مقالات وآراء سياسية

مرحا سيدي البلدوزر..!

هيثم الفضل

تعظيم سلام لـ (بلدوزر) كسح العوائق والمتاريس المُعيقة لمسيرة التغيير ، التي نضحت بها أركان الدولة السودانية ما بعد الإنقاذ فساداً وإستقواءاً بالسلطة على الحقوق العامة والخاصة ، وليعلم المُناهضين للثورة وأهدافها السامية أن محاولاتهم تصوير ما يحدث وما سيحدث من (تطهير) و(تقويم) لكافة مكونِّات الدولة الرسمية وشبه الرسمية بأنه مُجرَّد (إنتقام) بمناسبة ما قامت به الإنقاذ البغيضة في بداياتها من تشريد وطرد وملاحقة لكثيرِ من الشرفاء عبر قانون الغاب المُسمى الصالح العام تمهيداً لإرساء مغبة التمكين الإسلامي الفاشي ، إن ما يحدث الآن هو بأمر القانون والمصلحة العامة ، فما من أحد سيُقال أو يُساءل أو يُحاكم من منسوبي النظام البائد إلا وكانت بين يديه ويدي من يتباكى عليه وثائق وحُجج وإثباتات تورَّطه في الفساد والمحسوبية والوقوف داعماً ومؤيِّداً للمخطَّطات الجائرة للتنظيم الشمولي الذي ينتمي إليه ، فليطمئن من يتباكون على العدالة ويشتكون من الإقصائية السياسية ، أن ما من أحد منسوبي التنظيم الإسلاموي الذي تعدَّى على حقوق البلاد والعباد وصل أو تقلَّد منصباً إلا وكان بطريقةٍ أو أخرى ضالعاً في مُعاداة المصلحة الوطنية العامة ، حتى وإن كان ذلك (بتمكينهِ) في وظيفةٍ لا يستحقها أو بإحجامه عن الإنحياز للحق وإبطال الباطل لمجرَّد أداء واجب الولاء التنظيمي ، ذلك من وجهة نظري في حد ذاته نوعٌ من الفساد الذي يستوجب الإقالة ، من باب (إن خير من إستأجرت القوي الأمين).

الذين سترى حكومة حمدوك أن المصلحة الوطنية العامة تستدعي إقالتهم من مواقعهم ، هم أولئك الذين أقسموا على تقديم ولاءهم للتنظيم السياسي على المصلحة الوطنية العامة ، ثم أصاب بعضهم الغرور وأمِنوا غضب الله وثورة الشعب فعاثوا فساداً في الحق العام والخاص وإستحوذوهُ لأنفسهم مصالحاً شخصية ، وما إنفكوا يُعبِّرون عن ذلك في كل يومٍ قضوه داخل قلاع السلطة والنفوذ ، فساداً ومحسوبية وتحيُّزاً لأقرانهم وزملائهم وأقاربهم ومعارفهم ضد عامة الناس من الذين لم يملكوا صك الإنتماء السياسي لهم أو لم يستطيعوا أن يفتحوا نافذة لمصالح منفعية مشتركة تربطهم بهم ، الإقصاء  الإداري اليوم في مؤسسات الخدمة المدنية ما من دليل على إتساع دائرة نزاهته وإنحيازه للمصلحة الوطنية أصدق من كونهُ غير مُصاحب (بقائمة إحلال) ، كما فعل الإنقاذيون عبر إرساء فقه التمكين ، المناصب التي تفرغ ستُملأ بنفس الشروط والقواعد التي تم بها تكوين الحكومة الإنتقالية (كفاءة – نزاهة – تخصص – منافسة شريفة) ولا عزاء لمن لا يملكون هذه المؤهلات .

من أقسى المهام الي كُلِّفت بها الحكومة الإنتقالية عبر برنامج إعلان قوى الحرية والتغيير ، مهمة تفكيك الدولة العميقة وإستعادة دولة القانون والمؤسسات وتمليكها للشعب والوطن ، فمن كان يرى في مسيرة هذا البرنامج الوطني المقدس أية إتجاهات (خارجة) عن إطار المصلحة الوطنية العامة فليُقدم الدلائل وليصدح بالإعتراض في دولة الحُرية والقانون، وسيكون القانون هو الفيصل ، إن زوال ظلامُ الليل لا يتجزأ إذا ما أشرقت شمس النهار ولا مجال للإبقاء على منطقةٍ مُظلمة ومُعتمة في سماء السودان الجديد ، لذا ليوفِّر مُناهضي ثورة التغيير وإعادة بناء الدولة السودانية معاولهم الواهية وأوصافهم الساذجة لما يحدث من إجراءات إدارية وقانونية تتطلَّبها المصلحة الوطنية العُليا ، وليعلموا أن هذا الشعب العظيم طالما أثبت لنا وللعالم أن دائرة وعيهِ وإدراكه بما يدور حولهُ من حِراك أوسع من توقعاتنا بكثير.

 

هيثم الفضل

[email protected]

تعليق واحد

  1. عناصر النظام المخلوع بكيزانه وباتباعه من ذوي المصالح احدثوا ضجيجا ازاء مفردة اقصاء وكان عليهم ان يحمدوا الله أن جنبهم مصير آل بوربون في فرنسا وعائلة رومانوف في روسيا. مارست عناصر النظام المخلوع ابتزازا حول موضوع الاقصاء. والاقصاء هو فعل ثوري بامتياز وهل هناك ثورة بلا اقصاء. والاقصاء الذي يحدث في ثورتنا يمكن ان نطلق عليه (الاقصاء الرحيم) وهم غير جديرين به. وحتى مصطلح الاقصاء لا يعبر عن الاشواق الحقيقية للثوار التي تتجاوز مجرد الابعاد الذي يعنيه مصطلح الاقصاء لان عناصر النظام المخلوع بكيزانه والمقربين برابط المصلحة كانوا يستحقون حملة مكارثية سودانية. لا بل كانوا يستحقون ما حاق بعناصر النظام الملكي بعد الثورة الفرنسية او ما حاق بعائلة رومانوف بعد الثورة البلشفية. بل اهم احق بما يمكن ان نسميه التطهير المدني ان جازت التسمية وان كان الأمر أمر استحقاق. لكن لاعتبارات تتعلق بطبيعة الثورة والواقع السوداني والطبيعة السوسيولوجية للشعب السوداني حلت بهم رحمة الاقصاء فكان الأولى بهم أن يحمدوا الله بالعشي والآصال أن ابقاهم على قيد الحياة. لكنهم كعادتهم لا يحمدون الله ويجحدون نعمه فصاروا يبتزون مناصري الثورة مدعين ان الاقصاء فعل لا يليق وأنه فعل غير ديمقراطي وأنه فعل تمييزي. سبحان الله الذي مرد بعض مخلوقاته على المحاججة واللجاج كأعوان للباطل. لكن نحمد الله أن ماتت الفكرة (الكيزانية) حتى وأن تواجدوا فيزيائيا لأن موت الفكرة يعني زوال كل ما بني عليها في المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..