أخبار السودان

يومُ خُلِعت الطاقية…وُضِعت العمامة (1)

الدكتور قندول إبراهيم قندول –
المحيَّر حقاً ما يجري في وسط ونفوس بعض مثقفي وأدباء ومفكري ومتعلِّمي وساسة السُّودان إذ في كل مرة يفاجؤنا أحدهم بما لم نتوقَّع منه أبداً. هذه الحالة وهذا السلوك يستشرفه بعض أصحاب اليمين واليسار، والوسط على حدٍ سواء وذلك بتغيير مواقفهم التي اعتبرها الكثير من المتفائلين يوماً إيجابيَّة، إلى مواقف أكثر سلبيَّة وتطرُّفاً مبالغاً فيه. فهم بذلك ممعنين رفض التعلُّم من دروسٍ قيِّمة تحدَّث عنها وكتبها ذوو الرؤية الثاقبة عن محنة أهل السُّودان عما ارتكبته النُخبة من فشلٍ في إدارة التنوُّع والموارد لإثراء وتحقيق رفاهية العباد. الفشل الذي بيَّنه الدكتور منصور خالد في:”النُخبة السُّودانيَّة وإدمان الفشل”(1)، وكما انتقد نظرتهم الاستعلائيَّة على الآخرين بالتفصيل غير الممل في:”جنوب السُّودان في المخيلة العربيَّة”.(2) وإن كان قد خصَّ جنوب السُّودان في الكتاب إلا أنَّ تلك النظرة لا تزال تلاحق الكثيرين ممن رمتهم الجغرافيا السياسيَّة داخل حدود السُّودان القديم، خاصة أهل “الجنوب الجديد” أو “القوميون الجدد”، كما ينعتهم الجهويون والعنصريون أصحاب الرؤية المعتلة، إن جاز وصفهم. ولا شك لقد أدَّت تداعيات تلك النظرة القبيحة والرؤية العقيمة في التفكير إلى انفصال الجنوب، الانفصال الذي تقع مسؤليته كلها على عاتق ساسة الشمال كما جاءت في الحجج الدامغة والحقائق المثبَّتة بالأدلة في:”انفصال جنوب السُّودان، دور ومسؤلية القوى السياسيَّة الشماليَّة للدكتور سلمان محمد أحمد سلمان”.(3)
لم يوقف الاستياء والاحباط بعضاً من مَنْ تجذَرت وبقيت فيهم هموم أهل السُّودان من إظهار وطنيتهم وولاؤهم له، بل عملوا لكشف المستور خلف الأقنعة كما فعل الكاتب والصحفي القدير فتحي الضو في كتابه “سقوط الأقنعة”، ضمن مؤلفاته العديدة.(4) أما أصحاب اليسار أو “الشمال” أو الفكر التقدُّمي ? إن شئت تسميتهم – الذين سقطت أقنعتهم فعلاً وتظاهروا يوماً أنَّهم يقفون أو وقفوا بجانب المظلومين والمعذَّبين في أرض السُّودان وأنَّهم يدافعون عن حقوقهم نذكر، على سبيل المثال لا الحصر، الدكتور حيدر علي إبراهيم(5)، وياسر سعيد عرمان، الأمين العام السابق للحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال.(6) وأخيراً لحق بركبهم الأستاذ المحامي كمال الجزولي فخلع الطاقية ووضع العمامة (أرجو ألا تخرج هذه الجملة من السياق والدلالة وتُفسَّر أنَّها احتقار لمن يلبس الطاقية أو العمامة المكملان للزي الرجالي السُّوداني العام والمعروف. ولكن جاء ذكرها هكذا دلالة لتغيير موقف كمال الجزولي من الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال، ومن سمَّاهم بـ “القوميين الجُدد…. التَّفكِيكِيُّونَ لوُحْدَةِ السُّودَان”، رغم أنَّ مواقفه ومقالاته السابقة عُرِفتْ بالاعتدال والموضوعية ولكنها أظهرت في الآونة الأخيرة نوعاً من التطرُّف الشديد. التطرُّف الذي بلغ مداه ضد القائد عبد العزيز آدم الحلو، رئيس الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال، المنتخب، وبالضرورة، ضد المؤيدين لهذا الجناح. هذا ما لزم توضيحه).
المقال الأول عنوانه” “مَا يُضْمِرُ التَّفكِيكِيُّونَ لوُحْدَةِ السُّودَان”(7) وأما الثاني:”بَيْنَ القَوْمِيينَ الجُّدُدِ والسُّودَانِ الجَّدِيد!”، الذي نحن بصدد تناوله. هذه أمثلة لمن كتبوا وتكلموا علناً بلغة غليظة ومغالطات وتناقضات كثيرة محت ? في تقديرنا – كل ما كانوا يبشِّرون به، وهؤلاء نماذج لعدد ليس بقليل لما أُحطنا به علماً. ولا بد أنَّ “المُضْمرين أو المُستترين أو الكاظمين الغيظ” كثرٌ لا يعلمهم إلا الله، فهم في سمرهم وفي مجالسهم الخاصة يتلفَّظون ويجهرون بما في صدورهم وأنفسهم من غِلٍ ما يعف اللسان عنه تجاه غيرهم، كون كلامهم ذاك مشحون بعبارات العنصريَّة والاستعلاء العرقي أو الطبقي.(8) ولعلَّ هذا ما عناه الدكتور فرانسيس مادينق دينق بـ “المسكوت عنه” في كتاب “حروب الرؤى”.(9)
