عبدالواحد محمد نور … قيادي من طراز فريد صوت ثوري لم يخن شعبه

بكري عمر

_ 1 _
في تاريخ السودان اسماء احتلت مكانآ بهيآ في عالم الثقافة و الادب و الفن و السياسة و اصبحت هي تاريخنا اتفقنا او اختلفنا معهاو لانها هي طبيعة الانسان نفسه لن يجد الاجماع الكلي من الجميع ، دأبت التجربة دائمآ في تكريم الشخوص بعد ان يفارقوا البسيطة و من يتبعون هذا النهج لهم وجه الحق لان تمجيد الاحياء دائمآ مغامرة غير مأمونة الجوانب ، لطبيعة الانسان نفسه لانه جبل علي التبديل و التغيير ، و لكن عندما نتحدث عن الاستاذ عبدالواحد محمد نور قد يختلف الامر بدرجات فمنذ تأسيس حركة تحرير السودان في العام 2002 و حتي اللحظة ظل في موقفه ثابت لم يتزحزح و لم يرضخ و مرت علي الحركة سنوات مشرقة و اخري عجاف ، ارتفع رصيدها الجماهيري وانخفض واصبح مورالها يردد في المدارس و الاسواق و مرت بها انشقاقات كبيرة في الحسكنيتة و تعرضت لضربات موجعة او قاصمة للظهر لكن في الحالتين طل مؤسسها مستمسك بالمطالب المشروعة التي قامت من اجلها الحركة و محافظآ لجسمها و جيشها و هذا يتطلب امكانيات فريدة و كاريزما .
_ 2 _
احدث نور انقلاب معرفي و سياسي كبير من ارث حركات التحرر في دارفور منذ حرق العلم البريطاني مرورآ بحركات التحرر الاخري مثل نهضة دارفور وسوني و حركة داؤد يحي بولاد الاسلامي الذي انقلب علي فكرة الاسلاميين و تحول الي اكبر دعاة مشروع السودان الجديد قاسم نور حركات دارفور الغضب و الثورة و لكنه اختلف معهم في الرؤية و الاهداف فكانت اللحمة القومية في خطابه ومنفستو حركة التحرير هي مدماك البناء ، تحدث عن السودان الكبير العريض القائم علي المساواة و المواطنة ، مشروع التحرير وبفضل القيم الكلية التي رفعتها الحركة استطاعت جذب الالف من المهمشات و المهمشين الذي انخرطوا في صفوفها علي امل بناء سوداني علماني ليبرالي ديمقراطي حر كما يصدح به دائمآ الاستاذ عبدالواحد .
في العام 2013 و بعد هبة سبتمبر المجيدة التي انتظمت جميع مدن السودان وواجهتها اجهزة الامن و مليشياتها بالرصاص الحي و اغتالت اكثر من 200 شهيد بدم بارد و هذا هو ديدن الحركة الاسلامية منذ انقلابها هو محاولات امتلاك الة باطشة وقد نجحت في ذلك و في نفس التوقيت لم تحدها حدود اخلاقية في توجيهها تجاه شعبها ، بعدها تاكد للنظام انه محاصر طرح حوار الوثبة التي قاطعته القوي الديمقراطية المنحازة لقضايا شعبنا في خضم تلك الظروف قررت حركة القوي الجديدة حق اقامة تأبين الراحل الخاتم عدلان في ميدان الحارة 12 مدينة امبدة و كان من ضمن المتحدثين المختارين بعناية فائقة الاستاذ عبدالواحد و في تلك الندوة قالها عبدالواحد اذا سقط النظام الان سنترك سلاحنا و ناتي الي الخرطوم لنواصل معآ في بناء الوطن و هذه الحرب دفعنا النظام دفعآ اليها و هنا ياكد لنا عبدالواحد بانه رجل سلام و لكن ليس سلام مناصب و منافع شخصية انما السلام الشامل الكامل الذي تتوق اليع الشعوب .
_ 3 _

