أخبار السودان
إلغاء ضريبة الإنتاج.. من المستفيد؟

الخرطوم: مروة كمال
الغت وزارة المالية ممثلة في سلطات الجمارك ضريية الانتاج التي فرضتها وزير المالية والتخطيط الإقتصادي د. هبة في حكومة حمدوك في نسختها الثانية في موازنة العام الماضي عقب اجتماع عقد بالوازة الخميس الماضي ضم وكلاء وزارت القطاع الاقتصادي وأصحاب الشان.
وكانت وزارة المالية فرضت رسوما على العديد من السلع الضرورية المصنعة محلياً بلغت 26 سلعة خلال موازنة العام 2021م،ساهمت هذه الضريبة في زيادة تكلفة الانتاج بنسبة تصل إلى ٢٦ في المائة وتسببت في رفع اسعار السلع بصورة حادة وفي مقدمتها السلع الغذائية التي تعتمد على مواد البلاستيك
وبالرغم من مناهضته إتحاد الغرف الصناعية لهذه الضريبة ورفضها وقتها ومطالبتهم خلال لقائهم بوزيري الصناعة والتجارة والمالية والاقتصاد الوطني، كل على حدا بالإلغاء الفوري للرسم الضريبي المستحدث وآثاره السالبة المدمرة على القطاع الصناعي والعملية الانتاجية الا ان الحكومة لم تستجب لمطالبهم حيث دفع الاتحاد بمذكرة لرئيس الوزراء في فبراير من العام الماضي مطالباً فيها بالغاء الضريبة المستحدثة موضحاً فيها جملة الأسباب والمبررات التي تتسبب في ارتفاعات حادة في العديد من السلع الضرورية في مقدمتها المواد الغذائية والصابون، وأشار إلى ان الضريبة الحكومية تتزامن مع زيادة تعرفة الكهرباء على القطاع الصناعي بنسبة تفوق 400%، أيضاً تزامنها مع الزيادات الكبيرة في الرسوم والجبايات القائمة أصلاً ، والتي تشكل عبئاً هائلاً على العملية الانتاجية الصناعية.
وبرر وقتها الاتحاد رفضهم للضريبة بأن فرض ضريبة انتاج على هذا النحو يعد ازدواجاً ضريبياً، في ظل وجود قانون لضريبة القيمة المضافة، ومن ناحية الإجراء تعيق هذه الضريبة انسياب السلع من المصانع للأسواق عوضاً عن تكلفتها الإدارية الباهظة على كل من الدولة والمصانع على حد سواء، والتي يترتب عليها إهدار لموارد الدولة ومدخلاً لممارسات سالبة من تهريب وفساد وخلافه وحذروا من الحاق الضرر بالصناعة الوطنية وسيؤدي الى خروج الكثير من المصانع عن دائرة الانتاج .
وبدره يصف رئيس اتحاد الغرف الصناعية السابق أشرف صلاح أن قرار إلغاء ضريبة الإنتاج إيجابي وينعكس على أسعار السلع.
وقال ل”الراكوبة” انهم يثمنون قرار وزارة المالية وسلطات الجمارك بإلغاء ضريبة الإنتاج،داعيا الى تخفيض الرسوم على مدخلات الصناعة من مواد خام والسلع الاستهلاكية الأساسية وتقليل جميع الرسوم الجمركية بما يعادل الزيادة او النسبة التي طبقت على الدولار الجمركي والتي جاءت تصحيح لسعر الدولار وتوحيد سعره بحسب مبرر الحكومة للزيادة ورفضها وجود اكثر من سعر للدولار، وبين ان الرسوم التي تم إلغاءها فرضت في موازنة 2021م ولكن يوجد رسوم قديمة على التبغ وعلى المشروبات الغازية لم تلغى،لافتا الى ان موازنة العام الماضي فرضت ضريبة إنتاج على السراميك وزيوت العربات والبلاستيك والأسمنت، وتم الغاءها حاليا مما ينعكس على أسعارها.
ويخالفه الرأي الخبير الضريبي د. عادل عبدالمنعم بإن الغاء ضريبة الانتاج خطأ كبير لجهة أنها ضريبة أصيلة خاصة في القطاع الصناعي وهي ضريبة عالمية وفعاله جدا لا سيما في دول العالم الاقل نموا نسبة وعبر طريق استخدام المنتجات تصل لقطاع كبير لاسيما القطاع الغير الرسمي والاعاشي وتمتص جزء من دخلهم لصالح الدولة لصعوبة وصول الدولة إليه، وقال ل”الراكوبة” أن الاقتصاديون الذي ايدوا الغاء هذه الضريبة وقعوا في خطأ لعدم وجود ازدواجية بينها وبين ضريبة القيمة المضافة فهي ضريبة تقع المنتج وبنسبة حسب تحمل كل فئة في اطار تعدد الاوعية الضريبيبة.
واشار الى ان ما حدث تم استخدام بعض الإقتصادين ليس لديهم خبرة في الشأن الضريبي وافتوا بأن ضريبة الإنتاج بها ازدواجية مع ضريبة القيمة المضافة التي أوضح انها ضريبة دائرية تبدا من الاستيراد فيها آلية الخصم وهي خصم الضرائب السابقة من اللاحقة، وهي ذاتية يقوم صاحب المصنع بتغطيها بنفسه.