أما أصحاب اليمين والوسط والذين يتأرجحون بينهما فكثيرون حتى كدنا لا نبين من أمرهم شيئاً، إذ لا يسمح المجال لذكرهم هنا لأنَّ القائمة ستطول إن أردنا، ولكن هؤلاء وأولئك أجمعين بينهم قاسم مشترك أكبر: العنف اللفظي والاستعلاء النُّخبوي الجهوي، والعرقي، والديني، والقبلي، وبصفة خاصة أولئك الذين يضعون أنفسهم في المقاعد الأماميَّة للقيادة. إنَّ أسباب فشل تأسيس دولة مستقرِّة في السُّودان تسع الجميع هم متعلمي ومثقفتية السُّودان، فهذا رأيٌ قد يختلف معنا فيه بعض الأصدقاء وكل الأعداء، لكنه حقيقة! المقدِّمة هذه كان لا بد منها قبل الاسترسال في التعليق على مقال كمال الجزولي الذي جاء في سبع فقرات مليئة بتناقضات ? كما أسلفنا الذكر – ومعلومات غير حقيقية وهذا بالطبع لايليق به كما عرفناه من خلال كتاباته. فلنبدأ التعليق بالقول:
إنَّ إقرار الجزولي بأنَّ الفريق عبد العزيز آدم الحلو، رئيس الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال، قاد انقلاباً من “داخل قوات الحركة الشعبيَّة السُّودانيَّة ? Sudan?s Popular Movement”، غير صحيح أبداً. وهذه مغالطة ينبغي تفنيدها وبيان وجه قصورها لأنَّها تفتقر إلى المنطق والموضوعيَّة، إذ تجاوز الناس موضوع الانقلاب والانقلابيين، وركَّزوا جهودهم لما ينفع السُّودان وأهله: قضية السلام والاستقرار، والمواطنة المتساوية، للنهوض بالتنمية تحقيقاً للعدالة ورفاهية السُّودانيين عامة، والمناطق الأكثر ضرراً لا سيما المنطقتين، ودارفور، والشمال وحتى أطراف الوسط، بصفة خاصة. هذه قضايا ومسائل جوهرية لا بد من الانشغال بها بدلاً عن إلهاب المشاعر والعواطف بالكتابة التي تعمِّق الفجوة بين السُّودانيين. إنَّ الحراك الذي بدأته الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال بقيادة الحلو، والحكومة مع الآلية الأفريقيَّة الرفيعة المستوى، وبعض القوى السياسيَّة في أديس أبابا في الأول من فبراير الماضي إلا واحداً من الجهود المبذولة لتحقيق ما أشرنا إليه. فليكن السلام هدفاً إستراتيجيَّاً للفرقاء السُّودانيين، وعلى الذين ليس لهم ما يقدِّمونه إيجاباً التزام الحياد بدلاً من تأجيج الفوران والنفور! صحيح لقد فشلت الجولة الأولى ولكن اللقاء في حد ذاته خطوة في الاتجاه الصحيح (سنتحدَّث عن هذا الفشل وفشل الجولات الخمس عشرة السابقة لاحقاً).
عوداً لموضوع الانقلاب، إنَّ العيب والخطأ الفاضح المشين الذي ارتكبه الجزولي هو مسمىً جديداً وهو “الحركة الشعبيَّة السُّودانيَّة”، والحركة التى لم يسمع بها أحدٌ من قبل! ففي الحقيقة، والحق يُقال ليست هناك حركة بهذا الاسم، مما يكشف بجلاء ودون مواربة أنَّ هذه الحركة موجودة فقط في مَخْيَلة الأستاذ الجزولي، ولا بد أنَّ من يسانده ويعاضده في قناعاته مذهول ومصدوم بهذا الخطأ، سواء أكان مقصود أم لا! صدور مثل هذه التُرَّهَةَ من شخصٍ في مقام المحامي القانوني الجزولي يثير تساؤلات كثيرة في هذا التوقيت بالذات، فهل الغرض من هذه المتاهة شد الاهتمام والانتباه عما يجري طبخه خلف الجدران السميكة والأبواب المغلقة أم ماذا؟ كمال الجزولي، كمحامٍ وقانوني كان ينبغي له مراعاة الدقة وانتقاء الكلمات والالتزام بالأسماء والمسميات والمصطلحات القانونيَّة، فضلاً عن التحقُّق من المعلومات قبل إعداد مرافعته دفاعاً عن موكِّليه. فالمنطق يقول إذا كان لا وجود للمُنْقَلَب عليه (المفعول به)، فكيف يكون هناك انقلاب في المبتدأ؟ فالانقلاب، إذن، فرية كبيرة و”الحركة الشعبيَّة السُّودانيَّة” غولٌ مجسَّد في فَلاَة الجزولي، حتى لو كانت قياساً على حزب “الحركة الشعبيَّة للديمقراطيَّة والمواطنة” الذي كوَّنه مالك عقار وياسر عرمان ومجموعتهما بالخفاء عن غالبية جماهير الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال في أبريل العام 2011م.(10) تلك “الحركة” ودستورها الذي أشرنا إليه في مقالٍ لنا في سابق الأيام،(11) كانت الانقلاب الحقيقي على مبادىء وثوابت الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال. على أية حال، قد تكون الحركة المذكورة في مقال الجزولي مشروعاً لحزب جديد في طور التكوين بعدما دعا مالك عقار إير، رئيس جناح الحركة المنشق، أحزاب المعارضة للمشاركة في انتخابات العام 2020م.(12)