المتتبع لمسيرة الديمقراطيات في السودان لا يحتاج الي كبير عناء ليصل الي ان دارفور عبارة عن مناطق نفوذ للطائفية و هي مقفولة لصالح الرجعية في بلادنا ، لكن منذ اخر انتخابات ديمقراطية شهدها السودان عقب انتفاضة مارس ابريل التي اطاحت بدكتاتورية النميري جرت مياه كثيرة تحت الجسر دارفور لم تعد كما كانت في السابق و لا السودان هو المعروف بمليون ميل مربع تفككت بني اجتماعية و صعدت اخري حصلت تحولات اقليمية ودولية و هي ليست بمعزل عن السودان بارت بضاعة و يبست افكار و تزحزت قيم لصالح قيم اخري و شروط العمل السياسي تغيرت اجيال جديدة طواقة للحرية و الديمقراطية و كل هذا بالضرورة خصمآ علي اصحاب النفوذ القديم ، دارفور الان اصبحت قاعدة للقوي الجديدة و خطابها البراق الذي يدعو الي المساواة و التحرر و هنا لا نستطيع ان نقفل جانب مهم هو حركة تحرير السودان و مدرستها العريقة التي استطاعت و بالامكانيات المحدودة ان تنزل هذا الافكار الي ارض الواقع و اصبحت الاجيال الجديدة هي رافد طليعي للقوي الاستنارة و التقدم في بلادنا .
_4 _
قبل مدة قصيرة و انا اطالع كتاب جميل ذاهي كسيرة كاتبه الاستاذ حيدراب اهيم علي الامنوقراطية و تجدد الاستبداد في السودان و هو يتناول بالتفصيل اهدار الاسلاميين لمقدرات و ممكانات السودانيين المتاحة و المحقفة و سوءاتهم و تامرهم في ذبح الوطن و العمل علي تدجيين الطاقات الخلاقة في قطاعات واسعة من شعبنا و كيف لنا نحن الجيل الجديد مواجهه الترسانة الاسلامية هنا اتفق حيدر مع ما ينادي به الاستاذ عبدالواحد نور ان اكبر مهدد في السودان هو ليس الانقاذ فحسب و لكن بدرجة اخري السياسين الذين لم يعوا الدرس بان الانقاذ هي علامة فارقة في مسيرة شعبنا و يجب استأصالها من جذورها لا مشاركتها بالمفاوضات و المناصب فطوبي لعبدالواحد و هو يسير في هذا الاتجاه منذ تأسيس الحركة لم يهادن و لم يفاوض و لم يستسلم فهو كان و ما زال صوت ثوري لم يخن شعبه .
السياسه في تعريفها البسيط هو علم تحقيق الممكن و هنا الكثير من المنتقدين لمواقف عبدالواحد يصورونه و كانه رجل حرب لا يريد ان يقدم تنازل في المفاوضات لكن دعونا ان نري ما يتحدث عنه قبل الحرب هنالك حواكير تاريخيا معروفة بالخرط و العرف انها تتبع لكيانات بعينها و عندما قامت الحرب التي شنتها القذارة الاسلامية في الخرطوم نتج عن ذلك نزوح السكان الاصليين لهذه الحواكير الي مناطق اخري و بدورها قامت الحكومة بتوطيين سكان جدد فكيف نقيم سلام شامل بدون عودة هؤلاء الي مناطقهم الاصلية و طرد المستوطنيين الجدد ، لا يمكن ان نتحدث عن سلام دون تعويض هؤلاء الضحايا تعويض جماعي و نزع السلاح من المليشيات و حينها فقط يمكن ان نرتب لعملية سلام دائم للمنطقة و بعدها تاتي المفاوضات ، و انا شخصيآ اتفق مع هذه القيم الكليه التي تخاطب جذور الازمة في دارفور و حلها باعتبار هي تمظهر و اختلال بناء الدولة الوطنية منذ ميلادها وحتي هذه اللحظة .
_ 5_
في الاسابيع القليلة الماضية كنا في جلسة عامرة مع الرفيق حبيب البشير و تحدثنا عن تاريخ السودان الحديث و عرجنا عن تجربة مؤتمر الخريجين الذي تاسس علي ايدي شباب خلص في نواياهم لكن لان السياسة لا تعتمد علي النوايا بقدر ما تعتمد علي وضوح الرؤيا و الاليات لذلك لم يستطيع المؤتمر ان يشمل كافة السودانيين وكانت النتجة تمرد ابناء الجنوب عقب الانفصال مباشرة ، و وصلنا الي نتيجة مفادها ان حركة الانيايا هي بمثابة مؤتمر الخريجين لابناء الجنوب و ممكن علي هذا النهج ان نسمي حركة نهضة دارفور هي الاخري بمثابة وعي الخريجيين و هنا تتفاوت الاقاليم في درجة الوعي ومن ثم الانخراط في الحراك السياسي ، تطورت ثورة دارفور ببروز قيادة جديدة و شخصت ازمة الكلية و صعدة قيادة تتميز بوضوح الرؤيا و الاليات و علي راسهم الاستاذ عبدالواحد فدراسة القانون يبدو هي التي جعلت الرجل يقدم العدالة علي السياسة لذلك نجد الرجل دائما يركز علي محاكمة المجرمين و الذين تسببوا في ضياع السودان و مواطنيه .
يقف السودان علي مفترق طرق و يحتاج الي ايدي ابناءه لانتشاله و هناك اسماء كبيرة قادرة لانتشاله ، اتفقنا مع عبدالواحد او اختلفنا معه لكنه يظل رقم كبير في المعادلة القادمة لبناء السودان .

عضو حركة القوي الجديدة حق
الخرطوم مايو 2018