التحوّل عن الأنقاذ، ألا يستوجب نقداً ذاتياً؟!

ما يلفت النظر ويثير التعجب إن لم نقل الريبة، أن كل من تحول عن تأييد الإنقاذ وإنقلب ضدها واصبح يعد معارضا لها ، نلاحظ أن هذا التحول أو التغيير في القناعات لم تصحبه مراجعة أو نقد أو إعتذار عن مواقف تبين لاحقا خطلها، إنما تم هذا التبدل والتحول بذات السهولة التي يبدل بها المرء ثيابه دون تدبر أو تفكر إنما بطريقة ميكانيكية ليس للعقل فيها دور، وهنا مبعث التعجب والريبة والشك، فتجربة عميقة وممتدة كتجربة الإنقاذ بكل ما صاحبها من مآسي دامية وندوب عميقة وجرائم يشيب من هولها الغراب جرائم هزت الأسس التي يقوم عليها البنيان الإجتماعي لشعب السودان فغيرت الأخلاق وبدلت المفاهيم وشردت الأسر ومزقت الأواصر وقسمت البلد ، بعد كل هذا هل يمكن لعاقل أن يصدق أنه بإمكان شخص أن يتحول من مؤيد للإنقاذ الي معارض لها دون أن يصاحب هذا التحول أوالتبدل صراع نفسي يطفو على السطح ويظهر للأخريين في شكل ندم وأسف وخجل وشعور مؤلم وممض بتعذيب الضمير بعد إنجلاء الغشاوة و تكشف الحقائق وعودة الوعي، ومثل هذا الشعور بالندم والأسف كان لا محالة سينعكس في كتابات هؤلاء المتحولين في شكل إعترافات ومراجعات عميقة تكشف وتبين مواطن الخلل والأخطاء والخطايا التي أدت الي هذا التحول والتبدل في المفاهيم والقناعات، أقله وأضعف الإيمان أن يكون هذا الأسف أو الندم على طريقة الكاتب المصري توفيق الحكيم الذي برر تأييده وسكوته على الديكتاتورية الناصرية بأنه كان فاقدا للوعي ، هذا الوعي الذي لم يعد إليه إلا بعد وفاة جمال عبد الناصر وزوال الناصرية ، أما هذا التحول السلس غير المصحوب بنقد التجربة وكشف خباياها فهو يعني ببساطة الهروب والقفز من السفينة التي على وشك الغرق تماما كا تفعل الفئران ، وهذا الهروب من السفينة الغارقة والذي يتم تحت شعار ( ياروح ما بعدك روح) أخطر عاقبة من الذين يظلون في السفينة حتي يبتلعهم البحر مع سفينتهم فهم على كل حال قد أراحوا وإستراحوا، أما هؤلاء الفارون فقد قفزوا من السفينة وهم بكامل قناعاتهم التي جعلتهم يشاركون في نظام قمئ كنظام الإنقاذ وتركوه بداعي الأنانية وحب الذات وذلك عملا بشعار ياروح ما بعدك روح فهم بهذا الفهم وهذه القناعات رصيد جاهز ومضمون لأي نظام ديكتاتوري جديد يأتي خلفا للإنقاذ.

فيسبوك

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..