إنَّ الثورة التصحيحيَّة التي قامت بها جماهير الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال المؤمنة بالقضية والثوابت، كانت عبر مجلس تحرير إقليم أو على الأصح ولاية “جنوب كردفان/جبال النُّوبة”. إنَّ مكان الانقلاب الذي أشار إليه كمال الجزولي بـ جنوب كردفان “جبال النُّوبا”، مجال آخر لمغالطات مقاله إذ لا وجود قانوني لهذا المكان في أضابير ووثائق اتفاقية السلام الشامل التي تم التوقيع عليها في 9 يناير 2005م(13)، أو أي مكان آخر في أية مدوَّنة وبهذه الكيفية. ففي الاتفاق وافق طرفا الصراع – بحضور شهداء معتبرين وضامنين أشداء للاتفاق على اسم ولاية “جنوب كردفان/جبال النُّوبة”. وحين نؤيد وندعم كلمة “النُّوبة” الواردة في الاتفاق فليس ذلك للغلو فيها أو لتفضيلها على “النُّوبا” التي استخدمناها كثيراً في كتاباتنا، فالمصطلحان يتساوان كتابة ونطقاً باللغة الإنجليزيَّة. ولكنا نتساءل ما الذي دفع القانوني والمحامي كمال الجزولي لمثل هذا الكسل عن كتابة الاسم كما جاء في تلك المواثيق؟ وتزداد حيرتنا عندما كتب جبال النوبا بين علامتي الاقتباس دون تفسير منطقي وعقلاني!
لا شك في أنَّ الجزولي أراد أن يرمز تلميحاً أنَّ “النُّوبا” هم أهالي جبال النُّوبة و”النُّوبة” هم “النُّوبيين” في “شمال السُّودان النيلي”، فلسنا بصدد الاعتراض على هذه النقطة فله الحق – كما لغيره – في وصف المجموعتين بذلك إلا أنَّنا نرى أهمية مراعاة الدقة والانتباه والامتثال والصرامة للنواحي القانونيَّة، عند الحديث والكتابة في موضوع معقَّد وشائك كهذا خاصة من محامٍ وقانوني وظيفته هي الدفاع عن موكِّليه أمام القانون؛ فضلاً عن أنَّه كان مستشاراً قانونيَّاً للحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال في يومٍ من الأيام قبل انشقاق جناح مالك عقار وياسر عرمان وانضمام إسماعيل خميس جلاب إلى حزبهم.(13) ماذ يضير الجزولي أو أي شخص آخر لو استخدم “جنوب كردفان/جبال النُّوبة” كما وردت في الاتفاق؟ لا ضرر ولا ضرار، ولكن الاختزال بهذه الطريقة واللامبالاة من مَنْ كنا نرجو منه الكثير المفيد يُظْهِر أمرين: الأول هو تطبيق سياسة فرق تسد، والثاني الجهويَّة والتطرُّف العقيم (نُّوبا الجبال ونُّوبة الشمال). هنا نكرِّر ما داومنا وأصررنا عليه إصراراً: أنَّنا قد حذَّرنا وما زلنا نحذِّر أنفسنا وآخرين من المثقفتية والطبقة المتعلِّمة، أو هكذا يصفون أنفسهم، بالابتعاد عن الجهويَّة والغلو في القبليَّة والعنصريَّة، والاستعلاء؛ لأنَّنا نعتقد ? وقد نكون مخطئين – أنَّ عبء إصلاح السُّودان يقع على عاتق الشريحة التي نالت قسطاً من الثقافة والتعليم، إلا أنَّ التاريخ أثبت ولا يزال يثبت لنا ولغيرنا من قبل، عكس ما توقَّعناه ونعتقده.
أما ما يتعلَّق بتاريخ الانقلاب المزعوم، والذي فترنا من نفيه، فقد فشل الجزولي فشلاً شنيعاً ? وهذا إدمان آخر للفشل – في تحديد تاريخ وزمن وقوع الحدث. فالثورة حدثت في مارس 2017م وليس في أبريل.(14) إذن، تهمة الفريق الحلو بقيادة الانقلاب باطلة، بطلان التيمم إذا حضر الماء، ذلك لأنَّه لم يتم تحديد المفعول به، ولا المكان، ولا التاريخ والزمن وهذه كلها متغيرات وعوامل واشتراطات لا بد من توفُّرها لإثبات الجريمة حقيقيّة كانت أم متخَيَّلة، أو الشروع في ارتكابها، ومن العوامل المهمة عامل “الغَيْبَة – alibi” أثناء وقوع الحدث. فنحن نعلم تماماً أنَّه حتي يوم 11/4/2017م لم يكن مكان الفريق عبد العزيز الحلو معروفاً، كما جاء في خطاب وتوجيهات اللواء جقود مكوار مرادة كوة، رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبيَّة لتحرير السُّودان ? شمال، ورئيس اللجنة القياديَّة لإدارة الأزمة بالإقليم (الاستقالة وتداعياتها المحدودة وقتذاك)، والمؤرخ بتاريخ 15/4/217م.(15) لقد جاء في القرار الأول من الرسالة الآتي نصه: “ضرورة مواصلة كافة الجهود الرسميَّة والشعبيَّة للاتصال بالفريق عبد العزيز الحلو وإقناعه بالحضور للإقليم”. إذن، ينبغي شطب نظرية التآمر والانقلاب من حيثيات أي موضوع يتعلَّق بالحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال، لأنَّ الجريمة لم تحدث أصلاً في حق الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال، بواسطة أي كائن كان.
