مقالات وآراء سياسية

طريق الصادرات… العترة بتصلح المشية (3)

محمد التجاني عمر قش

أود أولاً أن أسجل صوت شكر لصحيفة السوداني لتفضلها بنشر هذه الحلقات عبر صفحاتها، ولكل الإخوة والأخوات القراء الكرام الذين تفاعلوا مع الحلقتين السابقتين وأفادوني بمعلومات ثرة عن طريق الصادرات، هذا الشريان الحيوي لغربنا الحبيب. كما أود التنويه إلى أن هذه الحلقات تهدف بالدرجة الأولى إلى استجلاء الحقائق والمعلومات الصحيحة من مصادرها الموثوقة، ولا تهدف لتجريم أو أتهام أو إدانة أي شخص أو جهة لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بطريق الصادرات؛ لأن القصد هو الإصلاح ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، ومن الأهداف أيضاً تمليك الحقائق المجردة للرأي العام، ومساعدة جهات الاختصاص على التعرف على مواطن الخلل التي تستدعي المعالجة السريعة والمستدامة؛ لما لهذا الطريق من أهمية قصوى ليس لولايات الغرب فحسب، بل لاقتصاد السودان الكلي.
وفي هذا الصدد نشير إلى ما جاء على لسان الأمين العام للهيئة القومية للطرق والجسور فقد أوردت وكالة الأنباء السودانية ما نصه:” أعلن الأمين العام للهيئة القومية للطرق والجسور، المهندس جعفر حسن آدم، أن الهيئة لم تستلم القطاع الثاني من طريق الصادرات أم درمان بارا؛ الذي تضرر بالسيول قبل أيام. وقال جعفر، إن الطريق الذي تبلغ كلفته 35 مليون دولار لا يزال تحت التشييد، وأقر أن السيول الأخيرة كارثية لكنها تُعد جزءاً من التصميم، منوهاً إلى أن الطرق لا تُصمّم على الأجواء الكارثية، وأن إنشاء المزلقانات إحدى الحلول المتاحة. وأوضح أن الطريق وجد إشادة كبيرة من مستخدميه في الفترة التي سبقت التغير المناخي في المنطقة، إلا أنه لم يسلم من سهام النقد والتشكيك في الخبرات الوطنية التي قامت بتشييده، وقال إن السودان في حاجة إلى تعلّم ثقافة الثقة في مؤسساتنا المهنية.” وكما هو معلوم فإن الهيئة القومية للطرق والجسور هي الجهة المالكة والمصممة والمشرفة على طريق الصادرات، في نفس الوقت!
وهل يا ترى فعلاً تمثل تلك الفيضانات والسيول قوة قاهرة أو كارثة طبيعية حسب التعريف المذكور أدناه، علماً بأن تصميم الطريق قد وضع قياساً على فيضانات 1988 باعتبارها الأعلى في تاريخ المنطقة؟ وهل هذه الكارثة كافية لإعفاء الجهة المصممة والمشرفة أو الشركة المنفذة من التزاماتهما التعاقدية فيما يتعلق بالطريق؟ وهل هنالك أصلاً نص في عقد الإنشاء يتعلق بالقوة القاهرة بحيث تحتكم إليه الجهات ذات الصلة في حال نشوء نزاع حول الإنشاء أو التصميم بموجب العقد؟ وماهي الجهة ذات الاختصاص للفصل في مثل هذه النزاعات، هل هي المحاكم السودانية أم هيئات التحكيم، أم أن الأمر متروك بلا رؤية واضحة فيما يخص هذه الجوانب القانونية المعمول بها في كافة عقود الإنشاءات في سائر الدول؟
ومن جانب آخر أشارت بعض المصادر وثيقة الصلة بهذا الملف بأن شركة زادنا، باعتبارها الشركة المنفذة، ليست مسؤولة عن الإصلاحات في هذا الجزء من الطريق، من جبرة إلى رهيد النوبة، على الرغم من سريان فترة الضمان؛ ذلك لأن المشكلة في التصميم والجهة المنفذة ليست لديها يد في ذلك؛ لأنها إنما نفذت الطريق حسب التصميم الذي قدم لها؛ ولذلك فإن المسؤولية تقع على الجهة المصممة والمالكة للطريق، فنياً ومالياً، علماً بأن الطريق قد تعرض لما يعرف بالظروف القاهرة حسب قانون الإنشاءات العامة التي تعرف تلك القوة كالآتي: “القوة القاهرة في القانون والاقتصاد، هي إحدى بنود العقود، تعفي كلاً من الطرفين المتعاقدين من التزاماتهما عند حدوث ظروف قاهرة خارجة عن إرادتهما، مثل الحرب أو الثورة أو إضراب العمال، أو الجريمة أو الكوارث الطبيعية كـزلزال أو فيضان، وقد تمنع تلك الأحداث أحد طرفي التعاقد أو الطرفين معاً من تنفيذ التزاماته طبقا للعقد.” علماً بأن فترة الضمان تتعلق بمعالجة عيوب التصنيع وليست مشاكل التصميم.
عموماً، هنالك لجنة فنية زارت المنطقة المتضررة من الطريق مؤخراً وشرعت في إعداد دراسات لمعالجة المشكلة جذرياً وفتح الطريق بأسرع فرصة ممكنة عبر عمل ممرات برية جانبية لحين استلام التصميم المعدل، وبعد الاتفاق على تغطية النواحي المالية.  وحسب إفادة المهندس جعفر، فإن هذا الجزء من الطريق لا يزال تحت التشييد، الأمر الذي يعني أن ثمة مسؤولية تقع على عاتق شركة زادنا، المنفذة للطريق! فهل “تدق زادنا” صدرها وتقول أبشروا سوف نعيد الطريق سيرته الأولى أو أحسن مما كان، أم أنها سوف تلجأ للحيل التعاقدية لتجنب تحمل التكاليف المالية المترتبة على الإصلاحات، مع أنها شركة ذات طابع حكومي، بيد أنها ربحية؟
وعلى الرغم من أن طريق الصادرات هو طريق قومي إلا أن ولاية شمال كردفان تحملت جزءاً من المكون المحلي لتكلفة إنشاء الطريق من أموال نفير نهضة شمال كردفان، الذي ساهم فيه مواطنو الولاية بسخاء وحسن نية، فهل لا يزال هنالك احتياطي من تلك الأموال للمساهمة في الإصلاحات المطلوبة؛ حتى لا تتأخر معالجة المشكلات وتسبب مزيداً من الأضرار لمستخدمي الطريق؟ وما هي الجهة القومية التي يمكن مخاطبتها لسداد ما تبقى؟

 

محمد التجاني عمر قش

[email protected]

 

‫2 تعليقات

  1. الهيئة القومية لم تستلم الطريق طيب بأي وجه حق تتحصل رسوم عبور من العربات المستخدمة للطريق غايتو السودان بلد المحن

  2. طالما الهيئة لم تستلم الطريق فلم تم السماح باستخدامه؟!!!
    هل مطابق للمواصفات و لا ماسورة كمواسير الكيزان الكثيرة؟!
    زادنا عاملة فيها بتاع كلو زراعة و تجارة و طرق!!!
    ايه الفوضى دي؟ّّ!
    من مدير زادنا؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..