وهاجم عادل اصحاب العمل متهما مجموعة من رجال الأعمال منذ عهد البشير تولوا حاليا رئاسة إتحاد أصحاب العمل والغرف التجارية بمارسة الضغط على حكومة البشير حيث كانت تواجه صعوبة جدا في تمرير أي إصلاحات ضريبية في ذلك الوقت وكانت الميزانية تقدم لهم قبل عرضها على مجلس الوزراء وكانوا يرفضون أي إصلاحات ضريبية وبالتالي تخرج الموازنة بدون اصلاحات خاصة الضريبية مما احدث خلل مازال الموازنة تعيش تبعاته حتي الآن، ونوه إلى ان مستشاري وزيرة المالية السابقة هبة اقتنعوا بأهمية بفرض ضريبة الإنتاج لجهة أنها اصيلة وتم زيادة السلع من 13 الى26 سلعة وصنفت بالخطوة الكبيرة الغرض منها تعدد الأوعية الضريبية وضبط الإنتاج لجهة ان الإقتصاد السوداني يحتاج لضبط المصانع التي تشهد فوضي كبيرة واحتكارية وبعضها عشوائي وعند تواجد ضباط الإنتاج بالمصانع يتم ضبط أوجه كثيرة عبر تعاونهم مع الضرائب وهيئة المواصفات لضبط جودة السلع ويساعد وجودهم ايضا في تحصيل ضريبة القيمة المضافة،واضاف ان رجال الأعمال يرفضون وجود اي ضابط انتاج بمصانعهم وكانهم جاثيمين فوق صدورهم ووجدوا الفرصة عقب احداث 25 اكتوبر وتخلصوا منهم، وقلل من ان الغاء الضريبة سوف تخفف العبء على المستهلك لوجود وسطاء غير حريصين على وصول السلعة للمستهلك بسعر معقول حيث تصل باضعاف سعرها، جازما بان مساهمة القطاع الخاص في ضريبة ارباح الأعمال ضعيفة جدا.
وكشف عبدالمنعم ان من من بين ٦٩ الف اسم شركة مسجلة بالبلاد ثلثها فقط يدفع ضرائب بحصيلة 26 مليار جنيه للعام الماضي بما فيهم البنوك والمصانع الكبرى والامبراطوريات والاسماء الكبيرة،واصفاً اياها بالحصيلة الضعيفة جدا لا تساهم باكثر من 3٪ من إيرادات الضريبية للدولة ولا تكفي المصروفات العامة للدولة لأكثر من يومين ، لذلك تعتمد الدولة بنسبة 96٪ على الإيرادات التي تأتي من رسوم الإنتاج والقيمة المضافة والجمارك، وصف الغاء ضريبة الانتاج بالخطر في ظل استجابة الدولة كل مرة لرجال الاعمال والغاء ضريبة، واعتبر الإقتصاد بالبلاد بالفوضوي والغير منتظم وبه تشويه في السياسات، مؤكدا ان اصحاب المصانع غير متاثرين كثيرا بالدولار الجمركي لجهة انهم معظم المدخلات من الخارج معفية من الجمارك في الأساس خاصة مدخلات السلع الغذائية والذي يخضع للجمارك تكون بفئات منخفضة، وتأسف لاستجابة وزير المالية جبريل ابراهيم لضغوطهم تخت نظرية الجاهلية التي تقول ان هنالك ازدواجية بين رسوم الانتاج والقيمة المضافة.
وتوقع هزيمة الفترة الإنتقالية وتخفيض ايرادات بصورة كبيرة جدا الدولة في حال استمر اصحاب العمل الذين عادوا بقوة شديدة في ذات السياسات المتبعة في عهد البشير وربما تلجأ الدولة لبدائل بفرض عليهم ضريية ثروة او ضريبة على حجم الإنتاج جميعها خيارات حاليا مطروحة على الطاولة ليس فس صالحهم لتكون بديلة في حال تخفيض الرسوم.
وقطع ان خطواتهم لاضعاف الدولار الجمركي وإيرادات الدولة سوف ترد إليهم لجهة ان الحكومة لن تقف مكتوفة الايدي وترى ايراداتتها تتاكل وغير قادره على الصرف ، معلنا ان الإيرادات الضريبة بالبلاد الأقل عالميا بنسبة 2.8٪ للعام الماضي ممت يصعب استمرار الحكومة بهذه النسبة وبالتالي يكون مصيرها الفشل وسوف تواجه الفترة الانتقالية مصاعب كبيرة جدا، واضاف ان الحل يمكن ان تلجأ الحكومة لطبع النقود هو الأسوأ ويساهم في خلق تضخم كبير جدا مرة أخرى عقب السياسات الإدارية لوزير المالية مؤخرا والتي ساهمت بشكل كبير في انخفاض التضخم.
وبحسب رئيس قسم الدراسات الإقتصادية بمركز الراصد د. الفاتح عثمان ل”الراكوبة” فإن الغاء ضريبة الإنتاج غير مؤثر علي ايرادات الدولة السودانية لانها اصلا ضريبة خاصة بالمنتجات المحلية وتعاني اساسا من ضعف التحصيل