وأما الإقصاء الذي ذكره الجزولي على مضض لا يقل عما ورد في أدبيات وخطب ياسر عرمان ومالك عقار بعد المفاصلة. فهم جميعاً فسَّروا الإقصاء وأفهموا الناس أنَّه الفصل والعزل من منظومة الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ?شمال ، وهذا غير صحيح أيضاً. فهؤلاء وأولئك جميعاً كانوا رفاق القضية، ورفقاء السلاح، وأصحاب رؤية واحدة وهدف واحد، ثُّم جرى بينهم ما جرى فاختار مالك عقار وياسر عرمان ومجموعتهما إقصاء (فصل وعزل) أنفسهم لأشياءٍ فيهاعندما انكشفت المؤامرات التي كانوا يحيكونها ضد رفاقهم. فتصريح الجزولي بحتمية حدوث إقصاء لهؤلاء لا يعدو كونه ثرثرة وجعجعة فارغة، لا تسمن ولا تغني من جوع. فقد فشل أيضاً في إعطاء مثالاً واحداً مدعوماً بدليل لمرافعته بتهمة الإقصاء. فالسؤال البديهي لماذا لم يحتج غالبية أعضاء الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال عندما مارس ياسر عرمان ومالك عقار الإقصاء (بمعنى التهميش) ضدهم، والفصل (الطرد) من الحركة؟ ولنرجع إلى الوراء قليلاً إلى قرارات مجلس تحرير إقليم جبال النُّوبة(16) المتعلِّقة بإقالة ياسر سعيد عرمان من الأمانة العامة، وتجريده من مسؤلياته لفشله في إدارتها بشفافية أو بإشراك الآخرين. لقد جاء القرار رقم (1) لسنة 2017م بالآتي: (أ) حل وفد التفاوض وتكوين وفد جديد، (ب) سحب الثقة من الرفيق الفريق/ ياسر سعيد عرمان كأمين عام للحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان- شمال (ليس الحركة الشعبيَّة السُّودانيَّة)، (ت) سحب ملفات التفاوض، العلاقات الخارجيَّة، والتحالفات السياسيَّة من الرفيق الفريق/ياسر سعيد عرمان (ج) رفض المجلس بالإجماع استقالة الفريق/عبد العزيز آدم الحلو من موقعه كنائب لرئيس الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان- شمال.
لم يرد في القرارات أعلاه أبداً ما يشير إلى فصل ياسر سعيد عرمان من الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان – شمال؛ كما أنَّ القرار (ج) يحمل ضمنيَّاً بقاء مالك عقار في موقعه كرئيس للحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان – شمال. على النقيض قام مالك عقار وياسر عرمان بالتصعيد اللا عقلاني عقب زيارتهما للإقليم وأخرجا عرضحالاً مطوَّلاً بتاريخ 5 يونيو 2017م أسموه “رسالة من رئيس الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان – شمال”.(17) وتعتبر تلك الرسالة الأسوء في تاريخ فض النزاعات أو تعطيل فتيل أي انفجار محتمل. وكما ذكرتُ في مقالٍ سابق، لم يكن مالك عقار حكيماً في إدارة الأزمة إذ كان عليه (أ) إقناع ياسر عرمان لتلبية نداء مجلس التحرير وذلك بتنفيذ قراراته برمتها وليظل هو (مالك) رئيساً للتنظيم ومشرفاً لأي وفد جديد يتم تكوينه للتفاوض مع الحكومة؛ أو (ب) إعفائه من تلك المهام إذا تعذَر إقناعه بالتنازل طوعاً أو بالاستقالة ? كما يسمونها – ، أو (ت) الوصول إلى حل وسط يرضي الأطراف المتنازعة. صحيح اقترحا تنازل ثلاثتهم من القيادة، ولكن بعد فوات الأوان أو بعد خراب سوبا، كما يقولون! الغريب في الأمر أنَّهما نسيا أو تعمَّدا النسيان أنَّ الفريق عبد العزيز قد دفع باستقالته الشهيرة واعترف فيها باخفاقات ثلااثتهم، وتحمَّل مسؤليته عنها، وفي ذات الوقت أعلن عن استحالة العمل سويَّاً معهما نسبة لفقدانه الثقة فيهم.(18) فبالله ما الذي لم يفهمه الجزولي هنا؟ أيراهن أنَّ كل من يقرأ كلامه هذا برأسه “قمبور”؟
على أية حال، بدا وقتئذٍ أنَّ الاستشارات التي كان يلاقيها مالك عقار، رئيس الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال السابق خدَّاعة للغاية، أو أنَّه لم يستشير أحداً، لأنَّ ياسر عرمان فاجأ الجميع إذ تمسك بموقفه الرافض للاستجابة لمطالب المجلس، و”كنكش” في مهام الأمانة العامة رافضاً أية إشارة بوضع رمزي أو شكلي له في الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان – شمال، وإذا بمالك عقار ينصره على نائبه الحلو، رفيقه الأقدم. أكيد لقد ظنَّ مالك عقار وياسر عرمان أنَّ الأمر لعب “عيال” حتى أتاهما اليقين! ومهما يكن من شيء، قامت القيامة ولم تقعد وما أظنها ستقعد لطالما هناك من لم يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب. وإذا بالهجوم العنيف من المعارضين ضد تيارالفريق عبد العزيز الحلو الغالب وبلغ وصف شخصيته وأنصاره بنعوت غير لائقة بهم. وكذا توالت قرارات الإعفاء (الفصل) والتعيين من مالك عقار معلناً الانشقاق الأبدي عن الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال، وإيذاناً بتكوين جناحاً جديداً لفريقه، تمسك باسم الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال وإضافة صورتي الدكتور قرنق والمعلِّم كوة في الشعار! وطبعاً للتمسك بالاسم وإصافة الصورتين أسباب وأهداف تحدَّثنا عنها باسهاب في مقالٍ آخر. أما أهم القرارات الإقصائيَّة (الفصل) التي أصدرها مالك عقار، القرارين “رقم ر اح ل س (١٣) ٢٠١٧م”، و”رقم ر اح ل س (14) ٢٠١٧م”، بتاريخ 12/6/2017م،(19) فضلاً عن قراراته التعسفيَّة السابقة التي طالت عدداً كبيراً من أعضاء الحركة.