولة فيفتوا بما تريده الدولة ولو كان في ذلك تحريف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وثانيا : أن لا يكونوا علماء للأمة أن ينظروا ماذا يرضي الناس . إذا رأوا الناس على شئ أفتوا بما يرضيهم , ثم يحاولوا أن يحرفوا النصوص من أجل موافقة أهواء الناس
وتكون لحومهم مسمومة إذا ما كانوا علماء للملّة ينشروا دين الإسلام ويفتوا بدين الإسلام عن علم ولا يبالوا بما دلّ عليه الشرع أوافق أهواء الناس والسلطان أم لم يوافق .
وهذا النقيض تماماً لهيئة علماء السودان والتي تغرد خارج خارطة الإنسان السوداني وحاجاته فمثلاً عندما يقوموا العلماء بتشجيع جواز التعدد للأزواج نسبة لعزوف الشباب عن الزواج وإنتشار العنوسة في وسط الفتيات لكنهم لم يفتوا في ماهو سبب هذا العزوف عن الزواج وما هو سبب انتشار الفساد الذي أفقر البلاد والعباد وجعلهم في حل عن أي أعباء مادية من ضمنها الزواج وغيره ؟ ومن هو المسؤول عن كل هذا الفساد الذي إنتشر في الدولة حتى انهارت أخلاقياً ؟ وكذلك عندما تفتي هيئة علماء السودان الموقرة عن حكم الطلاق من الزوجة إذا اكتشفت إن زوجها يتعاطى (التمباك) أو (السجائر) ولم تفتي في قانون التحلل الذي يستبيح مال الدولة وأكله بالحرام !!!
وهذه أمثلة فقط لفتاوى كثيرة لا حصر لها .. السؤال : بعد كل هذه الفتاوي بغض النظر عن هيافتها أو صحتها فهل هذا التوقيت مناسب لإطلاقها والناس تعاني من الفساد والسرقة والدولة مهددة بالإختفاء ؟ إذن فكيف تكون لحومكم مسمومة للناس ؟؟ فإن أردتم ذلك فعليكم أن تعيشوا في عالم ومحيط الإنسان السوداني فقط لا أكثر ولا أقلّ
وعلي العموم بهذه السياسة التي تتبعها هيئة علماء السودان وهي سياسة دفن الرؤوس في الرمال وعدم الحديث عن الأحداث التي تمس الوطن والمواطن , وعدم تقديم النصح للحاكم وجلّ حديثها وفتاويها عن أشياء هايفة لا علاقة لها بالواقع أو على الأقلّ لم تكن ذات أهمية قصوى في حياة الإنسان فهذا يقلل من إحترام الناس لهذه الهيئة
ومن شأن هذه السياسة لهئية علماء السودان والبعيدة عن الأحداث أن تقلل من العلم الذي في صدور العلماء والذي يعلمونه للناس وبالتالي لا يقبل الناس ما يأتون به من العلم وهذا فيه ضرر كبير على الدين مما يضطرّ الناس أن يخوضوا في الحديث عنهم ويكثر النقد لهم وكلما كثر النقد لهم فيه جرح للشريعة وأن الناس قد لا يثقون بهم لذلك لو كانت هيئة علماء السودان حريصة على الدين عليها أن تكون هيئة علماء للأمة بحق وحقيقة وأن لا يبالوا في الحق وأن تبتعد عن السلطة والسلطان وتقف مع عامة الناس وتعيش معهم .
وإذا كان الأنبياء لهم حق التبجيل والتعظيم والتكريم من الطبيعي لورثتهم وهم العلماء نصيب من ذلك وفي توقيرهم توقر الشريعة التي يحملونها وبإهانتهم تهان الشريعة وفي إذلالهم وسقوطهم أمام أعين الناس سوف يذل العلم الذي يحملونه في صدورهم ولم يبق لهم قيمة عند الناس وكثرة إحتقارهم والإذدراء عليهم فيه ضياع للشريعة وتمزيقها لأن الكل سيصير عالما وتضيع الأمة بسفاهة بعض العلماء .
لذلك إبتعاد العلماء في فتاويهم فيا يرضي السلطان وأن لا تجافي الحقيقة والواقع فيه تعظيم للدين وفيه دلالة على سماحة الدين كما فيه تبجيل وإحترام للعلماء وبالتالي سيقلّ القدح فيهم … ولكن كلما إقتربوا العلماء من الحاكم المستبدّ كلما زاد القدح فيهم وستغتابهم الناس ويكثر الحديث عنهم وغيبتهم والحديث عنهم فيه ضرر للإسلام وللعقيدة .
[email][email protected][/email]
هل لحوم هيئة علماء السودان مسمومة؟ لا ياخي … هيئة علماء السودان مسمومة!
لست مسمومة بل معفنة تلك اللحوم التي استمرات واحبت وادمنت الحرام وباسم الله ودينه
هل لحوم هيئة علماء السودان مسمومة؟ لا ياخي … هيئة علماء السودان مسمومة!
لست مسمومة بل معفنة تلك اللحوم التي استمرات واحبت وادمنت الحرام وباسم الله ودينه