مقالات وآراء سياسية

لا اقرأ المستقبل ولكن أتفحص الواقع

أحمد الفكي

المتابع الحذر للحراك السياسى فى السودان يمكن ان يقرا ما يعد لثورة شعبنا التى دفع شبابنا حياتهم من اجلها.ولعل اكبر المهددات ياتى من داخل التحالف الذى أفرزه واقع الثورة وتوازن القوى واخطاء تجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير. وللوضوح وحتى لا يقفز من يبادرون بمد الأصابع للاتهام أقول ان ما أقوله ناتج من قراءة ما حدث بعد ان حدث فلا لوم ولا عتاب فالذى يتعلم من الخطا ليس فاشلًا بل الفاشل هو من لا يتعلم.
هناك رهان من الكيزان وهم الأعداء السافرين للثورة على فشل حكومة السيد حمدوك والذى سيفتح لهم الباب لاختيار الخيار الأنسب للانقضاض على الثورة إما بالعنف واثارة الفوضى مما يسهل مقارنة عهدهم بعهد حمدوك الذى لم يحقق شيئا ويفتقد الى الأمن. او بانقلاب عسكرى دموي. هناك ايضا اللجنة الأمنية والتى لن يحولها مجرد التوقيع على اتفاقات ثورتنا الى جسم ديمقراطى يؤمن بالديمقراطية ويعمل على حمايتها. فلحميدتى طموحاته ومصالحه الاقتصادية والتى يعلم تمامًا ان نجاح النظام الديمقراطي فى بلادنا سيضعفها ويقضى عليها تماما خاصة فى ظل دولة المؤسسات . اظن ان الفترة الانتقالية كافية له لعقد كل التحالفات الممكنة مع زعماء القبائل والعشائر وأظنهم كثر ولنا فى تجربة الحركات المسلحة وبيعها لمن ادعى انها تتحدث باسمهم وعقدها التحالفات مع السفاح دون الالتفات اليهم الا فى بياناتها ومحادثاتها ومحاصصاتها. هذه الحركات يمكن ايضا ان تكون فى صف حميدتى واللجنة الأمنية طالما توفر لها قسط من الثروة والسلطة. لا أقول هذا تحاملًا ولكن من واقع قراءة الواقع القريب جدا.
نلاحظ ايضا ان الامام الصادق المهدى قد بدا الإعداد للانتخابات وذلك باستقالته من رئاسة قحت والحملة المنظمة من أنصارة والتى وصلت حد الادعاء انه لم يفشل فى حكم السودان لانه لم يحكم أصلا حيث كان يحكم مع اخرين خذلوه وكتفوا يديه لينجز برنامجه.
كل ما ذكرته أعلاه يرتكز على فرضية أساسية وهى فشل حكومة السيد حمدوك. مما يفتح الباب لإنهاء الفترة الانتقالية مبكرا وقفل الباب على تحقيق الدولة المدنية. وحتى نتدارك هذا الخطر يجب ان نساعد حكومة حمدوك ليس بالحماية والدفاع اللاعقلانى بل باستخدام عقولنا فى مواجهة الخطر الماثل أمامنا :
على السيد حمدوك ان يحدد أولويات حكومته فى برنامج واضح ولا أقول مفصل من اليوم الاول. عليه ايضا ان يكون واقعيا وشفافا ويقدم صورة واضحة لشعبنا عن الوضع الحالى وهو الوضع الذى ورثناه من مشروع الهراء الحضارى المجرم. فنحن دولة منهارة ترزح تحت الديون ولا يعقل ان نعد لا بمجانية التعليم ولا الصحة فى الفترة الانتقالية. فهذه أحلام ظلوط وستسقط عند اول حساب بسيط لميزانية دولة منهارة. هذا مثال واحد من الوعود التى تقدم دون التفكير فى إمكانية تحقيقها.
يجب تحديد الأولويات فى كل الوزارات ويجب توضيح الرسالة وبكل السبل وللمواطن العادى.
يجب تعريف النجاح والفشل والتوافق على طرق قياسهما. هناك فارق شاسع بين ارتكاب اخطاء وإصلاحها طالما التزمنا جانب الشفافية والأمانة والشجاعة وبين الإصرار على الخطا والدفاع عنه.
يجب الوضوح فى ان البديل للديمقراطية ومعالجة أخطاءها ليس النظام الشمولي عسكريا سافرا كان او عسكريا يتزين ببعض المدنيين والمطبلاتية.
هناك امر خطير قامت به اللجنة الأمنية وهو وضع بعض المؤسسات الهامة تحت ادارتها وهى خطوة هامة بالنسبة لهم لإكمال النموذج المصرى وهو تحويل الجيش الى مالك للدولة وليس احد موسسات الدولة المدنية والذى مهمته حمايتها. هذا النموذج يخطو خطوات قد تؤدى الى وضع اخطر من وضع الجيش المصرى وذلك لوجود الدعم السريع كجيش موازى أقوى من الجيش الوطني وله تجارة ذهب وعلاقات تجارية أهمها بيع دماء ابناء شعبنا كمرتزقة للنظام السعودي.
يجب ان لا يتاخر السيد حمدوك اكثر مما تاخر فى تحديد أولوياته وايصال رسالته وبشكل مستمر وإشراك الجماهير فى كل خطواته. عليه الالتصاق بالشارع وبالقرار ولجان الأحياء والشباب فى كل خطواته وإلا كان ظهره مكشوفًا فى مواجهة أعداء يشاركونه غرفة نومه.

 

أحمد الفكي

[email protected]

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..