(20) إذن، بالله أين الإقصاء يا أستاذنا الجليل، ما قام به مجلس التحرير أم مالك عقار؟
لقد أظهر كمال الجزولي عداء شديداً وغريباً تجاه الفريق عبد العزيز الحلو، ولا نعرف بالضبط ما هذا العداء، فها هو يرميه وفي تناقض أشد غرابة واتهامه بعدم “ترتيب أيِّ أوضاع في منطقة النيل الأزرق التي ما تزال قوَّات نفس الحركة تتبع لقيادة عقار وعرمان”. هل يعني الجزولي”الحركة الشعبيَّة السُّودانيَّة” أما ماذ؟ مالك لا تبين؟ نعم صدق العرب عندما قالوا في أدبهم الشعبي “لا يستقيم الظل والعود أعوج إذ لا يستقيم عقلاً أن َّ قوات الإقليم تتبع لقيادة مالك عقار وفي ذات الوقت يُطَالَب من الحلو ترتيب الأوضاع هناك. ألم يكن من المنطق أن يرتِّب مالك عقار وياسر عرمان “أوضاع” قواتهما في النيل الأزرق؟ بلى، ولكن هيهات “ففاقد شيىء لا يعطيه”. فمطالبة الجزولي من الفريق عبد العزيز الحلو بـ “ترتيب أوضاع النيل الأزرق” لَدليلٌ قاطع على أنَّ السيطرة العسكريَّة الكاملة في النيل الأزرق تقع تحت الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال، وبواسطة نائب الفريق الحلو، اللواء جوزيف تُكا من أبناء وقيادات النيل الأزرق العسكريَّة الأفذاذ، وليس لمالك عقار وياسر عرمان أي وجود يُذكر كما يضخِّمه الجزولي. فالفريق الحلو واللواء تُكا يقومان بالتنسيق المحكم مع القيادة العسكريَّة العامة للحركة الشعبيَّة/الجيش لاالشعبي لتحرير السُّودان ? شمال والمدنيَّة في النيل الأزرق لاحتواء أي تفلُّت أمني في المنطقة، والتصدي لأي اتجاه تسعى إليه المليشيات المسلحة والمنشقين عن الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان ? شمال لانتهاك حقوق إنسان النيل الأزرق أياً كانت قبيلته وميوله السياسيَّة بواسطة المليشيات.(21)
وفيما يختص باستصحاب الجناح المنشق في “أيِّ ترتيبات “سلام” متفاوض عليها” فهذا أمر يخص هذا الجناح فليشق طريقه بالوسائل التي يراها مناسبة إلى طاولة المفاوضات مع الآلية الأفريقية الرفيعة بقيادة ثابو أمبيكي، الرئيس الجنوب أفريقي السابق، وبعيداً عن التشبث بالحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان – شمال، أو لهما الحق في الذهاب إلى الخرطوم، وما لقاء أنجمينا بدولة تشاد في فبراير الماضي إلا مرحلة متقدِّمة استعداداً للعودة، ولا داعي للاستهبال باعتبار استصحاب مجموعة عقار وعرمان “مآل أيِّ حرب دوليَّة أو أهليَّة، كبُرت أو صغُرت”! نختم، بالقول إنَّ بعض المثقفين والمتعلمين خاصة الذين يعتقدون أنَّهم أهل “الحل” هم أساس المشكل السُّوداني لا شريك لهم. فهم يؤثِرون أسباب الخلافات بين شرائح الشعب السُّوداني على ما يجمعهم. ينبغي اتباع منهج الاعتدال وإبراز الحقائق في الكتابة بدلاً عن أساليب التضليل باستخدام عبارات، سافرة وغاضبة، ومسميات لا وجود لها، فقط لأنَّها “رنانة” تدغدغ الأفئدة بما يفرِّق.
نواصل …..
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا سيد لك التحية والتقدير ولكن نقول لك انك تحرث في البحر بأنك اعطيت أهمية لياسر عرمان وكمال الجزولي وحيدر ابراهيم علي لانهم ابناء نسق الطاعة وهو نسق مهيمن على نخب السودان ونتائجه رهاب الغريب مهما تظاهروا بغير ذلك وهولاء اصبحوا كقوم بني اسرائيل في البرية مع موسى وكتب عليهم الا يدخلوا ارض الميعاد اكتب للأجيال القادمة من اجل سودان جديد اما الحضور فهم ليسوا ممن يدخل ارض ميعاد السودان الجديد هولاء هم الكتبة والفريسيين الذين عناهم السيد المسيح بانهم يقفون في الباب لا يدخلون ولا يتركون من يريد الدخول ان يدخل. ابناء نسق الطاعة دوما ضد نسق الحرية كمطلب للجماهير لا تعشم في من خيبوا ظن ارنولد توينبي في مسؤلية قيام سودان موحد قبل ان يخيبوا ظن منصور خالد.

  2. يا سيد لك التحية والتقدير ولكن نقول لك انك تحرث في البحر بأنك اعطيت أهمية لياسر عرمان وكمال الجزولي وحيدر ابراهيم علي لانهم ابناء نسق الطاعة وهو نسق مهيمن على نخب السودان ونتائجه رهاب الغريب مهما تظاهروا بغير ذلك وهولاء اصبحوا كقوم بني اسرائيل في البرية مع موسى وكتب عليهم الا يدخلوا ارض الميعاد اكتب للأجيال القادمة من اجل سودان جديد اما الحضور فهم ليسوا ممن يدخل ارض ميعاد السودان الجديد هولاء هم الكتبة والفريسيين الذين عناهم السيد المسيح بانهم يقفون في الباب لا يدخلون ولا يتركون من يريد الدخول ان يدخل. ابناء نسق الطاعة دوما ضد نسق الحرية كمطلب للجماهير لا تعشم في من خيبوا ظن ارنولد توينبي في مسؤلية قيام سودان موحد قبل ان يخيبوا ظن منصور خالد.

  3. حركة معارضة انقسمت وقابلة للتشذى وتقاتلوا مع بعضهم البعض هل هذا نجاح ؟ وهل نجحت الحركة الشعبية الأم فى تحقيق الأمن والاستقرار فى الجنوب؟ يجب أن نكون كرماء مع أنفسنا ولا نجهد أنفسنا لنبرر فشل الفاشلين ؟؟؟؟

  4. بالله يا دكاترة الإنقاذ افيدونا: عبد العزيز قام بإنقلاب كامل الدسم ضد رفاقه وهذا لا يحتاج الى دليلّ…بعدين عقار وعرمان رفضا عرضا استقالة ثلاثتهم لماذ رفض الحلو؟ ثالثا: الحلو قال لست بنوباوى لماذا استلم كل الحركة ولم يعين جقود رئيسا ؟؟؟ لعب عيال يا دكاترة الإنقاذ وبعدين في الجولة الآخيرة لمفاوضات الحلو لماذا طرح الحلو نفس طرح عرمان في التفاوض؟؟؟ الحلو أراد السلطة لنفسه وقدم خدمة جليلة للمؤتمر الوطنى بشقه الحركة الشعبية -قوم لف ياخى

  5. أصوله من قبيلة المساليت، دارفور، ووُلد في 7 يوليو 1965 في الفيض أم عبد الله المنطقة الشرقية لجبال النوبة، جنوب كردفان. حصل على تعليمه الابتدائي في مدرسة دلامى الأولية في ولاية جنوب كردفان، ثم مدرسة الدلنج الوسطى الإعدادية، أما المرحلة الثانية فكانت في مدرسة كادقلي الثانوية العليا (تلو) بولاية جنوب كردفان. التحق بكلية الاقتصاد جامعة الخرطوم حيث حصل على البكالوريوس عام 1979

  6. ما عندك موضوع يا قندول ابراهيم قندول . انت والحلو وبقية جوقة العنصريين معلقين من عصباتكم . قوم لف

  7. يا قندول انت واقف مع الحلو لأنه من جبال التوبة ويحمل رأيا عنصريا وليس لأنه على حق،
    الحركة الشعبية اضاعت وقت الشعب السوداني وموارده ولم تزحزح النظام من موقعه بل قتلت الشعوب المهمشة التي لم تستطع الدفاع عنها حتى بعد أن انفصلت بجزء من الوطن.
    انتم افشل ما انتجت الحركة السياسية السودانية من عمل سياسي ويجلس على رأس الفشل هذا منصور خالد التي تعتبره مفكرا رغم أن فكره لا يتعدى ذاته المنشطرة

  8. الدكتور قندول سودانى امريكى يعمل فى الجيش الامريكى فى البحرين علية أن يكتب عن العنصرية فى امريكا فى عهد رئيسه ترمب. ألا تشعر بالعنصرية فى أمريكا وتشعر بالعنصرية فى السودان. شعورك بالعنصرية فى وطنك الام (السودان) ليس له اساس وانما ينبع من داخل نفسك

  9. حركة معارضة انقسمت وقابلة للتشذى وتقاتلوا مع بعضهم البعض هل هذا نجاح ؟ وهل نجحت الحركة الشعبية الأم فى تحقيق الأمن والاستقرار فى الجنوب؟ يجب أن نكون كرماء مع أنفسنا ولا نجهد أنفسنا لنبرر فشل الفاشلين ؟؟؟؟

  10. بالله يا دكاترة الإنقاذ افيدونا: عبد العزيز قام بإنقلاب كامل الدسم ضد رفاقه وهذا لا يحتاج الى دليلّ…بعدين عقار وعرمان رفضا عرضا استقالة ثلاثتهم لماذ رفض الحلو؟ ثالثا: الحلو قال لست بنوباوى لماذا استلم كل الحركة ولم يعين جقود رئيسا ؟؟؟ لعب عيال يا دكاترة الإنقاذ وبعدين في الجولة الآخيرة لمفاوضات الحلو لماذا طرح الحلو نفس طرح عرمان في التفاوض؟؟؟ الحلو أراد السلطة لنفسه وقدم خدمة جليلة للمؤتمر الوطنى بشقه الحركة الشعبية -قوم لف ياخى

  11. أصوله من قبيلة المساليت، دارفور، ووُلد في 7 يوليو 1965 في الفيض أم عبد الله المنطقة الشرقية لجبال النوبة، جنوب كردفان. حصل على تعليمه الابتدائي في مدرسة دلامى الأولية في ولاية جنوب كردفان، ثم مدرسة الدلنج الوسطى الإعدادية، أما المرحلة الثانية فكانت في مدرسة كادقلي الثانوية العليا (تلو) بولاية جنوب كردفان. التحق بكلية الاقتصاد جامعة الخرطوم حيث حصل على البكالوريوس عام 1979

  12. ما عندك موضوع يا قندول ابراهيم قندول . انت والحلو وبقية جوقة العنصريين معلقين من عصباتكم . قوم لف

  13. يا قندول انت واقف مع الحلو لأنه من جبال التوبة ويحمل رأيا عنصريا وليس لأنه على حق،
    الحركة الشعبية اضاعت وقت الشعب السوداني وموارده ولم تزحزح النظام من موقعه بل قتلت الشعوب المهمشة التي لم تستطع الدفاع عنها حتى بعد أن انفصلت بجزء من الوطن.
    انتم افشل ما انتجت الحركة السياسية السودانية من عمل سياسي ويجلس على رأس الفشل هذا منصور خالد التي تعتبره مفكرا رغم أن فكره لا يتعدى ذاته المنشطرة

  14. الدكتور قندول سودانى امريكى يعمل فى الجيش الامريكى فى البحرين علية أن يكتب عن العنصرية فى امريكا فى عهد رئيسه ترمب. ألا تشعر بالعنصرية فى أمريكا وتشعر بالعنصرية فى السودان. شعورك بالعنصرية فى وطنك الام (السودان) ليس له اساس وانما ينبع من داخل نفسك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..